كان صوت الرادود المبدع الشيخ حسين الأكرف، يردد مع المعزين ‘’لنا طاقة على الفقر ولا طاقة لنا على الكفر’’. لصوت الأكرف طاقة العذوبة، حد أنه لا طاقة لي أن أقاوم أن يكون صوته الرخيم رنة لهاتفي العلماني (فاختراع الهاتف هو أحد ثمار العلمنة). يأتي صوت الأكرف العذب هذه المرة، ليس في سياق الدعاء لعودة الطائر المهاجر للوطن، إنه يأتي في سياق الدعاء لسقوط العلمانية (الكفر) في الوطن.
في تعليق طريف للصديق الحقوقي عبدالرضا حسن، يقول: هذا الشعار الجديد حدد أمرين: الصبر على إفقار الحكومة للناس وهي أدنى من الخصم – العدو – وهو يأتي في الأمر الأول والأمر الثاني هو تحديد العدو وهو واضح وضوح الشمس – وعد – ومن لف لفهم وهذا هو الأمر الأول والخطر الأكبر الذي يجب أن تعبأ له كل الطاقات وتحشد له الحشود وكأننا أمام ثنائية جديدة الفقر/ الكفر.
الفقر يخلق شعاراته التي يقاوم بها جوعه، الفقر يثريك بالشعار، ومهما كان ادعاؤه بقدرته على التحمل، فهو لا يستطيع ذلك من غير أن يغني نفسه برأس مال رمزي أو وهمي، يأتي في صيغة شعار مقاوم، وهو بهذه الطريقة يغطي حقيقة واقعه المؤلمة.
إنه يغطي حتى كفره، يغطي حد الجحود والإنكار أنه كافر بمعنى السلام الذي يحمله مدلول لفظ الإسلام، إنه يغطي قيمة هذا المعنى، والكفر في أصل معناه هو التغطية.
الإيمان بقيمة السلام، لا يطرد مع الفقر، الفقر يشعل طاقة الكفر، الكفر بالله بالمعنى العام، والكفر بالسلام بالمعنى الخاص لله، فالسلام هو من أسماء الله الحسنى. وابن عربي في نظريته وحدة الوجود، يذهب إلى أن البشر تتجلى فيهم معاني أسماء الله بحسب طاقاتهم واستعداداتهم وحالاتهم، وحالة الفقر حين تتلبس بالسياسة لا تسمح فيما يبدو بتجلي اسم السلام. فالبشر في حالة فقرهم لا طاقة لهم على تحمل تجلي معنى اسم السلام فيهم، فهم أكثر استعدادا لتجلي أسماء الغضب والجبروت والقوة.
أخوان الصفاء، يُعرفون الفلسفة بأنها التشبه بالإله بقدر الطاقة، تبذل ما فيك من طاقة لتتشبه بصفات الله، في عدله ورحمته وسلامه وكماله. والذين يحاربون الفلسفة، إنما يحاربون طاقة الإنسان في التشبه بالإله. من له طاقة على الفقر، له طاقة على الكفر، فهو مهيّأ بكله للكفر بالمختلفين معه في الأرض والوطن، يكفر بحقهم في أن يختلفوا مع شعاره ومع ما يتشابه معه من وجوه الإله، ومن له طاقة على الفقر لا طاقة له على التفلسف. التفلسف يعطيك متسع لترى الأشياء باختلافها تتشبه بالإله بوجه من وجوه خلقها، ورحم الله ابن عربي إذ يقول ‘’فكن في نفسك هيولى (المادة الخام القابلة للتشكل) لصور المعتقدات كلها. فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد من دون ‘’عقد’’.