في حوار مع محمد خاتمي: خاتمي متسلِّلاً بين غصن الثقافة الحلو وغصن السياسة المُرّ

 

علي الديري محاورا محمد خاتمي في مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للدراسات والبحوث (يونيو2006)
علي الديري محاورا محمد خاتمي في مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للدراسات والبحوث (يونيو2006)

 

  • حوار الحضارات ليس بحثاً عن حضارة جديدة تتسلّط على الحضارات الأخرى بل جعل الحضارات أغصانا تتداخل ببعضها.
  • الآداب السلطانية والأحكام السلطانية ما هي إلا آداب وأحكام تبرّر استبداد الأنظمة الحاكمة من خلال الفكر والدين.
  • الحكومة الدينية أو غير الدينية، لابد أن تنبثق عن كامل إرادة الشعب وتبقى خاضعة لرقابته.
  • ما لم تكن السياسة كمالاً انسانياً، تصير غصناً مراً لاحلاوة فيه. 
  • لست على استعداد أن أبادل لحظة واحدة من لذة الجمع بين غصن الأخلاق والثقافة، بعمر كامل لسياسة مُرّة لا تتسلل إليها الأخلاق ولا تبللها الثقافة.
  • ممكن أن تكون ولاية الفقيه إضعافاً للمجتمع.

“ولو أن غصناً مريراً وصل بآخر حلو لتسللت إلى طبيعته تلك الحلاوة” جلال الدين ابن الرومي.

 على الرغم من امتلاء برنامجه السياسي والثقافي في الفترة القصيرة التي يزور فيها مملكة البحرين، بدعوة من مركز الشيخ إبراهيم للدراسات والبحوث، تمكن غصن “الوقت” من التسلل إلى غصن محمد خاتمي الرئيس السابق للجمهورية الاسلامية  في إيران، ورئيس مركز حوار الحضارات حالياً، ليصل معه عدد من الأغصان المتفاوتة في درجة حلاوتها ومرارتها.

في هذا الحوار نفتح أغصان مدينة خاتمي على السؤال الذي يرى فيه فعلاً ولجة ومحجة وتفكيرا حقيقيا وإثباتا لوجود الإنسان.

في هذا الحوار نفتتح مدينة خاتمي التي تتعايش فيها التطلعات والمخاوف والآمال، والدين والتصوف والثقافة والسياسة والفكر والشرق والغرب والماضي والحاضر، مدينة خاتمي  مدينة بطعم حوار الحضارات، وهي ملتقى طرق للسعادة بعدد أنفاس الحضارات. أجريت هذا الحوار في مركز شيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للدراسات والبحوث، علي هامش زيارة الرئيس محمد خاتمي للبحرين في يونيو2006 بدعوة من المركز.

رطوبة المثقف

كان جلال الدين ابن الرومي يقول  “ولو أن غصناً مريراً وصل بآخر حلو لتسللت إلى طبيعته تلك الحلاوة”. هل تسللت حلاوة غصن الثقافة إلى مرارة غصن السياسة في تجربتك الرئاسية التي تبللت أكثر من مرة برطوبة دموعك الحرة الحارة؟ هل استحالت طبيعة السياسة بتسلل حلاوة الثقافة؟

خاتمي: أعتبر نفسي مثقفاً بالدرجة الأولى، وأحب كثيراً أن أنظر إلى السياسية من هذه الناحية. اعتقد أنني حاولت خلال تواجدي في المسرح السياسي أن أنظر إلى السياسة من هذه الزاوية. لكن للأسف الشديد فإنه في السياسية فراغ كبير لواحدة من أهم عناصر الثقافة وهي الأخلاق.

 البعض يقول أن هناك تناقضاً بين الأخلاق والسياسة، هذا الأمر يعتمد على كيف نعرِّف السياسة، فإذا كانت السياسة من أجل تدبير الحياة المعيشية الفضلى للإنسان، وكانت تهدف إلى الارتقاء بالكمال الانساني، فإن السياسة بهذا تكون هي المظهر الكامل للأخلاق، لكن إذا كان تعريفنا للسياسة هي السيطرة على السلطات والإمساك بها، وأن نعتبر السياسة متسلطة على الشعب بدلاً من أن تكون منبثقة عن إرادته، عندها تكون السياسة غصناً مراً محضاً، لا ثقافة فيه ولا أخلاق. 

أميل كثيراً لرؤية السياسة من الجانب الثقافي، أما كم كنت موفقاً في هذا فأتركه لحكم التاريخ. لكنني لست على استعداد أن أبادل لحظة واحدة من لذة الجمع بين غصن الأخلاق والثقافة، بعمر كامل لسياسة مُرّة لا تتسلل إليها الأخلاق ولا تبللها الثقافة. 

بيم موج السياسة

هل الثقافة في تجربتك استطاعت أن ترطب غصن السياسة المر؟

خاتمي: هذا ما يجب أن يكون، لكنه في عالم اليوم أمر صعب المنال. السياسة كما تمارس اليوم هي استخدام للسلطات وتطويع لها، وهي تستثمر الفلسفة والدين من أجل بسط سلطتها ونفوذها، لكننا إذا ما أردنا أن نلطف ونطوّع السياسة، فليس أمامنا خيار آخر غير أن نجعل الأخلاق تتسلل في طريق السياسة، حتى تتمكن الحلاوة من تطويع المرارة وترطيبها. البعض يقول إأنها آمال بعيدة لكننا نسعى للنجاح في هذا الطريق.

هل هذا الممكن، هو ما يعبر عنه مفهومك ( بيم موج) الذي استخدمته عنوانا لكتابك (بيم موج.. المشهد الثقافي في إيران: مخاوف وآمال). البيم موج بما هو حالة بين الأمل والخوف والتطلعات والآمال، هل هذه الحالة كانت مسيطرة على ممارستك في المشهد السياسي؟ 

خاتمي: بالتأكيد، الإنسان لديه آمال عادة، وفي طريق تحقيق آماله هناك معضلات ومشكلات، لذلك دائماً الحياة بين الخوف والرجاء. محاضرتي في مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة، كانت تحت هذا العنوان، العالم الإسلامي بين المخاوف والآمال.

مدينة خاتمي

يقول أفلاطون ملخصاً تجربته “هكذا أيقنت، بعد طول فكر وتحقيق، أن جميع المجتمعات تدار بطريقة غير مرضية، وأن هذا الوضع لن يتغير أبداً إلا باتخاذ طريقة خارقة للعادة في المعالجة (…) إن الفلسفة هي وحدها التي من شأنها أن تنظم حياة الناس الخاصة والعامة، لا منجاة للناس من المآسي والشرور إلا متى أمسك الفلاسفة الحقيقيون بزمام المجتمع أو أقبل من بيدهم أزمة الأمور على الفلسفة” مدينة السياسة، خاتمي، ص58. كان مشروع المدينة الفاضلة عند أفلاطون حلاً خارقاً للعادة في معالجة الوضع السياسي. فهل حوار الحضارات عند خاتمي  حلاً خارقاً للعادة في معالجة الوضع السياسي، بعد أن تعولمت المدينة السياسية؟

خاتمي: ما يعرضه أفلاطون هو نوع من اليوتوبيا التي لم تتحقق. أفلاطون كان يعتقد أن الفيلسوف مطّلع على كافة الحقائق، لكن الواقع ليس كذلك، الإنسان محدود دائماً.

 لدينا مفكرون كانوا يعتقدون بأن لديهم المعرفة الفلسفية الكافية، لكنهم عندما تبوؤوا السلطة استخدموا معرفتهم في سبيل تحكيم هذه السلطة.

 المدينة الجميلة لأفلاطون هي مدينة خيالية. لكن الفارابي الذي تأثر بالفلسفة الإسلامية لديه طرح مختلف. أفلاطون يقول إن الملك يجب أن يكون حكيماً والحلكيم ملكاً، أما الفارابي فيقول إن الحكيم النبي يجب أن يكون ملكاً، وبالتالي فإن الحكيم العاقل يجب أن يكمِّل عقله من خلال الوحي، هذا هو الفرد الذي يستطيع أن يقيم الحكومة الفاضلة. هناك نظريات سياسية كثيرة تطرح في العالم اليوم، لا أريد الخوض كثيراً في هذه الأمور النظرية الآن.

حوار الحضارات ليس مدينة يوتوبية أو خيالية، بل هو أمر واقعي وممكن، لأن الحضارات والثقافات أمر واقع ويمكن لمسه، لم يكن هناك يوماً صراع بين الحضارات، بل كان هناك أخذ وعطاء وتبادل بين هذه الحضارات. الشعوب في تعاملها مع بعضها البعض هي التي كانت تصنع الحضارات. فإذا كانت الحضارات أمر واقعي، وإذا كان هذا الأخذ والعطاء أمر طبيعي قائم بينها، فإن حاور الحضارات يحاول أن يجعل هذا التبادل العفوي أمراً واعياً ومتعمداً. 

حوار المرايا

حوار الحضارات ليس البحث عن حضارة أخرى جديدة تتسلّط على الحضارات الأخرى، بل هو من أجل تعرف الحضارات على بعضها البعض. في هذا الحوار تكون الحضارات مريا بعضها البعض، تستطيع هذه الحضارات أن ترى كمالها في مراياها كما ترى نواقصها. حوار الحضارات هو جعل الحضارات أغصانا تتداخل ببعضها البعض.

 لذا أعتقد أن مدينة أفلاطون هي حل أقرب للخيال من الواقع. بينما حوار الحضارات هو حل ينظر إلى الواقع وينطلق منه.

لماذا إذن ذهبت إلى أفلاطون وإلى مدينته وتحدثت عنها في كتابك مدينة السياسة؟

خاتمي: كنت أدرس ذلك في الجامعة، والدورة الثالثة لهذا الموضوع لا تزال ناقصة، أتمنى الآن من خلال تفرغي أن أكمل هذه الدورة. كانت لدي دورة في الجامعة طرحت فيها الفكر الغربي السياسي منذ أفلاطون وحتى المرحلة الليبرالية. الحلقة الثانية هي حول الفكر السياسي في الإسلام منذ انتهاء عهد الخلفاء الراشدين وحتى اللحظة التي تعرّف فيها الفكر الغربي للفكر الاسلامي. طوال هذه الفترة أي خلال 12 قرناً كان الظلم والاستبداد هو السائد، والدين والفكر كانا واقعين في فخ الاستبداد. 

الدورة الثالثة التي أعمل عليها الآن هي العالم الاسلامي في حالة الركود والضعف والهوان، وهو في حالة من التعرّف على العالم الغربي الذي هو في حالة التسلط والغلبة والهيمنة. لدينا في العالم الاسلامي مشكلات في الفكر الاسلامي والفكر الديني والواقع السياسي الذي نعيشه، وما هو الطريق الذ نبحث عنه، لذلك أنا لم أناقش فكر افلاطون بشكل خاص، وإنما تناولته في سياق الحديث عن الفكر السياسي الغربي. أتمنى أن يوفقني الله أن أدرس وأبحث وأطرح وأضع الحل، ولدينا مثل يقول إن طرح الآمال على الشباب ليس كثيراً ( يقول خاتمي ضاحكاً).

آداب التبرير

في كتابك مدينة السياسة: فصول من تطور الفكر السياسي في الغرب، تقرر إن أية محاولة علمية وفكرية في المجال السياسي لن تؤتي ثماراً إذا لم تتعرف إلى الفكر الغربي. ماذا عن الفكر السياسي في الحضارة الإسلامية أو في حضارة المسلمين؟ هل يمكننا التعويل على ما عرف في حضارتنا بالآداب السلطانية التي أسس لها ابن المقفع بثقافته الفارسية، وهي آداب تقوم في أساسها على مبدأ نصيحة أولي الأمر في تسيير شؤون سلطتهم، إذ تتضمن كل موادها مجموعة من النصائح الأخلاقية والقواعد السلوكية الواجب على الحاكم اتباعها، بدءاً مما يجب أن يكون عليه في شخصه إلى طرق التعامل مع رعيته مروراً بكيفية اختيار خدامه واختبارهم وسلوكه مع أعدائه؟

خاتمي: الآداب السلطانية والأحكام السلطانية وما كتبه كل من الماوردي وابن المقفع، ما هي إلا آداب وأحكام تبرّر الاستبداد للأنظمة الحاكمة من خلال الفكر والدين، وهذا ما أشرت إليه في كتابي الثاني الدين والفكر في شراك الاستبداد. كل ما عملوه هو أنهم أخذوا من معين الفلسفة والفكر والدين ما يبرر الاستبداد والقمع والظلم، وهذا مابرر لقيام  سلطات ملكية قبل الاسلام استفادوا من معين هذا الفكر، على الرغم من كون هؤلاء المفكرون على قدر عال من التميز، لكني أرى أن أفكارهم باطلة، لذلك أعتقد أننا بحاجة إلى مقترحات وأفكار ومشروعات جديدة تقدم قراءات مختلفة ونظرة مختلفة للحكم والسلطان. من خلال اطلاعنا على الغرب وأفكاره يمكننا أن نستخلص أفكاراً جديدة، وعلى هذا الأساس نستطيع أن نبني مستقبلاً جديداً.

ولاية الشعب

بحسب ما تنقل عن فيلسوف الفكر السياسي الغربي جون لوك (1632 – 1704) في كتابك مدينة السياسة، “فكل ما يؤدي إلى إضعاف المجتمع ممنوع ، وجدير بأن يحال دونه، وإن اتصف بالصبغة الدينية”. هل يمكن أن نقرأ ولاية الفقيه باعتبارها الإرادة العليا إضعافاً للمجتمع بما هو قوام من الإرادات الفردية؟

خاتمي: هذا يعتمد على القراءة التي نقدمها للحكومة وولاية الفقيه والدين، أنا أعتقد أن الحكومة الأفضل هي تلك المنبثقة عن كامل إرادة الشعب والتي تبقى خاضعة لرقابة الشعب. ويمكن أن نستنبط مثل هذا من الاسلام، منذ أيام الخلفاء كنا نرى مثل هذه العلاقة بين الشعب والحكم، بعد ذلك اختلف الوضع، وصار الحكم ملكاً، العبارة الأمثل في نظري لتوصيف ذلك الوضع هي ما قدمها ابن خلدون حين أوضح بأن الخلافة بعد الحكومة الراشدة تحولت إلى امبراطورية موروثة أو إلى ملك عضوض. بهذا الحكم ذهب ما يسمى بالحق المتبادل. وصار هناك طرفان، طرف له الحق المطلق في القيادة والاتباع، وطرف آخر عليه أن يقدم الطاعة المطلقة والتبعية المطلقة للطرف الأول، وذلك هو سبب الحالة المرزية التي نعيشها اليوم.

المهم اليوم هو القراءة التي نقدمها لهذه المفاهيم، قد نستطيع وفق قراءتنا أن نؤسس حكومة إسلامية لديها هذه العلاقة مع الشعب، كما يمكن أن نقدم قراءة مختلفة تبرر للقمع مع الشعب.

قراءتي الخاصة هي أن أي حكومة مهما كانت دينية أو غير دينية، يجب أن تكون منبثقة من إرادة الشعب واختياره وتكون خاضعة لرعايته، ومن حق الشعب أن يغير هذه الحكومة متى شاء.

في تجربتك الرئاسية هل كانت السلطة العليا لولاية الفقيه إضعافاً للمجتمع ولسلطتك بما تمثيل لإرادة المجتمع ؟

خاتمي: ممكن لحكومة ولاية الفقيه أن لا تكون مانعاً لارادة الشعب.

غصن العرفان

العرفان أو التصوف خطاب يقوم على تعدد الرؤى وطرق المعرفة المتكثرة  وفيض التجليات وقد كان هذا الخطاب مكون أصيل في شخصيات رجالات الثورة الإيرانية حتى إن تكويناتهم المعرفية تربت في أجواء هذا الخطاب من أمثال بهشتي ومطهري، لكن لماذا بدا خطاب الثورة أصولياً وأحادياً ولا يتماثل مع الخطاب الذي كوَّن رجالاتها؟

خاتمي: الثورة لديها مميزاتها وخصوصياتها. تحققت الثورة في مرحلة تاريخية وسياسية معينة، لكن عندما يخبو وهج الثورة في أي مكان، يعود المسار المجتمعي لطبيعته العادية. 

أعتقد أن حلاوة الرؤية العرفانية يمكن أن تلطف مرارة السياسة في مجتمعاتنا الاسلامية، الاتصال بغصنها الحلو يمكن أن يكون مانعاً حقيقياً للكثير من المشكلات المرة التي نقع فيها. 

حزن الثورة

قبل عشرة أعوام لم يكن جلال الدين الرومي معروفاً بأمريكا، في العام 1995 قام كولمان باركس بترجمة مؤلفاته الخالدة، فكانت هي الشرارة التي أشعلت اهتمام أميركا بشاعر اللغة الفارسية. هو الآن- كما تقول نشرة واشنطن-  أكثر الشعراء شعبية في الولايات المتحدة، والإقبال على دراسة أعماله انتشر في كل الجامعات الأميركية. كما تنشر الأبواب الثقافية في الصحف الصادرة في كل المدن الأميركية الكبرى تقريباً مواعيد وأماكن قراءات أشعاره وإلقاء محاضرات عنه وعن أعماله، وأكبر مقياس على مدى شهرته، هو قيام مجموعة من نجوم السينما والمطربين بتسجيل أشعاره. لا شك أن الثقافة الأمريكية تقرأ في صوفية الرومي السعادة التي تدفع بها الحزن، وكأنها تستلهم تعريفه الجميل للتصوف بأنه “إحساس القلب بالسعادة حين يدنو وقت الحزن” في الوقت الذي نستلهم فيه نحن الحزن حين تدنو السعادة.

لماذا لم تصدِّر الثورة ما يجمعها بالعالم ويصلها به؟ لماذا لم تصدِّر من تراثها ما يسعد القلب حين يدنو منه الحزن؟  لماذا ثقافة الثورة التي تلقتها التيارات الدينية في منطقة الخليج كانت تستلهم حزن الثورة  وتغيب عنها سعادة مثنوي؟

خاتمي: الاقبال على جلال الدين الرومي يحكي لنا شيئاً من الواقع، وهو أن الحضارة الغربية الحالية وعالم اليوم عموماً لديه خلل معنوي كبير، وهذا يؤكد أن الانجازات البشرية مهما كانت هائلة وكبيرة فإن الانسان بحاجة إلى الروحانيات. أما لماذا بدى مجتمعنا وكأنه أكثر ميلاً للحزن والسياسة، فأنا أعتقد أن لهذا الأمر جذوراً تاريخية، وهو أن شعوبنا طالما كانت واقعة تحت نير الظلم والاستبداد ولم تعطَ الفرصة لتحقق وجودها بنفسها، لذلك نرى الألم والمعاناة في الوجدان العام لهذا المجتمع. هذا الوجدان هو تعبير عن حزنها العميق باتجاه مصيرها. الشعوب الآن بدأت تتعرف حقوقها، وتسعى بجهد لأن تأخذ حقها في تقرير مصيرها بنفسها. هذا التحول الجاري الآن قد ينقلنا من الحزن إلى الفرح، قد يدنينا هذا من لحظة سعادة مثنوي، وقد يحولنا من حالة التشاؤم التي تولد فينا الحزن، إلى حالة الأمل التي تولد فينا السعادة.

هل الحركة الاصلاحية التي بدأها خاتمي يمكن أن تسير بعد رحيله باتجاه تقريب السعادة؟

خاتمي: الحركة الاصلاحية لم أبدأ بها أنا، بل بدأ بها الشعب الايراني، أنا نقلت ما في متن وبطن المجتمع إلى ظاهره، أعتقد أن ثورتنا أكبر حركة إصلاحية في تاريخنا، نقلتنا هذه الحركة من حالة الحكومة المطلقة المستبدة في الداخل، والتابعة للقوى العظمى في الخارج، إلى حركة صنعها الشعب بنفسه وجسدت إرادته الحرة. نقلت أيضاً الحكومة الاسلامية من شكل الامارة الطالبانية إلى شكل الجمهورية الاسلامية، وهو شكل منبثق من إرادة الشعب الكاملة، والتي نأمل لها الاستمرار دوماً باتجاه هذه الإرادة.

اترك تعليقاً