حازم صاغية يفتح ملفاته لـ«الوقت»: قبل كل شيء…
مشكلتنا في لبنان ثقافية (3-3)
الطبقة الوسطى العربية جبانة ومستقيلة عن دورها التنويري
الوقت – حسين مرهون وعلي الديري:
في مطلع الثمانينات كان حازم صاغية واحداً من بين جمهرة شبان يافعين ممن راحوا مطلقين قبضاتهم في الهواء هاتفين بحياة ثورة إيران الخمينية وحياة قائدها الروحي روح الله الخميني. لكن زخم الهتاف لم يدم طويلاً، إذ لم تكد تنقضي أشهر قليلة حتى كانت القبضات تتراخى تحت وطأة انكسار أفق التوقع وسرعان ما أتى الطلاق. الأمر نفسه كان من نصيب تطواف له سابق على ذلك – وهتافات وقبضات حماسية لقائد شعبي يروح وقائد يجيء! – حَرَثه ما بين الورشتين الناصرية فاليسارية. الآن، فإن قبضات حازم لم تعد تهتف بشيء. قال ‘’انتهت الخرافة.. الشعوب ليست عظيمة، إنها أسوأ من الأنظمة بكثير’’. حديثاً جداً عاد ليستقرّ في عاصمة بلده (بيروت) بعد إقامة طويلة دامت نحو العقدين في مدينة الضباب (لندن). يبدو متخففاً كثيراً من ‘’روشتات’’ الوعد والخلاص، ‘’الروشتة’’ الوحيدة المتبقية لديه والتي تمثل اليوم أقصى مطمح عنده ‘’تقريب الناس إلى بعضهم، يصبح الشيعي أقلّ شيعية والسني أقلّ سنية، ومثل ذلك المسيحي’’ لا أكثر أو أقل. ‘’الوقت’’ التقت بحازم صاغية على هامش زيارته إلى البحرين قبل أسبوعين بدعوة من جمعية المنتدى، وفيما يلي الحلقة الأخيرة من الحوار معه:
قلت في سيرتك الفكرية ‘’إن فضيلة الماركسية تعليم حاملها نقدها هي نفسها’’. ويبدو أن الناقد قد صاحبك حيث انتهيت بعد تطواف ضافٍ على الورش الأيديولوجية إلى جعل فكرة الدولة مبتداك ومنتهاك. على صلة بذلك، فقد مرت تجربتك الصحافية بتحولات عدة وكنت الناقد مرة أخرى، لكن إلى الصحافة باعتبارها مكوناً من مكونات الدولة الحديثة. دعنا نبدأ من تجربتك الصحافية في ‘’السفير’’.. ماذا تقول عنها؟.
– أجواء العمل في ‘’السفير’’ قريبة من أجواء العمل النضالي، حيث يتوجب على الصحافي الداخل إليها أن ينهض بأعباء من جنس النضال الأيديولوجي. وآنذاك كنت يسارياً شاباً، وكانت ‘’السفير’’ تحتضن إليها مجموعة من الصحافيين اليساريين، منهم شباب مثلي ومنهم كبار أيضاً، من أمثال ياسين حافظ وميشيل كامل وغيرهما. لكن افتراقي مع ‘’السفير’’ حصل مبكراً جداً، تحديداً منذ العام .1981 ويمكن لأي شخص أن يراجع ما كنت أكتب في تلك الفترة ويقارنه مع ما كان يصدر عن الخط العام للجريدة ليكتشف بسهولة أنني كنت بمكان والجريدة بمكان آخر. كان رأيي عهدئذ، وهذا واحد من بين افتراقات أساسية مع ‘’السفير’’، أنه ينبغي أن توجد دولة حتى يتمكن المرء من معارضتها. ولكن أن تتم معارضة دولة غير موجودة أصلاً، فإن هذا أسهل طريق إلى البربرية والفوضى المطلقة. يحكم من يحكم، لا يهم، المهم أن يأتي من يحكم ومن ثم يمكن معارضته لو توفرت ضمانات. إذاك نشأت عندي فكرة تقول إن الأمور لا تعرّف سلباً إنما تعرّف بالإيجاب. أعطيك مثالاً هنا، في العام 1985 انسحبت إسرائيل من صيدا وجرى التهليل لذلك من أطراف عدة، في ‘’السفير’’ وغيرها. لكن بالنسبة لي فقد كتبت مختلفاً مع أجواء التهليل، قلت إن هذا ليس تحريراً. التحرير ليس أن ينسحب العدو، إنما أن يتم إلحاق الأرض التي انسحب منها إلى المركز/ إلى الدولة. كان رأيي أنه إذا ما انسحبت إسرائيل من صيدا وحلت مكانها العصابات والطوائف والميليشيات المسلحة فإن هذا الشيء ليس منه فائدة سوى لإسرائيل كونها قامت بالتخلي عن مسؤولياتها باعتبارها دولة محتلة حيال صيدا. لا، لم يكن هذا تحريراً يفرح به، فالتحرير أن تأتي بالأرض من العدو وتربطها بدولة، اقتصادياً وأمنياً وتعليمياً. ولكن مجرد أن تنسحب إسرائيل فهذا شيء أقرب إلى الاجتماع القبلي، تذهب قبيلة وتأتي أخرى، وليس الاجتماع القائم على العيش ضمن دولة. لهذا قلت إنني تحوّلت من التعريف السلبي للأمور إلى التعريف الإيجابي. وهكذا، فأن تكون وطنياً ليس معناه أن تكون ضد أحد، إنما تكون مع أحد، وفي موضوعنا هو الدولة. كان ذلك منعطفاً أساسياً في التفكير، بين ما كنت عليه من قناعات وما كان عليه خط ‘’السفير.
وكيف جرى الفراق مع ‘’السفير’’؟.
– بمودة بالغة، فطلال سلمان (ناشر صحيفة السفير) صديق عزيز، وكان قادراً على أن يستقطب لصحيفته أصواتٍ متعددة. وإلى حد الآن تجد ‘’السفير’’ قادرة على القيام بهذه التوليفة. فصحافيون مثل عباس بيضون وحسام عيتاني ووسام سعدي وغيرهم يكتبون بشكل مختلف عن الخط الذي يصدر عنه طلال. لكن في الحقيقية، فالحياة مع ‘’السفير’’ لم تنته، إنما انتهت من بيروت. وتحديداً حين توفر لي عرض في لندن لدى افتتاح مكتب صحيفة الحياة هناك (مطلع الثمانينات). ويومذاك كانت بيروت مدينة لا تطاق، لا ماء ولا كهرباء ولا حتى قابلة للعيش. جاء العرض، وذهبت، فكان الفراق.
أنا في مكان ‘’والسفير’’ في آخر
هل كانت تجربة لندن مع ‘’الحياة’’ امتداد للتحول الذي بدأ من ‘’السفير’’ أم اتخذت ملمحاً آخر؟
– لا طبعاً، كانت امتداداً للتحول الذي بدأ في بيروت منذ مطلع الثمانينات. لكن طبعاً، ففي لندن استفدت من مناخ صحافي أكثر غنىً.
لكن هل كنت مستوعباً من قبل الخط العام في ‘’السفير’’، في حدود السنوات القلائل التي عملت فيها معها، أم كان ثمة شد وجذب؟.
– بالنسبة إلى الخط العام، فكما ذكرت، كنت بمكان والجريدة بمكان آخر. أسوق مثالا آخر إضافة إلى الأمثلة التي توقفت عندها. في العام 1983 وقفت ‘’السفير’’ ضد أمين الجميل في ‘’الجبل’’، وكانت تريد إسقاطه، وكان موقفي على العكس. لم أكن أحب الجميّل لكن لم يكن إسقاطه شاغلي. أيضاً وقفت الصحيفة ضد اتفاقية 17 مايو/ أيار (اتفاقية جرت إثر سلسلة من المفاوضات بين لبنان وإسرائيل بعد 32 جولة من المفاوضات وجرى عرضها على البرلمان اللبناني) في حين كنت أنا معها. كان رأيي وقتذاك انه إذا ما كان ممكناً عقد صلح مع إسرائيل وتعود الأراضي اللبنانية فلم لا. فالنزاعات في آخر الأمر لابد أن تكون لها نهاية، ولايوجد نزاع في المطلق ينتقل من جيل إلى جيل، وإلا أصبحت نزاعات لا تاريخية. ولا سيما أن أثر هذه النزاعات، على لبنان تحديداً، هو أنها منعت من تحوله إلى دولة.
ما الذي أخذت من ‘’السفير’’ إذن؟.
– أخذت أشياء كثيرة، تعلمت أن أكتب وأساجل كما تعرفت إلى أصدقاء عزيزين جداً، وكثير منهم لا يزالون أصدقاء إلى الآن. في الواقع، هناك الكثير الذي أخذته.
هل توافق صديقك وليد نويهض توصيفه للمراحل التي مرّت بها ‘’السفير’’ لجهة خطابها الصادر، بين ‘’شقفة’’ قومية عروبية استمرت لغاية خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان (1982)، ثم بعد ذلك ‘’شقفة’’ من خطاب المقاومة و’’شقفة’’ من الحريرية وإعادة الإعمار استمرت إلى وفاة رفيق الحريري (2005)، لتنتهي أخيراً ابتعاداً كلياً عن مشروع الدولة لصالح مسار المقاومة ومعارضة حزب الله – عون؟
– إلى حد ما صحيح. لكن للإنصاف، فأنا طيلة هذا الوقت كنت في لندن. أي أنني لم أتابع ‘’السفير’’ بدقة كما لو أنني كنت في بيروت، فالجريدة لم تكن متاحة بصورة يومية. كنت أتابعها بين وقت وآخر.
تخدير التناقضات
نقل عنك إبراهيم الأمين قولك ‘’إن طلال سلمان يملك سحراً غريباً. تختلف معه في السياسة، وتختلف معه في المهنة، وتشكو من قدرته على التلاعب بك، ولكنه ينجح في كلّ مرة في إقناعك وأنت خارج من مكتبه بأنك أمام فرصة العودة للعمل في المكان الأحب إليك’’. ما الذي كنت ترمي إليه من وراء إطلاق هذه المقولة؟.
– طلال شخص لطيف جداً، ولديه قدرة كبيرة على تخدير التناقضات بينه وبين المختلفين معه. ينسيك إياها قليلاً، ويشغلك بهمومه.
يبدو أنك أنت أيضاً قادر على تخدير التناقضات. موت جوزيف سماحة الذي يمثل الطرف النقيض لك على مستوى المواقف السياسية، موته في بيتك في لندن مثال واحد على ذلك. ماذا تقول؟.
– ربما، لكنني وجوزيف لم نكن نخدر تناقضاتنا. كنا مختلفين جداً، وكنا كلما سنحت الفرصة للقاء نتشاحن ونتشاجر. المنطلقات السياسية شيء والصداقة شيء ثان.
حسناً، قبل أن تذهب إلى جوزيف لإيقاظه لتجده قد فارق الحياة فيما قرأنا عنه من نهاية تراجيدية في حينه. ما الذي كنتما تتشاجران بشأنه معاً قبل خلودكما إلى النوم؟.
– في السياسة تحدثنا قليلاً، ذلك أن الوضع لم يكن ملائماً للكلام فيها. فأنا كنت مهموماً بوفاة زوجتي مي (غصوب) – توفي جوزيف بعد أسبوع واحد من وفاة مي – وفي الوقت نفسه لم يكن جوزيف بصحة جيدة. عرفت ذلك لاحقاً. لذا لم نتحدث في السياسة.
لكن هل هي سمة لصيقة بجيلكم الصحافي.. أنت وجوزيف ووليد نويهض والبقية. فعلى الرغم من كمّ التناقضات بينكم جميعاً إلا أنكم قادرون على الحفاظ على جو الصداقة فيما بينكم؟.
– تحييد السياسي عن الصداقة شيء موجود، على الأقل إن شئت عند عدد من الأشخاص معروفين لدينا جميعاً.
كيف تلقت صحيفة ‘’الأخبار’’ التي هي مشروع صديقك جوزيف قبل أي شيء، نقدك الكاسح إليها، فيما كتبت عنها في ذكرى مرور عام على تأسيسها؟.
– طبعاً لم يسرّوا به، لكننا احتفظنا بصداقتنا، بيير صعب وخالد صاغية وآخرين.
لهذا السبب تقول يعجبني فلان
تكتب مقالاتك بناء على تكنيك خاص يقوم على استثمار اللغة العربية من حدودها القصوى. وواضح أن لعبتك الأساس تقوم على مقترح اللغة الذي يبدو جزءاً مكوناً أصيلاً من مكونات تجربتك الصحافية. من أين جاء هذا الولع باللغة؟.
– أولاً أنا أحب اللغة العربية كثيراً، لأسباب تتعلق بجدتي كما ذكرت في سيرتي الفكرية، وثانياً لأنني أعتقد أن على الكاتب أن يعنى باللغة. أي أن الكتابة ليست فقط أن تقول فكرة إنما أيضاً بأية طريقة تقولها. في الأحزاب الشمولية ليس مطلوباً ذلك، إذ المهم قول الفكرة ولا يهم بعد ذلك كيف تقال، ذلك أن المهم هو المضمون.. مع كذا أو ضد كذا. وهو ما تكتشف مع مرور الزمن أنه (المضمون) قد مرّ عليك ألف مرة، ما يعني ذهاب الشكل والمضمون على السواء. لا، بنظري إن على الكتابة أن تعيد الاعتبار للغة، وليس كافياً أن يكون الرأي قويماً وصادقاً، فهذا الشيء يعطي واعظاً، لكن لا يعطي كاتباً بنظري. الكاتب يجب أن تكون لديه علاقة خاصة باللغة، وهو ما يجعلك تقول إن فلاناً تحب أو لا تحب أسلوبه. في الحياة المعتقدية ليس مطلوباً الأسلوب، المهم هو إعلان موقف، وعلى هذا تجد أن لغة الحزبيين تقترب من لغة البيانات. ينتفي الأسلوب في الأنظمة المعتقدية التي تلغي الفرد وخصوصيته.
الملحوظ أيضاً أن كثيراً من تقنياتك الكتابية ترجع إلى المكون الفلسفي أو الفكري بشكل عام. فلجوؤك أحياناً إلى القيام ببعض التفريقات المفاهيمية من قبيل ‘’الأشياء تُعرّف إيجاباً لا سلباً’’ أو ‘’لست مع الغرب لكن مع أن أكون مثله’’ كلها تقوم على تشغيل المكون الفكري وتظهيره عبر آلة اللغة. هل يمكن أن نعزو ذلك إلى مكون خاص؟.
– ربما الثقافة الغربية لها دور، ذلك أنها ثقافة تهتم بالتفاصيل كثيراً. ألفت هنا إلى واقعة لست متأكداً من صحتها. يقال إن جمال الدين الأفغاني التقى في باريس بفيكتور هيغو. فكان أن سأله هذا السؤال: ‘’ما هو أعظم شيء في العالم’’. وفيما يروى أن هيغو استغرب للسؤال بداية، لكنه عاد ليستأنف قائلاً: ‘’الوردة’’. وحصل أن انتقل الاستغراب إلى الأفغاني نفسه، وكتب يقول إنه توقع من هيغو أن يجيب بأشياء من قبيل المروءة والشجاعة والكرم إلخ إلخ. بنظري إن هاتين طريقتان في التفكير، طريقة تخرج من أرض الواقع، أعني من التفاصيل، وأخرى تهبط من سماء الأفكار الكبيرة.
قبل كل شيء فمشكلتنا ثقافية
نلحظ أيضاً أن كتاباتك مشفرة جميعها بجهود مفكرين كبار لهم لمساتهم الواضحة على حقل الفلسفة خصوصاً. أسماء مثل ميشيل فوكو، جنونه، ألتوسير، وبنيويته، سيغموند فرويد، ومركزية الطفولة.. وغيرهم كثر ممن تتضافر توظيفاتهم بين كتاباتك. وفي مقارباتك لمشهد الاجتماع اللبناني نلحظ تركيزك على المدخل الثقافي وضرورة جعله مقاربة ضمن المقاربات المطروحة. ما أهمية ذلك؟.
– ثمة مسألتان هنا، أولاً إن افتراضي الأساس يقوم على أن المشكلة الأساسية عندنا في لبنان مشكلة ثقافية. فمثلاً تصالحنا مع فكرة الحداثة من خلال الدولة راجع إلى تصور ثقافي قبل كل شيء. وثانياً، يتعلق بمزاجي الشخصي فأنا أحب الثقافة أكثر من السياسة. ربما شغلت السياسة الحيز الأكبر من كتاباتي، ولكن تظل الكتابة الثقافية أحب الأشياء إلى نفسي. وشخصياً أفضل أن أحضر فيلما في السينما أو أشاهد مسرحية على أن أتابع أمراً سياسياً. برأيي إن الثقافة هي التي تؤنسن السياسة. السياسة بلا ثقافة شيء قاسٍ وكالح ويمكن أن تقتل إنساناً من دون رفة جفن، فيما تعلمك الثقافة الانتباه إلى الألم. تستطيع لدى قراءتك رواية ما أن تحب بطلين مختلفين في الوقت نفسه، أو تخرج من فيلم محتاراً وتجد العذر لنفسك. في حين يتعذر ذلك في السياسة. بهذا المعنى أقول إن الثقافة تؤنسن السياسة.
إلى أي حد تجد الصحافة اللبنانية، والعربية عموماً، قادرة على أن تشتغل بالتفاصيل، تبتعد عن لغة المجموع وتقترب من لغة فردية؟.
– الصحافة مرآة الحالة الثقافية العامة، والمشكلة بنظري مطروحة على الحياة الثقافية العامة قبل أن تكون مطروحة على الصحافة. في لبنان يتحدثون عن المشكلة الإثنية، على رغم أهمية هذه المشكلة، إلا أن الكتابة المستمرة عنها تعطي انطباعاً أن لبنان محور الكون. لا، لبنان ليس محور الكون. بنظري، مطلوب استدخال عناصر عالمية جديدة في النظر إلى الأمور. لا يمكن أن تناقش تجربتك مع غض النظر عن تجارب الآخرين. خذ مثالاً على ذلك، في ظل كل الضجيج السياسي القائم بشأن عداء أميركا للإسلام لم يستوقف أحد أن أميركا نفسها هي من أوجدت دولة مسلمة في أوروبا، وهي كوسوفو. لم يتوقف أحد عند ذلك، لأن أحداً لا يريد أن يقف. ثمة ميل جماعي نحو عدم إدخال عناصر جديدة على وعينا.
كان العراق فضيحتنا جميعاً
هل تجد أن للفرق الكامن بين الإسلام العربي والإسلام غير العربي تأثيراً على ما تسميه الميل إلى عدم إدخال عناصر جديدة. في أفغانستان مثلاً، لم نشهد على رغم التدخل الأميركي، تفجيراً للهويات القديمة بالمستوى الذي شهدناه في العراق؟.
– ثمة عيوب لاحصر لها رافقت الحرب على العراق. لكن حتى هنا، ثمة وعي سحري جاهز يفترض أن الطائفية لم تكن موجودة في العراق، وأن الأميركي هو الذي أوجد هذه الطائفية. لا، هذا وهم، لا يوجد شيء يحصل بين ليلة وضحاها. لقد كانت هناك طائفية، وكان صدام حسين كابتاً عليها بقوة تاركاً إياها تعتمل في الخفاء، أي تحت الأرض. حين أزال الأميركان صدام، خرج إلى السطح وجه العراق الحقيقية. وبهذا المعنى، فقد كان العراق فضيحة لنا كلنا.
في سياق الحديث عن التفاصيل الصغيرة، كانت لك مساهمة على مستوى خطاب الفردانية من خلال كتاب ‘’مأزق الفرد في الشرق الأوسط’’. لم نجد هذا التفصيل، أي الفرد ومشتقاته، بعيداً عن خطاب زملائك الليبراليين في حين تستحوذ قضايا أخرى، سياسوية في الغالب أو سوسيوثقافية، على جل اشتغالاتهم؟.
– بنظري مسألة الفردية أو الفردانية (تمييزاً لها عن الأنانية) هي مسألة أساسية في عملية التقدم. فحين تعامل نفسك كفرد فإنك تتعامل معها كمواطن. فحين تقترع مثلاً، فإنك تقترع لمن يلائم مصالحك وقناعاتك، ليس لأن العشيرة تريد هذا الشخص أو جماعتك أو أو. وفي مسألة الفردانية، فأنا أعرف أشخاصاً أفترض أنهم حداثيون وتقدميون لكن في الوقت نفسه أسمع منهم بين فترة وأخرى أحاديث عن رغبتهم في تزويج بناتهم لفلان من الناس. أو أنهم يريدون لأولادهم وبناتهم بعد استكمال دراستهم الرحيل عن أوروبا خوفاً عليهم. ولست أدري حقيقة ما علاقتهم بذلك! هم أفراد وأولادهم كما بناتهم أفراد. يتصل بذلك، الموقف من العلاقة بالحياة. برأيي إن الإفراط في الإقبال على الشهادة له علاقة بعدم نظرتنا لذواتنا كذوات، ذوات بمعنى جمع ذات. فالذي يدرك أنه فرد لايقتل نفسه بهذه البساطة، لكن الذي يفكر أنه جزء من كل، أمة، دين، طائفة وشعب، فإنه يقتل نفسه ببساطة. إن حب الحياة مربوط بالفرد.
تزوجت مي غصوب بـ’’المدني’’
كيف تمثلت خبرتك الفردية في علاقتك بشريكة حياتك.. مي غصوب؟
– كان بيننا حب كبير جداً، وكانت هناك استقلالية كبيرة فيما يتعلق بالرأي وباتخاذ القرارات. لم يكن أحد منا يلزم الآخر بأشياء لا يريدها. بعض الأصدقاء كنت أحب السهر معهم، وكانت هي لا تحب. بالمثل، كان لديها أصدقاء وصديقات كثر ليسوا من جملة أصدقائي. كان ثمة تعاقد بين الاثنين على الاستقلالية والحرية يجعل منا متساويين.
؟ كيف كان زواجكما، وفق أية صيغة من العقود؟.
– من خلال عقد مدني.
؟ هل كان الزواج حصيلة التقاء أيديولوجي معين؟.
– لا أبداً، كنا نختلف على أشياء ونختلف على أخرى. كان الجامع الأكبر بيننا، اهتمامات ثقافية وفكرية. في السياسة كنا نتفق أحياناً، ونختلف أحياناً أخرى.
؟ بعد موت مي، إلى من آلت دار الساقي أو كيف صار وضعها؟.
– لا أعرف، لم تكن لي علاقة بالدار إلا من خلال مي آنذاك. لكن أتصور أنها بخير.
لكن لماذا لم تكتب شيئاً عن مي. قطعة صغيرة في ‘’الحياة’’ فقط؟.
– برأيي لا يزال الحدث طازجاً. لكي تكتب عن شيء فأنت بحاجة لمسافة زمنية. ساعتذاك تستطيع أن تنظر إلى المسائل بـ’’رواقة’’ أكثر.
إلى أي درجة تؤمن بما يقال عن أن المال الخليجي قد أفسد الصحافة اللبنانية، والميديا بشكل عام؟.
– كل مال يفسد الإعلام، لكن كل إعلام لا ينشأ بدون مال. هذه لعبة جدلية لا يوجد مهرب منها. برأيي إن المسؤول عنها ليس الشخص الذي يدعم ويقدم المال إنما عدم وجود طبقة وسطى شجاعة في العالم العربي. لماذا لا تبادر الطبقات الوسطى إلى إصدار صحف مستقلة!؟ أين الطبقات الوسطى العربية!؟ لماذا هي مستقيلة تماماً من مهماتها!؟ لماذا هي جبانة وغير قادرة على مصارحة الجماهير بعدد من المسائل!؟ لماذا الطبقات الوسطى لا تتحدث عن الإصلاح الديني أو يكون لديها هم على مستوى تعميم الوعي بالحداثة!؟ أسئلة كثيرة…
قبل أن نختم، كيف تصف تجربتك مع جريدة ‘’الحياة’’؟.
– مقنعة ومريحة، وهو أمر واضح من خلال ما أكتب. ليس ثمة الكثير من المشاكل. أكتب المقال وأشرف على ملحق ‘’تيارات’’.
وكيف تصف الصحافة اللبنانية اليوم؟.
– مازلت جديداً على لبنان. إذ لم تمر غير شهور ثلاثة منذ أن عدت للاستقرار في بيروت.
مساء الورد شقيق،
شكرا جزيلا على هذا اللقاء ، جاء في وقته بالنسبة لي
فأنا أقرأ حاليا (هذه ليست سيرة) لصاغية…
كن بخير
ملاذ
مساء وردة القراءة الشقيقة،
إذن سيرة الحوار ستكون بين عينيك، ولك أن ترفدي الحوار بما ترينه من اقتباسات تثريه. شكرا لملاذك..
قال حازم صاغية في مقال مطول رد به على منتقديه بسبب عمله في صحيفة الحياة اللندنية رد بقوله : أدعو جميع العرب إلى تعميم تجربة فيلكاإسرائيل على الصحافة العربية .
هل كانت أم حازم صاغية مثل زوجته الراحلة مي غصوب ..عاهرة مقحبة؟؟ بماذا يشغل نفسه بالدفاع عن إسرائيل؟
بدل الحديث والحض على ترميم الجراح الفلسطينية لدى ضحايا إسرائيل وبدلا عن النشاط في لندن إعلاميا لإجبار البي بي سي على بث إعلان يحض على التبرع لضحايا غزة وبدل المطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة بدلا عن الدعوة لتحقيق مصالحة بين العميل الإسرائيلي محمود عباس والعميل المصري إسماعيل هنية ها هو حازم صاغية يتفرغ للهجوم على مدعي النصر ويدافع عن نصر إسرائيلي ساحق ويكتب مقالات ويهتك مقامات اللغة فقط ليفرح قلوب أسياده الإسرائيليين طيب ليش يا حازم ؟؟
كما أن الرجل الذي سبق في قبول دعوة حازم صاغية لزيارته ولكن في بيروت أيام الثورة والماركسية الحازم صاغية فقد كان إسمه ناصر السعيد الذي ظل مختبئا في بيروت لفترة طويلة فقام السيد حازم صاغية بدعوته للقاء سري في مقر صحيفة السفير في بيروت نهاية السبعينات ولما حضر ناصر السعيد وهو معارض سعودي معروف ومؤلف كتاب تاريخ آل سعود ، تفاجأ فكمين جهزه له حازم صاغية وابوحسن سلامة مسؤول أمن ال17 المقبور في قفا جورجينا رزق وسلموه للمخابرات السعودية التي قطعته أربا بعد سلخ جلده ثم رموه فوق مضارب عشيرته في السعودية