صراع الجماعات والتعبئة السياسية في البحرين والخليج

البحرين‭: ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬النّفط

تُذكَر‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬شائع‭ ‬كأول‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬اقتصاد‭ ‬‮«‬ما‭ ‬بعد‭ ‬النّفط‮»‬‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬كونها‭ ‬مكان‭ ‬الاكتشاف‭ ‬الأول‭ ‬لكميات‭  ‬تجارية‭ ‬من‭ ‬النّفط‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأيضًا‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬نفاده‭ ‬فعليًا‭. ‬ويشكل‭ ‬المعنى‭ ‬الأوّل‭ ‬حاليًا،‭ ‬معلومة‭ ‬قليلة‭ ‬الأهمية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬فلقد‭ ‬طغت‭ ‬كميات‭ ‬احتياطيات‭ ‬النّفط‭ ‬والغاز‭ ‬الهائلة،‭ ‬المُكتَشفة‭ ‬لاحقًا‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬القريبة‭ ‬كالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السّعودية‭ ‬والكويت‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومؤخرًا‭ ‬قطر،‭ ‬على‭ ‬الاكتشاف‭ ‬الذي‭ ‬أجرته‭ ‬شركة‭ ‬ستاندرد‭ ‬أويل‭ ‬أوف‭ ‬كاليفورنيا‭ (‬واسمها‭ ‬حاليًا‭ ‬شيفرون‭)‬،‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1932‭. ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬شيء‭ ‬كامن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التّسمية،‭ ‬يتخطى‭ ‬كونها‭ ‬حقيقة‭ ‬تاريخية‭: ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬البحرين،‭ ‬كأول‭ ‬المكتشفين،‭ ‬كانت‭ ‬أيضًا‭ ‬الممثل‭ ‬الأول‭ ‬لنوع‭ ‬معيّن‭ ‬من‭ ‬الأمم،‭ ‬سيحظى‭ ‬أفرادها،‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬التّالية،‭ ‬بأهمية‭ ‬عالمية‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬تصورها‭. ‬هذا‭ ‬النّوع‭ ‬السّياسي‭ ‬الجديد،‭ ‬وهو‭ ‬بالطّبع‭ ‬الدّولة‭ ‬النّفطية‭ ‬أو‭ ‬الرّيعية،‭ ‬أُبقِي‭ ‬قيد‭ ‬العمل‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قوة‭ ‬عاملة‭ ‬منتجة‭ ‬وإدارة‭ ‬اقتصادية‭ ‬سليمة،‭ ‬ولكن‭ ‬بفضل‭ ‬إلهي‭ (‬أو،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬أقل‭ ‬إيحاء،‭ ‬بالتّوزيع‭ ‬الجيولوجي‭ ‬العشوائي‭ ‬للنّباتات‭ ‬والحيوانات‭ ‬الميتة‭). ‬كان‭ ‬النّفط‭ ‬التّجاري‭ ‬موجودًا‭ ‬منذ‭ ‬حوالي‭ ‬سبعين‭ ‬سنة‭ ‬سبقت‭ ‬اكتشافه‭ ‬في‭ ‬جبل‭ ‬الدّخان‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬لكن‭ ‬بناء‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬كامل‭ ‬انطلاقًا‭ ‬منه‭ ‬كان‭ ‬تجربة‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭.‬

لذلك،‭ ‬يدل‭ ‬الجزء‭ ‬الثّاني‭ ‬من‭ ‬تسمية‭ ‬البحرين‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬الأول‭ ‬‮«‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬النّفط‮»‬،‭ ‬على‭ ‬شيئين‭ ‬بشكل‭ ‬متساو‭: ‬بيان‭ ‬بالحقائق،‭ ‬ودرس‭ ‬ذي‭ ‬عبرة،‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬التّنظيم‭ ‬والاستدامة‭ ‬الاجتماعيين‭. ‬بلغت‭ ‬ذروة‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬‮«‬عوالي‮»‬‭ ‬للنّفط‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1970‭ ‬إلى‭ ‬76,640‭ ‬برميلًا‭ ‬يوميًا،‭ ‬وعند‭ ‬تأميمه‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1980‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬شهد‭ ‬بالفعل‭ ‬انخفاضًا‭ ‬حادًا‭. ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬التوازن‭ ‬المؤقّت‭ ‬بسبب‭ ‬الأسعار‭ ‬المرتفعة‭ ‬للنّفط‭ ‬في‭ ‬السّبعينيات‭ ‬وأوائل‭ ‬الثّمانينيات،‭ ‬كان‭ ‬واضحًا‭ ‬أن‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬للنّفط‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬سيرقى‭ ‬قريبًا‭ ‬إلى‭ ‬اسمه‭ ‬العربي‭: ‬‮«‬جبل‭ ‬الدّخان‮»‬‭. ‬حين‭ ‬هزت‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1975،‭ ‬اغتنمت‭ ‬البحرين‭ ‬الفرصة‭ ‬للتّنويع‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬مواردها،‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬حلت‭ ‬المنامة‭ ‬مكان‭ ‬بيروت‭ ‬كـمركز‭ ‬مالي‭ ‬في‭ ‬الشّرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وبحلول‭ ‬العام‭ ‬2003،‭ ‬كان‭ ‬إنتاج‭ ‬النّفط‭ ‬منخفضًا‭ ‬بنسبة‭ ‬51‭ ‬بالمئة‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬37,550‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬زادت‭ ‬نسبة‭ ‬الهجرة‭ ‬والتّجنيس،‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬المجالين‭ ‬النّفطي‭ ‬والمصرفي،‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬الجزيرة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬ذاتها،‭ ‬ليصبح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬650,000‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2001‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬يقارب‭ ‬215,000‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1971‭. ‬وسيتضاعف‭ ‬العدد‭ ‬مجددًا‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬مع‭ ‬ميل‭ ‬التّوازن‭ ‬الديموغرافي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لناحية‭ ‬غير‭ ‬المواطنين‭. ‬سيجد‭ ‬تعداد‭ ‬السّكان‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2010‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬المواطنين‭ ‬البحرينيين‭ ‬قد‭ ‬تناقص،‭ ‬إذ‭ ‬يشكل‭ ‬فقط‭ ‬46‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬السكّان،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬83‭ ‬بالمئة‭ ‬منذ‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭ ‬مضت‭.‬

لا‭ ‬عجب،‭ ‬عندئذ،‭ ‬أنّ‭ ‬البحرين،‭ ‬بإيراداتها‭ ‬النّفطية‭ ‬الضّئيلة‭ ‬وسكانها‭ ‬الذين‭ ‬يزداد‭ ‬عددهم،‭ ‬والذين‭ ‬أصبح‭ ‬أغلبهم‭ ‬يتوقع‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مزايا‭ ‬الرّعاية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬السّخية‭ ‬النّاتجة‭ ‬عن‭ ‬اقتصاد‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬–‭ ‬لا‭ ‬عجب‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدّولة‭ ‬الرّيعية‭ ‬المتردية‭ ‬ستواجه‭ ‬اضطرابًا‭ ‬اجتماعيًا‭ ‬وسياسيًا‭ ‬بخلاف‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬العربية‭ ‬المجاورة،‭ ‬الأغنى‭. ‬النّظام‭ ‬بالكامل‭ ‬قد‭ ‬نفد‭ ‬من‭ ‬الوقود،‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬التّحليل‭ ‬المنطقي،‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬خلف‭ ‬تميز‭ ‬البحرين‭ ‬بأنّها‭ ‬أوّل‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬ريعية،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬تسمية‭ ‬سياسية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬اقتصادية‭. ‬واستخدامها‭ ‬ليس‭ ‬مقتصرًا‭ ‬على‭ ‬الأوساط‭ ‬الأكاديمية‭. ‬عند‭ ‬اندلاع‭ ‬احتجاجات‭ ‬الرّبيع‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وإلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬عمان‭ ‬في‭ ‬فبراير‭/‬شباط‭ ‬2011،‭ ‬تعهدت‭ ‬الدّول‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬التّعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬بتقديم‭ ‬مساعدة‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمتها‭ ‬10‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬مما‭ ‬يُدعى‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬خطة‭ ‬مارشال‭ ‬مجلس‭ ‬التّعاون‭ ‬الخليجي‮»‬‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬المصادفة‭ ‬أن‭ ‬الاضطرابات‭ ‬أصابت‭ ‬أصغر‭ ‬دولتين‭ ‬منتجتين‭ ‬للنّفط‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬واللتين‭ ‬أدت‭ ‬عوائقهما‭ ‬المالية‭ ‬إلى‭ ‬تنامي‭ ‬الغضب‭ ‬الشّعبي‭. ‬ظاهريًا،‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬حقنة‭ ‬مالية،‭ ‬لتقوية‭ ‬الدّعائم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تمثّل‭ ‬أسس‭ ‬النّشاط‭ ‬السّياسي‭ ‬بشكل‭ ‬رئيس،‭ ‬للمواطنين‭ ‬الخليجيين،‭ ‬وبالتّالي‭ ‬تقوية‭ ‬أسس‭ ‬استقرار‭ ‬الممالك‭ ‬الخليجية،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أسس‭ ‬اقتصادية‭ ‬بشكل‭ ‬رئيس‭ ‬أيضا‭.‬

مع‭ ‬ذلك،‭ ‬هذه‭ ‬التسمية‭ ‬الملتبسة‭ ‬للبحرين،‭ ‬هي‭ ‬تسمية‭ ‬مغلوطة‭ ‬نوعًا‭ ‬ما‭. ‬فعلى‭ ‬الرّغم‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬انخفاض‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬للنّفط‭ ‬بشكل‭ ‬حاد‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1970‭ ‬أمرًا‭ ‬صحيحًا،‭ ‬كانت‭ ‬إيرادات‭ ‬الحقل‭ ‬البري،‭ ‬منذ‭ ‬معاهدة‭ ‬العام‭ ‬1958‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السّعودية،‭ ‬قد‭ ‬شكّلت‭ ‬فقط‭ ‬نسبة‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬عائدات‭ ‬النّفط‭. ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬الحدودي‭ ‬بين‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السّعودية‭ ‬والبحرين،‭ ‬تنازلت‭ ‬البحرين‭ ‬عن‭ ‬مطالبتها‭ ‬من‭ ‬حقل‭ ‬أبو‭ ‬سعفة‭ ‬النفطي‭ ‬الأكبر‭ ‬بكثير،‭ ‬الموجود‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬البحرية‭ ‬لكلا‭ ‬البلدين،‭ ‬مقابل‭ ‬نصف‭ ‬صافي‭ ‬العوائد‭. ‬وعلى‭ ‬مدى‭ ‬عقد‭ ‬تقريبًا‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1996،‭ ‬عندما‭ ‬كسرت‭ ‬أسعار‭ ‬النّفط‭ ‬أدنى‭ ‬مستوياتها‭ ‬التاريخية،‭ ‬منحت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السّعودية‭ ‬للبحرين‭ ‬كامل‭ ‬إنتاج‭ ‬الحقل‭. ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2003،‭ ‬حصّة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬حقل‭ ‬أبو‭ ‬سعفة–‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬حوالي‭ ‬150,000‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭- ‬شكّلت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬إنتاجها‭. ‬الاستثمارات‭ ‬المستمرة‭ ‬لإعادة‭ ‬تنشيط‭ ‬حقل‭ ‬عوالي‭ ‬قلّصت‭ ‬هذه‭ ‬النّسبة‭ ‬إلى‭ ‬70‭ ‬بالمائة‭ ‬اعتبار‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2013،‭ ‬مع‭ ‬وعود‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬الخفض‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬تغيير‭ ‬جذري‭ ‬في‭ ‬حصّة‭ ‬السّعودية،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬اعتماد‭ ‬البحرين‭ ‬الساحق‭ ‬على‭ ‬الصّادرات‭ ‬النّفطية،‭ ‬سيوفر‭ ‬نفط‭ ‬حقل‭ ‬أبو‭ ‬سعفة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬نصف‭ ‬وثلثي‭ ‬الإيرادات‭ ‬الإجمالية‭ ‬للحكومة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬المنظور‭.‬

يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬التّساؤل،‭ ‬إذن،‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحدود‭ ‬للبحرين‭ ‬نسبيا‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬المنتجة‭ ‬للنّفط،‭ ‬يمنعها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬اقتصادًا‭ ‬ريعيًا‭ ‬متطورًا‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬كامل‭. ‬لكن‭ ‬وضعها‭ ‬كدولة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬ريعية،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينبع‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المادة‭ ‬السّوداء‭ ‬تنفد‭ ‬منها،‭ ‬لأن‭ ‬حقل‭ ‬أبو‭ ‬سعفة‭ ‬جعل‭ ‬إنتاجها‭ ‬الإجمالي‭ ‬مستقرًا‭ ‬تمامًا‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬عندما‭ ‬يطلع‭ ‬المرء‭ ‬على‭ ‬سياق‭ ‬مورد‭ ‬الرّبح‭ ‬الذي‭ ‬تتلقاه‭ ‬البحرين،‭ ‬فإنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬لماذا‭ ‬يتوجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬مالي‭ ‬وسياسي‭ ‬أسوأ،‭ ‬‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬جيرانها‭. ‬بالطّبع،‭ ‬أمام‭ ‬الـ‭ ‬351‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬التي‭ ‬كسبتها‭ ‬السّعودية‭ ‬من‭ ‬النّفط‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2013،‭ ‬يبدو‭ ‬مكسب‭ ‬البحرين‭ ‬البالغ‭ ‬16.5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬تافهًا‭. ‬لكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تدعم‭ ‬حصة‭ ‬السّعودية‭ ‬مواطنيها‭ ‬الذين‭ ‬يفوق‭ ‬عددهم‭ ‬21‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بعدد‭ ‬المواطنين‭ ‬البحرينيين‭ ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬بالكاد‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭. ‬وبينما‭ ‬تعتبر‭ ‬إيرادات‭ ‬السّعودية‭ ‬من‭ ‬مواردها،‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬أرقامها‭ ‬الصافية،‭ ‬فهي‭ ‬تبلغ‭ ‬فقط‭  ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬16,400‭ ‬دولار‭ ‬للمواطن‭ ‬الواحد،‭ ‬وتتجاوز‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬تلك‭ ‬النّسبة‭ ‬بعض‭ ‬الشّيء‭ ‬لتبلغ‭ ‬حوالي‭ ‬18,300‭ ‬دولار،‭ ‬وتصل‭ ‬نسبة‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬29,000‭ ‬دولار‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬تصل‭ ‬النّسبة‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وقطر‭ ‬إلى‭ ‬73,000‭ ‬دولار،‭ ‬131,500‭ ‬دولار،‭ ‬ومبلغ‭ ‬هائل‭ ‬قيمته‭ ‬428,000‭ ‬دولار،‭ ‬للفرد،‭ ‬على‭ ‬التّوالي‭. ‬لذلك،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬كانت‭ ‬الصّعوبات‭ ‬السّياسية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬دولة‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬ماليًا‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬التّوقعات‭ ‬المادية‭ ‬لمواطنيها،‭ ‬فإن‭ ‬وضع‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السّعودية‭ ‬يدعو‭ ‬للشّفقة‭ ‬وينبغي‭ ‬عليها‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬إعادة‭ ‬النّظر‭ ‬في‭ ‬دورها‭ ‬كجهة‭ ‬مانحة‭ ‬لخطة‭ ‬مارشال‭ ‬مجلس‭ ‬التّعاون‭ ‬الخليجي‭.‬

من‭ ‬المؤكّد‭ ‬أنّ‭ ‬البحرين،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تخالف‭ ‬وصفها‭ ‬كدولة‭ ‬ريعية،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬افتقارها‭ ‬للموارد،‭ ‬بل‭ ‬لعدم‭ ‬قدرتها‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬إلى‭ ‬أنواع‭ ‬النّتائج‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسّياسية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بهذا‭ ‬الصنف‭ ‬من‭ ‬الدول‭. ‬وكما‭ ‬لم‭ ‬يدم‭ ‬فيها‭ ‬طويلًا‭ ‬أفق‭ ‬الثّروة‭ ‬النّفطية‭ ‬اللامحدودة،‭ ‬كذلك‭ ‬لم‭ ‬يدم‭ ‬أفق‭ ‬الانسجام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المتولد‭ ‬عن‭ ‬مدّ‭ ‬اقتصادي‭ ‬متنامي‭. ‬كانت‭ ‬فرص‭ ‬التّوظيف‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬المهن‭ ‬التّقليدية‭ ‬كصيد‭ ‬السّمك‭ ‬وزراعة‭ ‬أشجار‭ ‬النّخيل‭ ‬والغوص‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬اللّؤلؤ،‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬البحرينيون‭ ‬راضين‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬بالبقاء‭ ‬أفرادًا‭ ‬منقادين،‭ ‬يرضعون‭ ‬باقتناع‭ ‬من‭ ‬ثدي‭ ‬الدّولة‭. ‬إنها‭ ‬ملاحظة‭ ‬محلية‭ ‬شائعة‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تستطيع‭ ‬الاستمرار‭ ‬فقط‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬انتفاضة‭ ‬شعبية،‭ ‬والقرن‭ ‬القريب،‭ ‬الذي‭ ‬انقضى‭ ‬منذ‭ ‬اكتشاف‭ ‬النّفط‭ ‬قدّم‭ ‬أمثلة‭ ‬قليلة‭ ‬تنقض‭ ‬ذلك‭. ‬حُطّمت‭ ‬القوة‭ ‬القبلية‭ ‬المطلقة‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬العشرينيات‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الإدارية‭ ‬المفروضة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البريطانيين،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬استمد‭ ‬الاحتجاج‭ ‬والمعارضة‭ ‬المنظمة‭ ‬الوقود‭ ‬من‭ ‬القومية‭ ‬العربية،‭ ‬والاشتراكية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬والأصولية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬والدّستورية‭ ‬اللّيبرالية،‭ ‬والتّنافس‭ ‬الطّائفي،‭ ‬والحركات‭ ‬العمالية‭ ‬المتجذرة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬النّفط‭ ‬المملوك‭ ‬للدولة،‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬يُفتَرَض‭ ‬به‭ ‬إخماد‭ ‬المشاركة‭ ‬السّياسية‭ ‬الشّعبية‭. ‬وكما‭ ‬يقول‭ ‬قوبين‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬1955،‭ ‬فهناك‭ ‬‮«‬توترات‭ ‬كامنة‭ ‬يمكن‭ ‬استغلالها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬توفرت‭ ‬الظّروف‭ ‬المناسبة‮»‬‭.‬

‮«‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬اندلعت‭ ‬أعمال‭ ‬شغب‭ ‬بين‭ ‬السّنة‭ ‬والشيعة‭ ‬خلال‭ [‬الاحتفال‭ ‬الدّيني‭ ‬الشّيعي‭] ‬في‭ ‬محرم‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭/‬أيلول‭ ‬1953‭. ‬وقد‭ ‬استلزم‭ ‬ذلك‭ ‬استخدام‭ ‬قوات‭ ‬الشّرطة‭ ‬كلّها‭ ‬وفرض‭ ‬حظر‭ ‬تجول‭ ‬لإعادة‭ ‬السّلم‭ ‬إلى‭ ‬البلاد‭. ‬في‭ ‬يوليو‭/‬تموز‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬التّالي،‭ ‬حين‭ ‬أدين‭ ‬بعض‭ ‬الشيعة‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬تورطهم‭ ‬في‭ ‬شجار‭ ‬مع‭ ‬السّنة،‭ ‬نظمت‭ ‬الطّائفة‭ ‬الشّيعية‭ ‬كلها‭ ‬تظاهرة‭ ‬وشنت‭ ‬هجومًا‭ ‬على‭ ‬مركز‭ ‬للشّرطة،‭ ‬قُتِل‭ ‬فيه‭ ‬أربعة‭ ‬من‭ ‬الشيعة،‭ ‬وفي‭ ‬النّهاية،‭ ‬نظّم‭ ‬العمال‭ ‬الشيعة‭ ‬كلهم‭ ‬إضرابًا‭. ‬بعد‭ ‬ستة‭ ‬أشهر،‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭/‬كانون‭ ‬الأول‭ ‬1954،‭ ‬حصل‭ ‬إضراب‭ ‬عام‭ ‬آخر‭ ‬دعمًا‭ ‬لمطالب‭ ‬مُقَدّمة‭ ‬إلى‭ ‬الحكومة‭ ‬بشأن‭ ‬إصلاحات‭ ‬معينة‭ ‬كان‭ ‬الحاكم‭ ‬قد‭ ‬وعد‭ ‬بها‭ ‬مُسبَقًا‮»‬‭.‬

وبمنحها‭ ‬أسسًا‭ ‬أيديولوجية‭ ‬ومادية‭ ‬جديدة‭ ‬للنقاش‭ ‬والتّنسيق،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬عندها‭ ‬إن‭ ‬الثّورة‭ ‬النّفطية‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬صعود‭ ‬النّشاط‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها،‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال،‭ ‬تأثير‭ ‬معاكس‭.‬

انتفاضة‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬فبراير‭/‬شباط

في‭ ‬فبراير‭/‬شباط‭ ‬2011،‭ ‬وبتشجيع‭ ‬من‭ ‬الانتفاضات‭ ‬الجماهيرية‭ ‬المتتالية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ومصر،‭ ‬نزل‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬البحرينيين‭ ‬إلى‭ ‬الشّوارع‭ ‬للمطالبة‭ ‬بخلع‭ ‬أسرة‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬الحاكمة‭. ‬كان‭ ‬التّاريخ‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬اختياره‭ ‬لبدء‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬14‭ ‬فبراير‭/‬شباط،‭ ‬يصادف‭ ‬الذكرى‭ ‬التّاسعة‭ ‬لدستور‭ ‬العام‭ ‬2002‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وهو‭ ‬ميثاق‭ ‬مُعَدّل‭ ‬أعلن‭ ‬عنه‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى،‭ ‬المُتَوّج‭ ‬حديثًا‭ ‬وقتها‭. ‬وأصبحت‭ ‬الوثيقة‭ ‬تشير،‭ ‬بالنّسبة‭ ‬لمعارضي‭ ‬النّظام،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬الأغلبية‭ ‬الشّيعية‭ ‬المسلمة‭ ‬المحرومة‭ ‬من‭ ‬حقوقها‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬طويل،‭ ‬إلى‭ ‬الوعد‭ ‬الزّائف‭ ‬بالإصلاح‭ ‬السّياسي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬شهر‭ ‬تحديدًا‭ ‬على‭ ‬بداية‭ ‬التّظاهرات،‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬وفيات‭ ‬عنيفة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬المحتجين‭ ‬وقوات‭ ‬مكافحة‭ ‬الشّغب،‭ ‬وأدت‭ ‬إلى‭ ‬تعبئة‭ ‬مضادة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السّنة‭ ‬الموالين‭ ‬للحكومة،‭ ‬سُحِق‭ ‬التّحرك‭ ‬أخيرًا‭ ‬مع‭ ‬تدخل‭ ‬بضعة‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬البرية‭ ‬التي‭ ‬أرسلتها‭ ‬الدّول‭ ‬الخليجية‭ ‬المجاورة‭ ‬الحريصة‭ ‬على‭ ‬احتواء‭ ‬الأزمة‭ ‬المتصاعدة‭.‬

لا‭ ‬يروي‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬قصة‭ ‬هذه‭ ‬الانتفاضة‭ ‬–ليس،‭ ‬بالمعنى‭ ‬المباشر‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬قيد‭ ‬الإعداد‭ ‬قبل‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬المحتجين‭ ‬لدوّار‭ ‬اللّؤلؤة،‭ ‬الذي‭ ‬هُدِم‭ ‬الآن،‭ ‬وأُعيدت‭ ‬تسميته‭ ‬ليصبح‭ ‬‮«‬ساحة‭ ‬الشّهداء‮»‬‭. ‬بالطّبع،‭ ‬في‭ ‬وصفه‭ ‬الظّروف‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬فشل‭ ‬الثّورة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬يقدم‭ ‬الكتاب‭ ‬إطارًا‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬رؤية‭ ‬هذه‭ ‬الحلقة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬سياسي‭ ‬مضطرب‭. ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬يكمن‭ ‬هدفه‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر،‭ ‬والشباك‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يلقيها‭ ‬أوسع‭ ‬بكثير‭. ‬وعلى‭ ‬الرّغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تركيزه‭ ‬الأولي‭ ‬على‭ ‬البحرين،‭ ‬يسعى‭ ‬التّحقيق‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬فئة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬فيها‭ ‬هذا‭ ‬الأرخبيل‭ ‬الصّغير‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الضّحلة‭ ‬في‭ ‬السّعودية‭ ‬إلا‭ ‬أفضل‭ ‬مثال‭ ‬معاصر‭. ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسميها‭ ‬الدّولة‭ ‬الرّيعية‭ ‬الفاشلة‭: ‬دولة‭ ‬ثرية‭ ‬ذات‭ ‬مستويات‭ ‬تاريخية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إيرادات‭ ‬الموارد،‭ ‬وعلى‭ ‬الرّغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الإذعان‭ ‬السّياسي‭ ‬لمواطنيها‭- ‬أو،‭ ‬لنوع‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭. ‬تمثّل‭ ‬مسألة‭ ‬كون‭ ‬حكومة‭ ‬مماثلة‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬مشكلة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لنفسها،‭ ‬بل‭ ‬للعلوم‭ ‬السّياسية،‭ ‬التي‭ ‬يدور‭ ‬تفسيرها‭ ‬الدّائم‭ ‬للممالك‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التّحديد‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬القدرة‭ ‬المفترضة‭ ‬على‭ ‬استرضاء‭ ‬من‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬معارضين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬المنافع‭ ‬المادية‭. ‬في‭ ‬حال‭ ‬توفرّها،‭ ‬فإن‭ ‬ظروفًا‭ ‬يمكن‭ ‬تحديدها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬معها‭ ‬هذه‭ ‬الصيغة‭ ‬لشراء‭ ‬الذّمم‭ ‬السّياسية،‭ ‬عندها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نراجع‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬توقعاتنا‭ ‬بشان‭ ‬الاستقرار‭ ‬السّياسي‭ ‬المتأصّل‭ ‬لأنظمة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬فهمنا‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬عمومية‭ ‬لطبيعة‭ ‬الحياة‭ ‬السّياسية‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الرّيع‭.‬

هذا‭ ‬العمل‭ ‬يقدّم‭ ‬بالتفصيل‭ ‬عاملا‭ ‬هاما‭ ‬واحدا‭ ‬يؤثّر‭ ‬في‭ ‬كفاءة‭ ‬الفرضية‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬بأن‭ ‬العرب‭ ‬الخليجيين‭ ‬الراضين‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬يصنعون‭ ‬عربا‭ ‬خليجيين‭ ‬راضين‭ ‬سياسيًا‭: ‬وجود‭ ‬انقسام‭ ‬اجتماعي‭ ‬بين‭ ‬صفوف‭ ‬الجماعات‭ ‬المنسوبة‭*‬،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬عرقيًا‭ ‬أو‭ ‬إقليميًا‭ ‬أو‭ ‬قبليًا‭ ‬أو‭ ‬طائفيًا‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬البحرين‭. ‬مستفيدًا‭ ‬من‭ ‬رؤى‭ ‬الزّعماء‭ ‬السّياسيين‭ ‬البحرينيين‭ ‬ونتائج‭ ‬استفتاء‭ ‬مبتكر‭ ‬وتمثيلي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البلاد،‭ ‬للمواقف‭ ‬السّياسية‭ ‬الشّاملة،‭ ‬يستعرض‭ ‬العمل‭ ‬كيف‭ ‬تُقدم‭ ‬الهويات‭ ‬المنسوبة‭ ‬قاعدة‭ ‬صالحة‭ ‬للتّنسيق‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬يُعتَقَد‭ ‬أنّه‭ ‬يفتقر‭ ‬إليه‭ ‬بطبيعته‭. ‬يُظهر‭ ‬التّحليل‭ ‬الاختباري‭ ‬أن‭ ‬الآراء‭ ‬السّياسية‭ ‬وسلوك‭ ‬البحرينيين‭ ‬العاديين‭ ‬لا‭ ‬تُحدد‭ ‬أولًا‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬الاعتبارات‭ ‬المادية،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬الموقف‭ ‬المُحدد‭ ‬مذهبيًا‭ ‬للفرد‭ ‬كعضو‭ ‬في‭ ‬المجموعة‭ ‬السياسية‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬الخارجية‭. ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يكشف‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الأرباح‭ ‬المادية‭ ‬التي‭ ‬تجمعها‭ ‬الدّول‭ ‬الرّيعية‭ ‬لا‭ ‬تُوَزّع‭ ‬بطريقة‭ ‬محايدة‭ ‬سياسيًا،‭ ‬بل‭ ‬تهدف‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬إلى‭ ‬مكافأة‭ ‬الموالين‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬المعارضين‭. ‬بالتّالي،‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والّدول‭ ‬الخليجية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬فيها‭ ‬الفئات‭ ‬المنسوبة‭ ‬بارزة‭ ‬سياسيًا،‭ ‬ليست‭ ‬الدّولة‭ ‬الرّيعية‭ ‬مستعدة‭ ‬لتقديم‭ ‬الصفقة‭ ‬المادية‭ ‬المفترضة‭: ‬الثّروة‭ ‬مقابل‭ ‬الصّمت،‭ ‬لكل‭ ‬المواطنين،‭ ‬وليس‭ ‬كل‭ ‬المواطنين‭ ‬مستعدين‭ ‬لقبولها‭.‬

يرافق‭ ‬درس‭ ‬أكبر‭ ‬هذا‭ ‬النّقد‭: ‬ومفاده‭ ‬أن‭ ‬طبيعة‭ ‬وقوة‭ ‬الصّلة،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشّخصي،‭ ‬بين‭ ‬الرّضا‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والهدوء‭ ‬السّياسي‭ ‬في‭ ‬الاقتصادات‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الرّيع،‭ ‬ستعتمد‭ ‬بالضّرورة‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬الحكم‭ ‬المعتمدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬النّظام‭ ‬محل‭ ‬التساؤل‭. ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬كانت‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والدّولة‭ ‬مستندة‭ ‬كليًا‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬الرعاية‭ ‬تشمل‭ ‬كل‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬عندها،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬النّتيجة‭ ‬السّياسية‭ ‬شيئًا‭ ‬قريبًا‭ ‬للدّولة‭ ‬الرّيعية‭ ‬التّقليدية،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تستدعي‭ ‬القلق‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬الرّضا‭ ‬المادي‭ ‬بين‭ ‬الرّعايا‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬كان‭ ‬التّوزيع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬استراتيجية‭ ‬أوسع‭ ‬للدّولة‭ ‬في‭ ‬تحصيل‭ ‬الشرعية‭ ‬السّياسية،‭ ‬أو‭ ‬أنّه‭ ‬يقتصر‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬تركيبة‭ ‬محددة‭ ‬من‭ ‬السّكان،‭ ‬عندها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مجموعة‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬التّوقعات‭ ‬النّظرية‭. ‬باختصار،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تحيل‭ ‬استراتيجيات‭ ‬الحكم‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬نشهدها‭ ‬اليوم‭ ‬بين‭ ‬الممالك‭ ‬الخليجية‭ ‬إلى‭ ‬توقعات‭ ‬متباينة‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬المساواة،‭ ‬حول‭ ‬المدى‭ ‬الذي‭ ‬تبقى‭ ‬فيه‭ ‬الآليات‭ ‬الرّيعية‭ ‬صالحة،‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التّحديد‭.‬

اختبار‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يُختَبَر

هناك‭ ‬حقيقة‭ ‬غريبة‭ ‬بشأن‭ ‬الافتراض‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الرضا‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يولّد‭ ‬انعدام‭ ‬الاكتراث‭ ‬السّياسي‭ ‬في‭ ‬الدّول‭ ‬المعتمدة‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬نظرية‭ ‬الدّولة‭ ‬الرّيعية‮»‬‭ ‬هذه‭-‬،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬المفاهيمي‭ ‬الذي‭ ‬اقتُرِح‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬حوالي‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود،‭ ‬وأصبح‭ ‬شائعًا‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬لم‭ ‬يخضع‭ ‬لاختبار‭ ‬تجريبي‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬بالطّبع،‭ ‬استدعت‭ ‬بعض‭ ‬نتائجه‭ ‬الطبيعية‭ ‬بحوثا‭ ‬كمية،‭ ‬أبرزها‭ ‬الأثر‭ ‬المترتب‭ ‬عنه،‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يميل،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البلاد،‭ ‬مدى‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬مورد‭ ‬الأمة،‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬مرتبطًا‭ ‬عكسيًا‭ ‬بمستوى‭ ‬الدّيمقراطية‭ ‬فيها،‭ ‬لأن‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدّخل‭ ‬في‭ ‬تصرف‭ ‬النّظام‭ ‬يعني‭ ‬رضا‭ ‬عدد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬بالتنازل‭ ‬طوعيًا‭ ‬عن‭ ‬حقوقهم‭ ‬السّياسية‭ ‬مقابل‭ ‬مردود‭ ‬مادي‭. ‬وذهبت‭ ‬دراسات‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬لتربط‭ ‬الدّيمقراطية‭ ‬بالمؤشّرات‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الكلّي‭ ‬في‭ ‬النّظام‭ ‬الرّيعي،‭ ‬كنسبة‭ ‬الضّرائب‭ ‬والتوظيف‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭.‬

مع‭ ‬ذلك،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جهودها،‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬هذه‭ ‬التّحليلات‭ ‬أن‭ ‬تقربنا‭ ‬إلى‭ ‬إثبات‭ ‬الرابط‭ ‬بين‭ ‬الرضا‭ ‬المادي‭ ‬واللامبالاة‭ ‬السّياسية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الفردي‭ -‬الرّابط‭ ‬النّظري‭ ‬الذي‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬تماسك‭ ‬الإطار‭ ‬الرّيعي‭- ‬بدقّة،‭ ‬لأن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التحليلات‭ ‬لا‭ ‬تطبّق‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الفردي‭. ‬أنظمة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬هذه،‭ ‬الاستبدادية‭ ‬والمعتمدة‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬لا‭ ‬تفعل‭ ‬شيئًا‭ ‬لتبيّن،‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2015،‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬بأن‭ ‬المواطنين‭ ‬الأفراد‭ ‬الرّاضين‭ ‬عن‭ ‬وضعهم‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬يميلون‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬الرّضا‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬السّياسي‭ ‬في‭ ‬بلدهم‭ -‬أو‭ ‬أنّهم‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬غير‭ ‬مهتمين‭ ‬بتغييره‭. ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬مماثل،‭ ‬كون‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السّعودية‭ ‬وقطر‭ ‬تحافظان‭ ‬على‭ ‬معدلات‭ ‬توظيف‭ ‬حكومي‭ ‬عالية‭ ‬ولا‭ ‬تفرضان‭ ‬ضرائب‭ ‬على‭ ‬الدّخل،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يربط‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬النتائج‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لهذه‭ ‬السياسات‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الفردي،‭ ‬وبين‭ ‬التّوجهات‭ ‬السّياسية‭ ‬للمواطنين‭. ‬باختصار،‭ ‬تم‭ ‬اقتصار‭ ‬التّقييم‭ ‬التّجريبي‭ ‬الموجود‭ ‬للفرضيات‭ ‬الريّعية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬اختبارات‭ ‬أجريت‭ ‬على‭ ‬الملحوظات‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬بالذات‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬النّظرية‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يبقى‭ ‬منطقها‭ ‬السّببي‭ ‬المُقترح‭ ‬غير‭ ‬مُختَبَر‭.‬

فرضية‭ ‬الدّولة‭ ‬الرّيعية‭ ‬في‭ ‬صميمها‭ ‬هي‭ ‬قصة‭ ‬عن‭ ‬المكائد‭ ‬السّياسية‭ ‬للحكومات‭ ‬الجشعة‭ ‬بدرجة‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عن‭ ‬الطبعية‭ ‬الإنسانية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬السلوك‭ ‬السياسي‭ ‬للفرد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬معيّنة‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬أكثر‭ ‬زعم‭ ‬مستفز‭ ‬للنّظرية‭ ‬الرّيعية‭ ‬هو‭ ‬بالتّحديد‭ ‬أنّها‭ ‬تدّعي‭ ‬فهم‭ ‬الدّوافع‭ ‬السّياسية‭ ‬جدًا‭ ‬للمواطنين‭: ‬لماذا‭ ‬يصبح‭ ‬النّاس‭ ‬مشاركين‭ ‬في‭ ‬السياسة،‭ ‬أو‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬مبتعدين‭ ‬عنها،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬أحدهم‭ ‬لدعم‭ ‬حكومة‭ ‬غير‭ ‬مسؤولة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬أو‭ ‬قبولها‭ ‬بصمت‭ ‬أو‭ ‬رفضها‭ ‬بفعالية‭. ‬الاقتصاد‭ ‬هو‭ ‬الملك،‭ ‬تقول‭ ‬النظرية،‭ ‬وبإغفالها‭ ‬عوامل‭ ‬المنافسة،‭ ‬فهي‭ ‬تقول‭ ‬بأنها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬أهمّية‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تقييم‭ ‬ملائم‭ ‬لإطار‭ ‬عمل‭ ‬الدّولة‭ ‬الرّيعية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬مما‭ ‬تكابر‭ ‬النظرية‭ ‬في‭ ‬الادّعاء‭ ‬بأنّها‭ ‬تعرفه‭ ‬فعلًا،‭ ‬وهو‭: ‬محددات‭ ‬الآراء‭ ‬والسّلوك‭ ‬السّياسي،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الفرد،‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬عالية‭ ‬المحسوبية،‭ ‬والمعتمدة‭ ‬على‭ ‬النّظام‭ ‬الرّيعي‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬شكّلت‭ ‬نموذجا‭ ‬أوّليًا‭ ‬للصيغة‭ ‬الرّيعية،‭ ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬الملائم‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬يجرى‭ ‬الاختبار‭ ‬الحقيقي‭ ‬الأول‭ ‬لها‭ ‬هنا‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬الكلام‭ ‬عن‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬أسهل‭ ‬من‭ ‬فعله‭. ‬المؤشرات‭ ‬الكلّية‭ ‬التي‭ ‬تقيس‭ ‬صادرات‭ ‬الموارد،‭ ‬والانفتاح‭ ‬السّياسي،‭ ‬ومعدلات‭ ‬فرض‭ ‬الضّرائب،‭ ‬والتّوظيف‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي،‭ ‬متوفرة‭ ‬بسهولة‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬البلدان‭ ‬في‭ ‬العالم؛‭ ‬البيانات‭ ‬الموثوقة‭ ‬بشان‭ ‬الآراء‭ ‬السّياسية‭ ‬وسلوك‭ ‬العرب‭ ‬الخليجيين‭ ‬العاديين‭ ‬ليست‭ ‬كذلك‭ ‬قطعًا‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬محيط‭ ‬سياسي‭ ‬عدائي‭ ‬تقليديًا‭ ‬تجاه‭ ‬استطلاع‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬وعدائي‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬تجاه‭ ‬الاستطلاع‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يظهر‭ ‬الآراء‭ ‬السّياسية‭ ‬الشّعبية‭ ‬والدّيموغرافيات‭ ‬المجتمعية،‭ ‬تنبع‭ ‬ندرة‭ ‬البيانات‭ ‬المسحية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬العملية‭. ‬أطر‭ ‬المعاينة‭ ‬هي‭ ‬إما‭ ‬غير‭ ‬متوفّرة‭ ‬كلّيًا،‭ ‬أو‭ ‬تُعامل‭ ‬على‭ ‬أنّها‭ ‬سرية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السّلطات‭ ‬الإحصائية‭ ‬في‭ ‬الدّولة‭. ‬في‭ ‬أي‭ ‬قضية،‭ ‬تتمتع‭ ‬قلة‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬المحلية‭ ‬بالقدرة‭ ‬والحرية‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬جمع‭ ‬علمي‭ ‬للبيانات‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬فالسّكان‭ ‬المستهدفون‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬الأحوال‭ ‬غير‭ ‬مهتمين‭ ‬بذلك،‭ ‬وفي‭ ‬الغالب‭ ‬هم‭ ‬حذرون‭ ‬أو‭ ‬مرتابون‭ ‬من‭ ‬البحوث‭ ‬المسحية‭. ‬وكنتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬حتى‭ ‬المبادرتان‭ ‬الرائدتان‭ ‬لجمع‭ ‬البيانات‭ ‬الوطنية‭ ‬عن‭ ‬المواقف‭ ‬السّياسية‭ ‬الجماهيرية‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ -‬وهما‭ ‬على‭ ‬التّوالي،‭  ‬استقصاء‭ ‬القيم‭ ‬العالمية‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1990،‭ ‬ومقياس‭ ‬الدّيمقراطية‭ ‬العربي،‭ ‬الذي‭ ‬أُنشِئ‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2005‭-‬على‭ ‬الرّغم‭ ‬من‭ ‬جهودهما‭ ‬ومواردهما‭ ‬المُعتَبَرة‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬مسح‭ ‬في‭ ‬الدّول‭ ‬الخليجية‭ ‬العربية‭ ‬إلا‭ ‬أربع‭ ‬مرات‭ ‬حتى‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬بدأت‭ ‬فيه‭ ‬بالكتابة‭. ‬ولم‭ ‬تتمكن‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدّراسات‭ ‬من‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬الأسئلة‭ ‬الحاسمة‭ ‬ولكن‭ ‬الحساسة‭ ‬للغاية‭ ‬بشأن‭ ‬الآراء‭ ‬السّياسية‭ ‬المعيارية‭ ‬والنّشاطات‭ ‬السّياسية‭.‬

مع‭ ‬ذلك،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬أحدهم‭ ‬قد‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الفرد،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يتوقع‭ ‬إيجاده‭ ‬تحديدًا؟‭ ‬لماذا‭ ‬يتوجب‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬التّشكيك‭ ‬بقدرات‭ ‬الممالك‭ ‬الخليجية‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الاستقرار‭ ‬السّياسي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توزيع‭ ‬إتاوات‭ ‬الموارد‭ ‬على‭ ‬المواطنين؟‭ ‬باستثناء‭ ‬البحرين،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬كفئة‭ ‬متميزة‭ ‬من‭ ‬الأمم،‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تجنب‭ ‬السّخط‭ ‬الجماهيري‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬هز‭ ‬الأنظمة‭ ‬عبر‭ ‬الشّرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يهدّدها‭. ‬وليس‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المصادفة،‭ ‬قام‭ ‬جميع‭ ‬الحكام‭ ‬الخليجيين‭ ‬بإغراء‭ ‬جيوب‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حزم‭ ‬رعاية‭ ‬اجتماعية‭ ‬سخية‭ ‬أُعلِن‭ ‬عنها‭ ‬بعد‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭ ‬من‭ ‬وصول‭ ‬الرّبيع‭ ‬العربي‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭. ‬لذلك،‭ ‬مجددًا،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يعطي‭ ‬المرء‭ ‬دافعًا‭ ‬واحدًا‭ ‬للاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬تفسيرات‭ ‬الدّولة‭ ‬الرّيعية‭ ‬لا‭ ‬تمسك،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬أكثر‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬دقة،‭ ‬بفهم‭ ‬سياسات‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية؟

أقول‭ ‬إن‭ ‬الجواب‭ ‬يتمحور‭ ‬حول‭ ‬تفسير‭ ‬المرء‭ ‬للبحرين‭. ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬المرء‭ ‬يرى‭ ‬مخالفة‭ ‬البلاد‭ ‬للافتراضات‭ ‬الرّيعية‭ ‬الأساسية‭ – ‬أي‭ ‬عدم‭ ‬اهتمام‭ ‬المواطنين‭ ‬بالسّياسة‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬معارضة‭ ‬سياسية‭ ‬مُنَظّمة‭ ‬وعدم‭ ‬استقرار‭ ‬النّظام‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭- ‬ويعتقد‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التناقضات‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬السّياسات‭ ‬الدّاخلية‭ ‬البحرينية‭ ‬الفريدة‭ ‬بين‭ ‬الدّول‭ ‬الخليجية،‭ ‬عندها،‭ ‬بالطّبع،‭ ‬تكون‭ ‬دروسها‭ ‬للمنطقة‭ ‬وللعلوم‭ ‬السّياسية‭ ‬محدودة‭. ‬إما‭ ‬أن‭ ‬حكام‭ ‬البحرين‭ ‬غير‭ ‬بارعين‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬الاستمالة‭ ‬السّياسية،‭ ‬أو‭ ‬إمّا‭ ‬أنهم‭ ‬وحدهم‭ ‬يفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬الموارد‭ ‬لإنجاز‭ ‬ذلك،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬البحرينيين‭ ‬متمردون‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬فريد‭ ‬بين‭ ‬الشّعوب‭ ‬الخليجية‭. ‬ولكن،‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬كانت‭ ‬الظروف‭ ‬الكامنة‭ ‬وراء‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬تنطبق‭ ‬بدرجات‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة؛‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬كانت‭ ‬أزماتها‭ ‬السّياسية‭ ‬الدّائمة‭ ‬لا‭ ‬تُمثل‭ ‬استثناء‭ ‬نظريًا‭ ‬بل‭ ‬تمثّل‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬واقعية‭ ‬احتمال‭ ‬كامن‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬عربية‭ ‬خليجية‭ ‬أخرى‭ ‬وفقًا‭ ‬لقابلياتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬ليكونوا‭ ‬عرضة‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف،‭ ‬عندها‭ ‬تصبح‭ ‬الفائدة‭ ‬العلمية‭ ‬لمثال‭ ‬البحرين‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭. ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬توجد‭ ‬ظروف‭ ‬قابلة‭ ‬للتّحديد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬التّفسير‭ ‬القياسي‭ ‬الرّيعي‭ ‬للسّياسة‭ ‬في‭ ‬الخليجي‭ ‬غير‭ ‬صالح،‭ ‬وهي‭ ‬ظروف‭ ‬تصف‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬خاص‭ ‬ولكن‭ ‬غير‭ ‬فريد،‭ ‬عندها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دراسة‭ ‬الحالة،‭ ‬يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬التّوصل‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬نظرية‭ ‬ضرورية،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬فهم‭ ‬عملي‭ ‬أفضل‭ ‬للعلاقة‭ ‬بين‭ ‬النّظام‭ ‬والمواطن‭ – ‬وكذلك‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والمواطن‭ ‬كونها‭ ‬ستصبح‭ ‬مهمّة‭ ‬أيضًا‭- ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬وما‭ ‬أبعد‭ ‬منها‭.‬

إعادة‭ ‬النّظر‭ ‬في‭ ‬صفقات‭ ‬الرّيع

يظهر‭ ‬السّجل‭ ‬المعاصر‭ ‬للسياسة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬ليست‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬انهيارًا‭ ‬لاتفاق‭ ‬الثّروة‭ ‬مقابل‭ ‬الإذعان‭ ‬المُفتَرَض‭ ‬تطبيقه‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الرّيعية‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬المرء‭ ‬حتى‭ ‬إلى‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬الإخفاقات‭ ‬العملية‭ ‬لنموذج‭ ‬الدّولة‭ ‬الرّيعية‭ ‬لكي‭ ‬يفهم‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬مفتوحة‭ ‬الأمد،‭ ‬بين‭ ‬الحكام‭ ‬والرّعايا،‭ ‬موجودة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬وكما‭ ‬يمكن‭ ‬لنشطاء‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬المنطقة‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬يشهدوا،‭ ‬لن‭ ‬يتم‭ ‬إقناع‭ ‬كل‭ ‬المواطنين‭ ‬بالتّنازل‭ ‬عن‭ ‬حقوقهم‭ ‬السّياسية‭ ‬مقابل‭ ‬الوعد‭ ‬بالثّروة‭ ‬المادية‭ -‬أو‭ ‬بتوعّدهم‭ ‬بالعنف‭ ‬الجسدي،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هذا‭ ‬المطلب‭. ‬بالتأكيد،‭ ‬يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬يتصور‭ ‬مصادر‭ ‬لا‭ ‬تُعَد‭ ‬ولا‭ ‬تُحصى‭ ‬للدّافع‭ ‬السّياسي‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬المخاوف‭ ‬الاقتصادية‭: ‬الإحساس‭ ‬بالتّمييز‭ ‬وعدم‭ ‬المساواة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الجماعات،‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬تمثيلي‭ ‬وديمقراطي‭ ‬كطبعية‭ ‬فطرية،‭ ‬أو‭ ‬الارتباط‭ ‬بالأيديولوجيات‭ ‬الثّورية‭ ‬كالقومية‭ ‬العربية‭ ‬أو‭ ‬الاشتراكية‭ ‬أو،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬أكثر‭ ‬شيوعًا‭ ‬اليوم،‭ ‬التّشيع‭ ‬والسّلفية‭ ‬والتّيارات‭ ‬الإسلامية‭ ‬العامة‭ ‬العابرة‭ ‬للأوطان‭ ‬كالإخوان‭ ‬المسلمين‭.‬

وعلاوة‭ ‬ذلك،‭ ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬أساسي‭ ‬أكثر،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬استطاعت‭ ‬دولة‭ ‬شراء‭ ‬دعم‭ ‬مواطنيها‭ ‬بالإجماع،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬حتى‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬فعل‭ ‬ذلك،‭ ‬لأنها‭ ‬تحتاج‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬تحالف‭ ‬من‭ ‬الموالين‭ ‬مع‭ ‬تّفوق‭ ‬مادي‭ (‬عسكري‭) ‬كافٍ‭ ‬لحمايتها‭ ‬من‭ ‬متحدّين‭ ‬مُحتَملين‭. ‬بالفعل،‭ ‬لماذا‭ ‬إضاعة‭ ‬موارد‭ ‬محدودة‭ ‬في‭ ‬متابعة‭ ‬مواطنين‭ ‬معارضين‭ ‬للواقع‭ ‬الرّاهن‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬لمكافأة‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬لهم‭ ‬نصيب‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها؟‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬توزيع‭ ‬موارد‭ ‬محدودة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬فعال‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬بأكمله،‭ ‬يسعى‭ ‬حكام‭ ‬الدّول‭ ‬التّوزيعية‭*‬‭*‬،‭ ‬مثل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬عمومًا‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬حصصهم‭ ‬الخاصة‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الأعلى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬المكافآت‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬متناسب‭ ‬إلى‭ ‬فئة‭ ‬محدودة‭ ‬من‭ ‬المواطنين،‭ ‬الذين‭ ‬يكفي‭ ‬دعمهم‭ ‬لإبقائهم‭ ‬في‭ ‬السّلطة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يُستَثنى‭ ‬بقية‭ ‬السّكان‭ ‬نسبيًا‭ ‬من‭ ‬الفوائد‭ ‬الرّيعية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمواطنة‭. ‬هذا‭ ‬الدّافع‭ ‬للتّوزيع‭ ‬الموجّه‭ ‬يكون‭ ‬كبيرًا‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬لعدد‭ ‬ضخم‭  ‬السّكان‭ (‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السّعودية‭) ‬و‭/‬أو‭ ‬حصّة‭ ‬إيرادات‭ ‬منخفضة‭ ‬لكل‭ ‬مواطن‭ (‬البحرين‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السّعودية‭ ‬وعمان‭) ‬أن‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬الفائدة‭ ‬السّياسية‭ ‬لتوزيع‭ ‬أكثر‭ ‬مساواة‭. ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬حتى‭ ‬الدّول‭ ‬الأقل‭ ‬تقييدًا‭ ‬بعوامل‭ ‬مماثلة‭ (‬قطر‭ ‬والكويت‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭) ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬تجزيء‭ ‬أسواقها‭ ‬السّياسية،‭ ‬وإقامة‭ ‬درجات‭ ‬مواطنة‭ ‬تمنح‭ ‬مستويات‭ ‬متمايزة‭ ‬من‭ ‬الفوائد،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ضمنًا،‭ ‬بدوره،‭ ‬مستويات‭ ‬متفاوتة‭ ‬من‭ ‬المحسوبية‭ ‬الاقتصادية‭/‬السّياسية‭.‬

أخيرًا،‭ ‬باستثناء‭ ‬الاهتمامات‭ ‬غير‭ ‬المادية‭ ‬المتنوّعة‭ ‬للمواطنين،‭ ‬ودوافع‭ ‬الدّولة‭ ‬للتّوزيع‭ ‬غير‭ ‬المتكافئ،‭ ‬هناك‭ ‬عملية‭ ‬أخرى‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تقويض‭ ‬الرابط‭ ‬بين‭ ‬الرّضا‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسّياسي‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الفرد،‭ ‬وهي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الجهد‭ ‬المستمر‭ ‬لحكومات‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التّعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬لتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬شرعيتها‭ ‬السّياسية‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬أغلب‭ ‬التّركيز‭ ‬التّحليلي‭ ‬مُوجهًا‭ ‬نحو‭ ‬مشكلة‭ ‬التّنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬عائدات‭ ‬الموارد‭ ‬والقطاعات‭ ‬العامة‭ ‬المتمددة،‭ ‬كان‭ ‬اختبار‭ ‬الجهد‭ ‬الموازي‭ ‬الذي‭ ‬يبذله‭ ‬الحكام‭ ‬الخليجيون‭ -‬وهو‭ ‬جهد‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إنّهم‭ ‬قاربوه‭ ‬بجدية‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬مقاربتهم‭ ‬للسّؤال‭ ‬السّابق‭- ‬للقيام‭ ‬بالتّنويع‭ ‬السّياسي‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الأسس‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المحضة‭ ‬للشّرعية،‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭. ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬اتّخذت‭ ‬أشكال‭ ‬متعددة‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬المنطقة،‭ ‬لكن‭ ‬القواسم‭ ‬المشتركة‭ ‬تشمل‭ ‬تركيزًا‭ ‬على‭ ‬الثّقافة‭ ‬والتّراث‭ ‬‮«‬الوطنيين‮»‬،‭ ‬اللذين‭ ‬يرعاهما‭ ‬ويحميهما‭ ‬شخص‭ ‬الحاكم،‭ ‬وفرصًا‭ ‬للتّعليم‭ ‬العالي‭ ‬والتّحقيق‭ ‬الشّخصي‭ ‬للذّات‭ ‬توفرهما‭ ‬غالبًا‭ ‬مؤسسات‭ ‬غربية،‭ ‬والاستعانة‭ ‬بالشّرعية‭ ‬الدّنية‭ ‬أو‭ ‬القبلية،‭ ‬والسّعي‭ ‬وراء‭ ‬الشّهرة‭ ‬والمكانة‭ ‬الدّوليتين،‭ ‬وتوفير‭ (‬مع‭ ‬تسليط‭ ‬الضّوء‭) ‬فوائد‭ ‬غير‭ ‬ملموسة‭ ‬أخرى‭ ‬كالاستقرار‭ ‬السّياسي،‭ ‬لمعارضة‭ ‬المساءلة‭ ‬السّياسية‭.‬

اكتسبت‭ ‬هذه‭ ‬الحجة‭ ‬الأخيرة‭ ‬قوة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬بدء‭ ‬الانتفاضات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2010‭ – ‬وللمفارقة،‭ ‬ليس‭ ‬ذلك‭ ‬لكون‭ ‬الدّول‭ ‬الخليجية‭ ‬أفلتت‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬الاضطرابات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬المناطق‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬تحديدًا‭ ‬لأن‭ ‬كثيرين،‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬الأغلبية،‭ ‬لم‭ ‬يفلتوا‭ ‬منها‭. ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬الأسر‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السّعودية‭ ‬والكويت،‭ ‬ومؤخرًا‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬إلى‭ ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬لشرح‭ ‬وتبرير‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬مدروس‭ ‬في‭ ‬الدّاخل‭ ‬ولتعبئة‭ ‬الدّعم‭ ‬الشّعبي‭ ‬ضد‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يتجرأون‭ ‬على‭ ‬الإخلال‭ ‬بالوضع‭ ‬السياسي‭ ‬الراّهن‭ ‬المريح،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬ديمقراطي‭. ‬شيعة‭ ‬السّعودية‭ ‬والبحرين،‭ ‬والمعارضة‭ ‬ذات‭ ‬الأغلبية‭ ‬السّنية‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬وأعضاء‭ ‬من‭ ‬الأخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ – ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬آفة‭ ‬سياسية‭ ‬ونعمة‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭: ‬أساسا‭ ‬واقعيًا‭ ‬أو‭ ‬محتملًا‭ ‬لمعارضة‭ ‬منظمة،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬بعبعًا‭ ‬لحشد‭ ‬بقية‭ ‬المجتمع‭ -‬أو،‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬إخافته‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬التّراخي‭. ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الرّبيع‭ ‬العربي،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الدّول‭ ‬الخليجية‭ ‬التي‭ ‬تتبع‭ ‬فيها‭ ‬النطاقات‭ ‬السّياسية‭ ‬مجموعة‭ ‬دينية‭ ‬مصطفّة‭ ‬أو‭ ‬مجموعات‭ ‬منسوبة‭ ‬أخرى،‭ ‬اكتشفت‭ ‬عندها‭ ‬مصدرًا‭ ‬جديدًا‭ ‬قويًا‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬محفوفًا‭ ‬بالمخاطر،‭ ‬للشرعية‭ ‬غير‭ ‬الاقتصادية‭: ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬توفير‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬الفوضى،‭ ‬ولكن‭ ‬الحماية‭ ‬الفعلية‭ ‬للمواطنين‭ -‬المواطنين‭ ‬المخلصين‭- ‬من‭ ‬الأعداء‭ ‬الذين‭ ‬يُخشى‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬ومن‭ ‬وكلائهم‭ ‬المحليين‭ ‬المُخربين‭. ‬التّوتر‭ ‬المتزايد‭ ‬والعداءات‭ ‬المتصاعدة‭ ‬بين‭ ‬الملكيات‭ ‬العربية‭ ‬السّنية‭ ‬والأنظمة‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬الشيعة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬والعراق‭ ‬وسوريا‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬إلا‭ ‬بتعزيز‭ ‬هذا‭ ‬السّرد‭ ‬الطّائفي‭.‬

المسح‭ ‬السّياسي‭ ‬الجماهيري‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬البحرين

هذا‭ ‬الافتراض،‭ ‬بأن‭ ‬المنافسة‭ ‬بين‭ ‬الجماعات‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬شرح،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬القبول‭ ‬السّياسي،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬التّفاوت‭ ‬الملحوظ‭ ‬بين‭ ‬النّظرية‭ ‬الرّيعية‭ ‬والواقع‭ ‬الرّيعي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أغلبية‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية،‭ ‬لا‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬التّحديات‭ ‬لمن‭ ‬يتطلّع‭ ‬إلى‭ ‬إثباته‭ ‬تجريبيًا‭. ‬لأن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يستلزم‭ ‬فقط‭ ‬بيانات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأفراد‭ ‬حول‭ ‬المواقف‭ ‬السّياسية‭ ‬والظّروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للعرب‭ ‬الخليجيين‭ ‬العاديين،‭ ‬ولكن،‭ ‬فوق‭ ‬ذلك،‭ ‬بيانات‭ ‬ديموغرافية‭ ‬تعرّف‭ ‬الافراد‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬أعضاء‭ ‬من‭ ‬مجتمع‭ ‬منسوب‭ ‬معيّن‭ ‬أو‭ ‬آخر‭. ‬وحين‭ ‬تكون‭ ‬حتى‭ ‬النّسب‭ ‬الإجمالية‭ ‬للسّنة‭ ‬والشيعة‭ ‬داخل‭ ‬المجتمعات‭ ‬الخليجية‭ ‬مسألة‭ ‬تكهنات‭ -‬حيث‭ ‬أن‭ ‬الحكومات‭ ‬ترفض‭ ‬تقديم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإحصائيات،‭ ‬أو‭ ‬تزعم‭ ‬غالبًا‭ ‬أنّها‭ ‬لم‭ ‬تُجرِها‭- ‬يجعل‭ ‬هذان‭ ‬المطلبان‭  ‬مصادر‭ ‬البيانات‭ ‬القائمة‭ ‬كلها‭ ‬غير‭ ‬كافية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القيم‭ ‬العالمية‭ ‬المذكورة‭ ‬آنفًا‭ ‬ومسوحات‭ ‬الباروميتر‭ ‬العربي‭.‬

لذلك،‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬العام‭ ‬2009،‭ ‬حاولت‭ ‬جمع‭ ‬بيانات‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬البحرين،‭ ‬مجريًا‭ ‬أول‭ ‬استطلاع‭ ‬سياسي‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬للمواطنين‭ ‬البحرينيين‭. ‬واستخدم‭ ‬الاستطلاع،‭ ‬الذي‭ ‬طُبّق‭ ‬على‭ ‬عينة‭ ‬تمثيلية‭ ‬وطنية‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬منزل‭ ‬عشوائي،‭ ‬منتشر‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬الجزيرة،‭ ‬الأداة‭ ‬القياسية‭ ‬للباروميتر‭ ‬العربي‭ ‬التي‭ ‬تدرس‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬والسّلوكيات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والدّينية‭ ‬والسّياسية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬البيانات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المنزلية‭. ‬وسجل‭ ‬مسح‭ ‬البحرين‭ ‬أيضًا‭ ‬الانتماءات‭ ‬الطّائفية‭ ‬لأفراد‭ ‬العينة،‭ ‬سامحًا‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بإجراء‭ ‬اختبار‭ ‬تجريبي‭ ‬للجدال‭ ‬الذي‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬بفتح‭ ‬النّافذة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬الدّيموغرافيات‭ ‬الطّائفية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬سبعين‭ ‬عامًا‭. ‬المرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬قدّمت‭ ‬فيها‭ ‬الحكومة‭ ‬البحرينية‭ ‬إحصاءات‭ ‬رسمية‭ ‬عن‭ ‬المجتمعات‭ ‬السّنية‭ ‬والشّيعية‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬تعداد‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1941‭ ‬‭. ‬ومستخدمًا‭ ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬البحرينية‭ ‬غير‭ ‬المتاحة‭ ‬سابقًا،‭ ‬يمثل‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬التّقييم‭ ‬التّجريبي‭ ‬المنهجي‭ ‬الأول،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأفراد،‭ ‬للافتراضات‭ ‬التي‭ ‬تشكّل‭ ‬أساس‭ ‬إطار‭ ‬عمل‭ ‬الدّولة‭ ‬الرّيعية‭.‬

بخلاف‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬السّياسة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها،‭ ‬بين‭ ‬التّأثيرات‭ ‬الفكرية‭ ‬التّحولية‭ ‬للرّبيع‭ ‬العربي،‭ ‬كان‭ ‬إطلاق‭ ‬رصاصة‭ ‬الرّحمة‭ ‬على‭ ‬المفهوم‭ ‬الشّائع‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬شيخ‭ ‬النّفط‮»‬‭ ‬الخليجي،‭ ‬السّعيد‭ ‬للتّخلي‭ ‬عن‭ ‬بلاده‭ ‬ليحكمها‭ ‬أمراء‭ ‬ومتطرفون‭ ‬إسلاميون‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يُعَربد‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬ترف‭ ‬أصبحت‭ ‬ممكنة‭ ‬بفضل‭ ‬حصته‭ ‬الخاصة‭ ‬من‭ ‬عائدات‭ ‬النّفط‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أرجاء‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ – ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السّعودية‭ ‬والكويت‭ ‬وإلى‭ ‬حد‭ ‬أقل‭ ‬في‭ ‬عمان‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭- ‬شهد‭ ‬المراقبون‭ ‬مكمنًا‭ ‬مفاجئًا‭ ‬من‭ ‬الحماس‭ ‬السّياسي‭ ‬بين‭ ‬النّاس‭ ‬العاديين،‭ ‬وهو‭ ‬مُوَجّه‭ ‬ضد‭ ‬الحكومات‭ ‬التي‭ ‬يُفتَرَض‭ ‬أنّها‭ ‬استحوذت‭ ‬دعمهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النّفط‭. ‬لا‭ ‬يقدم‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬فقط‭ ‬إطارًا‭ ‬مفاهيميًا‭ ‬جديدًا‭ ‬لإعطاء‭ ‬معنى‭ ‬لهذا‭ ‬التّناقض‭ ‬الظّاهري،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا،‭ ‬وللمرة‭ ‬الأولى،‭ ‬دليلًا‭ ‬تجريبيًا‭ ‬لدعمه‭.‬

ملخص‭ ‬الفصول

يتألف‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬فصول‭. ‬يقدم‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬تفصيلًا‭ ‬أكثر‭ ‬توسعًا‭ ‬عن‭ ‬الإطار‭ ‬المفاهيمي‭ ‬الذي‭ ‬قدمناه‭ ‬سابقًا‭: ‬نظرية‭ ‬التّعبئة‭ ‬السّياسية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الجماعات‭ ‬في‭ ‬الدّول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭. ‬متحديًا‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬الواردة‭ ‬عن‭ ‬نظرية‭ ‬الدّولة‭ ‬الرّيعية،‭ ‬يقدّم‭ ‬الكتاب‭ ‬حججًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المؤسسات‭ ‬السّياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الفريدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬التّنسيق‭ ‬السّياسي‭ ‬الشّامل،‭ ‬بل‭ ‬بالأحرى‭ ‬في‭ ‬تفضيل‭ ‬نوع‭ ‬محدد‭ ‬من‭ ‬التّعاون‭ ‬السّياسي‭ ‬الجماعي،‭ ‬وبالتّحديد‭ ‬التّنسيق‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الفئات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬رصدها‭ ‬بشكل‭ ‬ظاهر،‭ ‬كالانتماء‭ ‬العرقي‭ ‬أو‭ ‬الدّيني‭ ‬أو‭ ‬القبلي‭ ‬أو‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وهكذا‭. ‬والنّتيجة‭ ‬هي‭ ‬ميل‭ ‬بنيوي‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬سياسة‭ ‬المجموعة‭ ‬المنسوبة،‭ ‬والتي‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬ذات‭ ‬التّركيبات‭ ‬السّكانية‭ ‬المتنوعة‭ ‬تميل‭ ‬إلى‭ ‬إنتاج‭ ‬تنافس‭ ‬سياسي،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬يتنافسون‭ ‬كأفراد‭ ‬ببساطة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬مخصصات‭ ‬إضافية‭ ‬من‭ ‬أرباح‭ ‬الدّولة،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬تجمعات‭ ‬عرقية‭/‬سياسية‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقًا‭ ‬تتنافس‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الأرباح‭ ‬المادية‭ ‬وأيضًا‭ ‬للسّيطرة‭ ‬على‭ ‬النّظام‭ ‬السّياسي‭ ‬نفسه‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يقدّم‭ ‬الكتاب‭ ‬حججًا‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬اجتماعي‭ ‬ريعي‭ ‬شامل،‭ ‬حيث‭ ‬يسعى‭ ‬حكام‭ ‬الاقتصادات‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الرّيع‭ ‬إلى‭ ‬شراء‭ ‬الدّعم‭ ‬السّياسي‭ ‬الشامل‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬باستخدام‭ ‬الأرباح‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يواجه‭ ‬الحكام‭ ‬الخليجيون‭ ‬أنفسهم‭ ‬دوافع‭ ‬قوية‭ ‬لتجزيء‭ ‬أسواقهم‭ ‬السّياسية‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬هذه‭ ‬التّجمعات‭ ‬المُصَنّفة‭ ‬بحسب‭ ‬الأصل،‭ ‬لتعزيز‭ ‬الفروق‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الكامنة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬تقليلها‭.‬

وبدلًا‭ ‬من‭ ‬توزيع‭ ‬مواردهم‭ ‬المحدودة‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬بأسره،‭ ‬يسعى‭ ‬المسيطرون‭ ‬على‭ ‬الدّول‭ ‬الرّيعية‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬استفادتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬من‭ ‬الأرباح‭ ‬المادية‭ ‬للحكم،‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬حد‭ ‬ممكن،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬المخصصات‭ ‬إلى‭ ‬المواطنين،‭ ‬الضّرورية‭ ‬لضمان‭ ‬تحالف‭ ‬فائز‭ ‬من‭ ‬المؤيدين‭. ‬لذلك،‭ ‬ليست‭ ‬المهمة‭ ‬الأساسية‭ ‬للحكومات‭ ‬الرّيعية‭ ‬مجرد‭ ‬توزيع‭ ‬ثروة‭ ‬الموارد‭ ‬على‭ ‬السّكان،‭ ‬بل‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬بأبخس‭ ‬ثمن‭ ‬ممكن‭.‬

على‭ ‬هذا‭ ‬النّحو،‭ ‬فإن‭ ‬السؤال‭ ‬الأساسي‭ ‬جدًا‭ ‬الذي‭ ‬يهم‭ ‬حكّام‭ ‬المجتمعات‭ ‬الرّيعية‭ ‬هو‭ ‬كيف‭ ‬نحقّق‭ ‬التّوازن‭ ‬الأمثل‭ ‬بين‭ ‬الاستقلال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسّياسي،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬السّؤال‭ ‬كيف‭ ‬نحقّق‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ (‬أ‭) ‬من‭ ‬الاستمتاع‭ ‬الخاص‭ ‬والتصرّف‭ ‬الحر‭ ‬للثروة‭ ‬المتأتّية‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬الموارد؛‭ ‬و‭(‬ب‭) ‬التّحرر‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬الشّعبية‭ ‬عبر‭ ‬الإرضاء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التّوزيع‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬الحلول‭ ‬المختلفة‭ ‬لهذه‭ ‬المعضلة‭ ‬الرّيعية،‭ ‬استراتيجية‭ ‬التّجزئة‭ ‬السّياسية،‭ ‬التي‭ ‬تكافئ‭ ‬فيها‭ ‬دولة‭ ‬ما،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬غير‭ ‬متناسب،‭ ‬طبقة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬المؤيدين،‭ ‬وتستثني‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬غير‭ ‬متناسب‭ ‬الباقين‭ ‬من‭ ‬الفوائد‭ ‬الرّيعية‭ ‬للمواطنة‭. ‬وبهذه‭ ‬الطّريقة،‭ ‬لا‭ ‬تُبَدد‭ ‬الفوائد‭ ‬الرّيعية‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬بأسره،‭ ‬ولكن‭ ‬تُرَكز‭ ‬على‭ ‬دائرة‭ ‬محدودة‭ ‬يكون‭ ‬دعمها‭ ‬كافيًا‭ ‬لضمان‭ ‬استمرارية‭ ‬النّظام‭. ‬يمثل‭ ‬النموذج‭ ‬المعاصر‭ ‬للبحرين‭ ‬الحالة‭ ‬الأمثل‭ ‬لاستراتيجية‭ ‬التّقسيم‭ ‬المجتمعي‭ ‬الموجّه‭ ‬هذه‭.‬

يقدم‭ ‬الفصلان‭ ‬الثّاني‭ ‬والثّالث‭ ‬مادة‭ ‬إضافية‭ ‬لهذا‭ ‬التّوضيح‭ ‬النّظري‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دراسة‭ ‬حالة‭ ‬التّعبئة‭ ‬السّياسية‭ ‬الطّائفية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬واضعًا‭ ‬تصورات‭ ‬من‭ ‬مقابلات‭ ‬مع‭ ‬حوالي‭ ‬عشرة‭ ‬زعماء‭ ‬سياسيين‭ ‬ودينيين‭ ‬بحرينيين‭ -‬أربعة‭ ‬منهم‭ ‬يقضون‭ ‬حاليًا‭ ‬مددًا‭ ‬طويلة‭ ‬بالسّجن‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬أدوارهم‭ ‬في‭ ‬انتفاضة‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬فبراير‭/‬شباط‭- ‬ويصف‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬كيف‭ ‬استبدلت‭ ‬سياسات‭ ‬التّنافس‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬المُوجَهة‭ ‬للأفراد،‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬تطبّق‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التخصيصية،‭ ‬بتنافس‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الجماعات،‭ ‬لتحديد‭ ‬الطّابع‭ ‬الخاص‭ ‬بالأمة‭ ‬نفسها‭: ‬تاريخها‭ ‬وهُويتها‭ ‬الثّقافية،‭ ‬أسس‭ ‬المواطنة‭ ‬وشروط‭ ‬الاندراج‭ ‬في‭ ‬الخدمة‭ ‬العامة‭. ‬ويفصلان‭ ‬أيضًا‭ ‬كيف‭ ‬أنّه،‭ ‬نظرًا‭ ‬للتّنافس‭ ‬المحلي‭ ‬والإقليمي،‭ ‬الشّيعي‭-‬السّني،‭ ‬جُعِلت‭ ‬الأدوات‭ ‬الفريدة‭ ‬لتخفيف‭ ‬الضّغط‭ ‬السّياسي،‭ ‬التي‭ ‬يقال‭ ‬إنها‭ ‬متاحة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬كدولة‭ ‬ذات‭ ‬اقتصاد‭ ‬ريعي،‭ ‬غير‭ ‬فعالة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬للعمل‭.‬

ويقدم‭ ‬الفصل‭ ‬الرّابع‭ ‬تمهيدًا‭ ‬عمليًا‭ ‬ومنهجيًا‭ ‬لتحليل‭ ‬المسح‭ ‬الشّامل‭ ‬للبحرين،‭ ‬مفصلًا‭ ‬طريقة‭ ‬المسح‭ ‬الفعلي‭ ‬ومعالجًا‭ ‬أسئلة‭ ‬نظرية‭ ‬ومنهجية،‭ ‬ومقدمًا‭ ‬أول‭ ‬صورة‭ ‬مباشرة‭ ‬موثوق‭ ‬بها‭ ‬للدّيموغرافيات‭ ‬الطّائفية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬منذ‭ ‬مسحها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1941‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬يوظف‭ ‬الفصل‭ ‬الخامس‭ ‬بيانات‭ ‬البحرين‭ ‬لتقييم‭ ‬المزاعم‭ ‬النّظرية‭ ‬الأساسية‭ ‬للكتاب،‭ ‬يبدأ‭ ‬بدراسة‭ ‬أنماط‭ ‬توفير‭ ‬السّلع‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتّوظيف‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭. ‬ويقيّم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬الأدوار‭ ‬النّسبية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬مقابل‭ ‬ديناميات‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬التوّجهات‭ ‬والسّلوك‭ ‬السّياسي‭ ‬للبحرينيين‭. ‬ويستخدم‭ ‬بيانات‭ ‬المسح‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الفردي‭ ‬لاختبار‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬المواقف‭ ‬القياسية‭ ‬للمواطنين‭ ‬تجاه‭ ‬الدّولة،‭ ‬وكذلك‭ ‬التّصرفات‭  ‬السّياسية‭ ‬التي‭ ‬يقومون‭ ‬بها‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬صفها‭ ‬أو‭ ‬ضدها،‭ ‬تتأثر‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬بالرّضا‭ ‬المادي،‭ ‬بحسب‭ ‬فرضية‭ ‬الدّولة‭ ‬الرّيعية،‭ ‬أو‭ ‬أنّها‭ ‬تتأثر‭ ‬بالانتماءات‭ ‬والتوجهات‭ ‬الدّينية‭ ‬الطّائفية‭.‬

ويأتي‭ ‬الفصل‭ ‬السّادس‭ ‬ليختم‭ ‬باستعراض‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬حدوده،‭ ‬ويقترح‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬تمديد‭ ‬التّحقيق‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬أجندة‭ ‬مُنقحة،‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقًا،‭ ‬لإجراء‭ ‬البحوث‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية،‭ ‬تعكس‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬الاتجاهات‭ ‬السّياسية‭ ‬الملحوظة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتستخدم‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬المصادر‭ ‬المنهجية‭ ‬الجديدة‭ ‬المتوفرة‭ ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬الحالي‭.‬

 اقرأ أيضًا:

الكتاب متوفر على متجر:
نيل وفرات (ورقي والكتروني)
جملون
أمازون