خبراء سوريّون يتدرَّبون على آليات حفظ المخطوطات والأرشيف
نظّم المعهد الألماني للآثار ومنظَّمة الأونيسكو، ورشة عمل تدريبية في العاصمة اللبنانية بيروت، عرضت لأفضل الممارسات في مجال صون المخطوطات والوثائق التاريخية والأرشيف ورقمنتها، في إطار “مشروع الصّون العاجل للتّراث الثّقافي السّوريّ”.
على مدى أسبوع، تلقّى المشاركون، بما في ذلك موظّفون من مختلف الوزارات السورية والبلديات، وممثلون عن المنظمات غير الحكومية، وأعضاء النقابات والمجتمع المدني في سوريا، تدريباً على استخدام التقنيات الحديثة لرقمنة المحفوظات والمخطوطات التي بحوزتهم، وتمّ تعريفهم إلى آليات العمل المناسبة، إضافةً إلى المعدات والبرمجيات المعتمدة في هذا المجال.
وقال المدرّب الأساسي في هذه الورشة، مدير قسم تكنولوجيا المعلومات في “المعهد الألماني للآثار”، رينهارد فورتش، إنَّ “الحفاظ على الأرشيف الخاص بالمواقع الأثرية والمدن التاريخية والمعالم الأثرية، هو أمر ضروري للحفاظ على الذاكرة الثقافية والتاريخية في سوريا”، مضيفاً: “هذا التدريب سوف يوفّر وثائق مرجعية للفرق التي ستشارك في أعمال الترميم وإعادة التأهيل بعد الصراع”.
ومن الأهداف الرئيسية لهذه الورشة، إنشاء دليل بسيط وشامل باللغة العربية للخبراء السوريين، يمكّنهم من استخدام أدوات حفظ الأرشيف ورقمنته بشكل فعال. وبالاستناد إلى المبادئ التوجيهية للرقمنة المعتمدة حالياً في ألمانيا، سيأخذ الدليل في عين الاعتبار خصائص الصراع السوري الحالي. وإضافة إلى الدورات النظرية، أجريت تدريبات عملية بدعم من مشروع “توثيق الإرث الثقافي السوري” وجامعة البلمند في لبنان.
وأشار فورتش إلى أنّ “الفكرة تكمن في الخروج بوثيقة قابلة للتنفيذ في ظروف الأزمة السورية”، كما تمّ التركيز على تدريب المشاركين لتمكينهم من إنتاج بيانات تعريف للصور الفوتوغرافية بشكل فعّال، من دون الحاجة إلى إدخال الكثير من المعلومات.
واعتبرت هلا أصلان، رئيسة “لجنة التراث” في “نقابة المهندسين” في اللاذقية، أنّ من المهمّ جداً معرفة كيفية التعامل مع مستند أو صورة كمنتج “خام”، والَّذي يجب حفظه بحالته كما هي، من دون أيّ تعديل خارجيّ بهدف التّجميل. أصلان الّتي تنظم دورات تدريبية للمهندسين العاملين في مجال ترميم المباني التاريخية، أكَّدت أنَّ “التوثيق الدّقيق خطوة أولى ضرورية جداً لأعمال الترميم”.
ومن المشاركين في الورشة، راما الضّاهر، رئيسة قسم العلاقات الدوليَّة في فرع دمشق في وزارة الإدارة المحليَّة والبيئة، الَّتي تعمل حالياً على ترميم بلدة معلولا السورية الَّتي تشتهر بكنائسها القديمة. الضّاهر شرحت عملها في المساعدة على توثيق الإيقونات والممتلكات الأثريَّة في معلولا، قائلةً: “بعض الإيقونات التي تم تدميرها لم يتمّ توثيقها، للأسف، وهذا يجعل استعادتها مهمّة صعبة. علينا أن نتأكَّد من توثيق كلّ شيء في المدينة من أجل أيّ عمل مستقبليّ”. وأضافت: “تعلّمت أساليب جديدة لتخزين المستندات وأرشفتها، وسوف نسترشد بها في عملنا”.
من جهةٍ ثانية، تقود رئيس “لجنة التراث” في نقابة المهندسين في حلب، ريم خانجي، وهي مشاركة في الدورة، مشروعاً رائداً لإنشاء قاعدة بيانات لجميع المباني التاريخية في المدينة. وهي تعمل مع مجموعة من المهندسين لجمع المعلومات والصّور حول المباني التاريخية والنصب التذكارية، لوضعها في قاعدة بيانات رقمية موحّدة. وقالت خانجي: “هناك العديد من التناقضات في المعلومات التي نجمعها ونتلقاها”، مشيرةً إلى أن عملها يتمثل في التحقق من المعلومات لإنشاء وثائق مرجعية يمكن للمسؤولين والخبراء والباحثين استخدامها. كما يواجه الخبراء والمعنيون تحدّياً آخر يكمن في توثيق الوضع الحالي لبعض المعالم الأثرية.
وقد تطرَّقت الورشة إلى العقبات والتحديات التي تواجه الخبراء، ولا سيما التعامل مع المواد المرقّمة، والطريقة الفضلى لحفظ البيانات، والحؤول دون حصول “كارثة رقمية” وخسارة المواد، إضافةً إلى أساليب استعادة المحتوى الرقمي. وهنا شرح الخبير الألماني التقنيات المستخدمة للتخزين الآمن للبيانات، منها أجهزة RAID، الّتي تقلّل من احتمال فقدان البيانات، من خلال الاعتماد على عدد كبير من الأقراص الصّلبة لتخزين البيانات في وقت واحد.
وتضمَّنت ورشة العمل أيضاً زيارة لمكتبة “جافيت” في الجامعة الأميركية في بيروت، لإطلاع المشاركين على مجموعة المحفوظات التاريخية والأرشيف الخاص بالمكتبة. وتأتي هذه الورشة استجابة للمناقشات التي أُجريت خلال اجتماع بشأن “تحسين قوائم الجرد الخاصة بالتراث السوري”، الذي عقد في مكتب اليونسكو في بيروت في أيار/ مايو العام 2016. وسوف يعقب هذه الورشة حملة رقمنة للحفاظ على المخطوطات السورية تقودها الأونيسكو، كما ستوفّر الأخيرة ماسحات ضوئية متخصّصة لأصحاب المجموعات الأكثر عرضة للخطر.
__________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
اقرأ أيضًا:
- افتتاح معرض “صورة وحكاية” في بيروت
- ومضات من ذاكرة أنزا.. إصدار مغربيّ ينبش في الذّاكرة الشّفهيّة
- ملتقى علميّ حول الأرشيف في تونس
- “تاريخ النّقد الورقيّ اللبنانيّ”.. أوَّل مرجع يؤرّخ للعملة اللبنانيّة
- الإمارات: هيئة الشّارقة للوثائق تطلق مبادرات للأرشفة والتّوثيق
- Ara تعقد مؤتمرها السّنويّ حول الأرشيف
- ندوة “أوال” في معرض بيروت الدولي للكتاب 2016 تعرّفوا إلى “أرشيفو”
- جمعية الأرشيف والسّجلات الإيرلنديّة تعقد مؤتمرها السّنويّ حول الأرشيف
- “لبنان على الشّاشة”.. كتاب تأريخيّ لتجربة التلفزيون اللبنانيّ