ماذا يريد الشيخ محمد جواد رضا الشهابي، من بروفايل الوقت؟
في لقائي الودي مع الشيخ الشهابي، في حوزة الإمام الباقر، كان الشيخ يريد باسم حوزات البحرين النسائية التي يمثلها، كما قال لي، أن تعتذر الصحيفة في صفحتها الأولى عن بروفايل الحوزويات؟ كان اللقاء ودياً جداً وهادئاً جداً وواعداً جداً، لم يكن يشبه حرارة شمس الاعتصام التي شكا منها الشيخ مرات عدة. لم يطلب مني الشيخ أن أعتذر عن الشمس، لكني اعتذرت عنها، ولم أعتذر عن شمس بروفايل التي تضيء الأشياء بطريقتها الخاصة، كما كان مصباح ديوجين يضيء الأشياء بطريقته الخاصة وسط الشمس العامة.
لماذا لا نعتذر عن ضوء بروفايل؟
ليست المسألة مسألة مبدئية، ولا تعنتاً ولا مكابرة ولا خشية من الهزيمة أو الإحراج. لكنها رؤية، ا لمسألة تكمن في الرؤية، لا في الحقيقة، لبروفايل رؤية لا حقيقة. لا يتحدث باسم الحقيقة لكنه يتحدث باسم حقه في أن يرى حيوات الناس في المجتمع مجسدة في تجاربهم التي هي محصلة تربية مؤسساتهم التي ينخرطون فيها.
نحن نعتذر عن واجب لم نقم به، أو خطأ وقعنا فيه، أو إساءة اقترفناها بحق أحد. لكننا لا نعتذر عن رؤية اجتهدنا في الوصول إليها، والرؤية يرد عليها برؤية أخرى، كما كان ديوجين يرد على ضوء الشمس العام بضوء مصباحه الخاص. الحوزات النسائية ليست شخصاً وليست نموذجاً واحداً هي مؤسسة اجتماعية ودينية لها نماذجها وأنوارها المختلفة والمتعددة، ليست حوزة النور هي نفسها حوزة الغريفي ولا هذه الأخيرة هي نفسها حوزة الإمام الباقر، ولا هذه هي نفسها حوزة (بلاغات) في قم. كما أن الجامعات متعددة، فالحوزات متعددة. وفي التعدد تكمن الحيوية. ولعل حيوية حوزة النور مثلا تكمن في اختلاف نموذجها ونورها الذي تبصر به عن بقية الحوزات.
بروفايل هذا الأسبوع يفتح الرؤى الأخرى على رؤيته التي قدمها في الأسبوع الماضي وقادت إلى موقف اعتصام حوزوي نسائي أمام الوقت. الاعتذار يمليه موقف، والفتح تمليه رؤية، والاختلاف الذي يفتح رؤى هو خير من الاختلاف الذي ينتج مواقف، ففي الرؤى يتسع الإنسان وفي المواقف يتصلب. ولعل مقولة سيد كامل الهاشمي الأثيرة ”الاختلافات في البحرين تنتج مواقف لا رؤى” تعزز من انحياز بروفايل للرؤية وأهمية تكثيرها في المجتمع، كي تكون لنا عيون كثيرة نرى بها. كان المتصوفة يقولون ”الكامل من الرجال يكنى بأبي العيون” لأنه كلما تكثَّرت عيونه اتسعت رؤيته، وصار بعيونه كاملاً. ونحن نريد لبروفايل أن يكون أبا العيون.
بروفايل يعتذر فقط عن قصور رؤيته ويدعو أصحاب العيون الأخرى، كي يقدموا رؤى عيونهم ليقووا من قصوره. هو يعتذر على قاعدة ”لنتعاون فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه”. ويطلب من الآخرين أن يعتذروا أيضاً، فليس هناك اختلاف أبصر من اختلاف. كل مؤسسة تريدك أن تراها بضوء الشمس العام أي أن تراها من الخارج في كامل نموذجيتها ومثاليتها، ولا تريدك أن تراها بضوئك الخاص، كيلا تكشف مآلاتها وقصورها. وعيون بروفايل لا تعمل إلا وفق ضوئها الخاص، وهو ضوء قاعدة جبران ”إذا كُنت لا ترى إلا ما يُظهره النور ولا تسمع إلا ما تُعلنه الأصوات فأنت بالحقيقة لا ترى ولا تسمع”.