آهات أوال في شعر جعفر الخطي

عاشت‭ ‬بلدان‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربيّة‭ ‬منذ‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬الهجري‭/‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي‭ ‬حياة‭ ‬مضطربة‭ ‬سببها‭ ‬التقسيم‭ ‬السِّياسي،‭ ‬إذ‭ ‬انهار‭ ‬كيان‭ ‬المدينة‭ ‬ممّا‭ ‬أثّر‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬الفكرية‭. ‬وأخذ‭ ‬البدو‭ ‬يُسيطرون‭ ‬على‭ ‬القسم‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجزيرة،‭ ‬والأعاجم‭ ‬يسيطرون‭ ‬على‭ ‬الجزر‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭. ‬

وسار‭ ‬الزمن،‭ ‬والحركة‭ ‬الأدبيّة‭ ‬والشعـريّة‭ ‬تتفاعل‭ ‬بين‭ ‬شعوب‭ ‬الجزيرة،‭ ‬والخليج،‭ ‬حتى‭ ‬أطلّ‭ ‬القرن‭ ‬العاشر‭ ‬الهجري‭/‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي‭ ‬إذ‭ ‬بدأت‭ ‬شواطئ‭ ‬الخليج‭ ‬تستقبل‭ ‬الجيوش‭ ‬التركيّة،‭ ‬وسيطر‭ ‬البرتغاليون‭ ‬على‭ ‬الجزر‭ ‬وبعض‭ ‬الموانئ،‭ ‬وساد‭ ‬الركود‭ ‬الثقافي‭ ‬فيها‭ ‬إلاّ‭ ‬قلاعاً‭ ‬غدت‭ ‬مناراً‭ ‬للفكر‭ ‬والأدب‭ ‬أنعشت‭ ‬الحياة‭ ‬الفكريّة،‭ ‬وبرز‭ ‬فيها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬المبرّزين‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬العقليّة‭ ‬والفلسفيّة‭ ‬والحديث‭ ‬وغيرها‭. ‬وكذلك‭ ‬انتعش‭ ‬الأدب‭ ‬وبدأ‭ ‬يأخذ‭ ‬مكانته‭ ‬التاريخيّة،‭ ‬ونشطت‭ ‬محافل‭ ‬الأدب،‭ ‬ولمع‭ ‬نجمُ‭ ‬أحدِ‭ ‬الشعراء‭ ‬في‭ ‬هذا،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬جعفر بن‭ ‬محمد‭ ‬الخَطّي‭ ‬الموسوم‭ ‬‮«‬بأبي‭ ‬البحر‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬ظهور‭ ‬هذا‭ ‬الشاعر‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬تعدّ‭ ‬من‭ ‬أحرج‭ ‬الفترات‭ ‬الزمنية‭ ‬التي‭ ‬مرّت‭ ‬بها‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬حيث‭ ‬تكالب‭ ‬البرتغاليّون‭ ‬والعثمانيّون‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭.‬

وأبو‭ ‬البحر‭ ‬الخَطّي‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬شعراء‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬العاشر‭ ‬الهجري‭/ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي،‭ ‬وأوائل‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬الهجري‭/ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي‭. ‬وهو‭ ‬مِنَ‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬ينالوا‭ ‬حظهم‭ ‬من‭ ‬العناية‭ ‬والدرس‭ ‬المستفيض،‭ ‬إلاّ‭ ‬عند‭ ‬القليل‭ ‬مِنَ‭ ‬الدّارسين‭ ‬المحدثين‭.‬

وممّا‭ ‬دفعني‭ ‬لاختيار‭ ‬أبي‭ ‬البحر‭ ‬الخطّي‭ ‬موضوعاً‭ ‬لرسالتي‭ ‬أمور‭ ‬متعدّدة‭ ‬منها‭:‬

أوّلاً‭ :‬‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يمثل‭ ‬ظاهرة‭ ‬لافتة‭ ‬في‭ ‬عصره‭ ‬مِنْ‭ ‬حيث‭ ‬التجديد‭ ‬والابتكار‭ ‬وإحياء‭ ‬الشعر‭ ‬القديم،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬الشعراء‭ ‬يغلب‭ ‬على‭ ‬شعرهم‭ ‬التكلف‭ ‬والزخارف‭ ‬اللفظية‭ ‬والمحسّنات‭ ‬البديعيّة‭. ‬فكان‭ ‬ذلك‭ ‬بحقّ‭ ‬ظاهرة‭ ‬تستحق‭ ‬الدراسة‭ ‬والاهتمام‭.‬

ثانياً‭ :‬‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬شعراء‭ ‬مغمورين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬فقصدت‭ ‬شاعراً‭ ‬يعدُّ‭ ‬مِن‭ ‬مشاهير‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬الهجري‭/‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي‭. ‬فأكون‭ ‬قد‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬إلقاء‭ ‬الضَّوْء‭ ‬على‭ ‬قصائده‭ ‬وإشهارها‭ ‬لعلّ‭ ‬ذلك‭ ‬يعوّض‭ ‬شيئاً‭ ‬ممّا‭ ‬أصابه‭ ‬مِنْ‭ ‬ظُلم‭ ‬الدارسِين‭ ‬وإجحافهم‭ ‬له،‭ ‬بُغية‭ ‬تقديمه‭ ‬للقارئ‭.‬

ثالثاً‭ :‬‭ ‬إبراز‭ ‬بعض‭ ‬تراث‭ ‬المنطقة‭ ‬وواحدٍ‭ ‬من‭ ‬أدبائها‭ ‬للعالَم،‭ ‬وهذا‭ ‬واجب‭ ‬أبناء‭ ‬المنطقة‭ ‬ذاتها‭.‬

رابعاً‭:‬‭ ‬ قلّة‭ ‬اهتمام‭ ‬الباحثين‭ ‬بدراسته،‭ ‬ولعلّ‭ ‬ذلك‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬نقص‭ ‬المصادر،‭ ‬والمراجع‭ ‬الكافية‭ ‬للدراسة‭.‬

كانت‭ ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬أهمّ‭ ‬البواعث‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬عنه،‭ ‬ولا‭ ‬سيّما‭ ‬عندما‭ ‬قرأت‭ ‬ديوانه‭. ‬فدفعني‭ ‬ذلك‭ ‬كلّه‭ ‬إلى‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مكانة‭ ‬هذا‭ ‬الشاعر‭.‬

وقد‭ ‬اتّبعت‭ ‬في‭ ‬دراستي‭ ‬لأبي‭ ‬البحر‭ ‬الخطّي‭ ‬منهجَين‭:‬

أ‭ ‬ـ المنهج‭ ‬الخارجي،‭ ‬وهو‭ ‬المنهج‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬يستمدّ‭ ‬عناصره‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الأثر‭ ‬الأدبي،‭ ‬ومِن‭ ‬مزايا‭ ‬هذا‭ ‬المنهج‭ ‬إلقاء‭ ‬الضَّوْء‭ ‬على‭ ‬النَّصِّ‭ ‬من‭ ‬خارجه،‭ ‬وبواسطته‭ ‬درستُ‭ ‬حياة‭ ‬الشاعر،‭ ‬وما‭ ‬أحاطها‭ ‬مِنْ‭ ‬ظروف‭ ‬في‭ ‬حلِّه‭ ‬وترحاله،‭ ‬لذلك‭ ‬بدأت‭ ‬البحث‭ ‬بتمهيد‭ ‬تاريخي‭ ‬عن‭ ‬الشاعر‭ ‬وعصره‭ ‬حتى‭ ‬وفاته‭ ‬سنة‭ (‬1028/1619‭) ‬وقد‭ ‬أفادني‭ ‬هذا‭ ‬المنهج‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬قصائده‭ ‬الشعريّة،‭ ‬وجعلني‭ ‬أعالج‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الباب‭ ‬الأول‭ ‬عصر‭ ‬الشاعر،‭ ‬فتعرّفت‭ ‬أولاً‭ ‬على‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬نشأ‭ ‬فيه‭ ‬وتأثر‭ ‬به،‭ ‬وتناولت‭ ‬بيئته‭ ‬السياسيّة‭ ‬والاجتماعيّة‭ ‬والعلميّة‭ ‬لأستطيع‭ ‬تحديد‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬سار‭ ‬عليه،‭ ‬ثمّ‭ ‬أفادني‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬حياته‭ ‬بشيءٍ‭ ‬مِنَ‭ ‬التفصيل‭.‬

ب‭ ‬ـ أمّا‭ ‬المنهج‭ ‬الداخلي‭: ‬فقد‭ ‬درست‭ ‬نتاجه‭ ‬الشعري‭ ‬مستلهماً‭ ‬المناهج‭ ‬الحديثة‭ ‬كالبنيوي،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فأفادني‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬قصائد‭ ‬الشّاعر،‭ ‬وتحليلها‭ ‬بعد‭ ‬الإحصاء‭ ‬الذي‭ ‬أجريته‭ ‬في‭ ‬الدّيوان‭ ‬مما‭ ‬ساعدني‭ ‬في‭ ‬إرجاع‭ ‬كل‭ ‬نصّ‭ ‬إلى‭ ‬غرضه،‭ ‬كما‭ ‬أنّه‭ ‬أفادني‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬الخصائص‭ ‬الأسلوبية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دراسة‭ ‬المستويات‭ ‬في‭ ‬الباب‭ ‬الثالث‭. ‬

أمّا‭ ‬خطّة‭ ‬البحث‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬مقدّمة‭ ‬وتقويم‭ ‬لأهم‭ ‬المصادر‭ ‬والمراجع‭ ‬المعتمدة‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬وثلاثة‭ ‬أبواب‭ ‬شاملة‭ ‬عشرة‭ ‬فصول‭ ‬وخاتمة،‭ ‬ثم‭ ‬ثبت‭ ‬بالمصادر‭ ‬والمراجع‭ ‬ومجموعة‭ ‬مِنَ‭ ‬الفهارس‭ ‬الفنيّة‭.‬

وتأسيساً‭ ‬على‭ ‬المنهجيّة‭ ‬المتّبعة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الدِّراسات‭ ‬بدأت‭ ‬الباب‭ ‬الأوّل‭ ‬بثلاثة‭ ‬فصول‭. ‬الأوّل‭: ‬عن‭ ‬الرجل‭ ‬ونشأته‭. ‬أمّا‭ ‬الفصل‭ ‬الثاني‭ ‬فكان‭ ‬للحديث‭ ‬عنِ‭ ‬الشاعر‭ ‬ونشاطه‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتطرّقت‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬رحلاته‭. ‬أمّا‭ ‬الثالث،‭ ‬فقد‭ ‬خُصِّص‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬ديوانه‭ ‬‭(‬مخطوطاته‭)‬،‭ ‬وأماكن‭ ‬وجودها‭.‬

أمّا‭ ‬الباب‭ ‬الثاني،‭ ‬فقد‭ ‬عالجتُ‭ ‬فيه‭ ‬الأغراض‭ ‬الشعرية‭ ‬حسب‭ ‬أهميَّتها‭ ‬فـي‭ ‬الدّيوان‭. ‬فقد‭ ‬جاء‭ ‬الفصل‭ ‬الأوّل‭ ‬منه‭ ‬خاصاً‭ ‬بالمدح‭ ‬ومقامه‭ ‬في‭ ‬الدّيوان،‭ ‬والممدوحين‭ ‬من‭ ‬الأمراء‭ ‬ورجالات‭ ‬عصره،‭ ‬ومدائحه‭ ‬لإخوانه‭ ‬وأصدقائه‭ ‬وكذلك‭ ‬مدائحه‭ ‬لآل‭ ‬البيت‭ ‬النبوي،‭ ‬دارساً‭ ‬تركيب‭ ‬قصيدة‭ ‬المدح‭ ‬عنده‭. ‬أمَّا‭ ‬الفصل‭ ‬الثاني‭ ‬فقدِ‭ ‬اشتمل‭ ‬على‭ ‬أغراض‭ ‬الحنين‭ ‬والفخر‭ ‬ومقامها‭ ‬في‭ ‬الدّيوان،‭ ‬ومِنْ‭ ‬ثمّ‭ ‬معانيها‭. ‬ويطرح‭ ‬الفصل‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬الأغراض‭ ‬الشعريّة‭ ‬الأخرى‭ ‬وهي‭: ‬الرثاء،‭ ‬فالوصف،‭ ‬فالغزل،‭ ‬فالعتاب،‭ ‬فالاعتذار،‭ ‬فالشكر،‭ ‬ثمّ‭ ‬الهجاء‭.‬

وأخيراً‭ ‬كان‭ ‬الباب‭ ‬الثالث،‭ ‬وقسّمته‭ ‬إلى‭ ‬أربعة‭ ‬فصول‭ ‬فحاولت‭ ‬فيه‭ ‬استلهام‭ ‬طرق‭ ‬المنهج‭ ‬البنيوي‭ ‬كمنهج‭ ‬تحليلي‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬الحديث،‭ ‬كما‭ ‬أنّني‭ ‬أقمت‭ ‬التحليل‭ ‬بحسب‭ ‬المستويات،‭ ‬فكان‭ ‬الفصل‭ ‬الأوّل‭ ‬للمستوى‭ ‬الصَّوْتي‭ ‬والعروضي،‭ ‬وأمّا‭ ‬الفصل‭ ‬الثاني‭ ‬فقد‭ ‬جاء‭ ‬خاصّاً‭ ‬بالمستوى‭ ‬الصرفي،‭ ‬والمستوى‭ ‬التركيبي،‭ ‬وأمّا‭ ‬الفصل‭ ‬الثّالث‭ ‬فقد‭ ‬تناول‭ ‬المستوى‭ ‬المعجمي‭ (‬دراسة‭ ‬ألفاظه‭)‬،‭ ‬ثمّ‭ ‬جاء‭ ‬الفصل‭ ‬الرّابع،‭ ‬ودار‭ ‬حول‭ ‬المستوى‭ ‬البلاغي‭.‬

وأجملت‭ ‬في‭ ‬الخاتمة‭ ‬أهمّ‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬توصلت‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البحث‭. ‬ومِنَ‭ ‬المصادر‭ ‬الّتي‭ ‬عوّلت‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬الشاعر‭ ‬كثيرة‭ ‬منها‭: ‬خلاصة‭ ‬الأثر‭ ‬للمحبّي،‭ ‬وأمل‭ ‬الآمل‭ ‬للعاملي،‭ ‬وسلافة‭ ‬العصر‭ ‬لابن‭ ‬معصوم،‭ ‬وأنوار‭ ‬البدرين‭ ‬لعلي‭ ‬البلادي،‭ ‬فقد‭ ‬أعانتني‭ ‬هذه‭ ‬وغيرها‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬الشاعر‭ ‬وعصره‭.‬

أمَّا‭ ‬الدراسات‭ ‬الحديثة‭ ‬عن‭ ‬حياته‭ ‬وشعره‭ ‬فهي‭ ‬قليلة‭ ‬مختصرة،‭ ‬وهي‭ ‬منشورة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الكتب‭ ‬والمجلاّت،‭ ‬أو‭ ‬مبثوثة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬البحوث‭ ‬التي‭ ‬تركّز‭ ‬على‭ ‬جانبٍ‭ ‬واحدٍ‭ ‬من‭ ‬شعره‭. ‬وأهمّ‭ ‬ما‭ ‬كتب‭ ‬عنِ‭ ‬الشّاعر‭ ‬نذكره‭ ‬على‭ ‬النحوِ‭ ‬التالي‭: ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬لعز‭ ‬الدّين‭ ‬التّنوخي‭ ‬في‭ ‬مجلّة‭ ‬المجمع‭ ‬العلميّ‭ ‬العربيّ‭ (‬دمشق‭)‬،‭ ‬ودراسة‭ ‬أخرى‭ ‬لحاجم‭ ‬الربيعي‭ ‬في‭ ‬مجلّة‭ ‬الخليج‭ ‬العربيّ‭ ‬الصَّادرة‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬دراسات‭ ‬الخليج‭ ‬العربيّ‭ (‬جامعة‭ ‬البصرة‭)‬‭. ‬ودراسة‭ ‬ثالثة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الشَّاعر‭ ‬المغمور‮»‬‭ ‬لخالد‭ ‬الفرج‭ ‬في‭ ‬مجلّة‭ ‬المنهل‭. ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الكتب‭ ‬والمقالات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬أفادتني‭ ‬في‭ ‬دراستي‭ ‬هذه،‭ ‬ومِنْها‭ ‬النقد‭ ‬الأدبي‭ ‬الحديث‭ ‬لمحمّد‭ ‬غُنيمي‭ ‬هلال،‭ ‬وقراءات‭ ‬أسلوبيّة‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬الحديث‭ ‬لمحمّد‭ ‬بن‭ ‬عبد المطلب،‭ ‬والشافي‭ ‬في‭ ‬العروض‭ ‬والقوافي‭ ‬لهاشم‭ ‬صالح‭ ‬منّاع،‭ ‬وغيرها‭.‬

وكنتُ‭ ‬أشعر‭ ‬بالمتعة‭ ‬وأنا‭ ‬أدرس‭ ‬نتاج‭ ‬أبي‭ ‬البحر‭ ‬الخطّي،‭ ‬واستمتعت‭ ‬بصحبته‭ ‬التي‭ ‬جمعت‭ ‬بيني‭ ‬وبينه‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬البحث،‭ ‬إلاّ‭ ‬أنني‭ ‬واجهتُ‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬إعداد‭ ‬بحثي‭ ‬هذا‭ ‬صعوبات‭ ‬كثيرة‭ ‬منها‭:‬

1‭.‬ عدم‭ ‬وجود‭ ‬ديوان‭ ‬محقّق‭ ‬تحقيقاً‭ ‬علميّاً‭ ‬فديوانه‭ ‬لم‭ ‬يحظَ‭ ‬بعناية‭ ‬علمية‭ ‬كافية‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬مخطوطاً‭ ‬بحَوْزة‭ ‬أشخاص‭ ‬مِنَ‭ ‬المهتّمين‭ ‬بالتراث‭ ‬الأدبي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬وكان‭ ‬هؤلاء‭ ‬شحيحين‭ ‬لا‭ ‬يسمحون‭ ‬لأحد‭ ‬بالاقتراب‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المادة‭ ‬التراثيّة‭ ‬التي‭ ‬بحوزتهم،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬نسخة‭ ‬الدّيوان‭ ‬المطبوع‭ ‬الوحيدة‭ ‬الذي‭ ‬أخرجه‭ ‬الخطيب‭ ‬علي‮ ‬بن‭ ‬الحسين‭ ‬الهاشمي‭ (‬عضو‭ ‬جمعية‭ ‬الرابطة‭ ‬العلمية‭ ‬الأدبيّة‭ ‬في‭ ‬النجف‭ ‬الأشرف‭) ‬سنة‭ (‬1373‭ /‬1953‭)‬،‭ ‬فتفضّل‭ ‬بها‭ ‬عليّ‭ ‬الأديب‭ ‬السعودي‭ ‬السيد‭ ‬عدنان‭ ‬العوّامي‭ ‬من‭ ‬القطيف‭ ‬بالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السّعوديّة‭.‬

2‭.‬ قلّة‭ ‬المعلومات‭ ‬المتعلّقة‭ ‬بحياة‭ ‬الشاعر‭ ‬في‭ ‬المصادر‭ ‬والمراجع‭ ‬وأغلبها‭ ‬تتشابه‭ ‬في‭ ‬طرحها‭ ‬حتّى‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬متكرّرة‭. ‬كما‭ ‬أنّني‭ ‬تعبت‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عنِ‭ ‬المصادر‭ ‬والمراجع‭ ‬التي‭ ‬تعينني‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬مادّة‭ ‬البحث،‭ ‬فقمت‭ ‬بزيارات‭ ‬متعدّدة‭ ‬لبلدان‭ ‬مجاورة‭ ‬لبلدي‭ ‬البحرين،‭ ‬وأخرى‭ ‬بعيدة‭ ‬بغية‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬معلومة‭ ‬أو‭ ‬كتاب‭ ‬يفيدني،‭ ‬مثل‭: ‬المملكة‭ ‬العربيّة‭ ‬السعوديّة،‭ ‬وبالخصوص‭ ‬المنطقة‭ ‬الشرقيّة،‭ ‬وكذلك‭ ‬جامعة‭ ‬الرياض‭ ‬ودولة‭ ‬الكويت‭ ‬وبخاصّة‭ ‬مكتبة‭ ‬جامعة‭ ‬الكويت،‭ ‬وقد‭ ‬ظفرت‭ ‬بنسخة‭ ‬مِنْ‭ ‬ديوان‭ ‬الشاعر‭ ‬إلاّ‭ ‬أنّها‭ ‬طبق‭ ‬الأصل‭ ‬للنسخة‭ ‬المتوافرة‭ ‬لديّ،‭ ‬وجمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربيّة‭ ‬متجوّلاً‭ ‬بين‭ ‬مكتباتها‭ ‬الخاصّة‭ ‬والعامّة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مكتبتَي‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة‭ ‬والإسكندريّة،‭ ‬وكذلك‭ ‬مكتبة‭ ‬الجامعة‭ ‬الأردنيّة‭ ‬بعمّان،‭ ‬وإيران،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬مكتبة‭ ‬المرعشي‭ ‬النجفي‭ ‬بقمّ،‭ ‬والجمهوريّة‭ ‬العربيّة‭ ‬السوريّة‭ ‬قاصداً‭ ‬مكتبة‭ ‬الأسد‭ ‬والمكتبة‭ ‬الظاهريّة،‭ ‬والمملكة‭ ‬المغربيّة‭ ‬باحثاً‭ ‬عمّا‭ ‬يفيدني‭ ‬مِْن‭ ‬معلومات‭ ‬وكتب‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬محمّد‭ ‬الخامس‭ ‬في‭ ‬الرِّباط‭. ‬وكانت‭ ‬حصيلة‭ ‬ذلك‭ ‬أنّني‭ ‬ظفرت‭ ‬بكتب‭ ‬ومقالات‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬متوافرة‭ ‬في‭ ‬بلدي‭ ‬البحرين‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬زيارات‭ ‬للشخصيّات‭ ‬المهتمّة‭ ‬بتراث‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬والسعوديّة‭.‬

3‭.‬ لم‭ ‬يكن‭ ‬بوسعي‭ ‬التعريف‭ ‬ببعض‭ ‬الشخصيّات‭ ‬التي‭ ‬أشار‭ ‬إليهم‭ ‬الشاعر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬قصائده،‭ ‬إذ‭ ‬خلت‭ ‬المصادر‭ ‬التاريخيّة‭ ‬التي‭ ‬تحدّثت‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إليهم‭.‬

وفي‭ ‬الختام‭ ‬أتمنّى‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬قد‭ ‬قدّمت‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬واجبي‭ ‬نحو‭ ‬عَلَم‭ ‬من‭ ‬أعلام‭ ‬الأدب‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬ليكون‭ ‬محطّ‭ ‬أنظار‭ ‬محبّي‭ ‬التراث‭ ‬الأدبيّ‭. ‬ولا‭ ‬يسعني‭ ‬إلاّ‭ ‬أن‭ ‬أتقدم‭ ‬بجزيل‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬لكل‭ ‬مَنْ‭ ‬أولاني‭ ‬العناية‭ ‬والتشجيع،‭ ‬وأخصُّ‭ ‬بالذكر‭ ‬الدكتورة‭ ‬هبة‭ ‬شبارو‭ ‬سنُّو‭ ‬أستاذة‭ ‬النحو‭ ‬العربي‭ ‬والأدب‭ ‬بجامعة‭ ‬القدّيس‭ ‬يُوسُف،‭ ‬والمشرفة‭ ‬على‭ ‬رسالتي،‭ ‬والبروفسور‭ ‬أهيف‭ ‬سنُّو‭ ‬مدير‭ ‬معهد‭ ‬الآداب‭ ‬الشَّرقيّة،‭ ‬القارئ‭ ‬الثّاني‭ ‬اللذين‭ ‬كان‭ ‬لتوجيهاتهما‭ ‬وملاحظاتهما‭ ‬الأثر‭ ‬البالغ‭ ‬في‭ ‬إخراج‭ ‬هذا‭ ‬البحث‭ ‬بالصّورة‭ ‬الّتي‭ ‬هو‭ ‬عليها‭. ‬كما‭ ‬أنّني‭ ‬أشكر‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬سهّل‭ ‬لي‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المصادر‭ ‬والمراجع‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬خارجها،‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬وقف‭ ‬بجانبي‭ ‬وأعطاني‭ ‬من‭ ‬جهده‭ ‬ووقته‭. ‬

وأخيراً‭ ‬فإنني‭ ‬أقرُّ‭ ‬بأنّ‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭ ‬ليست‭ ‬منزَّهةً‭ ‬عمّا‭ ‬يعتري‭ ‬أيّ‭ ‬جهد‭ ‬إنسانيّ‭ ‬من‭ ‬نواقص،‭ ‬وآمل‭ ‬أن‭ ‬تكونَ‭ ‬نواةً‭ ‬لدراسات‭ ‬لاحقة‭ ‬عنِ‭ ‬الشاعر‭ ‬أبي‭ ‬البَحر‭ ‬الخطّي‭. ‬

 

اقرأ أيضًا:

الكتاب متوفر على متجر:
نيل وفرات (ورقي والكتروني)
جملون
أمازون