بعد شهرين من المتابعة و’’الحقران’’ الذي يقطع مصران اللباقة، أبديت لرئيس العلاقات العامة والإعلام بـ’’جهاز المساحة والتسجيل العقاري’’ التساؤل الكبير الذي يمكن أن يطرح على ‘’بروفايل’’، وهو ‘’استملاك الأراضي’’ إذا لم يكن لصوت جهاز المساحة حضور فيه. سألني على أرضية مساحتها بالغة الذكاء والفطنة والجدية والخبرة والإعلام ووو.. إلخ: خوي تساؤل من قبل من تقصد؟
هنا لم تسعفني بلاغتي ولا مساحة أرضيتها التي لا وثيقة رسمية لها سوى ما يشهد به الأصدقاء. نعم، لم تسعفني في ابتكار جواب يليق بالمساحة التي تشغلها أرضه في هذا الجهاز من جواب طيلة شهرين.
خرجت من مكتبه، أحمل في مساحتي الخاصة خيبة ، لكني قررت أن أحيل مساحة الخيبة فضاء تحدٍ، لكن لن يكون التحدي استنطاقا، بل محاولة لفهم، لماذا لم ينطق هذا الجهاز؟
النطق هو قدرة على التصرف في الكلام، وهذا الجهاز لا يجيد الكلام، لأن في فمه ماءً ، لأنه يعتبر كل ما فيه من معلومات وخرائط ملكاً له لا ملكاً للناس، إنه مؤتمن على سرّ الحيازات والاستملاكات. هو لا يحتفظ بأسرار عامة بقدر ما يتحفظ بأسرار خاصة، هو لا يتكلم لأن لسانه لا يشف بالحقيقة، بل بالستر والمواراة والإخفاء.
هل يمكن لهذا الجهاز أن يكون جهازاً عاماً من أجهزة الدولة العمومية، وهو يملك في دائرة السر تاريخ أراضينا منذ نشأة دائرة الطابو 1924 إنه بمثابة وزارة الأرض، والأرض ذاكرة وليست مجرد أوراق ملكية، يملك القوي استصدارها بمساحات تنطق بقوته. لا يمكن لهذه الذاكرة أن تكون وطناً وهي قابعة في دائرة السر .
التحدي هو أن أستنطق هذه الذاكرة من جهات تتجاوز قلعة هذا الجهاز المنيعة على الصحافة والمواطنة. ما لم تفتح هذه القلعة الصماء فلن نعرف خارطة طريق أراضينا، أراضينا المرتفعة عن سطح الأرض أو المغمورة بالمياه أو التي كانت مغمورة، وصار 97% منها غير مغمور المالك (ملك خاص)، و3% مشهور المالك (الدولة) بحسب رواية شركة اسكيديمور.
خارطة الـ 33 جزيرة التي لا نراها، هي هناك في هذا الجهاز الأمين فقط على المواطنين الذين لهم حصة في 97% مما كان مغموراً بالمياه.