أوال (خاص): مدونة سنوات الجريش، موقع إلكتروني مختص بتراث البحرين وحضارتها وتاريخها، أطلق في 2004. التّسمية مستوحاة من سنوات القحط والجوع التي عاشها سكان الخليج أثناء الحرب العالمية الثانية 1939-1945. قبل أن تكون (سنوات الجريش) كان جاسم آل عباس، يزور القرى ويكتب تقاريره عنها وينشرها في المنتديات، شجّعه التفاعلٍ على الكتابة عن تاريخ البحرين، مدفوعاً بحب الاستطلاع والبحث عن الهوية التي تتعرّض لتشويهٍ متعمّدٍ.
مركز أوال للدراسات والتوثيق قام بإجراء مقابلة مع مؤسس (سنوات الجريش)، وهذا أبرز ما جاء فيها:
أوال: انطلقت فكرة تأسيس المدونة من خلال تساؤلاتك عن قريتك المعامير عندما كنت معتقلاً في فترة التسعينات، أخبرنا عن تلك الانطلاقة، وإلى أي مدى تعتقد أن موجة الاعتقالات في الآونة الأخيرة ستساعد أكثر على إصرار الشعب البحريني على البحث عن تاريخه؟
سنوات الجريش: انطلقت فكرة المدونة مع بداية 2000. بحثت عن بعض المعلومات المتعلقة بتاريخ البحرين أو التّاريخ الإسلامي أثناء اعتقالي في التسعينات لمدة أربع سنوات، وبعد الإفراج عني من سجن جو المركزي في1999 بدأت أفكر بالمشروع. بين عامي 2000 و2004، سعيت إلى تدوين بعض جوانب تاريخ البحرين، بحثت عنها في الكتب والمصادر التي كانت متوفرة كأرشيف ورقي فقط.
أسست الموقع في عام 2004 وقد لاقى رواجًا عند الناس، وهذا ما شجعني لتقديم المزيد فأصبحت هذه المدونة مصدر أساسي لتاريخ البحرين.
إنّ البحث عن تفاصيل التاريخ شيء مهم جدًا بالنسبة لشعب البحرين، فهو يشعر بضرورة الاطلاع على تاريخه، لأن الدولة والجهات الرسمية تقوم بمحاولات تهميش التاريخ. الحكومة تريد أن يبدأ تاريخ البحرين من سنة 1783، أي منذ دخول قبيلة العتوب أو آل خليفة، بينما يُحذف ويُهّمش الكثير من جوانب تاريخ البحرين ولا يُذكر لا في المناهج الرسمية ولا في المتحف. وللأسف غُيّب بعض التاريخ وأُحرق في القرون الماضية خلال الصراع الإقليمي وصراع الدول على البحرين، فأُتلفت الكثير من المكتبات والأرشيف المتعلق بتاريخ البحرين وبنهضتها العلمية. كما أتلفت وسرقت الكثير من الوثائق المتعلقة بتاريخ الدولة الرسمي والإداري، تم تهريب الكثير من المخطوطات والوثائق عن تاريخ البحرين إلى دول مختلفة: نجد السعودية وعمان والهند وإيران والعراق والمحمرة والبصرة وزنجبار خلال الفترات الأمنية والاضطرابات التي عصفت بالبحرين.
أوال: أين موقع سنوات الجريش اليوم من اهتمامات الباحثين والمهتمين بتاريخ البحرين؟
سنوات الجريش: برزت أهمية سنوات الجريش حين لم تكن هناك مدونة متخصصة بتاريخ البحرين غيرها، ومنذ مطلع 2000 حتى الآن لا توجد مدونة تضاهيها. هي مجرد مصدر أو دليل يدل الباحثين على الكتب والمصادر والمراجع. سنوات الجريش توفر نبذة عن مواضيع مختلفة كالفترة الإسلامية أو المساجد، دون الخوض في عمقها. هي توفر بعض الكتب والمصادر والصور النادرة والخرائط والوثائق قبل وصول قبيلة العتوب ومحاولتها تحريف التاريخ وربط بدايته ببداية أحمد الفاتح، أي في فترة تثبت وجود الشعب البحريني الأصيل، والتي يمكن الرجوع إليها واستقاء المعلومات منها. ولذلك يتوجه الكثير من الناس إلى الموقع لأنه يكسر هذه النظرية ومحاولة تعميمها، وهذا ما منح المدونة أهميتها.
أوال: تعرضت سنوات الجريش لعدة اختراقات من قبل المنزعجين من حقيقة الوثائق التي تنشرونها، كيف واجهتم هذه الاختراقات وهل زادتكم إصرارًا على مواصلة العمل لتطوير الموقع؟
سنوات الجريش: لم يغلق الموقع رسميًا، لكن هناك بعض الأشخاص من أتباع الدولة حاولوا اختراق الموقع وتدميره. تعرض الموقع خلال سنة واحدة لأكثر من 5 محاولات للاختراق، وتم استدراك الأمر. أغلقت الدولة الموقع مرة واحدة، ثم أعادت فتحه من جديد.
أوال: ما هو واقع تفاعل القراء الحالي، غير المتخصصين، مع الموقع وعلى الانستجرام؟
سنوات الجريش: يتميز موقع سنوات الجريش بشهادة أغلب متابعيه، لأنه يتسم ببساطة الطرح والابتعاد عن المصطلحات العلمية والمعقدة، خصوصًا أن التاريخ والتراث مادة جافة لا تستهوي الجميع. يطرح الموقع المعلومات بأسلوب مبسط جدًا ومختصر بعيد عن التعقيد، وهذا مصداق لقول: خير الكلام ما قل ودل. كما تستخدم سنوات الجريش الانستجرام، فتصل المعلومة إلى المتلقي من خلال صورة تغرس في الذهن تليها معلومة صغيرة لا تتجاوز عشرة أسطر. أما الموقع فيعتمد على طرح الوثيقة والتعليق.
طرق الموقع أبواب جديدة لم تطرق من قبل، فتحدث عن فترة زمنية لم تكن متداولة بين الناس. كان التركيز على فترة ما قبل قبيلة العتوب، ودخول آل خليفة إلى البحرين، فبعد دخول العتوب إلى البحرين زعموا وجود ثمان مناطق، فقط، مسكونة من قبل البحارنة، لذلك تطرقت إلى القرى المهجورة في القرون الماضية، وخصوصًا خلال 300 سنة الأخيرة، بسبب الحروب والصراع الإقليمي ومحاولات الاستيلاء على البحرين التي سببت تهجير الكثير من الناس، فبقيت بعض القرى مندثرة ومهجورة تجاوزت الآن 100 قرية، نشرت الكثير منها في الموقع. نقلت هذه المعلومات من الميدان، كنت أصور وأبحث وأنقب فيشعر المهتمون بمصداقية المعلومات من خلال الوثيقة والصورة والمعلومة.
أوال: هل تفكّر في تسجيل (سنوات الجريش) كمؤسسة غير ربحيّة لتتمكن من الحصول على تمويل المنظّمات الدّوليّة؟
سنوات الجريش: أعتقد أن كل جهد يصب في توثيق تاريخ البحرين يستحق أن ينال الاهتمام والدعم. بالنسبة لموقع سنوات الجريش المفروض أن يسجل كمؤسسة، وأن يكون هناك أشخاص يدعمون هذا المشروع ويعملون على تزويده بالوثائق والمعلومات. حتى الآن، ما زال المشروع ضمن إطار الجهد الفردي، لا أعرف إجراءات تسجيل الموقع كمؤسسة، ليست لدي الخبرة. هدف العمل الآن هو نشر الوثائق والمعلومات، وأنا على ثقة أنّ ثمة أشخاصا يقدرون العمل سيأتون في يوم من الايام، ليتحول إلى مؤسسة او إلى مشروع مدعوم وقد يستمر هذا حتى بعد توقفي. الناس سيستمرون بهذا المشروع لأنهم يشعرون بقيمة وأهمية هذا الموقع. في ظل التجنيس والتداخل الديمغرافي الحاصل يتمسك البحرينيون بهذا الموقع لما يحويه من معلومات. سيلتفت الناس إلى أهمية الموقع بمجرد أن تحل الأزمة السياسية، فـ 99 بالمئة من الناس مشغولون بالسياسة والمشاكل اليومية والاضطرابات. الأمم والشعوب والدول توثق تراثها في حالات الأمن، في الاضطرابات لا يلتفت أحد لهذا الموضوع، لذلك أعتقد أن في المستقبل سيكون هناك تقدير أكبر للموقع من قبل الناس.
أوال: هل هناك مشروع لإصدار كتب أو كتيبات باسم سنوات الجريش؟
سنوات الجريش: نعم ، هناك بعض الأفكار، طبعت ستة كتب حتى الآن، والعمل جارٍ على إعداد آخرين، هناك 7 أو 8 كتب قيد الطباعة كلها تتعلق بالبحرين. التأخير هو بسبب الضيق المادي لأن المشروع فردي، المشاريع الفردية تكثر فيها العقبات والمشاكل، لكن إن شاء الله في المستقبل القريب سننهي المشروع.
من ضمن الكتب المهمة، مشروع كشكول سنوات الجريش، سينطلق العمل فيه بعد فترة، يتضمن آلاف الصور التي نشرت في سنوات الجريش مع معلوماتها، سيتم جمعها وفرزها وتنسيقها وتصميمها، وسيطبع في عدة أجزاء.
أوال: هل ترون ان التنافس مع سنوات الجريش محفز أكثر لتطوير العمل؟
سنوات الجريش: أمنيتي أن يتصدى أشخاص في هذا الجانب. بعض الكتاب موجودون الآن، من ضمنهم أستاذي الباحث حسين الجمري، أعتبره أحد مصادري وأرجع إليه في استقاء المعلومات، كما هناك الكثير ممن يكتبون في الصحافة ويلقون المحاضرات كالدكتور محمد السلمان ووسام السبع.
شجعت بعض الأشخاص لفتح مدونات أو مواقع، حتى على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي، لينشروا المعلومات التاريخية المتعلقة بمناطقهم. هذا شيء يسعدني وهذا سيشجعني لأتعاون معهم وأزودهم بما لدي من معلومات ووثائق.
أوال: لماذا لا زالت سنوات الجريش مدونة وليست موقع الكتروني؟
سنوات الجريش: سنوات الجريش انطلقت كمدونة، لكن رغم تصميمها كمدونة هي تعمل كموقع، لأن ما ينشر فيها هو ليس نتاج جاسم حسين آل عباس فقط، بل أنقل كل ما يتعلق بتاريخ البحرين إلى سنوات الجريش ليصبح مصدرا. هناك تطلع لتحويلها إلى موقع متخصص بتاريخ وتراث البحرين، من خلال بعض المتخصصين ليقوموا بتصميم وبرمجة الموقع، لكن تواجهنا بعض العراقيل والانشغالات.