هل النساء مقياس الديمقراطية؟

مع تزايد الحظوظ النسائية في الفوز بمقاعد نيابية في انتخابات مجلس الأمة 2008، استبدل الخطاب الاجتماعي المضاد لترشح المرأة وتمكينها من حق الانتخاب، بلاغة الهجوم والجدية المفرطة في المعارضة، وأدوات الفتاوي وأحكام الولاية العامة والخاصة، لقد خفف أو استبدل هذه البلاغة، ببلاغة السخرية، وكأنه ضمنياً يعد نفسه لتقبل حقيقة أن المجلس النيابي لن يكون مجلس ذكور ينوبون عن المرأة وغيرها، بل سيكون مجلس إناث أيضا، وسيتولون النيابة عن المرأة وغيرها.

cvhyftryur ولم تجد هذه البلاغة أفضل فاعلية من المسجات التلفونية(SMS)، التي تتداولها النساء قبل الرجال، فإحدى الليبراليات الأكاديميات، حين سألتها عن تقييمها لحظوظ المرشحات في الفوز، أرسلت لي المسج التالي:

مصطلحات برلمانية نسائيه جديدة:

شهالمصاخه : (سؤال نيابي)

شهالعبّو : (نقطة نظام)

شدعوه ياحافظ : (إستجواب)

سليمة تصكك ومالت عليك : (طرح ثقة)

هو هو هو : (اختلاف وجهات النظر)

في النكتة سؤال نيابي، لكنه ليس من نوع (شهالمصاخة)، إنه من نوع ( واخزياه)، بمعنى، أن النكتة تسأل بالنيابة عن الجميع: هل سيوقعنا التمثيل النيابي النسائي في حرج، وذلك بأن يتحول المجلس النيابي إلى مجلس نسائي، تحكمه النساء ببلاغة (شهالمصاخه، شهالعبّو، شدعوه ياحافظ) التي تقارب الأشياء وتحكم عليها، بأعراف المجالس النسائية، وهي أعراف توطن نفسها للنيل من الآخرين من منطلق الذاتية والمزاج والغيرة والهوى، على عكس البلاغة الرجالية التي تحكمها أعراف الحق والعدل والعقل والحكمة والجدية وابتغاء وجه الله والحقيقة.

كان هذا منطق الديمقراطية اليونانية التي هي آدم الديمقراطيات، كانت تضع النساء والصبيان والعبيد في خانة من لا عقل لهم ولا بلاغة لهم، من ثم فهم لا يستطيعون أن يكون في مجلس المدينة. وهذا وجه من وجوه هذه الديمقراطية التي لم تمثل الإنسان مجرداً عن جنسه ولونه وعرقه.

كما كانت الديمقراطية اليونانية تقول الإنسان مقياس الأشياء كلها، يمكننا أن نقول المجتمع مقياس الديمقراطية، فالديمقراطية تأتي وفق معايير المجتمع ومقاييسه وأحكامه، والديمقراطية الكويتية في موقفها من المرأة، إنما تكشف مجتمعها ومنسوب حظه من الديمقراطية ومنطقها، وهو يعيش اليوم منتصف عقدها الرابع.

كانت المرشحة (رولا دشتي) الأكثر حظاً بالفوز تقول:" أنا أفكر بطريقة منفتحة وأقدم خطابا جديا وعمليا . خطابا يعتمد على الحلول وليس الشكوى". كأنها بهذا الخطاب ترد ضمنيا على منطق ديمقراطية مجتمعها الكويتي الذي لم ينصفها بعد، ولم ينصف تقييمه لبلاغتها التي ما زال يراها بلاغة مجالس نسائية وليست مجالس نيابية.

(هذه الفقرة نشرت خطأ بالجريدة وأعيد نشرها مصححة)

في يوم الاقتراع، اختلقت جريدة ”الشاهد” الأسبوعية، صورة قديمة لرولا دشتي مع السيد حسن نصر الله مرتدية الحجاب. تأتي هذه الصورة كأداة انتخابية توظفها الجريدة ضد دشتي، في وسط ذو ذائقة سياسية معينة. وكأن بلاغة الخطاب المضاد حين أعجزته بلاغة المرأة التي ظهرت بها رولا دشتي، لجأ إلى حيلة أخرى، وكي يحمي نفسه قانونياً وإعلامياً وأخلاقيا، استخدم بلاغة مفضوحة يقول فيها " ويقال إن الصورة مفبركة". ولكن البلاغة المفضوحة لا تحمي صاحبها من الاختلاق والفبركة. فالاختلاق ليس تركيب صورة، بل تركيب خطاب الصورة. وحتى لو كانت الصورة صحيحة، فالخطاب ليس صحيحاً بل مختلقاً ومدان أخلاقيا حتى لو كان بريئاً قانونياً.

يرصد أحد التقارير شعبية (رولا دشتي) بقوله أن شعبية (رولا) تمتد حتى في أوساط الرجال الذين يرون فيها امرأة رصينة وتتحدث بطريقة واقعية وليست " نسائية شعبية". لا أحد يقول عن مرشح رجل إنه يتحدث بطريقة واقعية وليست "رجالية شعبية". لماذا لا يقول أحد ذلك؟ لأن الشعبية تصف بلاغة النساء (عقلهم ومنطقهم ورؤيتهم للأمور) لا لغتهم، فالرجل حتى لو تكلم بالعامية، تبقى بلاغته واقعية ورصينة.

هكذا، الديمقراطية مازالت بعد لم تنصف حتى منطق بلاغة النساء فضلا عن النساء، ومازالت تجد فيها بعد أربعة عقود، مادة للسخرية، وإمعاناً في منطق السخرية، تسوق نكتة أخرى، شكل المجلس الجديد الذي ستشكله هذه البلاغة، بقولها:

"المجلس اليديد :

حمرة طايحة تحت الكرسي .

شيلة شوارسكي ناسينها .

علج بصري لازق على الطاولة .

فاتورة الجمعية بين الأوراق .

ووحدة تكلم السايق : بابو عقب ماتقط سبجو المدرسة مرني ، وييب وياك نص دينار سمبوسة"

للنكتة قدرة تمثيلية وقدر نيابية، فهي تمثل الأصوات الاجتماعية على اختلافها، وهي تنوب عن القوى الاجتماعية في التعبير عن موقفها من الأحداث والتغيرات والمستجدات. وربما تكون النكتة النسائية هي الأكثر تمثيلاً والأكثر نيابية، وذلك لأنها تعبر عن قطاع لا يملك قوة كافية للتعبير الصريح، ولأنها من جانب آخر تعبر عن القطاعات المحافظة التي تجد حرجاً في معارضة المشاركة النسائية في ظل الوعي الجندري، وفي ظل غلبة الخطاب الإعلامي الداعم للمرأة ولحضورها في الميدان العام.

تبقى البلاغة النسائية قادرة ترطيب المصطلحات البرلمانية الجافة (استجواب، نقطة نظام، طرح الثقة) بلغة أقرب إلى الشعب، ومن يملك اللغة الأكثر قرباً من الشعب، فهو الأجدر بتمثيله والنيابة عنه، فهل سيشهد البرلمان الكويتي

فهل سنقول لرولا دشتي أو أسيل العوضي أوسلوى الجسار (قرة عينش) بشوفة قاعة المجلس المستطير بعيون الرجال التي لا تبرد قلب الوطن.أم سنقول (غميضة) ولا قرة عيون الرجال؟

http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=6968

http://www.awan.com.kw/node/69709

اترك تعليقاً