القبيلة والدولة في البحرين

يبدأ‭ ‬المؤلف‭ ‬الخوري‭ ‬مقدمة‭ ‬كتابه‭ ‬بهذه‭ ‬العبارة‭ ‬‮»‬ما‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬عن‭ ‬القبيلة‭ ‬والدولة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬سوى‭ ‬محاولة‭ ‬متواضعة‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬المتغيرات‭ ‬المستجدة‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬السلطة‭ ‬والحكم‭ ‬خلال‭ ‬القرنين‭ ‬الماضيين‮«‬‭. ‬وكان‭ ‬يقصد‭ ‬بالقرنين‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬والعشرين،‭ ‬لأنه‭ ‬كتب‭ ‬هذا‭ ‬المؤلف‭ ‬عام‭ ‬1975‭ ‬تقريباً‭.‬

لكن‭ ‬منذ‭ ‬ذاك‭ ‬التاريخ‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم،‭ ‬ومع‭ ‬أنها‭ ‬مجرد‭ ‬حوالي‭ ‬40‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬الزمن‭ ‬البحريني،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬جلبت‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الجزر‭ ‬الصغيرة‭ ‬الآمنة‭ ‬الوادعة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬وعلى‭ ‬سكانها،‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬جره‭ ‬عليها‭ ‬القرن‭ ‬والنصف‭ ‬الماضيين‭. ‬ليس‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الويلات‭ ‬والحروب،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬التغيير‭ ‬الديموغرافي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬وحتى‭ ‬البيئي،‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬القبيلة‭ ‬مستغلة‭ ‬صفة‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬أسبغتها‭ ‬عليها‭ ‬سلطات‭ ‬الحماية‭ ‬البريطانية‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬عُرف‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬بإصلاحات‭ (‬الميجور‭ ‬ديلي‭) ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬1920،‭ ‬وثم‭ ‬التغييرات‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬وقادها‭ ‬المستشار‭ (‬تشارلز‭ ‬بلجريف‭) ‬من‭ ‬1926‭ ‬وحتى‭ ‬رحيله‭ ‬عام‭ ‬1957،‭ ‬والتي‭ ‬رسخت‭ ‬جذور‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تلقفها‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬معتقدين‭ ‬أنهم،‭ ‬بطبعهم‭ ‬القبلي‭ ‬البدوي،‭ ‬يستطيعون‭ ‬إدارتها‭ ‬قهراً،‭ ‬أو‭ ‬قسراً،‭ ‬أو‭ ‬اضطهاداً‭ ‬تارة،‭ ‬أو‭ ‬ترغيباً‭ ‬وترهيباً‭ ‬بدعم‭ ‬القوى‭ ‬البريطانية،‭ ‬تارة‭ ‬أخرى‭.‬

هذه‭ ‬السنوات‭ ‬الأربعون‭ ‬أضافت‭ ‬تغييرات‭ ‬عديدة‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬بتماسكه،‭ ‬وعفويته‭ ‬وصفائه،‭ ‬بتلوث‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬جديد‭ ‬لم‭ ‬يكتب‭ ‬عنه‭ ‬الخوري‭ ‬وقتها‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يلحظه‭ ‬بشكل‭ ‬كامل،‭ ‬وهو‭ ‬التغيير‭ ‬الديموغرافي‭ ‬بالتجنيس‭ ‬السياسي،‭ ‬ومحاولات‭ ‬طمس‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬الأصيلة،‭ ‬وتشويه‭ ‬تاريخ‭ ‬الوطن‭ ‬وحصره‭ ‬في‭ ‬فئة‭ ‬قبلية‭ ‬طارئة‭ ‬واحدة‭ ‬تمثل‭ ‬عنوان‭ ‬حضارة‭ ‬الجزر‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬سواها‭.‬

يبحث‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬فصوله،‭ ‬حول‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬غير‭ ‬الطبيعية‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬بين‭ ‬القرية‭ ‬البحرانية‭ ‬بمدلول‭ ‬الكلمة‭ ‬اللغوي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬للسكان‭ ‬الأصليين‭ ‬لجزر‭ ‬البحرين‭ ‬وبما‭ ‬أفرزته‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬قرون‭ ‬سابقة؛‭ ‬والمدينة‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬أنشأتها‭ ‬القبائل‭ ‬الغازية‭ ‬للجزر‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر،‭ ‬وما‭ ‬تبعها‭ ‬من‭ ‬تنظيمات‭ ‬إدارية‭ ‬إنجليزية‭ ‬الصنع‭ ‬والتنفيذ‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الجزر‭ ‬لتثبيت‭ ‬حكم‭ ‬القبائل‭ ‬الخارجية‭ ‬ضد‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الديني‭ ‬للقرية‭ ‬البحرانية‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬القبلي‭ ‬البدوي‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬صحراء‭ ‬الجدب‭ ‬والقحط،‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬إنشاء‭ ‬قرية‭ ‬زراعية،‭ ‬أو‭ ‬بحرية‭ ‬يعتاش‭ ‬منها،‭ ‬ولذا‭ ‬فضل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عالة‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬القرى‭ ‬باعتماده‭ ‬أساساً‭ ‬على‭ ‬‮ ‬سياسة‭ ‬النهب‭ ‬منها‭. ‬فتحولت‭ ‬الحالة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬طوال‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬حتى‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬بالنسبة‭ ‬للقبائل‭ ‬الغازية،‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬سلب‭ ‬ونهب‭ ‬بمفهوم‭ ‬الصحراء؛‭ ‬إلى‭ ‬سلب‭ ‬ونهب‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬القروي‭ ‬البحراني،‭ ‬وفي‭ ‬ثرواته‭ ‬من‭ ‬الصيد‭ ‬البحري‭ ‬وبالذات‭ ‬اللؤلؤ،‭ ‬دون‭ ‬العمل‭ ‬وتعلم‭ ‬المهنية‭ ‬في‭ ‬الكسب‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬صيد‭ ‬اللؤلؤ‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬رفضه‭ ‬المجتمع‭ ‬البحراني‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬الصغيرة‭ ‬الغنية‭ ‬المتناثرة‭ ‬على‭ ‬رقعة‭ ‬الجزر‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬القروي‭ ‬في‭ ‬أساسه‭ ‬وتكوينه‭ ‬النفسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬ليس‭ ‬مجتمعاً‭ ‬معسكَراً‭ ‬بطبعه،‭ ‬ولا‭ ‬يقوم‭ ‬أساساً‭ ‬على‭ ‬العقيدة‭ ‬القتالية‭ ‬ولا‭ ‬يتبناها‭ ‬لأسباب‭ ‬دينية‭ ‬عقيدية‭ ‬مذهبية‭ ‬خاصة‭. ‬ولذا‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يتحول‭ ‬بين‭ ‬ليلة‭ ‬وضحاها‭ ‬إلى‭ ‬مجتمع‭ ‬مقاتل‭ ‬متوحد‭ ‬في‭ ‬عقيدته‭ ‬القتالية،‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬الأصل،‭ ‬رغم‭ ‬تجانسه‭ ‬المذهبي‭ ‬تقريباً،‭ ‬فهو‭ ‬مفكك‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬المواجهة‭ ‬وتبرير‭ ‬تلك‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬العدو‭ ‬الغازي‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬أنواع‭ ‬تلك‭ ‬التبريرات‭. ‬

وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يمكن‭ ‬ملاحظته‭ ‬طوال‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬القديم،‭ ‬والإسلامي،‭ ‬والحديث‭. ‬فحتى‭ ‬حضارة‭ ‬أو‭ ‬مملكة‭ ‬دلمون‭ ‬ذائعة‭ ‬الصيت؛‭ ‬لم‭ ‬نسمع‭ ‬عنها‭ ‬عند‭ ‬أي‭ ‬باحث،‭ ‬أو‭ ‬مؤرخ،‭ ‬أو‭ ‬آثاري،‭ ‬بأنها‭ ‬كانت‭ ‬مملكة‭ ‬حربية‭ ‬غازية‭ ‬أو‭ ‬مهاجمة‭ ‬لقوى‭ ‬خارجية‭ ‬إقليمية‭ ‬أو‭ ‬دولية،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬صاحبة‭ ‬عقيدة‭ ‬حرب‭ ‬نظامية‭ ‬أو‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭ ‬أو‭ ‬مقاومة‭ ‬مسلحة‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬غزو‭ ‬للجزر‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ساعد‭ ‬كافة‭ ‬القوى‭ ‬الخارجية،‭ ‬ومنها‭ ‬القبائل‭ ‬الوافدة‭ ‬من‭ ‬شبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬العتوب‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1783‭ ‬التي‭ ‬يُطلق‭ ‬عليها‭ ‬المؤلف‭ ‬لفظة‭ ‬‮»‬احتلال‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮«‬،‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬التغلغل‭ ‬والسيطرة‭ ‬النارية‭ ‬على‭ ‬الجزر‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬أو‭ ‬بروز‭ ‬مقاومة‭ ‬حقيقية‭ ‬فاعلة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬ضدها‭. ‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬درسه‭ ‬الإنجليز‭ ‬وفطنوا‭ ‬إليه،‭ ‬وبدهائهم‭ ‬وقفوا‭ ‬بجانب‭ ‬القوى‭ ‬القبلية‭ ‬الغازية‭ ‬المقاتلة‭ ‬ودعموها‭ ‬بالسلاح‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬الأحيان‭ ‬للسيطرة‭ ‬الدائمة‭ ‬على‭ ‬جزر‭ ‬البحرين،‭ ‬بل‭ ‬ودافعوا‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الوجود‭ ‬الطارئ‭ ‬القبلي‭ ‬بأن‭ ‬عملوا‭ ‬على‭ ‬تثبيته‭ ‬لأسرة‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ببعض‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإدارية‭ ‬الحديثة‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ (‬ديلي‭)‬،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬بداية‭ ‬لم‭ ‬تعجب‭ ‬هذه‭ ‬الأسرة‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬أشعرها‭ ‬بأنها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬النهب‭ ‬والسلب‭ ‬غير‭ ‬المنظم‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التقشف‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬السلب،‭ ‬وترك‭ ‬بعض‭ ‬الثروات‭ ‬لإدارة‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة،‭ ‬والتي‭ ‬ستدر‭ ‬موارد‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬الأسرة‭ ‬نفسها‭. ‬تلك‭ ‬التنظيمات‭ ‬التي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬حولتها‭ ‬رغبة‭ ‬القبيلة‭ ‬لنوع‭ ‬آخر‭ ‬حديث‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬السلب‭ ‬والنهب‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬ضمن‭ ‬عقيدة‭ ‬الغزو‭ ‬والفتح‭ ‬البدوية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬كل‭ ‬تنظيمات‭ ‬الإنجليز‭ ‬منذ‭ (‬ديلي‭) ‬ومروراً‭ ‬بـ‭ (‬بلجريف‭)‬،‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المعتمدين‭ ‬السياسيين‭ ‬حتى‭ ‬الاستقلال‭ ‬الشكلي‭ ‬عام‭ ‬1971؛‭ ‬من‭ ‬مسح‭ ‬كافة‭ ‬ترسبات‭ ‬عقيدة‭ ‬البدوي‭ ‬بنهب‭ ‬مال‭ ‬غيره،‭ ‬فهي‭ ‬أصيلة‭ ‬في‭ ‬كيانه،‭ ‬وتكوينه،‭ ‬وعقليته‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أوجد‭ ‬إشكالية‭ ‬حكم‭ ‬القبيلة‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬السماح‭ ‬لها‭ ‬بأن‭ ‬تنضج‭ ‬بكل‭ ‬مكوناتها‭ ‬الحضارية‭ ‬الحديثة‭ ‬من‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬وحرية‭ ‬الرأي،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وبرلمان‭ ‬منتخب،‭ ‬والاعتراف‭ ‬بالآخر‭ ‬‮ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬نسيجها‭ ‬القبلي‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بذلك‭ ‬النسيج‭ ‬الهش‭ ‬أساساً‭ ‬اقتصادياً،‭ ‬لكونه‭ ‬قائماً‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬النهب‭ ‬والسلب‭ ‬بالطرق‭ ‬الحديثة‭ ‬فيما‭ ‬يُطلق‭ ‬عليه‭ (‬الفساد‭ ‬الحكومي‭). ‬بل‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬احتكار‭ ‬السلطة‭ ‬الدائم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القبيلة‭ ‬الواحدة،‭ ‬وتحويل‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المفارقات‭ ‬والتناقضات‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬فئاته‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ويمكن‭ ‬زيادة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المفارقات‭ ‬بحسب‭ ‬الحاجة‭ ‬إليها،‭ ‬وحتى‭ ‬إن‭ ‬وصلت‭ ‬لتشطير‭ ‬المجتمع‭ ‬عرقياً،‭ ‬ومذهبياً،‭ ‬واجتماعياً،‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بقاء‭ ‬قبيلة‭ ‬الدولة‭ ‬المصطنعة‭. ‬فهل‭ ‬هي‭ ‬قبيلة‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬دولة،‭ ‬أم‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬القبيلة؟

ولم‭ ‬يكن‭ ‬هدف‭ ‬مركز‭ ‬أوال‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬طبع‭ ‬ونشر‭ ‬كتاب‭ (‬القبيلة‭ ‬والدولة‭) ‬بعد‭ ‬حوالي‭ ‬32‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬صدور‭ ‬طبعته‭ ‬الأولى،‭ ‬مجرد‭ ‬إضافة‭ ‬رقم‭ ‬طبعة‭ ‬جديدة‭ ‬للكتاب‭ ‬الذي‭ ‬أضحى‭ ‬تحت‭ ‬إلحاح‭ ‬وسؤال‭ ‬القراء‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بهدف‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬نسخ‭ ‬منه؛‭ ‬بل‭ ‬قمنا‭ ‬بإعادة‭ ‬قراءة‭ ‬متأنية‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬ليس‭ ‬بهدف‭ ‬صياغة‭ ‬مادته‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬محتواها،‭ ‬فهذا‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬وحقوق‭ ‬المؤلف‭ ‬فقط‭. ‬بل‭ ‬تم‭ ‬إلباس‭ ‬الكتاب‭ ‬ثوباً‭ ‬تحديثياً‭ ‬في‭ ‬معلوماته‭ ‬بعد‭ ‬مضي‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬السنوات‭ ‬وما‭ ‬ران‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬خلالها‭ ‬من‭ ‬تغييرات‭ ‬جمة‭ ‬متسارعة،‭ ‬غيرت‭ ‬تماماً‭ ‬أو‭ ‬حذفت‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬السبعينيات‭ ‬والثمانينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬كذلك‭ ‬الآن،‭ ‬خصوصاً‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬منها‭ ‬بالنخب‭ ‬السياسية‭ ‬والمثقفة‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭. ‬

كما‭ ‬تم‭ ‬تصويب‭ ‬ما‭ ‬علق‭ ‬بمتن‭ ‬الكتاب‭ ‬وترجمته‭ ‬منذ‭ ‬الطبعة‭ ‬الأولى؛‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬تاريخية‭ ‬ومطبعية‭ ‬ولغوية‭ ‬بعضها‭ ‬ملفت‭ ‬للنظر،‭ ‬وذلك‭ ‬إما‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مبضع‭ ‬الجراح‭ ‬اللغوي‭ ‬أو‭ ‬الثقافي‭ ‬داخل‭ ‬النص،‭ ‬أو‭ ‬بمعالجات‭ ‬خارجية‭ ‬بإضافة‭ ‬هوامش‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬فصل‭ ‬لتوضيح‭ ‬وتصحيح‭ ‬وتحديث‭ ‬لكل‭ ‬الإحصائيات،‭ ‬والمصطلحات،‭ ‬وبعض‭ ‬الترجمات‭ ‬غير‭ ‬الدقيقة‭ ‬للنص‭ ‬الأصل،‭ ‬والمسميات،‭ ‬والمواقع،‭ ‬والأحداث،‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬جزر‭ ‬البحرين‭ ‬ووردت‭ ‬ضمن‭ ‬النص‭ ‬الأصل‭ ‬وأُهملت‭ ‬منذ‭ ‬الصدور‭ ‬الأول‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬بعض‭ ‬المعلومات‭ ‬المشوشة‭ ‬أو‭ ‬القديمة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجداول،‭ ‬والرسوم‭ ‬البيانية،‭ ‬والهوامش‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬المتن،‭ ‬على‭ ‬السكة‭ ‬الصحيحة‭ ‬ضمن‭ ‬مسار‭ ‬الكتاب‭.‬

كما‭ ‬حرصنا‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬توضيح‭ ‬بعض‭ ‬الملابسات‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬التي‭ ‬أوردها‭ ‬المؤلف‭ ‬تجاه‭ ‬بعض‭ ‬نواحي‭ ‬المجتمع‭ ‬البحراني‭ ‬وفعالياته‭ ‬الدينية‭ ‬العقيدية،‭ ‬دون‭ ‬تحريف‭ ‬رأيه‭ ‬الخاص،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬وضع‭ ‬هوامش‭ ‬توضيحية‭ ‬لأي‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬أو‭ ‬رأي،‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬حاجة،‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬علاقتنا‭ ‬ومعرفتنا‭ ‬بمجتمعنا،‭ ‬والمؤثرات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬التي‭ ‬لعبت‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬مهماً‭ ‬وحيوياً‭ ‬في‭ ‬مسيرته‭ ‬التاريخية‭. ‬‮  ‬

أخيراً،‭ ‬نشرنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الطبعة‭ ‬‮ ‬ترجمة‭ ‬‮ ‬للفصل‭ ‬الخاص‭ ‬بتجربة‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الميداني‭ ‬بالبحرين‭ ‬في‭ ‬السبعينيات،‭ ‬وقد‭ ‬‮ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬سيرته‭ ‬الذاتية‭ (‬دعوة‭ ‬للضحك‭: ‬عالم‭ ‬أنثربولوجيا‭ ‬لبناني‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭) ‬وقد‭ ‬طبع‭ ‬الكتاب‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬2003‭ .

اقرأ أيضًأ:

الكتاب متوفر على متجر:
نيل وفرات (ورقي والكتروني)
جملون
أمازون