أعلام البحرين وأدباؤها في سلافة العصر

كثيرون‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬كتبوا‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬العلمية‭ ‬والأدبية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬خلال‭ ‬القرون‭ ‬الماضية،‭ ‬وزخرت‭ ‬مؤلفاتهم‭ ‬التاريخية‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬الحية‭ ‬لطبيعة‭ ‬المناخ‭ ‬العلمي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سائداً‭ ‬في‭ ‬القرون‭ ‬السالفة‭. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬الجهود‭ ‬المحلية‭ ‬لعلماء‭ ‬البحرين‭ ‬تمشي‭ ‬في‭ ‬خط‭ ‬متوازٍ‭ ‬مع‭ ‬الجهود‭ ‬التوثيقة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتمّ‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬علماء‭ ‬الخارج‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬كان‭ ‬يُقدّر‭ ‬لهم‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬العلمي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬الرحلات‭ ‬العلميّة‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬المراسلات‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬بين‭ ‬علماء‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭. ‬

وتتمثل‭ ‬أبرز‭ ‬الجهود‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬العناية‭ ‬بتاريخ‭ ‬علماء‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬الشيخ‭ ‬يحيى‭ ‬بن‭ ‬حسين‭ ‬بن‭ ‬عشيرة‭ (‬كان‭ ‬حياً‭ ‬967‭ /‬‭ ‬1560م‭) ‬من‭ ‬أعلام‭ ‬القرن‭ ‬العاشر‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ (‬تاريخ‭ ‬مشائخ‭ ‬الشيعة‭) ‬الذي‭ ‬ترجم‭ ‬فيه‭ ‬لأستاذه‭ ‬الشيخ‭ ‬مفلح‭ ‬الصيمري‭ (‬ت900‭ /‬1494م‭)‬،‭ ‬وابنه‭ ‬الشيخ‭ ‬حسين‭ ‬بن‭ ‬مفلح‭ ‬الصيمري‭ (‬ت‭ ‬933‭ / ‬1526م‭) ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مشايخ‭ ‬الشيعة‭ ‬الكبار‭. ‬

ثم‭ ‬جاءت‭ ‬جهود‭ ‬الشيخ‭ ‬سليمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬الماحوزي‭ (‬ت‭ ‬1121‭/‬1709م‭) ‬التي‭ ‬تكللت‭ ‬عن‭ ‬كتاب‭ (‬فهرست‭ ‬علماء‭ ‬البحرين‭) ‬الذي‭ ‬أعدّه‭ ‬للطباعة‭ ‬السيد‭ ‬أحمد‭ ‬الحسيني‭ ‬الأشكوري‭ ‬عام‭ (‬1404‭/ ‬1984م‭)‬‭ ‬وصدر‭ ‬بعنوان‭ (‬فهرست‭ ‬آل‭ ‬بابويه‭) ‬وتضمن‭ ‬كتابين‭ ‬هما‭ (‬فهرست‭ ‬علماء‭ ‬البحرين‭) ‬والثاني‭ (‬جواهر‭ ‬البحرين‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬خرجت‭ ‬طبعة‭ ‬أخرى‭  ‬أكثر‭ ‬ضبطاً‭ ‬عام‭ (‬1421/2011م‭) ‬بتحقيق‭ ‬الشيخ‭ ‬فاضل‭ ‬الزاكي‭ ‬اعتماداً‭ ‬على‭ ‬نسخة‭ ‬صاحب‭ (‬الذريعة‭ ‬إلى‭ ‬تصانيف‭ ‬الشيعة‭)‬،‭ ‬وفهرست‭ ‬الشيخ‭ ‬الماحوزي‭ ‬يتضمن‭ ‬تراجم‭ ‬لأربع‭ ‬وثلاثين‭ ‬شخصية‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬البحرين‭.‬

وفي‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬الشيخ‭ ‬الماحوزي‭ ‬حول‭ ‬علماء‭ ‬البحرين‭ ‬يشمل‭ ‬أيضاً‭ ‬الفصل‭ ‬المعقود‭ ‬لعلماء‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ (‬بلغة‭ ‬المحدثين‭) ‬ومجموعة‭ ‬التراجم‭ ‬المتفرقة‭ ‬المذكورة‭ ‬في‭ ‬كشكوله‭ (‬أزهار‭ ‬الرياض‭).‬

كما‭ ‬وتبرز‭ ‬إسهامات‭ ‬الشيخ‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬السماهيجي‭ (‬ت‭ ‬1135‭/‬‭ ‬1723م‭)‬‭(‬1‭)‬‭ ‬في‭ (‬الإجازة‭ ‬الكبيرة‭) ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬ترجمة‭ ‬واسعة‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬البحرين‭(‬2‭)‬‭.‬

والشيخ‭ ‬يوسف‭ ‬البحراني‭ (‬ت‭ ‬1186‭/‬1772م‭) ‬في‭ (‬لؤلؤة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الإجازة‭ ‬لقرّتي‭ ‬العين‭)‬،‭ ‬تلاه‭ ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬قرن‭ ‬ونصف‭ ‬كتاب‭ ‬الشيخ‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬حسن‭ ‬البلاديّ‭ (‬ت‭ ‬1340‭/‬1922م‭) ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬أنوار‭ ‬البدرين‭ ‬في‭ ‬تراجم‭ ‬علماء‭ ‬القطيف‭ ‬والإحساء‭ ‬والبحرين‭).‬

ثم‭ ‬جاءت‭ ‬جهود‭ ‬الحاج‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬التاجر‭ (‬ت‭ ‬1340/1967م‭) ‬في‭ ‬كتابه‭ (‬منتظم‭ ‬الدريّن‭ ‬في‭ ‬أعيان‭ ‬الإحساء‭ ‬والقطيف‭ ‬والبحرين‭) ‬والذي‭ ‬تضمن‭ ‬توثيقاً‭ ‬موسعاً‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬الأدبية‭ ‬والعلمية‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬وشرق‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭(‬3‭)‬‭. ‬

وبعدها‭ ‬تلاحقت‭ ‬الإصدارات‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحقل‭ ‬واتسمت‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الإحاطة‭ ‬والتتبع،‭ ‬ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬جهد‭ ‬الدكتور‭ ‬سالم‭ ‬عبدالله‭ ‬النويدري‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ (‬أعلام‭ ‬الثقافة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬أربعة‭ ‬عشر‭ ‬قرناً‭) ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أكثر‭ ‬الأعمال‭ ‬شموليةً‭ ‬واستقصاءً،‭ ‬وكذلك‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬عيسى‭ ‬المكباس‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬في‭ (‬موسوعة‭ ‬شعراء‭ ‬البحرين‭) ‬جرداً‭ ‬مهماً‭ ‬لأبرز‭ ‬علماء‭ ‬البحرين‭ ‬المغمورين‭.‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬المحليّة‭ ‬التي‭ ‬اهتمت‭ ‬بترجمة‭ ‬رجال‭ ‬الفكر‭ ‬والأدب‭ ‬والعلوم‭ ‬البحرانيين،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬جهود‭ ‬موازية‭ ‬لا‭ ‬تقلّ‭ ‬أهميّة‭ ‬عن‭ ‬جهود‭ ‬علماء‭ ‬الداخل؛‭ ‬فقد‭ ‬زار‭ ‬البحرين‭ ‬الميرزا‭ ‬عبدالله‭ ‬الأفندي‭ ‬الأصفهاني‭ (‬ت1130‭/‬1718م‭) ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬الهجري‭/ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي،‭ ‬ودوّن‭ ‬رحلته‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬الفوائد‭ ‬الطريفة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬القرن‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬الهجري‭/ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي،‭ ‬زارها‭ ‬الشيخ‭ ‬شرف‭ ‬الدين‭ ‬محمد‭ ‬مكي‭ ‬الجزيني‭ ‬وأقام‭ ‬بمنطقة‭ ‬البلاد‭ ‬القديم‭ ‬عامين،‭ ‬ودوّن‭ ‬عن‭ ‬علماء‭ ‬البلاد‭ ‬نصّاً‭ ‬تضمن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬التاريخية‭ ‬المنفردة‭. ‬ولأن‭ ‬نص‭ ‬الجزيني‭ ‬الذي‭ ‬تركه‭ ‬مؤلفه‭ ‬بلا‭ ‬عنوان،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مخطوطاً،‭ ‬فقد‭ ‬تصدى‭ ‬الشيخ‭ ‬إسماعيل‭ ‬الكلداري‭ ‬لتحقيقه‭ ‬وإخراجه،‭ ‬والكتاب‭ ‬ينتظر‭ ‬الطباعة‭.‬

أيضاً‭ ‬كتب‭ ‬السيد‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬الحسيني‭ ‬الشيرازي‭ ‬المدني‭ (‬ت‭ ‬1120‭/‬1708م‭) ‬المعروف‭ ‬بابن‭ ‬معصوم‭ ‬كتابه‭ ‬القيّم‭ (‬سلافة‭ ‬العصر‭ ‬في‭ ‬محاسن‭ ‬أهل‭ ‬كل‭ ‬مصر‭)‬،‭ ‬وللسيد‭ ‬علي‭ ‬هذا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬آصرة‭ ‬ووشيجة‭ ‬تربطه‭ ‬بالبحرين،‭ ‬ليس‭ ‬لأنه‭ ‬أرّخ‭ ‬لشعرائها‭ ‬وأدبائها‭ ‬وأعلامها‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬السلافة؛‭ ‬بل‭ ‬لأنه‭ ‬اختلط‭ ‬بعلماء‭ ‬البحرين‭ (‬المهاجرين‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬والهند‭)‬،‭ ‬وكاتبهم،‭ ‬وأخذ‭ ‬العلم‭ ‬عن‭ ‬بعضهم‭ ‬ونشأت‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬صداقات‭ ‬متينة‭ ‬ومودة‭ ‬غامرة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتضح‭ ‬بجلاء‭ ‬في‭ (‬سلافة‭ ‬العصر‭) ‬الذي‭ ‬طُبع‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬سنة‭ ‬1906‭.‬

ذكر‭ ‬السيد‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب،‭ ‬الأكابر‭ ‬من‭ ‬الفضلاء‭ ‬والنبلاء‭ ‬ومجيدي‭ ‬الشعراء‭ ‬والبلغاء‭ ‬من‭ ‬أعلام‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي‭/ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬الهجري،‭ ‬واشتمل‭ ‬كتابه‭ ‬على‭ ‬محاسن‭ ‬أهل‭ ‬العصر‭ ‬وأخبارهم‭ ‬وتقييد‭ ‬أشعارهم‭ ‬وشواردهم،‭ ‬حيث‭ ‬ترجم‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مئة‭ ‬شخصية‭ ‬كان‭ ‬نصيب‭ ‬شعراء‭ ‬البحرين‭ ‬منها‭ ‬إحدى‭ ‬عشرة‭ ‬شخصية‭.‬

لقد‭ ‬كتب‭ ‬هذا‭ ‬الأديب‭ ‬الموسوعي‭ ‬والرحالة‭ ‬المغامر‭ ‬عن‭ ‬السيد‭ ‬ماجد‭ ‬بن‭ ‬هاشم‭ ‬الحسيني‭ ‬البحراني‭ (‬ت‭ ‬1028‭/ ‬1618م‭) ‬العالم‭ ‬الأديب‭ ‬والشاعر‭ ‬الذي‭ ‬تولى‭ ‬القضاء‭ ‬في‭ ‬شيراز،‭ ‬وذكر‭ ‬طرفاً‭ ‬من‭ ‬شعره‭. ‬ومن‭ ‬بديع‭ ‬شعره‭ ‬في‭ ‬الغزل‭:‬

حسناء‭ ‬ساءت‭ ‬صنيعاً‭ ‬في‭ ‬مُتيمها ‭     ‬يـا‭ ‬ليتهـا‭ ‬شفعت‭ ‬حُسناً‭ ‬بإحسانِ

دنت‭ ‬إلينـا‭ ‬ومـا‭ ‬أدنـت‭ ‬مودتـهـا ‭     ‬فما‭ ‬انتفاع‭ ‬امرئٍ‭ ‬بالباخل‭ ‬الدّاني

كما‭ ‬ترجم‭ ‬للسيد‭ ‬حسن‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬الحسيني‭ ‬الغريفيّ‭ (‬ت‭ ‬1001/1593م‭)‬،‭ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬بحر‭ ‬علم‭ ‬تدفقت‭ ‬منه‭ ‬العلوم‭ ‬أنهاراً‮»‬،‭ ‬و«الفقه‭ ‬كان‭ ‬أشهر‭ ‬علومه‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬بالبحرين‭ ‬‮«‬إمامها‮»‬‭. ‬وهو‭ ‬من‭ ‬تلامذة‭ ‬الشيخ‭ ‬داود‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬شافيز‭ (‬ت‭ ‬1020‭/ ‬1611م‭) ‬الذي‭ ‬أنشد‭ ‬حين‭ ‬بلغه‭ ‬خبر‭ ‬وفاة‭ ‬تلميذه‭:‬

هـلـك‭ ‬الـقـصرُ‭ ‬يـا‭ ‬حمـام‭ ‬فـغنـى ‭     ‬طـربـاً‭ ‬منك‭ ‬فـي‭ ‬أعالي‭ ‬الغصونِ

ونتعرف‭ ‬في‭ ‬‮«‬السلافة‮»‬‭ ‬على‭ ‬السيد‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬الحسيني‭ ‬ابن‭ ‬شبانة‭ ‬البحراني‭ ‬الذي‭ ‬هاجر‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬واجتمع‭ ‬بوالد‭ ‬صاحب‭ ‬السلافة‭ ‬الأمير‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬معصوم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقصد‭ ‬إيران‭ ‬ويستقر‭ ‬بمدينة‭ ‬أصفهان‭ ‬التي‭ ‬تولّى‭ ‬فيها‭ ‬منصب‭ ‬‮«‬شيخ‭ ‬الإسلام‮»‬‭. ‬وينقل‭ ‬ابن‭ ‬معصوم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السيد‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬كاتبه‭ ‬سنة‭ (‬1070/1660م‭)‬،‭ ‬ومدحه‭ ‬شعراً‭.‬

كذلك‭ ‬يرد‭ ‬ذكر‭ ‬السيد‭ ‬عبدالله‭ ‬ابن‭ ‬السيد‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬شبانة‭ (‬ابن‭ ‬السابق‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬شخصية‭ ‬أدبية‭ ‬مرموقة‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬وطيدة‭ ‬مع‭ ‬والد‭ ‬صاحب‭ ‬السلافة‭ ‬في‭ ‬الهند،‭ ‬ولكن‭ ‬حدث‭ ‬بينهما‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬شعره‭ ‬–‭ ‬ما‭ ‬يستوجب‭ ‬الاعتذار‭ ‬وأورد‭ ‬له‭ ‬شعراً‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭.‬

كذلك‭ ‬نقف‭ ‬على‭ ‬شخصية‭ ‬السيد‭ ‬ناصر‭ ‬بن‭ ‬سليمان‭ ‬القاروني،‭ ‬الشاعر‭ ‬الأديب،‭ ‬إذ‭ ‬يروي‭ ‬صاحب‭ ‬السلافة‭ ‬عن‭ ‬شيخه‭ ‬العلامة‭ ‬جعفر‭ ‬ابن‭ ‬كمال‭ ‬الدين‭ ‬البحراني‭ ‬أكثر‭ ‬شعر‭ ‬السيد‭ ‬ناصر،‭ ‬وينقل‭ ‬عنه‭ ‬بعض‭ ‬أحواله‭. ‬ومما‭ ‬رواه‭ ‬أن‭ ‬السيد‭ ‬ناصر‭ ‬أنشد‭ ‬على‭ ‬قبر‭ ‬السيد‭ ‬حسين‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الرؤوف‭ ‬البحراني‭ :‬

الــحــكــمُ‭ ‬والإمــضــاءُ‭ ‬والأمــرُ ‭    ‬والـحـلـمُ‭ ‬والإغـضــاءُ‭ ‬والــصـبـرُ

فـيــك‭ ‬اجــتـمـعـن‭ ‬وإن‭ ‬واحـدةً ‭    ‬مــنـها‭ ‬يـحـقّ‭ ‬بـهـا‭ ‬لـك‭ ‬الـفـخـرُ

كما‭ ‬يتحدث‭ ‬السيد‭ ‬ابن‭ ‬معصوم‭ ‬عن‭ ‬السيد‭ ‬عبد‭ ‬الرضا‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الصمد‭ ‬المولى‭ ‬البحراني‭ ‬وأخيه‭ ‬السيد‭ ‬أحمد،‭ ‬ويقول‭ ‬عن‭ ‬الأخير‭ ‬ولا‭ ‬يحضرني‭ ‬من‭ ‬شعره‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬أنشدنيه‭ ‬له‭ ‬شيخنا‭ ‬العلامة‭ ‬جعفر‭ ‬بن‭ ‬جمال‭ ‬الدين‭ ‬البحراني‭.‬

كما‭ ‬يفرد‭ ‬للسيد‭ ‬علوي‭ ‬بن‭ ‬إسماعيل‭ ‬البحراني‭ ‬مساحة‭ ‬لترجمته،‭ ‬وقال‭ ‬عنه‭: ‬‮«‬فاضل‭ ‬في‭ ‬النسب‭ ‬والأدب‮»‬،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬السيد‭ ‬علوي‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬هاجر‭ ‬إلى‭ ‬القطيف‭ ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬مقيماً‭ ‬فيها،‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬وهو‭ ‬اليوم‭ ‬شاعر‭ ‬هجر‮»‬‭.‬

كذلك‭ ‬يترجم‭ ‬للسيد‭ ‬عبدالله‭ ‬ابن‭ ‬السيد‭ ‬حسين‭ ‬البحراني‭. ‬قال‭ ‬عنه‭: ‬‮«‬وقد‭ ‬صحبني‭ ‬سنيناً‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬بفراقه‭ ‬ضنيناً‭ ‬حتى‭ ‬فرّق‭ ‬الدهر‭ ‬بيننا‮»‬،‭ ‬ومما‭ ‬نظمه‭ ‬السيد‭ ‬حسين‭ ‬لصاحبه‭ ‬ابن‭ ‬معصوم‭:‬

فـخر‭ ‬الـعلا‭ ‬بحر‭ ‬الـمكارم‭ ‬لم‭ ‬تزل ‭    ‬بـكمُ‭ ‬الـمعـالـي‭ ‬تستـطيـل‭ ‬عُـلاءَ

طوقتني‭ ‬طوق‭ ‬السرور‭ ‬فهاك‭ ‬من ‭    ‬جـيـد‭ ‬تـطـوق‭ ‬بـالـسـرور‭ ‬ثـنــاءَ

ويرد‭ ‬اسم‭ ‬الفقيه‭ ‬الشيخ‭ ‬داود‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬شافيز‭ ‬المتكلم‭ ‬الجدلي‭ ‬والشخصية‭ ‬الأدبية‭ ‬المعروفة‭. ‬ويختم‭ ‬ابـن‭ ‬معصوم‭ ‬شـخصيات‭ ‬أدبـاء‭ ‬البحرين‭ ‬بشخصية‭ ‬الشاعر‭ ‬العلم‭ ‬أبو‭ ‬البحر‭ ‬جعفر‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬الخطي‭ (‬ت‭ ‬1028‭/‬1618م‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬وُلد‭ ‬في‭ ‬القطيف‭ ‬وعاش‭ ‬أغلب‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وانتقل‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭.‬

والذي‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬أورده‭ ‬ابن‭ ‬معصوم‭ ‬في‭ ‬السلافة،‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬كانت‭ ‬تعيش‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬قرون‭ ‬ونصف‭ ‬نهضة‭ ‬أدبية‭ ‬كبرى،‭ ‬وكانت‭ ‬مدارسها‭ ‬تكتظ‭ ‬بالعلماء،‭ ‬وتلك‭ ‬صفحة‭ ‬مشرقة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬البلاد‭ ‬حقّ‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نفخر‭ ‬بها‭ ‬ونعتز‭.‬

وضع‭ ‬ابن‭ ‬معصوم‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬سلافة‭ ‬العصر‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قرأ‭ ‬في‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬ريحانة‭ ‬الألبّا‭ ‬وزهرة‭ ‬الحياة‮»‬‭ ‬للعلامة‭ ‬شهاب‭ ‬الدين‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬الخفاجي‭ (‬ت‭ ‬1068‭/‬1658م‭)‬،‭ ‬وأبدى‭ ‬إعجابه‭ ‬بالكتاب،‭ ‬لكنه‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬أهمل‭ ‬ذكر‭ ‬جماعةٍ‭ ‬من‭ ‬أكابر‭ ‬الفضلاء‭ ‬وأماثل‭ ‬النبلاء،‭ ‬ومجيدي‭ ‬الشعراء‭ ‬ومفيدي‭ ‬البلغاء‮»‬،‭ ‬فعزم‭ ‬على‭ ‬استدراك‭ ‬النواقص‭ ‬بكتابٍ‭ ‬يذكر‭ ‬فيه‭ ‬ما‭ ‬فات‭ ‬صاحب‭ ‬الريحانة‭ ‬وما‭ ‬سبقه‭ ‬من‭ ‬مؤلفين،‭ ‬مع‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬انتقاء‭ ‬الأشعار‭ ‬المفيدة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يخالطها‭ ‬الغثّ‭ ‬والسمين‭.‬

ميزة‭ ‬كتاب‭ ‬السلافة،‭ ‬أنه‭ ‬ترجم‭ ‬لشخصيات‭ ‬لم‭ ‬يرد‭ ‬لها‭ ‬ذكر‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬أخرى،‭ ‬وأورد‭ ‬أشعاراً‭ ‬لم‭ ‬ترد‭ ‬في‭ ‬الكتب‭ ‬السابقة‭ ‬عليه،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬كتابه‭ ‬منفرداً‭ ‬ومتميزاً،‭ ‬والميزة‭ ‬الأخرى‭ ‬أنه‭ ‬ترجم‭ ‬لشعراء‭ ‬وأعيان‭ ‬عصره‭ ‬من‭ ‬السُّنة‭ ‬والشيعة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬كتابه‭ ‬يتسم‭ ‬بالشمول‭ ‬والموضوعية،‭ ‬وقد‭ ‬اتسع‭ ‬أطلسه‭ ‬الأدبي‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬محاسن‮»‬‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬والعجم‭ ‬والعراق؛‭ ‬محاسن‭ ‬أهل‭ ‬الحرمين‭ ‬والشام‭ ‬ونواحيها،‭ ‬واليمن،‭ ‬والمغرب‭.‬

وقد‭ ‬وظّف‭ ‬السيد‭ ‬المدني‭ ‬رصيده‭ ‬العلميّ‭ ‬وثقافته‭ ‬الموسوعية‭ ‬وخبرته‭ ‬الواسعة‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الحديث‭ ‬والتراجم‭ ‬والرحلات،‭ ‬والشعر‭ ‬والبديع‭ ‬والنحو‭ ‬والصرف،‭ ‬وسكب‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬‮«‬سلافته‮»‬‭ ‬التي‭ ‬شرع‭ ‬في‭ ‬تأليفها‭ ‬سنة‭ (‬1081‭/‬1670م‭)‬،‭ ‬وفرغ‭ ‬منها‭ ‬سنة‭ (‬1082/1670م‭)‬،‭ ‬سالكاً‭ ‬فيها‭ ‬مسلك‭ ‬الثعالبي‭ (‬ت‭ ‬451‭/ ‬1066م‭) ‬في‭ ‬‮«‬يتيمة‭ ‬الدهر‮»‬،‭ ‬والباخرزي‭ ‬أبو‭ ‬الحسن‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬الطيب‭ (‬ت‭ ‬467‭/‬1075م‭) ‬في‭ ‬‮«‬دمية‭ ‬القصر‮»‬‭.‬

قدم‭ ‬ابن‭ ‬معصوم‭ ‬في‭ ‬‮«‬السلافة‮»‬‭ ‬لمحة‭  ‬عن‭ ‬من‭ ‬ترجم‭ ‬لهم،‭ ‬فعرّف‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬النسب،‭ ‬وتاريخ‭ ‬الولادة‭ ‬والوفاة،‭ ‬ومكان‭ ‬الدفن،‭ ‬والمرتبة‭ ‬العلمية،‭ ‬والمكانة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والمذهب‭ ‬الديني،‭ ‬والمؤلفات‭ ‬إن‭ ‬وجدت،‭ ‬وأورد‭ ‬بعضاً‭ ‬من‭ ‬الشعر‭. ‬ويزخر‭ ‬الكتاب‭ ‬بالمحسنات‭ ‬البديعية‭ ‬التي‭ ‬أغرق‭ ‬بها‭ ‬كتابه‭ ‬انسجاماً‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬سائداً‭ ‬في‭ ‬عصره‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬الكتابة‭ ‬النثرية‭.‬

القيمة‭ ‬التاريخية‭ ‬للكتاب

أما‭ ‬أهمية‭ ‬الكتاب‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبحرين‭ ‬فتكمن‭ ‬في‭ ‬التالي‭:‬

1.‬ يُعدّ‭ ‬كتاب‭ ‬سلافة‭ ‬العصر‭ ‬أقدم‭ ‬نص‭ ‬أدبي‭ ‬جمع‭ ‬النصوص‭ ‬الشعرية‭ ‬لكبار‭ ‬شعراء‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬الهجري‭/‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬غرر‭ ‬القصائد‭ ‬التي‭ ‬تضمنتها‭ ‬السلافة‭ ‬رواها‭ ‬ابن‭ ‬معصوم‭ ‬من‭ ‬مسموعاته،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مثبتة‭ ‬في‭ ‬مصدر‭ ‬مكتوب‭ ‬يحفظها‭ ‬عن‭ ‬الضياع‭ ‬ويصونها‭ ‬من‭ ‬النسيان‭.‬

2. ‬ إن‭ ‬هذه‭ ‬النصوص‭ ‬الشعرية‭ ‬التي‭ ‬تضمنتها‭ ‬السلافة‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬الخصائص‭ ‬النفسية‭ ‬لأصحابها،‭ ‬وطبيعة‭ ‬العلاقات‭ ‬العلمية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والإنسانية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سائدة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العصر،‭ ‬وسيادة‭ ‬شعر‭ ‬الحنين‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬وازدهار‭ ‬شعر‭ ‬المدح‭ ‬والثناء‭ ‬وأدب‭ ‬الاعتذار‭.‬

3. ‬ تتيح‭ ‬لنا‭ ‬نصوص‭ ‬السلافة،‭ ‬صورة‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم‭ ‬مليئة‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬لطبيعة‭ ‬المشهد‭ ‬العلمي‭ ‬والأدبي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سائداً‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬كما‭ ‬نقف‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬اجتماعية‭ ‬كانت‭ ‬ظاهرة‭ ‬بوضوح،‭ ‬ولازمت‭ ‬التاريخ‭ ‬العلمي‭ ‬للبحرين‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬ظاهرة‭ ‬الهجرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحدث‭ ‬بشكل‭ ‬واسع‭ ‬عند‭ ‬علماء‭ ‬البحرين‭ ‬ولدوافع‭ ‬مختلفة‭.‬

4.‬ تحدد‭ ‬لنا‭ ‬السلافة‭ ‬خريطة‭ ‬جغرافية‭ ‬لمجتمعات‭ ‬الهجرة‭ ‬التي‭ ‬احتضنت‭ ‬البحرينيين‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬الهجري‭/‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬إيران‭ ‬والهند‭ ‬والعراق‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭ ‬كثافة‭ ‬بنسبة‭ ‬معينة‭.‬

5. ‬حدّدت‭ ‬نصوص‭ ‬السلافة‭ ‬بعض‭ ‬المدارس‭ ‬العلمية‭ ‬وأسماء‭ ‬بعض‭ ‬المساجد‭ ‬والمناطق‭ ‬والقرى‭ ‬البحرانية،‭ ‬وهذه‭ ‬التسميات‭ ‬لها‭ ‬قيمتها‭ ‬التاريخية‭ ‬البالغة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمهتمين‭ ‬والباحثين‭ ‬بالبحث‭ ‬التاريخي‭ ‬للبحرين‭.‬

لهذه‭ ‬الاعتبارات،‭ ‬وجدنا‭ ‬من‭ ‬المفيد‭ ‬استخلاص‭ ‬القسم‭ ‬المتعلق‭ ‬بعلماء‭ ‬وشعراء‭ ‬وأدباء‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬سلافة‭ ‬العصر‭ ‬ومحاسن‭ ‬أهل‭ ‬كل‭ ‬مصر،‭ ‬راجين‭ ‬أن‭ ‬تتمّ‭ ‬به‭ ‬المنفعة‭ ‬للمشتغلين‭ ‬بالأدب‭ ‬والتاريخ‭ ‬والمعنيين‭ ‬بالتراث‭ ‬العلمي‭ ‬للمنطقة‭ ‬عموماً‭ ‬وللبحرين‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭.‬

ولا‭ ‬يفوتنا‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬نشيد‭ ‬بالجهد‭ ‬المشكور‭ ‬الذي‭ ‬بذله‭ ‬الدكتور‭ ‬محمود‭ ‬خلف‭ ‬البادي‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬كتاب‭ ‬السلافة‭(‬1‭)‬‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬عمله‭ ‬التحقيقي‭ ‬شابته‭ ‬عيوب‭ ‬جمّة‭ ‬نظراً‭ ‬لعدم‭ ‬الاطلاع‭ ‬الكافي‭ ‬على‭ ‬تاريخ‭ ‬المنطقة‭ ‬والإحاطة‭ ‬بتراجم‭ ‬الرجال‭ ‬فيها،‭ ‬وافتقاره‭ ‬للخبرة‭ ‬الكافية‭ ‬بأسماء‭ ‬القرى‭ ‬والمناطق‭ ‬البحرانية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أوقعه‭ ‬في‭ ‬أخطاء‭ ‬فادحة،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الأخطاء‭ ‬الطباعية‭ ‬التي‭ ‬ظهر‭ ‬بها‭ ‬العمل‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬استفدنا‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬الدكتور‭ ‬الباديّ‭ ‬وحاولنا‭ ‬تجنب‭ ‬العثرات‭ ‬التي‭ ‬وقع‭ ‬فيها،‭ ‬واستكمال‭ ‬النواقص‭ ‬التي‭ ‬اعترت‭ ‬عمله‭.‬

ولقد‭ ‬تمثل‭ ‬عملنا‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬بـالتالي‭:‬

1. ‬ضبط‭ ‬الآيات‭ ‬القرآنية‭ ‬برسم‭ ‬المصحف‭ ‬ووضع‭ ‬تخريجها‭ ‬في‭ ‬الهامش‭.‬

2. ‬ضبط‭ ‬النص،‭ ‬وتلافي‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬بها‭ ‬النسخ‭ ‬القليلة‭ ‬المطبوعة‭ ‬من‭ ‬السلافة‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬الكلمات‭ ‬مما‭ ‬يسبب‭ ‬تشويشاً‭ ‬للقارئ‭ ‬وارتباكاً‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬النص‭.‬

3.  ‬مقابلة‭ ‬النصوص‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬مع‭ ‬المصادر‭ ‬التي‭ ‬نقل‭ ‬منها‭ ‬المؤلف‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬ذكرت‭ ‬في‭ ‬مصادر‭ ‬أخرى،‭ ‬مع‭ ‬وضع‭ ‬الاختلافات‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬النسخ‭ ‬الخطية‭ ‬بين‭ ‬معقوفين‭ [ ] ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬تجنب‭ ‬إغراق‭ ‬الحواشي‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬النسخ‭ ‬ومسمياتها‭.‬

4. ‬تخريج‭ ‬الأحاديث‭ ‬من‭ ‬مصدرها‭ ‬الذي‭ ‬نقل‭ ‬عنه‭ ‬المؤلف‭.‬

5.  ‬شرح‭ ‬غريب‭ ‬الألفاظ‭ ‬في‭ ‬الهامش‭.‬

6. ‬التعريف‭ ‬بالأعلام‭ ‬والأماكن‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭.‬

7.  ‬إنشاء‭ ‬فهارس‭ ‬فنية‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬الكتاب‭ ‬ليسهِّل‭ ‬على‭ ‬الباحث‭ ‬الرجوع‭ ‬إليها‭.‬

وقبل‭ ‬أن‭ ‬أختم‭ ‬هذه‭ ‬المقدمة‭ ‬لن‭ ‬أنسى‭ ‬إزجاء‭ ‬جزيل‭ ‬الشكر‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬قدّم‭ ‬لي‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬والمساعدة،‭ ‬ولا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬التنويه‭ ‬هنا‭ ‬بالتشجيع‭ ‬الذي‭ ‬لقيته‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬سماحة‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬عيسى‭ ‬المكباس،‭ ‬كما‭ ‬أشكر‭ ‬الإخوة‭ ‬والأخوات‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬أوال‭ ‬للدراسات‭ ‬والتوثيق‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬الصديق‭ ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬أحمد‭ ‬الديري‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬لتشجيعه‭ ‬وإحاطتي‭ ‬بالرعاية‭ ‬والتوجيه‭ ‬أبلغ‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬خروج‭ ‬العمل‭ ‬بالصورة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬عليه‭.‬

الكتاب متوفر على متجر:
نيل وفرات (ورقي والكتروني)
جملون
أمازون