أرشيف التصنيف: تغطيات

«كتابة الثورة» يحصد جائزة القلم الدولية لأفضل الكتب المترجمة

Writing-Revolution-Pack

تبدأ يوم الإثنين المقبل (27 مايو/أيار 2013) في المملكة المتحدة سلسلة من الندوات واللقاءات الجماهيرية التي ينظمها محررا كتاب «كتابة الثورة» Writing Revolution الفائز أخيراً بجائزة منظمة القلم الدولية PEN للكتب المترجمة للعام 2013.

ويشارك محررا الكتاب ليلي الزبيدي وماثيو كاسل، في تقديم هذه الندوات، عدد من الكتاب المساهمين بمقالاتهم في الكتاب. تستمر الندوات حتى 30 مايو 2013 ويتحدث المشاركون فيها عن كل ما شاهدوه ووثقوه في مقالاتهم، وعن قضايا متصلة بثورات بلادهم.

ومن بين المشاركين في هذه الندوات الكاتب الليبي محمد المصراتي، صاحب مقالة «بايو وليلى» والكاتب البحريني علي الديري صاحب مقالة «سيرتي في 14 فبراير… خارج الورق خارج الميدان»، والتونسي مالك الصغيري صاحب مقال «تحية للفجر».

حول مشاركته، قال الديري: «دوماً كل ما يمثل التغيير يفوز، وقد كتبت عن التغيير في وطني كتبت عن آمال التغيير عن حركة التغيير عن حركة الربيع العربي في وطني، كتبتها كتجربة ذاتية عشتها، عشت تفاصيلها، عشت أحداثها، عشت يومياتها، عشت شخوصها الحية الذين ملأوا دوار اللؤلؤة بضجيج الحرية ووصل الى العالم كله».

وواصل «باسم هذا الدوار جاء الفوز وباسمه، قدر لتجربة البحرين ان تكون صوتاً ضمن أصوات ثورة الربيع العربي الذي احتفى بها الكتاب وحصل على هذه الجائزة. لذلك أنا سعيد بأن يكون صوت البحرين حاضراً في هذا الكتاب؛ لأنه يحمل آمالنا ومستقبلنا وإرادتنا في التغيير وهو رسالة للعالم بأننا في هذا الجزيرة الصغيرة نحمل طموحاً كبيراً لكي نواكب حركة التغيير التي تحدث في العالم… الشعب يريد الديمقراطية والحرية، ويريد الضمانة التي تتيح للجميع أن يكون له صوت في بلده».

يضم الكتاب عدداً من أكثر المقالات تأثيراً والتي ولدت من رحم الثورات في العالم العربي. من القاهرة إلى دمشق ومن تونس إلى البحرين، يعرض الكتاب شهادات حية لكتاب وصحافيين وناشطين وطلاب ومدونين، يتحدثون فيها عن مشاركتهم في هذه الثورات التي أحدثت تغييرات عميقة هزت المنطقة العربية بأكملها.

تدون هذه الأصوات شهاداتها بين الماضي والحاضر والمستقبل، في فضاء يتصادم فيه الشخصي بالسياسي. هذه الأصوات هي جزء من عملية مستمرة، وهي شهادات مؤثرة فيها كثير من الألم والأمل الذي ملأ شعوب الربيع العربي.

تتميز مقالات الكتاب عن كل ما كتب عن أحداث المنطقة العربية، بأن كتّابها يناقشون ما يحدث من منطلق تاريخي، ويستعرضون كل ما يتعلق بهذه الثورات، يتحدثون عن الإرادة الشعبية، وعن نضال الشعوب، عن المشاركة السياسية، وعن الجانب الشاعري في هذه الثورات، وعن قضايا الهوية وهموم الناشطين.

يعمل محرر الكتاب ماثيو كاسل مصوراً وصحافيّاً مع قناة «الجزيرة الإنجليزية» حاليّاً، كما أن له مساهمات في عدد من المطبوعات. ويغطي كاسل منطقة الشرق الأوسط منذ العام 2004، وقد عمل سابقاً مساعد رئيس تحرير للمجلة الالكترونية «الانتفاضة».

أما ليلى الزبيدي فتشغل حاليّاً منصب مدير مكتب جنوب أفريقيا التابع إلى مؤسسة هاينريش بول في كيب تاون. وكانت الزبيدي ترأست مسبقاً مكتب المؤسسة في الشرق الأوسط في بيروت لمدة ست سنوات، كما شغلت منصب مدير برنامج في مكتب المؤسسة في رام الله، عدا عن تعاونها وعملها مع عدة مؤسسات إعلامية وتنموية.

يشار إلى أن الناقد الثقافي والباحث البحريني علي الديري متخصص في اللغويات، ومهتم بالفلسفة والأديان، وهو ناشط منذ وقت طويل، شارك في الانتفاضة البحرينية في العام 2011، واضطر إلى مغادرة البلاد.

أما محمد مصراتي فهو كاتب وصحافي ليبي مقيم في المملكة المتحدة. بدأ نشر قصصه القصيرة على الانترنت في 2007. ويعمل صحاًفيّاً في صحيفة «الكاف»، الذي تنشر تحقيقاته عن عدد من القضايا الاجتماعية في ليبيا.

رابط الموضوع

Writing Revolution

To celebrate the launch of Writing Revolution, join some of the editors and contributors as they discuss the project, the Arab Revolutions and their aftermath, and hear readings from the book.

Writing Revolution (I.B.Tauris) is a collection of some of the best new writing born out of the Arab Spring. Bringing together authors, journalists, activists, students, writers and bloggers, it tells the deeply moving and personal stories of these individuals who witnessed and wrote about the revolutions in their countries across the Arab region. From Cairo to Damascus and from Tunisia to Bahrain, Layla Al-Zubaidi and Matthew Cassel have brought together some of the most exciting new writing born out of revolution in the Arab world. This is a remarkable collection of testimony, entirely composed by participants in, and witnesses to, the profound changes shaking their region.

Panelists to include:

Matthew Cassel (Editor) A journalist and photographer covering the Middle East for Al Jazeera English. Cassel first learned about the region through his human rights and media work in Palestinian refugee camps. Over the past decade he has worked in the occupied Palestinian territories, Lebanon, Egypt, Turkey, Syria, Jordan, Bahrain and elsewhere.

Layla Al-Zubaidi (Editor) Director of the Heinrich Böll Foundation in South Africa, and was previously based in Beirut and Ramallah. She has published on cultural resistance and freedom of expression, and is co-editor of Democratic Transition in the Middle East: Unmaking Power (Routledge, 2012).

Ali Aldairy (Contributor, Bahrain) is a Bahraini researcher, linguist and cultural critic, interested in philosophy and religion. He is the author of several books and maintains his own website. A long standing activist he has been struggling since the Bahraini uprising in 2011 and was forced to leave the country. In exile he founded the online Arabic newspaper Mira’at al-Bahrain (The Bahrain Mirror).

Mohamed Mesrati (Contributor, Libya) is a Libyan writer and journalist residing in the UK. He started to publish his short stories online in 2007. He works as a journalist for El Kef newspaper, which has featured his investigative reports on social issues in Libya, including reports on women’s freedoms and on alcohol (in the latter he interviewed smugglers and local drinks-makers). He has also worked on reports investigating the status of Libyans living abroad. An extract from his novel-in-progress Mama Pizza has appeared in Banipal No.40.

Ali Abdulemam is a Bahrain blogger, the founder of Bahrain Online and human rights activist. He took part in protests calling for democracy in Bahrain in February-March 2011. He was amongst the first to agree to contribute to the Writing Revolution project before he went into hiding during a government crackdown on the protest movement. He was sentenced, in absentia to 15 years in prison and recently fled Bahrain to the UK where he’s been granted asylum. He is representing his friend and fellow political refugee, Dr. Ali Aldairy, who ended up contributing to this project but was sadly not able to make it to the UK for this event.

Translated mostly from the Arabic, it has been awarded a 2013 Prize from English PEN for Outstanding Writing in Translation.

Please note that unfortunately Ali Aldairy will no longer be joining the panel due to visa restrictions.

https://mosaicrooms.org/event/writing-revolution-2/

الصديق عادل مرزوق

يوم أمس فقط، تحصل الناقد البحريني علي الديري على درجة الدكتوراه، ولكن هل يجوز أن أفرد أو أخصص هذه المساحة لتهنئة صديق؟! الإجابة لا، فهذه السطور ليست تهنئة، لكنها أشبه ما تكون بمحاولة بسيطة للتبشير والتذكير بأكاديمي ومثقف بحريني بارز، لفت الأنظار خلال السنوات الماضية بما قدمه كباحث وناقد بحريني مميز، استطاع الخروج على متاريس الثقافات المحلية ليطلق لعقله وكتابته العنان، دون حدود.

لم يكن (الدكتور) علي الديري – وليسمح لي أن أكون أول من كتب لقبه الجديد أمام اسمه – محتاجاً يوم أمس للجنة مناقشة في القاهرة ليتحصل على لقب “دكتور”، فتفاصيل قصته كإنسان، ومجموع ما أنتجه من كتب ومحاضرات ومقالات أهلته منذ مدة ليكون أحد أبرز الأسماء في الساحة الثقافية البحرينية. وهو قبل هذا وذاك، مثال الإنسان بكل ما تحمله الإنسانية من معانٍ جميلة ورقيقة.

سأبشر البحرينيين بقامة جديدة تضاف لطاقم الأكاديميين البحرينيين الذين نفخر بهم، وسأدعو المعنيين ممن يمسكون بملف الثقافة في البحرين إلى الالتفات لهذا الشاب القادم بقوة، نحو المزيد من الإبداع والعطاء والتألق.

adel

http://www.albiladpress.com/column_inner.php?wid=40&colid=5587

في رحيل أركون

في رحيل أركون

الظاهرة الأركونيّة إشعار بلزوم قراءة التراث بكل الطرق والمنهجيّات المتاحة

http://www.alwasatnews.com/2939/news/read/475928/1.html

الوسط – محرر فضاءات

رحل أركون في حلكة من الوقت لملمت معه مجموعة من المفكرين من ربقته في الاشتغال على العقل والتجديد ولعل خصوصية أركون فيما بينهم هو إلحاحه الشديد في مجمل كتاباته على إعادة التفكير في النصوص المؤسسة وفك العقل من الارتهان لتاريخية التأويل، والإمعان في التحريض على الاشتغال في النصوص بآليات حديثة.

وفي هذا التحقيق توقفنا مع أربعة قارئين لاشتغالات أركون إذ رأى أستاذ النقد والدراسات بجامعة البحرين عبدالقادر فيدوح أن غياب أركون خسارة للفكر العربي، فيما خصص الناقد علي الديري مداخلته للكلام عن أركون بوصفه صديقاً، أما أستاذة النقد والدراسات بجامعة البحرين فحذرت المتلقي من الوقوع في سطوة الكارزما المتعالية حين قراءة أركون، في حين انتهز الباحث نادر المتروك لحظة رحيل أركون للإشارة إلى لزوم قراءة التراث بكلّ الطرق والمنهجيّات المتاحة.


فيدوح: غياب أركون خسارة للفكر العربي

في البداية تحدث أستاذ النقد والدراسات الأدبية بجامعة البحرين عبد القادر فيدوح حول مشروع أركون فأشار إلى أن المرحوم محمد أركون ـ العالم الفذ ـ أحدث بمشروعه الفكري صخبا مدويا، ناتجاً من أفكاره المستنيرة، بعد أن ترأس قاطرة الوعي العربي الحديث في شقه التنويري بدراساته التي أطلق على منهجيتها «الإسلاميات التطبيقية». وإذا كنا فقدنا المغفور له فإن لمريديه، وأنصار الفكر التنويري، مسئولية القبض على شِدة إرادته، والحرص على مطلوبه.

وأضاف فيدوح: أما بخصوص مكانة مشاريع أركون في ضوء مشاريع الآخرين، أعتقد أن جميع المشاريع التنويرية على مستوى الفكر العالمي حزينة لهذا الفقد، بغض النظر عن دواعي الائتلاف أو الاختلاف مع مشروعه الريادي الذي غلب عليه طابع التحليل الاستفزازي، المثمر، والمحرك للوعي العربي على وجه الخصوص.

فهو إلى جانب بقية المشاريع الأخرى يُعدُّ نقلة نوعية، ومدونة فكرية تستحق التقدير حتى في حال الاختلاف معه وفي كثير من تأويلاته المثيرة للجدل، والمفزعة في الآن نفسه لدى الكثير من الآراء المعارضة لمبادئه.

وحول أهم مقولات أركون الفكرية وإضافاته : أشار فيدوح إلى إن كل ما قاله أركون مثير للجدل، ولعل جميع آرائه تصب في مقولة «النقد والاجتهاد» وهي المدونة التي بنى عليها أفكاره في سياق معظم كتبه مثل: (تاريخيّة الفكر العربي الإسلاميّ أو نقد العقل الإسلاميّ)، (الفكر الإسلاميّ: نقد واجتهاد)، (من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلاميّ)، (قضايا في نقد العقل الدينيّ: كيف نفهم الإسلام اليوم؟) وسوف تظل آراؤه النيرة ومساعيه المضنية شاهدة عليه، ولا يمكن أن تحجب عنه وِسْعَ طاقته العظيمة، وريادته الهادفة إلى غاية تفعيل العقل.

أما بخصوص خصوم أركون فأجاب: «لا أدري إذا جاز لي أن أقول ـ في حدود معلوماتي البسيطة ـ أنه لا يوجد خصوم حقيقيون لأركون؛ لأن المنازلة بينه وبين غيره غير متكافئة، بمفهوم منازلة الفارس لنده، ولكن أستطيع أن أسوغ لنفسي القول إن هناك منازعين له فكرياً».

علي الديري مع محمد أركون في الكويت في 2008

الديري: أمشي مع أركون بوصفه صديقاً

في بداية مداخلته أشار الناقد علي الديري أن الموت أعدل الأشياء بين البشر وأفدحها وأوقحها، لا ينتظر حتى اللحظة المناسبة، ولا يسمح لنا حتى باختيار اللحظة المناسبة لإيصال خبر وقعه. هذا ما خطر لي لحظة تلقي خبر رحيل الصديق المفكر محمد أركون، وأنا على أعتاب أيام من مناقشة أطروحتي للدكتوراه حول تشكيل المجازات للخطاب الفلسفي والصوفي.

لقد قلت الصديق أركون لا لأحيل إلى علاقتي الشخصية معه، بل لأشير إلى الصداقة بوصفها مفهوماً يجمع المشتغلين بحب الحقيقة والبحث عنها والتنقيب عن آثارها بين ركام التاريخ وأحداثه السياسية والاجتماعية والدينية. وقد كان أركون في مقدمة هؤلاء المنقبين والمحتفين بالصداقة من خلال إحالاته الأثيرة إلى الخطاب الفلسفي اليوناني الذي بلور هذا المفهوم واشتق منه مفهوم الفلسفة (الفيلياphilia)، ومن خلال إحالاته الحميمية إلى صديقه أبوحيان التوحيد الذي أنجز أطروحته للدكتوراه حوله وحول جيل الإنسان الذي جاء في سياقه. حين قدمته في زيارته الثانية للبحرين قلت: سألني بعضهم ما الفرق بين علاقتك بالفقيه سابقاً وعلاقتك بأركون حالياً؟ قلت: علاقتي بالفقيه كانت علاقة ولاء، وعلاقتي بأركون علاقة صداقة. أركون يمكنك أن تمشي معه، والفقيه لا يمكنك أن تمشي إلا خلفه.

أن تفقد صديقاً في لحظة حميمة تود أن يفرح فيها معك، ليس لأنك أنجزت شهادة أكاديمية، بل لأنك أنجزت بتأثيره تنقيباً في خطاب من خطابات تراثنا الغزير الملتبس علينا قبل غيرنا. أعرف صداقتي مع أركون لن يحققها التقائي به بل يحققها هذا التنقيب، فالصداقة في المجتمع الفلسفي تتحقق بالمشاركة في البحث عن المفهوم والحقيقة التي تتبدى في أشكال مفهومية لا حدّ لها.

الصداقة تقتضي الحميمة، وهذه تجعل الباحث عن الحقيقة ومفاهيمها في خطاب المجتمع، منخرط في الواقع وتشابكاته، بحرارة ومسئولية، بعيداً عن برودة الرطانة الأكاديمية، لذلك شغل أركون مقاعد الجامعات وأرصفة الشوارع.

وأضاف الديري: يمكنني أن أقول بدافع الوفاء لهذه الصداقة إن اللحظة الأولى التي شكّلت منعطفي نحو موضوع أطروحة الدكتوراه هي لحظة أركونية بامتياز. وهي تعود إلى قراءتي لكتابه (تاريخية الفكر العربي الإسلامي) حين أشار إلى أن المجاز في الأدبيات الخاصة بالإعجاز قد درس كثيراً بصفته أداة أدبية لإغناء الأسلوب في القرآن وتجميله، ولكنه لم يُدرس أبدا في بعده الأبستمولوجي بصفته محلاً ووسيلة لكل التحويرات الشعرية والدينية والإيديولوجية التي تصيب الواقع. وفي كتابه (الفكر الأصولي واستحالة التأصيل) أشار إلى هذا النقص الذي نعاني منه في دراسة المجاز بهذا المنظور، وهو غير منظور الجرجاني والباقلاني وفخر الدين الرازي والسكاكي وكل تلك الأدبيات الهائلة التي كتبت عن الإعجاز.

ذهبت إلى مجازات إخوان الصفاء وابن عربي، بمنظور أركوني، وبروح صداقته مع التوحيدي، فصار ابن عربي صديقي الحميم الذي أحمل معه حيرته الإنسانية كلما فكّر في الكون والإله والإنسان. وصار إخوان الصفاء أصدقائي الذين أتأّله معهم كلما فكرّت في الفلسفة باعتبارها طاقة الإنسان في التشّبه بالمطلق.


الكعبي: ينبغي أن يقرأ أركون بحذر حتى لايقع المتلقي في سطوة الخطاب المتعالي الكارزمي.

في بداية مداخلتها أشارت أستاذة النقد والدراسات بجامعة البحرين ضياء الكعبي إلى أن أركون المفكر الجزائري الفرنسي الجنسية يعد واحداً من أبرز المفكرين العرب الذين تصدوا لمهمة التنقيب والحفر في العقل الإسلامي ونقد العقل التشريعي بجرأة وشجاعة كبيرة أحسب أن مصدرها كون أركون يستند إلى المؤسسات الأكاديمية والدوائر الثقافية الغربية ويجد في ملاذها الحرية التي تحميه وتتيح له التعبير والبحث كما يريد ومن هنا كانت صولاته وجولاته في المحاضرات الكثيرة التي جاب فيها أقطار العالم الإسلامي من إندونيسيا إلى الخليج العربي للتبشير بمشروعه الفكري. وقد أخضع أركون نصوص الثقافة العربية الإسلامية للفحص النقدي والتفكيك المعرفي، مستعيناً بأدوات ومعطيات منهجية إنسانية حديثة كاللسانيات والإبستمولوجيا والسيميولوجيا والانتربولوجيا وعلم الأديان المقارن.

وأضافت الكعبي لقد شكل «كونه مع محمد عابد الجابري وحسن حنفي والطيب تيزيني عبدالله العروي وأومليل طائفة من الباحثين العرب الذين أرادوا تفكيك بنية العقل العربي والإسلامي وإن اختلفت مقارباتهم ومرجعياتهم المنهجية. ناهيك عن تأثره الكبير بالتراث العقلاني للمفكرين و للفلاسفة المسلمين كأبي حيان التوحيدي وابن رشد وطه حسين.

وحول نقدها لأركون أضافت الكعبي: ورغم اعتراضي الكبير على ما أسماه أركون بتاريخية الخطاب القرآني في مشروعه عن الإسلاميات التطبيقية حيث أراد تطبيق منهجيات العلوم الإنسانية على القرآن الكريم شأنه في ذلك شأن أي نص بشري دون النظر إلى مصدره الإلهي وإعجازه القرآني فإني أقدر له دعوته إلى إعمال العقل في النصوص التراثية وإعجابه الشديد بالمعتزلة أصحاب التراث العقلاني في الإسلام ودعوته إلى إعادة دراسة مأثوراتهم وإرثهم وتطبيقه بما في ذلك إعادة المجالس الثقافية التي مثل لها بمجلس أبي حيان التوحيدي مع أبي سليمان المنطقي في كتاب الإمتاع والمؤانسة بمقابساته الأدبية والعقلية. وأحسب أن أركون عمق خطابه بين طائفة من مريديه ولكن خطابه ينبغي أن يقرأ بحذر شديد حتى لايقع المتلقي في فخ سطوة الخطاب المتعالي الكارزمي. ولذا فإن هذا الخطاب يجب أن يدرس دراسة علمية نقدية وليس قراءة انطباعية انبهارية تقديسية فأركون نفسه كان يريد التحرر من سلطة المقدس الديني كما صرح بذلك في عدد من اللقاءات الفكرية.

وخلصت الكعبي إلى أنه لاشك أن مشروع أركون الطويل في دراسة العقل الإسلامي بمعطيات غير مألوفة لدى عدد من الباحثين العرب والمسلمين قد أثارت عليه ردود فعل عنيفة طالب بعضها بتكفيره واتهامه بالنزعة التغريبية وبالاستلاب الثقافي. وربما كان أركون نفسه بفرضه خطاباً من طرف واحد سبباً في هذه العدائية؛ فخطابه يحمل قدراً من التطرف الفكري في محاضراته التي لا تقبل الحوارية أصلا. والآن بعد وفاته ينبغي أن يدرس خطابه كما ذكرت سابقاً بقدر من العقلانية والحوار النقدي بعيدا عن التقديس أو الإقصاء. ولاشك أن الدوائر الأكاديمية العربية ينبغي أن تناقش مشروعه الآن بعد اكتماله بوفاة صاحبه.


المتروك: رحيل أركون إشعار بلزوم قراءة التراث بمختلف المنهجيّات المتاحة.

وفي مداخلته أكد الكاتب والباحث نادر المتروك أن محمد أركون استطاع أن يُعيد صياغة أسئلة العقلانيّة الإسلاميّة بما يتناسب مع معضلة المسلمين المعاصرين. هذا الجهد لم يستأثر به أركون، بل أسْهم فيه آخرون أيضاً، إلا أنّ ميزة الإسهام الأركوني قدرته الحيويّة، والمتدفّقة، على تشجيع التفكير النّقدي داخل أوساط التقليديّة الإسلاميّة، ونجاحه في تعميم ظواهر «الخروج» من العقل الجمعي الإسلامي، أو الحسّ المشترك، والتحفيز على إعادة قراءة الذّات الكبرى بين تلك الأجيال التي تربّت على فكر الصّحوة والتعليم الدّيني القديم.

وأضاف المتروك وعلى خلاف الكثيرين، فإنّ أركون – ومثله الرّاحل نصر حامد أبو زيد- كان أشبه بالظاهرة الحتمية في مثل تلك الظروف التي يخلو/يخبو فيها الإصلاح الدّيني. على هذا النّحو، ستكون الظاهرة الأركونيّة – وبعد رحيل شخص أركون – إشعاراً بلزوم قراءة التراث بكلّ الطرق والمنهجيّات المتاحة، وبما يؤدّي إلى تحقيق التاريخانيّة الوظيفيّة التي تمثّل جوهر المشروع الأركوني، حيث كان يسعى لإعادة التموْضع التّاريخي للنصوص المؤسِّسة، وبالتّالي تأكيد ملازمتها للحدود الثقافيّة التي نشأت فيها وانطلاقاً منها، من غير أن يُغْفِل المدخل الانتروبولوجي والاستفادة الميثولوجيّة وتعدّديّة المنهج القرائي، وهي الملامح التي وفّرت خصوصيّة فارقة في القراءة الأركونيّة للنصّ الإسلامي المؤسِّس، القرآن الكريم، وأتاحت له استحضار المعاني الروحيّة والأخلاقيّة في صُلب المساجلة العلمانيّة.

وحول نقد مشروع أركون أشار المتروك إلى أنه من اللافت أنّ أركون كان محاطاً بنقودٍ متعدِّدة الجهات، فإضافة إلى السّلفيين والمؤدلجين، فإن مستشرقين وملحدين ومفكّرين عرب وأجانب اشتبكوا مع أركون شخصاً وفكراً ومواقف، حتّى بدا أن الرّجل اضطرّ كلّ إطلالةٍ لتوضيح أفكاره والدّفاع عنها. الوظيفيّة المركّبة التي تُميّز «الإسلاميّات التطبيقيّة» وفّرت ضمان التأسيس النقدي على أرضية الاحترام الدّيني، وهي علامة حافظ عليها أركون في مختلف كتبه، بما فيها تلك التي ارتكزت على الوضوح في نزْع الاعتبار الشّعائري للنصّ الإسلامي المقدّس، وإحاطته بالمعنى الميثولوجي من جهة، وإثبات توّرطه، أو توريط الآخرين له في الاستعمالات الأيديولوجيّة من جهةٍ أخرى.

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 2939 – الخميس 23 سبتمبر 2010م الموافق 14 شوال 1431هـ

الديري يوقع «العبور المبدع»

بصالة الرواق
الديري يوقع «العبور المبدع»

ضاحية السيف – حبيب حيدر

وقع الناقد علي أحمد الديري كتابه «العبور المبدع» بمصاحبة معرض للوحات الكتاب للفنان عباس يوسف في صالة الرواق بمجمع العالي، وذلك بحضور جمع من المثقفين والأدباء والفنانين والأصدقاء حيث أهداهم الديري مجموعة من نسخ الكتاب ممهورة بتوقيعه الكريم. 
  ويعد كتاب الديري العبور المبدع «استراتيجية التفكير والتعبير باستخدام المجاز» خلاصة جهده في مجموعة من الورش اقترحها واختبرها طويلا وطبّقها مع أصدقائه وزملائه من المعلمين بمدارس البحرين خلال برامج إدارة التدريب بوزارة التربية والتعليم، وهو مجموعة من الفرضيات الكتابية المجازية العابرة التي بوستر فضاءات الوسطاختبرها هو بنفسه عبر كتاباته المختلفة والتي نشرها في الصحف والمجلات الثقافية ووثقها في كتابه «مجازات بها نرى وكيف نفكر بالمجاز» وقد كانت هذه الاستراتيجية من أهم الاستراتيجيات التي يعملها الديري حين يتبصر في موضوع ما، وبها يختبر ما يقع لديه من أفكار عبر جهاز مفهومي تجمّع لديه من خلال اطلاع موسع وقراءات وتفكير متأن وكتابات عديدة ومثاقفة دؤوبة إلى أن لقي ضالته، ولذا فهو مولع بالبحث عن تلك المقولات الكبرى التي يرى بها الآخرون موضوعاتهم، أو تلك المجازات المختلفة التي تختزل المعاني والتي ربما لا تكشف عما وراءها إلا بعد تبصر وتأمل، أو تلك القصص التي تكثّف في أحداثها حيوات عديدة وتلهم الكثيرين، أو تلك الصور التي نعبّر بها فنختصر المسافة بيننا وبين مواضيعنا والآخرين.
الخلاصة أنها مجموعة من المقولات والمجازات والاستعارات والصور والقصص والتعابير والتراكيب اللغوية التي تكشف له عن كثير ربما هو مخبأ وراء الصور والتشبيهات والمقارنات وبها نستطيع التعبير، وهي عملية كما يلذ له تسميتها «النظر من خلال عيون الآخرين» بحسب رسول حمزاتوف ولذلك ليس غريباً أن تفتتح الكتاب لتجده مجموعة من المقولات والأسئلة التحريضية والبحث عن تطبيقاتها في موضوعات مختلفة مع مساحات مفتوحة للتفكير والمثاقفة وأسطر فارغة تستحث القارئ أو المتدرب على بعث الهمة في نفسه ليشرع في الكتابة بحسب ما تفتح له العبارة من أفق التأويل، مستبطاً تطبيقها سواء على أفكاره أو على ذاته أو على الآخرين أو على الأشياء من حوله، لتكون حصيلته كتابات مختلفة وأفكار عديدة يمكنه الخروج بشيء يعتز به كمتدرب أو قارئ منتج، وحتى لا يذهب جهد الديري مع متدربيه بعيداً عن الإمساك بعلمية يفترضها كان له أن يقارب في هذه العملية بين هذا النتاج الذي سيظهر عند المتدرب وبين شروط الإبداع حيث الأصالة والمرونة والطلاقة.
احتوى الكتاب على عدة فصول هي الفرضية، العبور، المجاز، شعب الكلام، الابتلاء بالتشبيه، المماثلة والمخالفة، سحر اللغة، الصورة والكلمة، بنية المجازات، أعراض المجاز، هياكل المجاز، المجاز ومخازن الحجج، مخططات الصورة، مقولة الأشياء، صناعة المفاهيم بالمجاز، التعليم ربط من غير نص، الإدارة والمجاز، الإنسان مقياس الأشياء.
وتصدر غلاف الكتاب رسم لدمية بأبعة ألوان مائية أساسية لأماسيل الديري ابنة المؤلف كجزء من اختبار تلك الفرضية حيث بالإمكان رؤية عنصر البراءة الذي نفترضه حين التأويل وخصوصاً حين يصدر الشكل من الطفل فيذهب بنا المعنى بعيداً، من غير أن نحاسب الطفل على ما هو أبعد من ذاته وعلى ما نلزم به أنفسنا من كثير من اللوازم حين القراءة أو التأويل أو الإنتاج على الإنتاج، ولعله من هنا جاءت رسوم وخطاطات الكتاب وقصصاته برشية الفنان عباس يوسف مثيرة شيئاً من عنصر البراءة التي أفترضها حين ترك الألوان على بساطتها وخط فوقها بعض المقولات التي أنجزها الديري وصنع منها عباس يوسف رسوما بسيطة ربما هي بريئة شيئا ما لتساوق فصول الكتاب ولتفتح لنا مجال القول والتأويل والتثاقف، وربما حتى الرسم كما فعل عباس يوسف ليفتح العبارة على ما هو أبعد من التأويل، حيث يكون الرسم موازياً للنص ومفجراً لبراءته وربما منطلقا به إلى أفق آخر غير ما نذهب إليه.

http://www.alwasatnews.com/Today/Issue-2477/FDT/–/891730.aspx