حوار حول موت المثقف

 

نون تستوطن “موت المثقف” وتعلن إفلاسه الفكري

إعداد: هدير البقالي

 

كثيرًا، ما نراهن على مصداقية المثقف، وغالبًا ما نقر بوجوده بوصفه كائنًا بشريًّا ساميًّا عن بقية المخلوقات، فهو لا يخطئ إلا فيما ندر، ولا يرغب في إقحام نفسه في قضية مشكوك في أمرها، ولا ينساق مع الآخرين في الصراع المعرفي على كعكة تحدد مواقفه لكنه يتذوق قطعته من الكعك فقط، إذًا هو مبجل/ فيلسوف عصره/ مؤسس لأفكار تأجج الأطروحات الجديدة للسلطة وللمجتمع المدني.

مهلاً، مهلاً، أيها المثقف، فأنت اليوم تقف أمام شاكلتين: الموت الكيميائي، والموت الفيزيائي، ولا ترضى بأن تعيش على مقربة من السقوط بالتهميش الواقعي لنفسك، عندما تكرر/ تستنبط / تعلل/ تعالج/ وتستخلص بمثل نتيجة أسلافك المثقفين، ألا يدعنا ذلك إلى القول بأن كماشة المثقف بات أمرها محتومًا في نهايتها، فالمثقف لا يفنى/ يهمش/ يلغى/ يدفن أو يصبح ككائن نكرة إلا عندما يرى نفسه أنه قد توقف عن العطاء المعنوي بصورة كاملة وليس مؤقتة وذلك مرهون أيضًا بإنتاجيته الخاوية، فهل يعلن المثقف عن نهايته ويتناول الزرنيخ ويذهب إلى حتفه الأخير أم أنه ما زال يراهن/ يعول / يؤكد/ يستنكر؟ نون “البلاد” لا تنتقد المثقف، بل أرادت الخوض في غمار موت المثقف الذي مازال يتنفس هواءه بدفء غامض ويقبع بجسد حي، فيا ترى ماذا يقول المثقفون الأكاديميون في ذلك إلينا؟New Picture (2)

هل نستطيع القول إن موت المثقف يتحدد بموت “كيميائية الإبداع” لديه في ظل حضوره الفيزيائي؟

علي الديري: ليس المثقف وحده من يموت حين يفقد كيمياء إبداعه، كل الكائنات تموت حين تفقد كيمياءها، في الكيمياء سحر الأخلاط، وكلمة مثقف ملتبسة بسبب كيمياء الأخلاط المركبة فيها، لذلك يظل الجدل غير محسوم بشأن تعريف المثقف والثقافة، حتى إن أنسي الحاج قال: الثقافة في الحقيقة كلمة خاطئة حلّت في غفلة العقل محلّ كلمة فكر. والمفكر (المثقف) لديه شيء من حكيم وشيء من أديب وشيء من كاهن.

متى فقد المثقف (المفكر) شيئًا من هذه الأخلاط مات شيء فيه. وحياته مرهونة بقدرته على تركيب أخلاط هذه الكيمياء التي تتيح له أن يرى.

ضياء الكعبي: ابتداءً، لا أرى أنّ هناك “موتًا للمثقف”. يمكننا القول إنّ هناك “تغييبًا” أو “تهميشًا” أو “إقصاءً” في كثير من الحالات…

موته في وصوله إليه… هالة زائفة

وهل موت المثقف يتحدد بوصوله إلى قمة البرج العاجي؟

علي الديري: البرج العاجي إذا كان مكانًا يتيح للمثقف أن يرى أبعد مما يراه الآخرون، فحياته حيث هذا البرج، وإذا كان مكانًا يتيح له أن ينتحر سقوطًا منه، فموته في وصوله إليه. الأبراج لم تعد مكانًا للمثقفين، هي صارت اليوم أسواقًا يرى فيها المثقف مكانًا لموت الإنسان وتسليعه.

علينا أن نتذكر أن برج بابل كان المكان الذي بدأت منه اللغة الواحدة تصير لغات يصل عبرها البشر إلى السماء بطرق مختلفة ويمشون فيها في الأرض في شعب متباينة. البرج كان مكان حياة اللغات، والإنسان لا يحيا من غير لغة يثقف من خلالها العالم. على المثقف أن يصلح برجه ويجعله مكان حياة.

ضياء الكعبي: المثقف قد يصل إلى حالة أسميها حالة “التصنُّم” المعرفي وهي حالة لها مسببات كثيرة منها عائد للمثقف نفسه ومنها عائد إلى مريديه ومن هم حوله. أي تحوّل المثقف نفسه إلى “صنم مقدس” أو “بقرة مقدسة”، وتحوّل أطروحاته كذلك إلى مقدسات لا يجب المساس بها ولا الاقتراب منها بأي حال من الأحوال.

وعندما يصل المثقف إلى هذه المرحلة فمعناها أنه قد وصل إلى موته وأعلنه هكذا جهارًا على الملأ. والمثقف يكون مسؤولاً عن خلق هذه “الحالة” وكذلك المصفقون له يخلقون “هالته” الزائفة التي لا تلبث أن تنجلي عن سراب زائف. والوصول إلى هذه “الهالة” يعني خطابًا استعلائيًّا فحوليًّا متضخمًا يعجز عن قبول الخيارات والتعدد وقيم الاختلاف.

مدونتي “هوامل”… انشقاقات وتراكمات منجزة

في حال انتماء المثقف إلى جهة معينة، والتزامه بأدبياتها وخطوطها العريضة، هل سيبقى منتجًا بشكل صحيح، وهل من الممكن القول إن عروقه المعرفية قد جفت بعض الشيء؟

علي الديري: حين ينتمي المثقف إلى جهة معينة، يفقد خلطته المركبة بإبداعه وإرادته، ويصبح خطًّا مؤتلفًا في هذه الجهة، والمثقف حالة تستعصي على الخط المستقيم الواضح، هو يأتلف مع ظل الأشياء وضلالها.

وقد أطلقت على مدونتي بالإنترنت اسم “هوامل” التي هي النياق الشاردة الفالتة من طريق الجماعة. هذا الاسم يدفعني للخروج دومًا من عضوية الجماعات، حتى بمعنى المثقف العضوي الذي ابتكره غرامشي وجفت عروقه لفرط ما وظفه المثقفون المنتمون لجهات سياسية.

ضياء الكعبي: لنستحضر انتماءات المثقف العربي من تاريخ المشهد الإبداعي والفكري العربي المعاصر؛ فقد أنشئت كيانات أدبية وفكرية عربية كان نتاجها زخمًا ومنتجًا إبداعيًّا ضخمًا خصوصًا عندما نتحدث عن “الحداثة العربية والجهود البارزة لروادها في التنظير والممارسة. وفي المقابل شهدت هذه الانتماءات الوليدة خروجًا باكرًا عليها وانشقاقات أثمرت هي الأخرى وراكمت منجزات إبداعية فاعلة”. لا ضير من انتماءات بهذا المعنى شريطة ألا تتحول المؤسسة المعرفية إلى سلطة قامعة لأعضائها وللآخرين.

عمليات بطيئة ومركبة… ماراثون مضحك

معظم أفكار المثقف مجرد تراكم معرفة لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا يضيف شيئًا إلى تاريخ الثقافة سوى بناء ملاحظات وتمحيص بعضها والاستشهاد بما يتأتى عليها الدراسة، فهل هذه أيضًا علامة من علامات موت المثقف؟

New Picture (1)علي الديري: (موت المثقف) صيغة مجازية مثل (صيغة موت الإله) لنيتشه و(موت الإنسان) لمشيل فوكو، وقد ابتكر المثقف نفسه هذه الصيغ، كي يحمي نفسه من الموت، أي كي يذكر نفسه بأنه حي وقادر على أن يميت الأشياء ويحييها في صيغ مبتكرة.

المثقف لا يمكنه أن يقول شيئًا جديدًا من دون أن يراكم معارف كثيرة يسد بها جوعه أولاً ويسمن بها جسده ثانيًا وتتمثلها روحه ثالثًا. تلك عمليات بطيئة ومعقدة ومركبة، والمثقف الذي لا يهضم جيدًا، يفقد قدرته التمثيلية فيموت، كما يموت النبات حين يفقد قدرته على التمثيل الضوئي. المثقف كي يضيء يحتاج إلى زمن ضوئي.

ضياء الكعبي: هي علامة على “إفلاس المثقف”… وقد وجدنا عددًا من كبار المثقفين العرب يصلون إلى مرحلة الجدب الفكري فيبدأون بمساجلات مفلسة مع الخصوم المعرفيين، أو يكررون الخطابات في عصر “ثقافة الصورة: فيصبح المثقف هنا “نجمًا في الفضائيات العربية، ومتحدثًا في مؤتمرات الدرجة الأولى: عليه مواجهة نفسه والتوقف عن هذا الماراثون المضحك الذي لا يضيف جديدًا إلى المعرفة.

أو تكون… صفرًا إبداعيًّا

ألا يدعو تشابه الدراسات الفكرية في الطرح والتفسير، إلى الاستغراب من ضحالة الإنتاج الإبداعي للمثقف؟

علي الديري: تشابه الدراسات سببه أحيانًا تشابه أدوات التحليل وشيوع مناهج التفسير، وفي كل مرحلة تاريخية تكون هناك مجموعة من استراتيجيات القراءة والتأويل والتفسير مشاعة بين مجموعة من الباحثين، فتتشابه خطاباتهم. أو تكون هناك مفاهيم عن الشعر والحرية والإنسان تشكل اتجاهًا جديدًا وحياة جديدة بين مجموعة من المثقفين فتتشابه إنتاجاتهم. ماذا قال محمد العلي لحظة اكتشاف ديوان السياب (شناشيل ابنة الجلبي) في الستينيات؟ قال: “واكتشفت لحظتها أن علي أن أجدد نفسي أو أموت”، هكذا كل تجديد يؤول إلى موت ينتظر حياة جديدة.

– ضياء الكعبي: هناك خطاب استعلائي قامع يمارس العنف الرمزي ويعيد إنتاجه. وعندما تسود أجواء من الغيرة والرغبة في تغييب الطرف الآخر؛ لأنه مختلف ولا ينتج المعرفة التي أؤمن بها هنا نصل إلى مرحلة الجدب الفكري وسأكرر مقولات الحيز الضيق الذي أؤمن به، وسأحجب الإبداع والإضافة وهكذا يصبح إنتاجي صفرًا إبداعيًّا لا يضيف شيئًا.

لنحرر العقل… ولنتأمّل

كيف يعمل المثقف على بناء مجتمعه المدني في ظل الحداثة وما بعد الحداثة، وإلى أين سيصل مفهومه الشخصي بطريقة تتعاطى مع المشكلات الجمة التي تحصل هنا وهناك؟

علي الديري: لقد ابتكرت الحداثة مفهوم المثقف، وجعلت مهمته الخروج من قصوره الذي هو مسؤول عنه، قصوره عن استعمال عقله دون إشراف الغير، حررت عقله من أوهام المسرح والأصنام والكهف والسوق، وأوكلت إليه مهمة تنوير العالم بأنوار طبيعية دنيوية لا إلهية سماوية. وجاءت ما بعد الحداثة لتطيح بأنواره الحداثية وتعتبرها أوهامًا، فليس العقل نور العالم بعد أن دمره في حربين عالميتين، وليس العقل مركز الإنسان، وليست هناك مهمات كونية للمثقف. وليس هناك معنى واحد وحقيقة واحدة ينتدب المثقف نفسه إليها.

المجتمع المدني إحدى الصيغ التي ابتكرها المثقف ليحد من السلطة التي تمارسها الدولة باسم العقل الكلي المهيمن. وفي هذا المجتمع يمكن للمثقف أن يمارس مهمته في النقد والاحتجاج من أجل توسيع المجال العالم للحرية. من هنا فمهمة المثقف توسيع حرية المجال العام الذي تضيّقه السلطة السياسية والسلطة الدينية وجماعات المصالح.

ضياء الكعبي: المثقف الحقيقي هو الذي من واجبه بناء مجتمعه المدني في ظل الحداثة وما بعدها. عليه أن ينهض بدوره الفاعل في خلق استراتيجيات ثقافية ومنفتحة على الأطياف الفكرية كافة. ليس عيبًا أن أتحالف مع السلطة السياسية في بناء الشراكات الثقافية مادام هناك هامش ولو قليل للتحرك. العيب هو الانكفاء على الذات وجلدها والاكتفاء بخطابات لعن السلطة وتدبيج هجائيات الشتم والاستعراضات البلاغية.

وهنا لا أمجد المثقف النفعي الانتهازي الوصولي المتسلق، ولنتأمل فيما حولنا لنجد تحولات كبيرة طالت مثقفي الستينيات والسبعينيات عربيًّا: يتحول ذلك المثقف الثوري الشاتم إلى متحالف مع السلطة. والمثقف عليه احترام قيم التعدد والاختلاف الفكري مع الآخر.

نرجسية… طيف واحد

لماذا – برأيك – المثقف على خصومة دائمة مع المثقف الآخر، ولماذا يشغل نفسه في إثارة المشكلات بدلاً من البحث عن القضايا التي تساهم في بناء الوعي الفكري للمجتمع بشكل عام؟

علي الديري: المثقف كائن شديد الحساسية والغيرة والحسد في الحقل الذي يشتغل فيه، ويعتبر المثقفين الذي يشاركونه في الحقل منافسين لنرجسيته.

– ضياء الكعبي: الإجابة عن هذا السؤال هي عندما يصبح الجميع طيفًا واحدًا هنا تلغى قيم التعدد والاختلاف والتنوع وتسود سجاليات زائفة لا تضيف أي شيء إلى تاريخ المعرفة الإنسانية.

لا أعرف… يصم آذانه

وهل بات المثقف مفلسًا فكريًّا، وعاجزًا عن مواكبة التغيير، كما استطاع أن ينجز ذلك أسلافه؟

علي الديري: المثقف بأل التعريف يستعصي على التحديد والفهم. لا أعرف من هذا المثقف الذي تسألين عنه.

– ضياء الكعبي: يصل المثقف إلى الإفلاس الفكري عندما لا ينفتح على الآخر وعندما يصم آذانه عن سماع الأطروحات الأخرى المناهضة لفكره ولا يسمع إلا أطروحته هو.

جرعة الجنون… انعدام التواصل

البعض يصف المثقفين بالمجانين، ولا يمكن فهم ما يقولون في أطروحاتهم وكتبهم ومقالاتهم، فهل هم فعلا كذلك؟

علي الديري: في الجنون شيء من كيمياء المثقف، ويتفاوت المثقفون بمقدار جرعة الجنون.

– ضياء الكعبي: هذا وصف مجاني جدًّا وغير حقيقي، وما يخلقه هو انعدام التواصل الفاعل بين المنتجين الثقافيين ومتلقيهم، وقد يخلق هذه الحالة بعض المثقفين الذين يتعمدون إيجاد خطاب التعمية الفكرية للتغطية على ركاكة منجزاتهم المتهافتة التي لم تضف جديدًا يذكر.

كنت… ولا بد

يوصف المنتج الفكري الذي يقدمه بعض المثقفين أحيانًا بأنه منتج يشوبه غشاوة مهترئة وأوهام مهزوزة، بحجة اشتغاله على تجزيء وتفكيك خطابات أكل الدهر عليها وشرب، وابتعاده عن الاشتغال على نظريات محكمة وفاعلة يستثير من خلالها الشارع العربي، فما رأيكما؟

علي الديري: المثقف ليس إعلاميًّا، المثقف يفكك ما يأكله خطاب الإعلامي ويشربه، ويفكك ما تأكله خطابات التاريخ والحضارات والسلطات. في الخطاب تتوارى حقائق المجتمع وممارسة الإنسان وموقفه وحياته وأديانه وسلطاته. حين اشتغلت على خطاب ابن حزم الأصولي، كنت أفكك خطاب حقيقته الذي ما زالت تشربه وتأكله خطابات المتدينين اليوم.

– ضياء الكعبي: لا نستطيع التعميم: هناك مفكرون عرب اشتغلوا على تفكيك خطابات فكرية ووضعوا لأنفسهم إضافة جديدة في مسيرة الفكر: من ينكر على سبيل المثال الاشتغالات الحقيقية للمفكر العربي الفلسطيني إدوارد سعيد واشتغالات الجابري ومحمد جابر الأنصاري والعروي وطه عبدالرحمن وأبويعرب المرزوقي وغيرهم كثير. وفي مقابلهم لا بد من الاعتراف أن هناك أفرادًا انتحلوا اسم مثقف وبدأوا بإنتاج وإعادة ما أنتجه سواهم ونسبته إلى أنفسهم.

تحب المثقفين… وزائفين

المثقف بات يتعامل مع عقائده الفكرية من باب مصلحة ذاتية من جهة ويتملق بشهية كبيرة للسلطة؟

علي الديري: السلطة تحب المثقفين إذا كانوا مستشارين وليس مستثارين.

– ضياء الكعبي: من واجب المثقف الحقيقي خلق الشراكات الثقافية الفاعلة مع السلطة وعدم الانكفاء. فانكفاؤه يعني أنه يفسح مجالاً لغير الأصلح لأن يخلق أشباه مثقفين زائفين. فلنتأمل في كتاب “كليلة ودمنة” لابن المقفع وهنا أستعير عبارة ابن النديم في كتاب الفهرست: كيف أصنف هذا الكتاب، هذا الكتاب في حقيقة الأمر يندرج في إطار مشروع إصلاحي هدف به ابن المقفع إلى إيجاد دور حقيقي وفاعل للمثقف في إطار المحافظة على النظام السياسي القائم ومخطئ من يظن أن هذا الكتاب هو خطاب معارضة سياسية في المقام الأول.

متى يُعلن المثقف موته؟ وما النهاية التي يتجلى بها لختام حياته؟

علي الديري: إذا سمع بإنصات أسطوانة زياد الرحباني (مثقفون – نون:(

مثقفون يفكرون بانتظام يشرحون يحللون مفاصل الأزمات

يتسلّقون الألف ينبطحون – نون

مثقفون قلقون ينتظرون الحزن والجنون

حتى في الأعماق يكذبون يفلسفون العجز يرتاحون

– ضياء الكعبي: إذا كان رولان بارت قد أعلن “موت المؤلف” فإن موت المثقف: لن يعلن أبدًا،المثقف العربي سيتشبث بالبقاء… وسنرى كثافة إعلامية بارزة لأشباه مثقفين سيصعدون ويصنعون الخطابات المتسلطة القامعة؛ لأن لا ثوابت لديهم تقيدهم. أما المثقف الحقيقي فسيستمر تهميشه وتغييبه؛ لأنه لا يجيد لعبة التوازنات السلطوية. ولن تتغير هذه الصورة إلا بخروج المثقف الحقيقي عن انكفائه ومساهمته ولو بالقليل في خلق مشهد فكري متميز: هنا فقط ستتغير الصورة!

جذب فكري

“عدد من كبار المثقفين العرب وصلوا إلى مرحلة الجذب الفكري، وبمساجلات مفلسة مع الخصوم المعروفين، فعلى المثقفين التوقف عن الماراثون المضحك، ومواجهة أنفسهم”.

ضياء الكعبي

كائن حساس

“المثقف شديد الغيرة والحساسية، ولا ضير في تفاوت جرعة الجنون لديه، وبصيغة أخرى إن لم يهضم جيدًا فسيفقد قدرته التمثيلية ثم يموت”.

علي الديري

طرح آخر

المثقف لا يقف حائرًا/ متوجسًا/ مترنحًا، بل يحاول أن يلاقح الأفكار ويستولد خلايا جديدة عقلية تقرب من الأطروحات في التقابل والتعاكس؟ لكن أنا هنا في محل مراوغة لسؤال يلح بقوة في مكانه، فهل أفني المثقف في عالم البرزخ أم أنه مازال يتنفس الصعداء؟

المحررة

http://www.albiladpress.com/

جريدة البلاد. العدد 130 السبت 21 فبراير 2009

35 تعليقا على “حوار حول موت المثقف”

  1. لقاء رائع أستاذ علي وأتمنى لك دوام التوفيق

    للأسف المثقف اليوم وفي عالمنا العربي يسكن برجا عاجيا مغبرا نائيا عن مجتمعه أصبح لا يدرك حلاوة الجلوس مع الفقراء والبسطاء.

    أصبح مركزا للكون رغم رقت قلبه وامتلاكه مشاعر حساسة جدا

  2. لم نعد نرى المثقف العربي يلتحم بقضايا عصره . تلك القضايا التي أصبحت تطرح أسئلة إشكالية من قبيل قضايا التنمية و التخلف الاجتماعي , إشكالية طبيعة العلاقة بين الديني و السياسي في المجتمعات العربية و الإسلامية , إشكالية علاقة المثقف و السلطة …
    أعتقد , شخصيا , أن المثقف العربي ينبغي عليه أن يتحمل كامل مسؤولياته تجاه المشكلات الكبري التي يتخبط فيها وطنه , و لا ينبغي عليه أن يقبع في برجه العاجي متفرجا و لا يحرك ساكنا . فأنبياء العصر هم المثقفون الحقيقيون , ينبغي أن لا يتركوا الساحة فارغة , يصول و يجول فيها أشباههم , و ما هم بالمثقفين إلا بالإسم . صحيح أن المثقف في السنين القليلة الماضية , لا يرتاح لمسألة ظهوره المكثف في وسائل الإعلام ( خاصة المرئية ) بسبب ما تقدمه هاته الوسائل من ثقافة سطحية , لكن ينبغي التفكير بجدية في تحقيق مشاريع قنوات فضائية مثقفة تساهم في نشر الوعي عبر ترسيخ ثقافة إعلامية بديلة , متنورة , بحيث تكون ه>ه القنوات الفضائية في ملكية المثقفين . أعتقد أن ه>ا الإجراء العملي سوف يعيد للمثقف أدواره الطلائعية و التنويرية التي كان يقوم بها سلفه في الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي .

اترك تعليقاً