الأرشيف: ذاكرة الأوطان

كلمة الأستاذ الدكتور جواد مكي

شرفتني كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية بتمثيلها في حضور حفل اطلاق “محرك بحث أوال الالكتروني” والمتخصص بالشأن البحريني في هذا اللقاء الأرشيفي والذي ينظمه مركزكم الكريم ( مركز أوال للدراسات والتوثيق).

لقد لفتني عنوان اللقاء “الأرشيف الوجود والعدم.

نعم، الأرشيف في مكان ما، هو الفاصل بين الوجود وعدمه، فلولا وجود الأرشيف لانعدمت ذاكرة الأوطان،

فسر نجاح الأمم ينبع من قراءة التاريخ والإستفادة من التجارب وحفظ الإرث والنتاج الوطني ولكي نحفظ هذا الإرث، أو تلك الذاكرة الوطنية وما تحتويه من فكر وثقافة شعوب وتاريخ خضارات وعلوم وفنون وآداب، فلا بد من بناء الجسر الذي يصل بين ماضينا وحاضرنا ألا وهو الأرشيف.

من لا يحفظ الماضي لن يحفظ المستقبل، من منطلق هذه القاعدة نرى الشعوب والجماعات منذ القدم اهتمت بتدوين وكتابة الأحداث وحفظ التواريخ والأسماء وبناء الأرشيف بأشكاله المتعددة لما يمثله من موروث حضاري وقيمة تراثية ومصدرا للبحوث والدراسات.

ولكن على مر السنين ..نرى عدة محاولات لجماعات قريبة وبعيدة…غريبة تارة وأحيانا عربية استهدفت ولا زالت تستهدف ارث وتاريخ ونضال شعوب منطقتنا ساعية لطمس الهوية وتزوير وتزييف الحقائق وردم ذاكرة أجيال عانت لأجل أجيال عاشت.

من هنا.. تبرز أهمية عمل مراكز الأرشيف والتوثيق التي لا تترك فاصلة ولا نقطة.. حرفا ولا كلمة… واقعا ولا فعل… الا وحفظته ونقلته للأجيال القادمة علها تستفيد من تجارب الماضي ولا تكرره خطأه…

انطلاقا مما سبق.. فاننا نقدر عاليا الجهود التي بذلها وما زال يبذلها مركز أوال في حفظ الذاكرة البحرينية عبر توثيق المستندات الورقية منها والرقمية من أجل اعادة اظهارها وتقديمها بوسائل حديثة تحاكي الثورة التقنية في عالم المعلوماتية والاتصالات والانترنت مما يتيح للباحثين والمتخصصين وطلاب المعرفة الوصول الى هذه الوثائق والمصادر والاستفادة منها.

كما نبارك لمركزكم الكريم في يومنا هذا “يوم الأرشيف العالمي” إطلاق محرك بحث أوال الالكتروني وقاعدة المعلومات التي تضم أكثر من 45000 وثيقة باللغتين العربية والانكليزية… وقد سنحت لي الفرصة الاطلاع سريعا على واجهة عمل المحرك لأجد سهولة في التعامل معه انطلاقا من عملية البحث في المداخل الرئيسية والخيارات التي تسهل على المستخدم مهمة البحث وصولا الى عرض النتائج بطريقة واضحة ومنظمة تسمح بالوصول الى الوثيقة الرقمية المؤرشفة.

من ناحية أخرى، بجب أن لا نتناسى التحديات التي تواجه العمل الأرشيفي الرقمي.

فإنه عند العمل مع الوثائق الرقمية ومشاريع الرقمنة بشكل عام والتي تهدف الى بناء قواعد معلومات تمثل أرشيفا الكترونيا، هناك مجموعة من التحديات والتوصيات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار من قبل مراكز الأرشفة والتوثيق وذلك لسلامة العمل الأرشيفي وضمان نجاحه واستمراره ونذكر بعضا منها:

التحدي الأول هو:

اعتماد المعايير العالمية للأرشفة واستخدام واصفات البيانات (الميتاداتا)

حيث انه لدى البدء بمشروع الرقمنة من المهم جدا تحديد مستوى التوصيف او الفهرسة والمعايير التي يجب اتباعها لما ذلك من تاثير كبير على عمليات استرجاع لمعلومات والقدرة على التعاون وتبادل المعلومات بين دور الأرشيف المختلفة. التقنين الدولي للوصف الأرشيفي dc , ead, mets

والتحدي الثاني يكمن في الحفظ الرقمي:

وهنا تظهر مجموعة مختلفة من التحديات المرتبطة بتخزين المحتوى وصيانته، تهيئته ووصفه، ضمان الوصول اليه واتاحته آخذين بعين الاعتبار التغير التكنلوجي الحاصل وتطور وسائط الحفظ ووسائل الوصول الحديثة والمتنوعة من الهواتف الذكية والألواح الرقمية.

أما التحدي الثالث في العمل الأرشيفي الرقمي مرتبط بالجوانب القانونية:

وهنا يجب على المؤسسات ومراكز الأرشيف والتوثيق التي تسعى الى القيام بمشروع رقمنة، أن تتنبه لمسألة حقوق الملكية الفكرية لكل مادة يتم رقمنتها، وأيضا الوضع القانوني، الذي يؤثر في الوصول الى هذه النسخ من قبل المستخدمين. وينطبق هذا الأمر، بصورة خاصة، على المؤسسات التي تنوي تطوير عمل تجاري، عبر اتاحة النسخ الرقمية. وعلى هذه المؤسسات أيضا أن تأخذ بعين الاعتبار، القضايا المتعلقة في ضمان مصداقية الصور الرقمية، اذا كان سيتم استخدامها كنسخ بديلة عن الأصلية.

وفي الختام، أتمنى النجاح والتوفيق لمركز أوال للدراسات والتوثيق في إطلاق محرك البحث الجديد آملا الاستفادة القصور منه من قبل الطلاب والباحثين في جميع المجالات والتخصصات.

عن الكاتب