حوار مع أحمد الكاتب

الباحث العراقي أحمد الكاتب في حوار مع «الوقت»

الفكر الشيعي الآن تجاوز الفكر الإمامي الاثني عشري

حوار جريدة الوقت مع أحمد الكاتب
حوار جريدة الوقت مع أحمد الكاتب

الوقت:تحرير نادر المتروك

وُلد أحمد الكاتب في كربلاء سنة ,1953 ونشأ كما يروي، في بيئة إسلامية شيعية، وفي الستينات وعى حركة إسلامية شابة قامت أساساً على مبدأ تحدي التيار الشيوعي في العراق. هذه الحركة كانت تركِّز على الجانب الشيعي فيها، كما يقول، ثم دخلَ الحوزة العلمية سنة 1967 و1968 منخرطاً في ذلك التيار الذي هدف إلى إقامة حكومة إسلامية، وهو الحلم الذي بدأ يراود الكثير من الحركات العراقية. كان الحزب الذي انتمى إليه الكاتب هو ‘’منظمة العمل الإسلامي’’، والحركة المرجعية للسيد محمد الشيرازي التي كانت تؤمن بمبدأ ولاية الفقيه، وكتب آنذاك داعياً إلى هذا المبدأ. في هذا الحوار يسرد الكاتب تحوّلاته الدراماتيكية، ويعرض جانباً من آرائه التي أثارت حفيظة واسعة النطاق. الزملاء في ‘’الوقت’’ علي الديري، حسين مرهون ومحمد المبارك التقوا مع أحمد الكاتب في أثناء زيارته إلى البحرين، وكان لهم معه هذا الحوار:

هل بدأت كتاباتك المؤيدة لولاية الفقيه بعد طرح فكرة شورى الفقهاء؟

– لا قبل شورى الفقهاء. كان المبدأ أساساً أن الفقهاء هم الذين يتولون القيادة الشرعية، وكانوا يدَّعون انحصارها فيهم امتداداً لانحصار القيادة الشرعية في أئمة أهل البيت بعد النبي، وكانوا يرفضون أي عمل حزبي أو شورى أو انتخابات أو غير ذلك. ثم قامت الثورة الإيرانية، فوجدنا فيها مصداقاً لنظريتنا، فانخرطنا فيها وتعاونا مع إيران من أجل الحصول على دعم لإحداث ثورة في العراق والتي كان لها جذور. كنتُ أحاول أن أدرس التجربة الإيرانية في فترة بقائي في إيران في الثمانينات، وأرى ما بها من إيجابيات وأخطاء لكي أستفيد منها. طُرحت في البداية نظرية ولاية الفقيه في الدستور الإيراني، وكانت محدودة في صلاحياتها، ولكن في سنة 1988 طرح الإمام الخميني نظرية الولاية المطلقة للفقهاء، والتي اعتبرها شقاً من ولاية الله وولاية الرسول والأئمة، وموازية لهم، وأن الفقيه له صلاحيات واسعة جداً بحيث لا يعرفها رئيس الجمهورية آنذاك السيد علي الخامنئي. هذه النظرية صدمتني في الحقيقة، لغرابتها، فبحثتُ فيها لمدة سنة فقهياً وأصولياً.

ولكن اصطدام منظمة العمل مع الثورة الإسلامية كان قبل العام 1988؟

– لا، لم يكن اصطداماً في الحقيقة. لقد ابتعد السيد الشيرازي عن الانخراط في التيار الخميني باعتباره مرجعاً مستقلاً، ولكن ‘’منظمة العمل الإسلامي’’ كانت متعاونة تعاوناً وثيقاً مع المجلس الأعلى ومع إيران. لم تأتِ الحركة الفكرية عندي من نقطة اصطدام مع الثورة الإيرانية، وإنما من دراستها والتوقف عند نقطة الولاية المطلقة للفقيه. ثم توصّلتُ إلى نتيجة أن نظرية الولاية المطلقة ليس لها جذور ولا أدلة كافية. ثم حاولتُ أن أقدِّم رؤية تاريخية للبحث الذي عملته، عبر تاريخ ألف سنة، منْ منَ علماء الشيعة كان يؤمن بولاية الفقيه؟ ومنْ منهم كان يرفضها؟ ثم ما الذي ترتَّب على ذلك من أعمال سياسية أو ثورات وغيرها؟ فوجدتُ أن هناك نظريتين، نظرية ‘’التقية والانتظار’’ وتحريم العمل السياسي في عصر الغيبة عند عدد كبير من العلماء وخصوصا في القرون السابقة، ونظرية ‘’ولاية الفقيه’’ وهي نظرية جديدة بديلة أو هي ثورة على نظرية ‘’التقية والانتظار’’. نظرية ‘’ولاية الفقيه’’ طُرحت قبل مئتي سنة وطبَّقها الإمام الخميني، والسيد الشيرازي كان يدعو أيضاً إلى نظرية ‘’ولاية الفقيه’’ قبل الإمام الخميني بعشر سنوات.

نظرية ولاية الفقيه.. مائة سنة

هل طُرحت نظرية ‘’ولاية الفقيه’’ قبل مئتي سنة!؟

– نعم، وكان أول من كتبَ فيها هو الشيخ أحمد النُراقي في كتاب (عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام). في هذا الكتاب فصل بسيط في علم الأصول تناول فيه: هل للفقيه ولاية أم ليست له ولاية، ولكن علماء الشيعة رفضوها، ناقشوها ثم ردُّوها ولم يؤمنوا بها. السيد الشيرازي تبنَّاها منذ الخمسينات أو الستينات، وطرحها الخميني في سنة ,1969 وكان الشيخ منتظري في إيران أيضاً يفكِّر فيها. ثم جرَّني البحث إلى موضوعات أهم من مسألة النيابة، وهي موضوع الإمام المهدي ووجود الإمام المهدي الغائب، ونظرية الإمامة كلها، العصمة والنص والوصية.

هل هناك منْ يقرأ حالتك قراءة ليرى فيها أن مشكلتك في البداية كانت مع نظرية ولاية الفقيه، وحين أردت هدمها احتجت لهدم شيء آخر، وهو الإمامة. وحين أردت هدم الأخيرة احتجت لهدم العصمة. وهكذا… كل ذلك لأن عندك مشكلة مع ولاية الفقيه؟!

– أنا في الحقيقة كنتُ أعتبر نظرية ولاية الفقيه نظرية إيجابية، ولا زلتُ أعتبرها كذلك. إنها نظرية متقدِّمة على النظريات السابقة التي كانت تكبِّل الشيعة وتخدِّرهم. وهي نظرية نهضة وعمل، وقد كنتُ من الملتزمين بها قبل الثورة الإيرانية. لم تكن لدينا أية مشكلة معها، ربما كان بين الإمام الشيرازي والإمام الخميني مشكلة شخصية، تتعلق بدوره وموقعه. وحتى عندما قمتُ بنقد هذه النظرية، قمتُ بنقد الولاية المطلقة وليس نظرية ولاية الفقيه، وقد جرَّني البحث إلى تلك الموضوعات عن غير قصد، كانت الفكرة تجرّني إلى فكرة أخرى، إلى أن اصطدمتُ بمعلومات تاريخية لم أطَّلع عليها من قبل. والنقطة التي توقفتُ عندها بعمق هي قضية الإمام الثاني عشر، هل هو موجود؟ هل هو حقيقة؟ هل هو فرضية فلسفية؟ ووجدتُ أن العلماء السابقين يعترفون بصراحة أنهم لا يملكون الأدلة الكافية على ولادته ووجوده واستمرار حياته، وإنما هم يفترضون كل ذلك افتراضاً، وذلك من أجل إنقاذ نظرية الإمامة من التلاشي والانهيار. وهذا ما دفعني إلى إعادة النظر في نظرية الإمامة. بحث ولاية الفقيه المطلقة جرَّني إلى تلك الأبحاث واكتشفتُ أن الإمام الثاني عشر محمد الحسن العسكري لا وجود له، والإمامة نظرية فريق صغير باطني من الشيعة وليست نظرية كلّ الشيعة أو عامتهم، وأن نظرية أهل البيت هي الشورى، ولم يكونوا يدَّعو لا العصمة ولا النص ولا الوصية.

أحمد الكاتب
أحمد الكاتب

نشأة الاعتقاد الإمامي.. والسفراء

هل في رأيك، أن للسفراء دورا في تأصيل فكرة الاعتقاد الشيعي؟ هل هي فكرة شخصية أم ماذا؟

– إنها عدة عوامل اجتمعت فيها؛ عوامل فلسفية وعوامل مادية وعوامل سياسية. العامل الفلسفي هو أن نظرية الإمامة إذا كانت صحيحة فلا بدَّ أن تستمر، ووصلنا إلى الإمام العسكري ولم نرَ له ابنا، فإما أن نسلِّم

بهذه الحقيقة ونقول توفي الإمام العسكري، وانقرضت نظرية الإمامة وانتهت، وإما أن نفترض أن له ابنا لكي تستمر النظرية في الفكر وليس في الواقع، لأنه في الواقع لا وجود له، وقد استمرت النظرية في الفكر فقط. وفي الدولة العباسية كان هناك هدف سياسي عباسي وراء دعم نظرية المهدي الغائب، في مقابل الدولة الفاطمية التي كانت تقوم في ذلك الوقت في اليمن وفي شمال أفريقية، حتى تقول لهم إنكم كاذبون ومنحرفون. فكانوا يدعمون هذه النظرية في مقابل الفاطميين، ونلاحظ بشيء من الدهشة أن الخلفاء العباسيين كانوا يتعاطفون مع هذه الفكرة كالمعتضد العباسي، والناصر لدين الله العباسي الذي حفر سرداب سامراء وترك اسمه على الأبواب والمنابر، وهذا الأثر موجود في سرداب سامراء إلى يومنا هذا. كانت محاولة لإدخال الشيعة في سرداب الغيْبة، حتى يغيب الشيعة وليس الإمام. أنا أعتقد أن الاثني عشرية كانت حركة مدعومة من العباسيين في مقابل الفاطميين. وأيضاً كانت هناك مصلحة مادية وشخصية للنواب، ولم يكن النواب أربعة بل ,24 وكانت هناك جماعات كثيرة تدَّعي وجود هذا الإنسان وتدَّعي النيابة عنه، وهذه الجماعات كانت متصارعة ويكذِّب بعضها بعضاً، لأن الفكرة كانت صناعة للغنائم وقبض الأموال من الشيعة باسم الإمام المهدي.

منذ عقدين من الاشتغال على الفكرة، من 1988 إلى 2006 وصدور كتاب حول الفكر السياسي الشيعي في التسعينات، وأمام جيش الردود والهجمة التي وُجِّهت لك من قِبل التيارات الشيعية في أكثر من مكان. ما الذي ثبَّته عندك هذا الشيء وما الذي غيَّره؟ بعد هذه الفترة هل توجد بينك وبين الكتاب مسافة نقدية؟ ألم تفترق عن شيء عما جاء في هذا الكتاب كما افترقت عن كتابات سابقة حول ولاية الفقيه وغيرها من الأمور؟

– في الحقيقة عندما توصلتُ إلى هذه النتائج في بحثي سنة 1990 وبدأتُ أناقش العلماء والمراجع والمفكرين، شخصياً وعبر رسائل، ونُصحتُ بألا أستعجل في كتابة الموضوع إلا بعد أن أتجاوز كل النقاط بحثاً ودراسة. ووجدتُ أن هذه النصيحة معقولة جداً، لأن هذا الموضوع يهمني دينياً ودنيوياً، وسوف يقلب حياتي رأساً على عقب، أيضاً لو تعجَّلتُ في المسألة لربما ارتكبتُ خطأ كبيراً في بحث يتعلق بعقيدة دينية وسوف أتحمَّل وزرها. هذا ما جعلني أستمر لعامين آخرين في مواصلة البحث والنقاش، وبعد أن أتممتُ البحث قضيتُ خمس سنوات أخرى في البحث والنقاش مع العلماء. ما فاجأني بعد أن أتممتُ البحث هو أنني وجدتُ العلماء والمراجع جميعهم يغفلون عن بحث هذا الموضوع، ويهملونه باعتباره أمراً مفروغا منه وليس في حاجة إلى المناقشة. وأنا بالصدفة بحثتُ في هذا الموضوع بعمق، والحوارات التي أجريتها مع العلماء أكَّدت لي صحة ما توصلتُ إليه، وكذلك النقاشات المكتوبة التي وردت في كتاباتي فيما بعد، وجدتُ هؤلاء جميعهم يؤكدون النتائج التي توصلت إليها.

توجد أدلة تاريخية عن هذا الاعتقاد وتوجد أيضاً روايات عن الأئمة والإمام العسكري والمهدي وتوجد أسماؤهم بأن آخرهم هو المنتظر. هل بحثتَ في هذه الأحاديث؟ وما الذي وجدته؟

– نعم بالطبع. كان هذا جزءاً من البحث. انقسم بحثي إلى ثلاثة أقسام رئيسية، البحث الفلسفي والأدلة الفلسفية، والأدلة الروائية والأدلة التاريخية. في البداية استعرضتها جميعها، جميع ما كتبه العلماء السابقون، ثم ناقشتها دليلاً دليلا. وجدتُ أنهم يقولون أن الدليل الأقوى والمعتمد هو الدليل الفلسفي، أي الافتراض الفلسفي، ثم يأتون إلى الأدلة الأخرى، وهي أدلة روائية تركيبية، وروايات مختلقة وموضوعة ومركَّبة على بعضها. مثلاً روايات الغيْبة هي روايات رواها الواقفية عن الإمام موسى الكاظم أو عن محمد بن الحنفية أو عن فلان الشخص القديم، ثم ركَّبوا هذه الروايات على الشخص المفترض وجوده. أما الأدلة التاريخية فهي مجرد إشاعات واهية جداً لا يوجد لها سند ولا دليل ولا راوٍ معروف، إنها في منتهى التهافت. ويعترف المحققون الشيعة بذلك ويقولون إن هذه كلها روايات ضعيفة، ولكننا نأتي بها من باب المعاضدة. نحن نثبت الموضوع أولاً في الاستنتاج الفلسفي، ثم إن شئتَ أخذتَ بهذه الروايات وإن شئتَ أن لا تأخذ بها، فهذا غير مهم! إن المسألة إنْ لم تُثبت بالأدلة الفلسفية فمن المستحيل إثباتها بالأدلة الروائية والتاريخية، هكذا يقول العلماء. إنهم يعترفون فيما بينهم بأن الأدلة ضعيفة جداً.

الفكر السياسي والمهدي.. والمشكلة

يبدو من سردك أنك انتهيتَ الآن إلى أن هذه النتائج تقودك إلى مستوى البحث في مشكلة الفكر السياسي في حضارتنا الإسلامية. فهل تجد أن الفكر السياسي في الحضارة الإسلامية تكمن مشكلته لدى الشيعة في تعاضده مع الإمام المهدي؟

– إن سمحتَ لي أن أوضح نقطة مهمة في هذا السياق، وهي أن الفكر الشيعي السياسي الآن، تجاوز الفكر الإمامي الاثني عشري. لم يعد الشيعة الآن إمامية اثني عشرية، إنما هذا فكر منقرض وغير عملي. لذلك بدأ الشيعة يتبنون نظريات جديدة كالنظرية الديمقراطية مثلاً، أو نظرية ولاية الفقيه. نظرية ولاية الفقيه في الأساس نظرية زيدية متناقضة مع الفكر الإمامي مطلقا، وهي مفروضة من قِبل الإماميين في القرن الرابع، وقد طُرحت في الكتب على الإمامية بأن يلتزموا بنظرية ولاية الفقيه كبديل عن الإمام الغائب، ويوجد من ردّ عليها كالشيخ الصدوق في كتابه (إكمال الدين)؛ بأن هذه الفكرة مرفوضة نهائياً ومن المستحيل أن يقبل بها، لأنها تتناقض مع ضرورة العصمة في الإمام أو الرئيس، وضرورة النص والسلالة العلوية وما إلى ذلك. أما ولاية الفقيه فلا تشترط العصمة ولا النص ولا السلالة، ومن الممكن أن يصير أي إنسان إماماً أو رئيساً. إن الشيعة الآن متقدمون جداً في الفكر السياسي المعاصر، إننا نرى السيد السيستاني مثلاً يتبنى الفكر الديمقراطي تماماً، ويُؤسس لنظام ديمقراطي جديد في العراق. إذن لستُ أنا الذي أنقد هذا الفكر، وإنما الواقع هو الذي يفرض هذا، والشيعة الآن بعامتهم قد تخلوا عن هذا الفكر عملياً، وإنْ كان قد تخلى بعض الشيعة عنه نظرياً.

عن أي شيعة تتحدث؟ هل تتحدث عن الشيعة كمؤسسة؟

– أتحدث عن الجماهير، كما في العراق ولبنان وإيران. حتى في إيران على رغم من أن نظرية ولاية الفقيه متقدِّمة على فكر الانتظار السلبي، إلا أن هناك حركة تنادي بالتقدُّم نحو الأمام ولمزيد من الديمقراطية والتخلص من هيمنة ولاية الفقيه أو رجال الدين على السلطة. يوجد الآن صراع عنيف في إيران بين أطراف تحاول أن تلغي الديمقراطية وأخرى تحاول أن تكرِّس الديمقراطية، وتلغي هيمنة رجال الدين على العملية السياسية.

تحوّل السياسي إلى دين.. واليمقراطية

ذكرتَ أن الشيعة الآن تجاوزوا فكرة الإمامة الإلهية بتحولهم إلى الأفكار الديمقراطية. إن مشكلة إثبات وجود أو عدم وجود الإمام المهدي، ليس لها علاقة بقبول الديمقراطية أو عدم قبول الديمقراطية، بدليل قوي هو أنهم تحولوا الآن إلى الديمقراطية وهم مؤمنون بفكرة الإمام المهدي كفكرة عقائدية، وهي جزء من هويتهم وجزء من مذهبهم وجزء من ديانتهم؟

– أحسنت، نعم.. صار التحوُّل السياسي إلى دين، وهذه مشكلة كبيرة في كلّ الأديان العظمى. فالكثير من القضايا السياسية تتحوّل إلى قضايا دينية. الفكر الإمامي كان فكراً سياسياً في مرحلة معينة، ثم تحوَّل إلى قضية دينية وعقيدية، ولو كان الناس يدركون جوهره السياسي، لتخلوا عنه بالمرة حتى نظرياً، وهذه النقطة بحثتها مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين، وكنتُ قد عرضتُ عليه كتابي قبل أن أنشره، وسألته عن رأيه في الكتاب، وكان ذلك سنة ,1995 فسألني: ما هو هدفك من هذا الكتاب؟ وما هي النتيجة والخلاصة؟ قلتُ له: أريد أن أصل إلى الشورى، أن أصل إلى الديمقراطية، فقال لي: أنا وصلتُ لها، فقلتُ له: ولكن لا يمكن لأمتنا أن تصل إلى الشورى أو الديمقراطية مع وجود فكر آخر يعرقلهما ويعوق العملية، كنتُ أريد أن نبحث في هذا الفكر لكي نصل إلى الديمقراطية بصورة قوية. صحيح أن الفكر الإمامي أصبح الآن عقيدة لدى الشيعة، ولذلك يصعب عليهم التخلي عنه، ولكن حقيقة الفكر الإمامي هو فكر سياسي، وله انعكاسات قديماً وحديثاً. كما في نظرية الانتظار السلبي وعدم جواز إقامة الدولة في عصر الغيبة، وهيمنة الفقهاء باسم النيابة عن الإمام، وكذلك ما يمثله السيستاني من هيبة دستورية ناشئة من الفكر الذي يجعله عمليا الرمز الأعلى، ما يعوق العملية السياسية. ولا يمكن أن نصل إلى الديمقراطية الحقيقية، إلا بمناقشة جذور هذه النظرية، وما الذي يستند عليه المرجع أو الفقيه، أي كونه ‘’نائب الإمام’’، فإذا كان المنيب غير موجود، فكيف تكون نائباً له؟

في قبال أزمة الفكر السياسي الشيعي، كيف نقرأ أزمة الفكر السياسي السني؟

– أنا أعدّ دراسة منذ سنوات وآمل أن يوفقني الله لإتمامها قريباً؛ وهي في تطوّر الفكر السياسي السني. أول هذه الأزمات هو تحوُّل الخلافة إلى نظام روحي وديني، فالخليفة عنصر مطلق وله مكانة دينية، وهناك طموح لإعادة الخلافة كرمز روحي للمسلمين. وأيضاً في تفاصيل الفكر السياسي السني؛ توجد ضبابية واسعة في حدود أهل الحل والعقد، وكيف يأتون ومن أين، ومنْ هو الذي يعَيِّنهم، ومنْ يمثلون، وكذلك الغموض في الطاعة المطلقة للخليفة، فالخليفة حتى لو عصى وظلم وفعل ما شاء فيجب عليهم إطاعته.

ولكن ألا يمكن أن نقول أن الفكر السني المعاصر تجاوز هذا؟

– لقد تجاوزه في بعضه، فهناك حركات منذ أكثر من مئة عام حاولت ذلك، وهي حركات تؤمن بالفكر الديمقراطي، مثل حركة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وآخرون قبلهم وبعدهم. ولكن هناك أيضاً محاولات سلفية تحاول إنتاج ذلك الفكر، وتمارسه حتى الآن. فالكثير من الحركات والأنظمة السياسية السنية تمارس الفكر السياسي السني للخلافة. فكر الخلافة لم ينقرض، بل لايزال حياً ويعاني منه المسلمون. إننا نعاني حتى الآن من الاستبداد الموجود في فكر الخلافة، ولكن هناك حركات إصلاحية تحاول التخلص من هذا.

وما هي الصيغة القانونية التي تصلح الفكرين السياسي السني والشيعي؟

أحمد الكاتب
أحمد الكاتب

– الحركة الإصلاحية يجب أن تكرّس الشورى وتطوّرها. هناك عقدة في الحركة الشيعية والسنية باعتبارها تجربة غربية، ودعوى أن ديننا الإسلامي متكامل، ولسنا بحاجة إلى أخذ أية تجربة إنسانية من كفار، هذه الشمولية فيها إشكال. أنا أرى أن المساحة السياسية تركها الإسلام عن عَمد للعقل وللتجارب الإنسانية، فلم يتدخّل في تفاصيل النظام السياسي، لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية. فكيف يكون النظام السياسي؟ وكيف يُنتخب؟ وكيف يتشكَّل؟ هذه الأمور كلها مساحة متروكة للأمة لكي تبدع فيها وتطوِّرها. فكما تعلمون أن الأصل في الدين هو التعبُّد، أي عدم الإبداع وكل بدعة حرام في الدين، ولكن الأصل في القضايا الإنسانية هو الإبداع وليس التعبُّد، أي الإبداع وإنتاج أي نظام جديد. وإذا حدَّدنا حدود الدين وحدود المسموح به إنسانياً وعقلياً، فسوف ننفتح إنسانياً على أية تجربة إنسانية غربية أو شرقية، وهذا لن يضرّ ديننا. التجربة الغربية هي عدة تجارب مختلفة وليست تجربة واحدة، وبإمكاننا أن نقتبس الإيجابيات بما يتوافق مع ديننا وأخلاقنا ومبادئنا وثقافتنا، ونترك الفلسفة الغربية المادية.

حلّ عقدة السنة والشيعة

لقد درستَ الفكر السياسي الشيعي من خلال إخضاعه إلى منطق التاريخ، وتوصلت إلى إسقاط مقولات مركزية وإخضاعها لهذا المنطق التاريخ أيضاً كالإمامة والعصمة، وأنت الآن تدرس الفكر السياسي السني بنفس الطريقة. هل يمكن أن نتنبأ بإحداث تحوُّل في مسيرة عملك لدراسة الظاهرة الدينية نفسها بوصفها ظاهرة تاريخية؟ كظاهرة الوحي والنص والنبوة كما يدرسها عبدالكريم سروش في ‘’القبض والبسط’’؟

– في الإسلام كلّ شيء قابل للدراسة، والإسلام يدعونا لذلك. أنا أعتقد أن الدين ثابت وخالد وهو يتعالى على القضايا السياسية المتحركة. إن المشكلة ليست في الدين بل في النظريات السياسية الدخيلة على الإسلام والتي تحوَّلت إلى دين، فأصبحت عقائد إضافية وصارت عقدة في المجتمع. هذه العقائد الإضافية إذا تخلصنا منها، ونحن نؤمن بإله واحد، وبالآخرة وبنبوة محمد، وبأن النبي محمد علَّمنا الأخلاق والمبادئ السامية والعلاقة الطيِّبة مع الآخرين، وبعض القوانين لحماية الحضارة الإنسانية، كحفظ النفس والعرض والمال والحقوق العامة.. فليست لدينا مشكلة. ويوجد هناك توجُّه غربي الآن لاقتباس هذه الأمور الإيجابية من الإسلام والاستفادة منها، فهناك غربيون من أساتذة القانون الدولي قاموا بهذه الدراسات واختاروا الإسلام باعتباره أفضل ضمان لتقدُّم البشرية وحلّ المشكلات المعاصرة الآن. إن أحد جوانب بحثي حول الإمامة هو حلّ العقدة بين الشيعة والسنة، وهي العقدة الاجتماعية المزمنة، والتي تتسبب دائماً في نزيفٍ وكراهيةٍ في المجتمع. فإذا توصلنا إلى أن الإمامة هي نظرية سياسية وليست من الدين، وأن النبي لم ينصّ على الإمام علي، وأن المسلمين هم الذين انتخبوا الخليفة، فسوف تكون هناك مصالحة بين الشيعة والصحابة، ولن يكون هناك (اغتصاب للسلطة) كما يدَّعي الشيعة الإمامية، وسوف تنتهي المشكلة المزمنة.

ولكن إمامة الإمام علي شيء أساسي لدى الشيعة..

– لا ليست أساسية في الفكر الشيعي، بل في الفكر الإمامي. لو تابعنا التطوُّر التاريخي لهذه النظريات، وهي نظريات متراكمة، لرأينا أن الفكر الشيعي في القرن الأول كان فكراً سياسياً، فهو انتماء سياسي لأهل البيت وللإمام علي، ولم يحمل نظريات فلسفية في الموضوع، وبالتالي كان متصالحاً مع أبي بكر وعمر وبقية الصحابة. ولكن عندما وُلد الفكر الإمامي في القرن الثاني الهجري بدأت المشكلة تظهر، لنغرق في هذه الأساطير والحكايات، ونشكِّل عقدة مع بقية المسلمين. سألتُ بعض الأخوة السنة هنا: ما مشكلتك مع الشيعة؟ فقال لي: سبّ الصحابة، وبالفعل إنها مشكلة، فإذا كنتَ تقدِّس الإمام علي وتسمع منْ يشتمه، فسوف تكرهه وتعاديه، وهذا يؤدي إلى حدوث توتر في المجتمع. هذه الأفكار السلبية في النظريات الخاطئة، هي التي ولَّدت عقدة في العلاقات الداخلية بين السنة والشيعة على مدى التاريخ. إضافة إلى النتائج السياسية التي تُوصلنا لها القراءة الجديدة لذلك الفكر، وتُحرّرنا من هيمنة المراجع ووصولنا للفكر الديمقراطي، وبذلك سنتخلص من الإرث الثقافي السلبي الثقيل الذي يجثم على صدور الشيعة ويوتر علاقتهم بالآخرين، وهذه نقطة في حدِّ ذاتها مهمة جداً.

أنا مسلم.. وكفى

أنتَ الآن بأي معنى شيعي؟

– أنا أؤكد على أني مسلم أولاً بعفويتي، أنا مسلم ديمقراطي، أؤمن بالديمقراطية في المجال السياسي. أنا مسلم وهذا يكفي، ولست بحاجة لا إلى شيعي ولا إلى سني. ولكن التعريف الآخر هو أني أؤمن بالديمقراطية القائمة على أسس الإسلام، وعندما أقرن بين الكلمتين (الإسلام والديمقراطية) فلأن الديمقراطية أوضح من الشورى، فالأخيرة غامضة تاريخياً ومشوَّهة. وأنا شيعي باعتبار أنني أحب أهل البيت، وليست هذه قضية أساسية في الدين، أنا أوالي أهل البيت، وإن كان هناك منْ لا يواليهم فلا مشكلة في ذلك. الولاء السياسي كان في التاريخ عندما كان أهل البيت موجودين والناس يوالونهم ويلتفون حولهم سياسياً وينتخبونهم للحكم، أما الآن فلا معنى للولاء السياسي، إلا مجرد الحب، وليس صعباً على أي إنسان أن يحب هؤلاء القادة والزعماء الذين ضربوا أروع الأمثلة في الفداء والتضحية والكرم والتواضع والأخلاق الحسنة، فلماذا لا نحبهم؟

ولكن بحثك جرى استثماره في تاريخ الفكر السياسي من قِبَل السلفية السنية في مناكفاتها مع الشيعة.

– صحيح، ولكني لم أقصد هذا، وأنا أرفض هذا الاستثمار، وأدعو أيضاً الأخوة في الحركة السلفية والحركة الوهابية إلى إعادة النظر في فكرهم السياسي وفي تراثهم وثقافتهم، وأن يقوموا بدراسة تحليلية لفكرهم. هم أيضاً يعانون من مشكلة ثقافية تحوّلت إلى سياسية، وهي مشكلة التكفير المتسببة في توتير علاقاتهم مع الآخرين، وتؤدي بهم إلى أزمة داخلية، وأزمات مستمرة عبر التاريخ داخل الحركة السلفية وداخل الأمة الإسلامية، وهذه مشكلة كبيرة يجب أن ينتبهوا لها ويدرسوها، فلا يكفي أن أفرح بنقد الآخرين، لأن الإنسان الحريص على مصلحته ومصلحة أمته عليه أن يبادر إلى نقد ذاته أولاً قبل أن ينقد الآخرين. أنا لا أكتب من أجل السجال الطائفي، وأعتقد أن جميع المذاهب الإسلامية على نسبةٍ كبيرة من الصحة والصواب؛ لأنها تؤمن بالله تعالى وبالإسلام وبمحمد وبالآخرة، وهذا هو جوهر الدين. وكل مذهب لديه إضافات واجتهادات سلبية في الإطار السياسي، ولا بدَّ أن يعيد النظر فيها.

هل ولّدت كتاباتك وبحثك في هذا المجال جماعةً معيَّنة تتبنى هذا الفكر؟

– كما قلتُ: إن حركة الواقع عند الشيعة أقوى من حركة الفكر، بل ومتقدمة عليه. وأنا أشاهد حركة فكرية واسعة داخل قمّ والنجف ولبنان، في كل الساحة الشيعية هناك اهتمام وتطلُّع إلى التغيير والإصلاح والتحرُّر من مخلفات الماضي ومن اجتهادات السابقين والنظريات التراثية السلبية.

وكيف ترى المسألة على المستوى السني؟ هل حركة الواقع أيضاً متقدِّمة على حركة الفكر؟

– نعم هناك تقدُّم، وتوجد فصائل ليس من الضرورة أن نسمِّيها إسلامية، فأي حركة ديمقراطية في الوطن العربي أو الإسلامي هي حركة متقدِّمة، فهم مسلمون ويمثلون شرائح جماهيرية عريضة تؤمن بالديمقراطية، فالديمقراطية حاجة شعبية قبل أن تكون مطلباً أجنبياً لفرضه على بلادنا. هناك سعي لإقرار الديمقراطية في البلدان العربية، وتوجد حركات إسلامية تتصدر لتطبيق الديمقراطية. وتوجد حركات محافظة ومتحجرة ترى في الديمقراطية كفراً وإلحاداً وتناقضاً مع الإسلام، وبالتالي يجب أن تُقاوم الديمقراطية، وهي تضرّ نفسها من حيث لا تشعر، ولو أنها التفتت إلى الديمقراطية ودرستها دراسة جيدة، لرأت أن من الممكن أن تكون مفيدة لها قبل أن تكون مفيدة لغيرها.

العقلية السياسية السنية والشيعية

ألاحظ أنك تختصر المشكلة السنية والشيعية في المسألة السياسية، ويبدو لك بأن الحل هو الوصول إلى النموذج الديمقراطي. ألا تعتقد بأن هذا اختزال لطبيعة المشكلة وأن المسألة أعمق من المسألة السياسية وتتعلق بالمسألة الدينية نفسها والعقل الديني؟

– كلها مترابطة، فالعقلية السياسية السنية والشيعية هي مخلفات للنظريات السياسية القديمة، وتحوَّلت إلى عُقد مزمنة ومتعفنة وسبّبت مشكلات في جسد الأمة. عندما ندرس المذهبين السني والشيعي ونقوم بتفكيكهما ونعيد الدين إلى حجمه الحقيقي، ونقول إن هذه الأمور سياسية وكانت بنت تلك الظروف ويجب أن نتخلص منها وتنتهي الطائفية والمشكلات، ونتقدَّم نحو بناء النظام الديمقراطي، فإن النظام الديمقراطي سوف يحلّ الكثير من المشكلات؛ لأن الكثير من هذه المشكلات الطائفية هي بنت الاستبداد والديكتاتورية. فالطائفية تنشأ في بيئة الاستبداد، وعندما تكون هناك ديمقراطية ووعي لها وللذات والتراث، فإننا سوف نحلّ الكثير من هذه العُقد.

على المستوى الشخصي، هل عرّضتك هذه الأفكار الصارمة إلى مشكلات كثيرة، وكيف تعاطيتَ مع ردود الأفعال؟

– في الحقيقة لا توجد مشكلات كثيرة. يوجد تفاعل. وإنْ كان يوجد نوع من الصدمة الأولى، وأنا أعترف بأن الأفكار التي طرحتها هزّتني أنا أولاً، وسبّبت صدمة نفسية وثقافية لدى الكثير من الناس، ولكن عموماً كان ردّ الفعل طبيعياً واعتيادياً وأقل من المتوقع. بعض العلاقات تأثرت، وبعضها لم يتأثر، ولا زلتُ أحتفظ بعلاقات مع الكثير من الناس والأخوان، واكتسبتُ أيضاً علاقات جديدة. يوجد في صفوف الشيعة منْ كان ينتظر هذا الفكر من زمان، فهناك متابعة وتفاعل فكري معي في أوساط الحوزة العلمية في قمّ والنجف، وهو ما زال يتفاعل إلى الآن وينتج ويكتب في هذا المنحى الإصلاحي وإعادة النظر في التراث من أجل تشذيبه أو تهذيبه.

تزامناً معك، اشتغل فؤاد إبراهيم صاحب كتاب (الفقيه والدولة)، على الموضوع نفسه وهو الفكر السياسي الشيعي، ولكن الصدمة التي أحدثتها أنت لم تكن بمستوى الصدمة التي أحدثها هو. فكيف تنظر إلى عمله؟

– لقد اقتصر بحثه على تطوُّر الفكر السياسي في عصر الغيْبة، كالمرجعية وولاية الفقيه. هناك كاتب آخر في قمّ يقترب مني ويتفق معي، وهو الشيخ محسن كديفر، فقد كتب كتاب (النظريات السياسية الشيعية في عصر الغيْبة)، واستعرض فيه نحو عشر نظريات، وتوقف عند نظرية ولاية الفقيه، وقال إنها ليست أول نظرية ولا آخر نظرية، ثم تعرَّض بعد ذلك إلى الاعتقال وال طرد من الحوزة. وتوجد أيضاً كتابات أخرى، مثل الدكتور سُروش الذي يقول إن الديكتاتورية الإيرانية المعاصرة هي وليدة النظرية المهدوية.

أحمد الكاتب
أحمد الكاتب

لا تصالح مع «الإثني عشر»

ولكن يظهر في مشروعك أن فكرة المهدي أو الإمام الثاني عشر، هي الفكرة المركزية التي إذا لم نسلِّم بها فلا يمكن أن نسلِّم بأي شيء آخر أو لا يمكن أن ندخل في الفكر السياسي الشيعي. لاحظتُ أن هذه المسألة تحوَّلت لأسباب كثيرة إلى مسألة عقائدية، فإلى أي درجة يمكن أن نحمل أحمد الكاتب في مشروعه أن يتصالح مع هذه الفكرة لمسألة ترتبط على الأقل بحركة الواقع الموجودة، ويكون اشتغاله على الفكر السياسي مع التصالح مع هذه الفكرة. هل يمكنك ذلك؟

– (ضاحكاً) لا إنني لا أتبع نهجاً تصالحياً مع أي شيء. إذا كانت الفكرة صحيحة فإنني أقول إنها كذلك، وإذا كانت خاطئة فإنني أقول إنها كذلك. إنني أنظر إلى المسألة من زاويتين، من زاوية الفكر السياسي ومن زاوية العلاقات الداخلية الإسلامية، العلاقات بين الشيعة والسنة، وأرى أن هذه العلاقات مهمة جداً، وهي تصب في الخانة السياسية. يجب أن نتجاوز التكوينات الطائفية ونلغيها، نحن الآن أبناء هذا الزمان، ولدينا شيء واحد خالد هو الدين والإسلام والقرآن، ولدينا النظام السياسي الذي يجب أن نطوِّره حسب ظروفنا. إن العقدة الموجودة الآن تعيق من الناحية العملية الديمقراطية كما في العراق الآن. فحتى لو كنا في حالة سلمية، توجد لدينا عقدة في العلاقات الاجتماعية على صعيد الزواج والتعليم والسياسة والعمل والتجارة. هناك مشكلة تحت الرماد، فلماذا لا ننهي هذه المشكلة؟ توجد كراهية وعداء في المجتمعات الإسلامية، ويجب أن نحل هذه المشكلة بإعادة النظر في كل هذه القضايا، وبالذات في موضوع الإمامة وفي موضوع الإمام الثاني عشر، فهو حجر الزاوية الآن لنظرية الإمامة، والتي أوشكت على أن تنتهي عملياً ونظرياً في القرن الثالث الهجري، ولكن اختلاق فرضية الإمام الثاني عشر أدى بالنظرية إلى أن تستمر وإلى أن تتكون الفرقة الاثني عشرية على هذا الوهم الذي كان في التاريخ. فلا يمكن أن نتصالح مع هذا الواقع وهو واقع فاسد وسيء ومضر بالعملية الديمقراطية وبالمجتمع بصورة عامة، فكيف يمكن أن نتصالح معه؟

http://www.alwaqt.com/art.php?aid=44713

http://www.alwaqt.com/art.php?aid=45743

اترك تعليقاً