ملف الأصولية والأخبارية في جريدة الوقت 2007 pdf
كانت البحرين منذ عصر الشيخ يوسف البحراني (1695-1772) وحتى عصر الثورة في السبعينات أخبارية، تعتمد إضافة إلى القرآن كتب الأحاديث الأربعة مصدراً خبرياً قطعي اليقين ليس فقط للتشريع الفقهي، بل للفهم القطعي للعقائد والمعاملات اليومية والمواقف السياسية، وإدارة العلاقة مع أصحاب المذاهب الأخرى. الكتب الأربعة المعتمدة عند هذه المدرسة هي، (الكافي) للشيخ الكليني المتوفى 328 هـ، وعدد أحاديثه 16199 حديثاً، وكتاب (من لا يحضره الفقيه) لابن بابويه القمي، المتوفى 381 هـ، وضمَّنه 5998 حديثاً، وكتاب (تهذيب الأحكام) للطوسي، المتوفى 460 هـ، وعدد أحاديثه 13590 حديثاً . وكتاب (الاستبصار فيما اختلف فيه من الأخبار) للطوسي أيضا، وعدد أحاديثه 5511 حديثاً .
شكلت هذه المدونة الأخبارية المصدر الثاني للتشريع عند الأخباريين، بعد أن رفضوا اعتماد العقل والإجماع الذي أضافه الأصوليون، مصدراً للتشريع.
هل يمكن لمدرسة فقهية أن تتسيّد مدة أكثر من قرنين بلداً ما، من دون أن تترك آثارها في صياغة ثقافته وسياسته ورؤيته وصراعاته السياسية ونمط تدينه؟
طبعاً لا يمكن ذلك، فتماماً كما تركت المالكية آثارها في نمط التدين المغربي، وتركت الشافعية كذلك آثارها في التدين المصري، كما ترك المذهب الحنفي آثاره في التدين العراقي، وكما صاغت الوهابية نمط تدين شبه الجزيرة العربية، كذلك الأخبارية صاغت تدين البحرين.
هذا ما أفترضه، وأحاول في هذا البروفايل المخصص لـ (الأخبارية والأصولية) أن أفهمه. وأفهم آثاره الحالية في نمط تديننا. لا يمكن أن يكون تديننا مطابقاً للتدين الذي جاءت به الثورة الإسلامية في إيران، هناك أثر واضح وقوي لحدث الثورة في انتشار التدين السياسي، لكن هناك تديناً آخر أعاد تمثيل التدين السياسي الذي جاءت به الثورة، وهو مازال يشتغل فينا، ويعطي لتديننا سماته المتعلقة بدرجة التسامح أو التعصب والانفتاح أو الانغلاق والقبول بالآخر أو رفضه، وعلاقته بالدولة والمرأة.
والدليل على ذلك أن الكتب التي أنتجتها هذه المدرسة منذ أكثر من قرنين، مازالت تطبع ويرجع إليها ويحتفى بها، ويفاخر بغزارتها، وتدرس في الحوزات والمدارس الدينية البحرينية، كما أن قصص تأليفها وتاريخه، مازالت تحكى وتحدث فعلها في متخيل الجماعات.
كما أن جامعة الشيخ حسين العلامة، وهو أحد أكبر زعامتين دينيتين ومرجعيتين على الطريقة الأخبارية، ستكون قريباً إحدى الجامعات البحرينية الأكاديمية. كيف سنفهم حدث تأسيس هذه الجامعة إذا لم نفتح ملف (الأخبارية والأصولية)؟