الحلقة الثانية من نقد الشيخ والتنوير

الحلقة الثانية من نقد الشيخ والتنوير

علي أحمد الديري

مرحبًا بكم في هذه الحلقة الثانية، أتحدث عن التنوير الضخم كما تحدثت سابقًا عن الأب الضخم. التنوير الضخم هو التنوير الذي يتم اصطناعه عبر خلق سردية غير صحيحة. كيف تكون غير صحيحة؟ هذا ما سنحاول أن نبينه في هذه الحلقة عبر التحدث عن الحدث السياسي المزلزل في البحرين وهو حدث ١٩٢٣.

هناك مجموعة من الاسئلة نريد أن نطرحها خلال هذه الحلقة. السؤال الأول: ما هو موقف ناصر الخيري من حدث ١٩٢٣؟ هذا الحدث الذي تحولت فيه البحرين من دولة المشيخة الى نظام السلطة والدولة الحديثة.

وما هو موقف ما سماه شيخ التنوير ابراهيم ابن محمد آل خليفة؟ كيف قرأ هذا الحدث؟ هل ذهب بتنويره لتأييد فكرة الدولة الحديثة والسلطة الحديثة أم أنه دافع عن شكل دولة المشيخة ونظام المشيخة ونظام عيسى بن علي الإقطاعي في ذلك الوقت.

سأذكر مقتطفًا من كتاب الشيخ والتنوير، نقول في صفحة ٢٩٦ “يذكر أحمد بن حسن إبراهيم ان ناصر الخيري بعد أن قرأ خطاب نوكس في مايو ١٩٢٣ يقول -هو أحد الناس الذين كانوا مع ناصر الخيري- مرض بعد ذلك مرضا شديدا متأثرا بما جاء في الخطاب وقال إن أيادي الشيخ عيسى بن علي علينا كثيرة ولم أكن أتوقع أن أقوم بما قمت به.” هذا المقتطف الذي يبدو أن الكتاب بشكل واضح يتبنى هذه الجملة، يقول أن هناك خطابًا ألقاه ناصر الخيري في مجلس ما عُرب بمجلس العزل. هذا المجلس الذي عزل عيسى بن علي ونصب ابنه مكانه وتم إعلان شكل الدولة الحديث وتم القطع مع دولة المشيخة ونظام البداوة كما سماه احد البريطانيين بتقاريرهم: نظام اللا حكم. لم يكن هناك حكومة مركزية توزع سلطاتها بل كانت هناك إقطاعيات: كل شيخ يحكم إقطاعية عبر نظام الفداوية. كتاب التنوير يقول ان ناصر الخيري – هذا المثقف- يفتخر به. يقول مرض بعد أن ألقى هذا الخطاب كأنه لم يكن مقتنعا به، كأنه لم مقتنعًا ان يقف هذا الموقف ويقرأ هذا الخطاب التاريخي الذي ليس عزلًا لعيسى بن علي فحسب، بل هو تدشين لشكل الدولة الحديثة.

لماذا تبنى كتاب التنوير هذه الرواية؛ رواية أن ناصر الخيري قد ندم ومرض ومات.. إن وراء ذلك سبب وجيه وهو أن الرواية الرسمية لا تريد ان تعترف بعدل عيسى بن علي. لذلك حينما نذهب الى المدونات الرسمية وهي تروي حكم حكام البحرين او حكم ال خليفة في البحرين، فإن لا يقولون إن عيسى بن علي قد عُزل في ١٩٢٣، ولا يقولون ان ابنه قد تولى الحكم في ١٩٢٣ بل يقولون قد تولاه في ١٩٣٢ لأن هذه العقلية لا تقبل ان يتنازل أو يُعزل الحاكم الى ان يموت. بالتالي، موقف ناصر الخيري -حتى في كتاب التنوير-  أراد أن يظهر بمظهر الكاتب والمواقف الذي يسير في ركب السلطة وما فعله كان مضطرا لفعله لأن كان موظفا في الوكالة البريطانية أي موظف لدى المستعمر كما يقول وليس مثقف لديه موقف نقدي حر من شكل الدولة ومن سلطة الدولة. هل هذا الكلام صحيح، هل ناصر الخيري فعلا كان كذلك؟ ماذا يقول ناصر الخيري في كتابه؟ وماذا قال في ترجمته لكتاب العزل؟ هذا ما نريد ان نعرفه، وفي مقابل ذلك نريد ان نعرف الموقف الحقيقي لما اسماه شيخ التنوير إبراهيم بن احمد آل خليفة جدّ مي الخليفة؟ ماذا كان موقفه؟ ماذا كتب؟ ماذا ترك لنا؟ هل ما فعله كان فعلا تنويريا ام كان فعلا آخر يعبر عن اندماجه في السلطة ورغبته في أن تكون الحكومة خاضعة لأعراف القبيلة ولا تخضع لأعراف الدولة المدنية؟ هذا ما سنحاول ان نعرفه.

يقول ناصر الخيري حول أحداث ١٩٢٣: “وما ذلك الا بسبب مجاملة حكومة الشيخ عيسى لفرقة النجادة مجاملة توجب لوم صاحب المسند (؟)، النجادة أي النجديون سكان نجد الذين كانوا في البحرين.. مجاملة توجب لوم صاحب المسند اي الحاكم الذي يستند إليه. وتسبب الطعن في نظرياته غير الصائبة إذ ليس من شأن الحاكم أن يجامل فريقا دون آخر إلى حد ان يقف مكتوف اليدين أمام ما يتخذه الفريق من الإجراءات العدوانية ضد الآخرين. ومع تيقنه ان تلك الاجراءات سوف تنتج نتائج وخيمة جدا أقلها سفك الدماء والعبث بالأمنية العمومية التي هي من اول مسؤوليات الحكام.” لدي الكثير من الفقرات ولكن هذه الفقرة مهمة. لماذا مهمة؟ لأن هناك حدث وقع: خلاف بين تجار النجادة (أهل نجد) وبين تجار من العجم. وفي الحقيقة الخلاف لم يكن بين التجار، بل كان بين الخدم ثم تطور لأن الأمور محتقنة في ذلك الوقت لأسباب سياسية كثيرة. فعندما ارتفعت وتيرة هذا الخلاف وتسببت بحدوث مشاجرات كبيرة في المنامة، كان هذا الخلاف بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. بعد هذا الخلاف أصبح موضوع التحول نحو الدولة المدنية مهما جدا لأن بريطانيا تريد أن يسود النظام، مصالحها تتطلب أن يسود النظام، وسيادة النظام تعني أن لا يكون لفئة فوقية وتمييز على حساب فئة أخرى. وهذا هو النظام الذي سعى ناصر الخيري لدعمه والوقوف الى جانبه.

موقف ناصر الخيري من فكرة دعم الحاكم للنجادة في حقيقتها حينما نأتي إلى تحليلها تحمل بالغة لأن وقف ضد الحزب المناصر لعيسى بن علي. هو وقف ضد الذين ناصروا عيسى بن علي، هذا الموقف يعبر عن موقفه ايضا من طبيعة الحكم، فليس صحيحا ابدا ان نقول ان ناصر الخيري قد ندم او أنه كان مترددا او مريضا او مات لأنه قدم خطابا لا يتسق مع موقفه التاريخي.

اسمحوا لي هنا ان استحضر رواية فريد رمضان “المحيط الإنكليزي” الفصل الخاص بالبحرين كان عنوانه “جزر الخوف” فعلا اسم يليق بالبحرين في فترة العشرينات. التاجر النجدي عبد العزيز النجدي الذي اجبر يوسف ان يتزوج من جوهرة العبدة الحبشية بعد ان حملت من هذا التاجر، يتزوجها هذا العبد يحمل اسم المولود سعود اسمه ويدخل في قصة معقدة تنتهي به ان يُضرب ويُلقى به من غير كرامة ومن غير قانون. كان هذا الوضع هو وضع البشر والناس في البحرين الذين لا تحميهم قبيلة او لا تحميهم دولة ذات سيادة. جاء قانون الدولة المدنية ١٩١٣ المرسوم الملكي في البحرين آنذاك ليضع حدا للانتهاكات التي كانت تحدث في عهد عيسى بن علي في دولة المشيخة التي أُطلق عليها نظام المشيخة. التحول الى نظام الدولة المدنية ١٩٢٣ كان يعني رفع الظّلم عن هؤلاء الناس والرعايا الذين لم يكن يرعاهم قانون ولا ترعاهم دولة. ناصر الخيري كان يدعم هذه الاصلاحات التي تحمي الناس الذين لا حامي لهم ولا ظهر او قبيلة او شيخ لهم. فذهب هو باتجاه حمايتهم. هذا كان موقف ناصر الخيري. هل نجد ذلك في كتاب الشيخ والتنوير. لا نجد ذلك ابدا. الشيخ والتنوير لا يضيء لما على هذا الجانب، لا يوضح لنا كيف كان نظام الحكم في البحرين. اذن اين هو التنوير؟ اين هو موقف المثقف في ذلك الوقت؟ اين هو موقف شيخ التنوير ابراهيم بن محمد آل خليفة ما هو موقفه من شكل هذه الدولة؟ من نظام الحكم؟ من هذا التمييز؟ هذا ما سنعرفه الآن.

هناك رسالة كتبها الشيخ ابراهيم في ١٩٢٣ وتوجه بهذه الرسالة الى الشيخ محمد رضا صاحب مجلة المنار. من هو الشيخ محمد رشيد رضا؟ هو شخصية سلفية اصلاحية كانت تريد النهوض بالعالم الإسلامي ولكن من منظور سلفي. ولا اقصد بالمنظور السلفي المنظور الوهابي ولكن هذا التوصيف ليس توصيفي وانما توصيف المختصين في هذه المرحلة. كذلك كتاب الشيخ والتنوير استعمل هذا التوصيف لوصف محمد رشيد رضا ولكن لا اعرف كيف يمكن ان يكون شيخ التنوير في اتصال مع هذه المجلة كما يخبرنا الكتاب وكيف كان يدعمها ماديا وكيف كان يرفع لها تقاريره عن البحرين ونقول انه رجل تنوير وشيخ تنوير وهو يتوجه الى وجهة سلفية.

يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، حجة الإسلام المصلح الامام الاستاذ السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار الاسلامي الاغر حياه الله وأحياه ومتع المسلمين بطول بقائه. 

واضح اللغة ليست لغة تنوير بل لغة انسان ممكن ان نقول انه صاحب توجه اسلامي، توجه إصلاحي،.. تريد أن تقول. ولكن ان تلبسه جبة شيخ تنوير.. لا تناسب ذلك.

ما المكتوب في هذه الرسالة؟ الرسالة مكتوبة بخط صعب قراءته ولا ادري لما الكاتب او المخرج تعمد وضع ٤ صفحات من هذه الرسالة في صفحة واحدة، قراءة هذه الرسالة وهي بالمناسبة من ارشيف الشيخة مي ال خليفة، لماذا لم يضع كل صفحة على حدة؟ وجدت صعوبة كبيرة في قراءة هذه الرسالة ولكن هناك سطر دال دلالة كبيرة على موقف الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة من حدث ١٩٢٣.

ماذا يقول هذا السطر؛ يقول ان القنصلية البريطانية، الوكيل البريطاني.. يقول ان كانوا يهدفون الى تهييج الشيعة الفلاحين رعايا الشيخ عيسى.. بعد ذلك يقول أولئك المخدوعين ثم هناك كلمات صعب قراءتها.. ويكمل الرسالة.. ولكن هذه الجملة شديدة الدلالة؛ هو ينظر الى ان من قاموا بهذه الاصلاحات او بدعم هذه الاصلاحات هم فلاحون مخدوعون.. يقول انهم قاموا بمظاهرات في المنامة تحت تأثير هذا التحريض الذي جاءهم من المستعمر.. هذا هو الموقف الذي كان يعبر عنه.

لنا وقفة حول هذه الكلمات: اولا واضح في هذا التوصيف انه يتبنى نظرة الشيخ عيسى بن علي لذلك يسميه ايضا في هذه الرسالة بأنه ملكهم وهو الشخصية المحبوبة وهو الأكبر سنا بين ملوك العرب. هو كان داعما لنظام المشيخة وداعما لاستمرار الدولة الاقطاعية، لهذا الحكم، لتوزيع البحرين لإقطاعيات محكومة من قبل شيوخ آل خليفة من ابناء واخوان عيسى بن علي. الموقف الاخر انه كان يرى ان الشيعة مجموعة فلاحين مخدوعين يعني هم ليسوا اناس اصحاب تنوير او اصحاب رسالة او اصحاب حضارة او لديهم علماء او لديهم شخصيات نافذة او شخصيات تجارية.. ليس لديهم ذلك. في حين انه نحن نعرف ان العرائض التي وقعها الشيعة في ذلك الوقت كانت تحمل اسماء كبار، اسماء تجار، شخصيات كانت ترى مستقبل البحرين في ان تتحول الى شكل الدولة الحديثة.. هناك شخص بمثابة قامة وطنية مثل حجي احمد بن خميس وهذا الذي حمل كتاب قمر السنابس. احمد لم خميس كان شخصية وطنية دفع من ماله وثورته ومن امنه في سبيل اقرار هذه الاصلاحات ولوحق.. هناك شخص مثل الشيخ العرب تحدثت عنه طويلا والذي دفع دمه من اجل اقرار هذه الاصلاحات.. عالم كبير كان يريد للبحرين ان تتجه للعصر الحديث، عصر الدولة المدنية، كيف نصف مثل هولاء بأنهم مجرد فلاحين، الفلاح ليس عيبا وتعلق البحرينيين بالفلاحة والنخلة وبالخبر هو جزء من حضارته واستقراره وتحضره وابتعاده عن عقلية البداوة التي كانت تتخذ من الترحال ومن السلب ومن الهجوم ومن الحرب أداة للمعيشة. هذا هو البحريني فكيف تأتي يا شيخ التنوير وتصفهم بأنهم مجرد فلاحين مخدوعين. هولاء الذين تتحدث عنهم كأنهم فلاحين مخدوعين لديهم تراث ضخم ولديهم مدارس علمية.. هؤلاء مآتمهم النسائية تحمل مخطوطات قد خُطت بأقلام كانت ترى النور بالكتابة وما زالوا يحتفظون بهذه المخطوطات كتراث انساني في الوقت الذي كان فيه جدّك وابوك مجرد جماعات امية كما وصفهم ناصر الخيري.

لنذهب الآن الى كتاب الشيخ والتنوير.. ماذا يقول عن الشيخ إبراهيم بن ابن محمد يقول يمكننا ان نعرف مقدار الاهمية التي يمثلها مجلس الشيخ ابراهيم في تاريخ البحرين الحديث إذا أخذنا كل هذا بعين الاعتبار فقد كان هذا المجلس أول منتدى ثقافيا ينخرط فيه المثقفون البحرينيون وقبل انتشار التعليم الحديث في نقاشات أدبية واجتماعية عامة. ويمكننا القول انه لم تكن هناك مساحة مفتوحة للنقاش العام قبل هذا المجلس. هل هذا الكلام صحيح؟ في نفس هذه الصفحة بالضبط هو يقول إن التنوير قد أخذ في الظهور مع تفكك بنيات المجتمعات الإقطاعية وتوطد الحقوق المدنية وحقوق الأفراد في التجمع والتنظيم والتعبير. اذا كان مجلس الشيخ إبراهيم -كما يقول هو- اول منتدى ثقافيا ينخرط فيه المثقفون في هذا المجال، ما موقفهم من بنيات المجتمعات الاقطاعية في ١٩٢٣… ظهر موقفهم الحقيقي أنهم داعمون المجتمعات الإقطاعية، داعمون للإقطاع، داعمون لشيخ القبيلة وهذه الرسالة التي قرأناها هي التي تعبر بوضوح وبقوة عن موقف الشيخ ابراهيم: من ذهب ضد هذا النظام وصفه بأنه فلاح مخدوع وهؤلاء الذين يسميهم في كتاب الشيخ والتنوير بأنهم مثقفون واول من فتحوا المجال العام كانوا يغلقون المجال العام، كانوا يحاربون كل من كان يدعم هذا الإصلاح. لم يكن موقفهم مشرفا، لم يكن موقفهم داعما لهذه الدولة في شكلها الحديث. كيف يمكن ان نعتبر هذا المنتدى أول منتدى في البحرين للفعل الحر واول منتدى للمثقفين، اول منتدى ينشئ التنوير كما يصفه كتاب الشيخ والتنوير، هل ساهم هذا المنتدى في تفكيك بنيات المجتمعات الاقطاعية هل فكك شيئا من الاقطاع؟ كيف وقف شيخ هذا المنتدى مع الإقطاع؟ راسل الخارج ليثبت اقدام هذا الإقطاع ويبيض وجهه ويعتبره هو التنوير. اذا كان الاقطاع والإبقاء على المؤسسات الاقطاعية هو التنوير حينها يكون هو شيخ التنوير، ولكن التنوير هو تفكيك هذه البنيات، التنوير هو تثبيت للحقوق المدنية وحريات الأفراد. هذا ما كان يسعى له الداعمون لفكرة الإصلاح، هذا ما كان يسعى له جيل احمد بن خميس واتباعه وهذا ما كانت العرائض التي يقودها الشيعة يذهبون اليه. أما هؤلاء المثقفين او ما أسماهم المثقفين في مجلس الشيخ فلم يكونوا الا شبكات تعمل على ادامة هذا الاقطاع، كانوا شبكات مستفيدة من هذا الإقطاع وهذا الكلام لا أقوله بلساني وانما اقوله بلسان “مي” وهذا ما ثبتته في كتابي “من هو البحريني”. هؤلاء من يستفيدون من شبكة الإصلاحات التي توفرها القبيلة، نظام الحكم المشيخي القبلي. هذا ما كانوا يستفيدون منه.

أما ناصر الخيري فقد تفرد من بينهم. ناصر الخيري كان يمثل موقف الناقد المثقف الذي يذهب الى المستقبل وهذا ما اثبته في كتابه. لذلك حينما قرأ ناصر الخيري خطاب نوكس، لن اقول خطاب الاستعمار البريطاني، بل خطاب الإصلاح البريطاني في ذلك الوقت، كان رجلا مقتنعا بكل كلمة يقولها وسأقول لكم مقتطعًا فقط من هذا الخطاب وعليكم ان تحكموا اذا كان هذا المقتطع يتعارض مع قناعات ناصر الخيري ام لا.. خطاب العدل مع الاسف نحن لم نقرأه، انا خصصت له فصلا في كتاب من هو البحريني، هذا الفصل هو في غاية الاهمية، ومع الاسف كتاب الشيخ والتنوير لم يذكر حرفا واحدا منه في حين ان كل كلمة وردت في هذا الخطاب تفسر التاريخ الذي هو تاريخنا اليوم. في فقرة واحدة فقط يخاطب آل خليفة ويقول: “يا سادة آل خليفة، عند الرجوع الى الماضي أخشى أنه من واجبي تحذيركم أن مجرد وجودكم في الحياة لا يعني انه من حقكم العيش على حساب المجتمع”. هل كان ماثر الخيري سيمرض ويندم ويموت لأنه قال هذه العبارة أم هذه العبارة هي من صميم قناعات صاحب كتاب قلائد النحرين.

هل كان ناصر الخيري سيمرض ويندم ويموت لأنه قال هذه العبارة ام هذه العبارة هي من قناعات وصميم قناعات صاحب كتاب قلائد النحرين. سواء كان ذلك عبر مخصصات تقتطع من عائدات هذه الجزر أو عبر استغلال الفقراء والمساكين عبارة في منتهى التوصيف الدقيق التاريخي لما كان يحكم البحرين.

هذا كان الذي يحكم البحرين ، إن المثل القائل: “من لا يعمل لا يأكل” هو شعار جيد والافضل لكم تطبيقه على حالتكم، من يستطيع أن يقول هذا الكلام اليوم؟ هل مثقف التنوير يستطيع أن يقول هذا الكلام؟ هل مثقف الشيخ التنوير يستطيع أن يقول هذا الكلام؟ من يستطيع أن يقول هذا الكلام كان ناصر الخيري ودفع حياته ثمنا لذلك وليس ندما على ذلك كما يقول كتاب الشيخ والتنوير. هذا هو التضخيم الخطير الذي مارسه كتاب الشيخ والتنوير، ضخّم رأس محمد بن خليفة وجعله قائدا اسطوريا وضخّم رأس إبراهيم بن خليفة وجعله شيخ تنوير اسطوريا ولكنه في المقابل ضأّل من مواقف شديدة الأهمية، ضأل من تاريخ 1923 واعتبره مجرد رغوة أو حدثا سطحيا عابرا لم يستحق الاهتمام.

هذا بالتعبير الذي استخدمه في الكتاب وكذلك نظام الإقطاع لم يسلط عليه الضوء لم يُرنا كيف أن نظام الإقطاع كان يأكل المواطنة ويأكل المواطنين كيف هذا النظام كان بحاجة إلى حدث تاريخي كبير  جدا يقطع كل شبكته وكذلك ضأّل لنا موقف ناصر الخيري من حكم المشيخة وحكم القبيلة وكذلك ضأّل موقف الذين دافعوا عن الإصلاحات ودفعوا دمائهم وارواحهم ثمنا لتولد البحرين الحديثة لتولد سلطة حديثة يكون فيها محاكم يكون فيها إدارات تكون فيها سلطات متساوية يكون فيها قضاء عادل، كذلك ضأل مرسوم 1913 وتلك تحتاج الى حلقة واسعة جدا نتحدث فيها عن هذا المرسوم وكيف على أساسه قد بُنيت البلدية وبني شكل الدولة الحديث بحيث ان -أعداء- الذين وقفوا ضد الاصلاحات اعتبروه مرسوما للاستعمار وما زالوا يستخدمون هذا المصطلح ولولا هذا المرسوم لبقينا تحت سلطة حكم القبيلة.

 

شكرًا لكم 

أشكر طول صبركم

أعتذر لكم لأني أخذت كثيرًا من الوقت، هناك أفكار كثيرة بودي أن أناقشها لأنها تعلق بهذا التاريخ ولكن هناك قانون اسمه قانون الوقت. شكرًا لكم

ـــــــــــ

رابط الحلقة الأولى

عن الكاتب


اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تتميز بـ *


يمكنك استخدام HTML وسوم واكواد : <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>