«فريق التحدي» 140 ساعة

tahadee_poster_final

حين اقترحت على دكتور علي إسماعيل رئيس قسم المناهج بجامعة البحرين، أن نذهب معاً لمعاينة تجربة ‘’فريق التحدي’’ لكسر الرقم القياسي في القراءة الجهرية المستمرة، قال لي: مالك والقراءة الجهرية، أنت من جماعة النقد، والنقد كما تقدمونه فعل قراءة فردي، يقوم على حرية التأويل والتفكيك والنقد، والقراءة الجهرية لا تتجاوز أن تكون قراءة صوتية استعراضية، وظيفتها الإسماع فقط، وهي لا تمثل تحدياً لأبسط عمليات التفكير، فهي لا تستثير غير وظيفة التذكر.

بدا حسين المحروس غير متحمس أيضاً واسترجع عبارة من عبارات كتاب ‘’تاريخ القراءة، لمانغويل، تقول العبارة’’ إنّ التلاوة على الآخرين ليست لائقة إلا للأطفال… إنّ ترك الآخرين يقرأون عليك كلمات موجودة في كتاب تعتبر تجربة غير شخصية إلى حد بعيد مقارنة مع مسك النص باليد وقراءته مباشرة.

أحمد السكري، بدا ممتعضاً من أن نذهب إلى تجربة قراءة جهرية، ونترك جلسة نقاش الخميس التي كانت مخصصة لكتاب القبض والبسط لعبدالكريم سروش، كما أنه بدا غير مقتنع من قدرة هذه القراءة على أن تمثل فكرة التعدد التي هي أهم مكون يقوم عليه فعل (قرأ)، وذلك لأن القائمين على هذه التجربة ينتمون إلى عرق واحد لا تعدد فيه، وجمعية واحدة خاصة بعرق واحد وهي جمعية البحرين الثقافية الاجتماعية.

ياسر الوطني، أبدى اعتراضا على توصيف هذه التجربة بأنها حدث ثقافي، وذلك لأنها قائمة على فكرة الكم لا الكيف، والثقافة تحتفي بالكيف والمعنى والقيمة، وليس فقط بالرقم والرغبة في كسره، ففريق التحدي قال إنهم عازمون على كسر الرقم العالمي في موسوعة جينيس للقراءة المتواصلة، والذي يبلغ الآن 140 ساعة. سيقرأون حوالي 5050 صفحة أي ما يعادل حوالي 43 كتابا من الحجم الصغير، أو من 8 إلى 10 مجلدات من الحجم الكبير. وذلك خلال ثمانية أيام و12 ساعة من القراءة المتواصلة.

أنا قلت لهم، وإن يكن، فأنا ذاهب لأشهد تجربتهم عن قرب، القراءة فعل وكي نحقق لهذا الفعل حضوراً في دواخلنا، فإننا بحاجة إلى أن نهيئ له سياقاً إعلامياً وإعلانياً في المجتمع، كي يكون لقيمته رصيد يستحق الاقتناء.

والتحدي الذي يخوضه هؤلاء الشباب، لا يتمثل في كسر الرقم، بل في تحويله إلى قيمة، أي تحويل الرقم المكسور إلى قيمة لها تداولها في سوق المجتمع. المجتمع الذي نسي أن القراءة نشاط يقوم به الإنسان ليحقق فرادته وحضوره في العالم. تحية لفريق التحدي وهو يخوض اليوم يومه قبل الأخير.

اترك تعليقاً