أرشيف الإذاعة ذو خصوصية وقديمُه يرمز إلى هويتها
مديرة أرشيف “إذاعة النور”: ينبغي توثيق المعلومة مهما كانت صغيرة
لمحة تاريخية
“رائدة الصوت والكلمة”، هو أحد الشعارات التي تعبّر بها إذاعة النور عن نفسها، بعد مضي أكثر من ربع قرن على تأسيسها. ولدت فكرة «إذاعة النور» بمبادرة فردية من قبل أحد المهتمين في هذا المجال، وتحولت فيما بعد إلى تجربة احترافيّة. خلال المرحلة الأولى لتأسيسها، كان بثّها يقتصر على بعض أحياء الضاحية الجنوبية، لكنّها عملت خلال فترة التسعينيات على نشر بثّها في الأراضي اللبنانيّة كافة، إلى أن حصلت على الترخيص في العام 1999.
هيكل الإذاعة المؤسساتي يتألف من مجموعة من المديريات، يتبع الأرشيف لمديرية منها، إذ إنه لا يشكّل قسمًا قائمًا بحدّ ذاته.
تجربة الإذاعة الأرشيفية
تجربة الإذاعة في الأرشيف تختلف قليلًا عن تجارب مراكز الأرشفة الورقية والتلفزيونية. فالاعتماد هنا لانتقاء المواد وأرشفتها يكون على الصوت. لدى إذاعة “النور” التابعة لـ”المجموعة اللبنانية للإعلام” تجربة في الأرشيف بدأت بشكلٍ تقليديّ من خلال الاعتماد على ذاكرة العامل في الإذاعة لإيجاد المادة، ثم أصبح الأرشيف مُمَكننًا ومُرَقْمنًا تعتمد عليه المؤسسة والباحثون والمهتمون لإيجاد المادة بسرعة وبسهولة.
تحدثنا السيدة منى عكنان، المسؤولة عن عملية الأرشفة والتوثيق في الإذاعة، عن نواة أرشيف “النور” التي تكونت مع تأسيسها، حيث كان هناك جمع عفوي من الأفراد لأشرطة المواد التي تبثّها، وتسجيل عنوان البرنامج الإذاعي عليها.
وبعد جمع عدد كبير من أشرطة المواد، برزت الحاجة إلى ضرورة أرشفتها، فكانت البداية مع وضع استمارة ورقية تدوّن عليها كل المعلومات الموجودة عن المادة.
في نهاية التسعينات، خطا أرشيف إذاعة النور خطوته الأولى باتجاه مكننة الأرشيف، ليُصبح إلكترونيًا، وجرت الاستعانة بالقرص المرن لإتمام العملية، وبدأ تفريغ المواد الإذاعية على الحاسوب وإرفاقها ببيانات عن المادة، ولكن هذا الأمر لم يلغِ استخدام الاستمارة الورقية.
استمرّ العمل على هذا النحو إلى أن صمّم قسم المعلوماتية في الإذاعة برنامج MAS، وهو شبيه ببرامج الأرشفة الأخرى، حيث يتم ربط المادة الإذاعية ببياناتها كافة. ومع دخول هذا البرنامج حيّز العمل، اختلف وضع الأرشيف، بحيث تمّ جمع كل المواد في مكان واحد، وأصبح استرجاعها سهلًا وسريعًا.
يوفِّر البرنامج حفظ المواد بحسب عنوان الحلقة، المعدّ، المُقدِّم، تاريخ إنتاج الحلقة، تاريخ ورود الحلقة، والرقابات اللغوية عليها. وفي الوقت نفسه، يتم ربط صفحة هذه الحلقة بتسجيلها الصوتي، ويوفّر البرنامج صفحة أخرى تحتوي بيانات عن عنوانه وشكله ونوعه وتاريخ تأسيسه، والمديرية التي يتبعها (مديرية البرامج السياسية أو مديرية البرامج العامة). وفي استمارة الحلقة نفسها، صفحة ثانية تتضمن استمارات لتفصيل كل حلقة من حلقات البرنامج والارتباطات المتعلقة بها.
وتُصنّف المواد بحسب أشكالها وأنواعها، فالشكل قد يكون سرديًا أو حواريًا أو خواطر أو تنويهات، أو تحقيقًا… أما النوع، فهو إما تعبويّ أو دينيّ أو سياسيّ.
يعمل أرشيف إذاعة النور على أرشفة مواد البرامج الإذاعية بعد بثّها على الهواء، أمّا النشرات الإخبارية، فهي لا تؤرشف، بل يتم جمعها وحفظها فحسب.
استرجاع المواد الإذاعية
تتمّ عملية استرجاع المواد من البرنامج عبر أي حقل من حقول الاسترجاع، فمن الممكن أن يتمّ ذلك عن طريق اسم البرنامج، أو اسم المعدّ، أو موضوع الحلقة. كما أن الاسترجاع قد يكون لجهات داخلية أو خارجية. أما الجهات الداخلية، فهي طلبات الاسترجاع من داخل المؤسسة، كطلب المخرجين لمادة معينة للاستعانة بها، أو طلب المؤسسة إعادة عرض مادة معينة. وأمّا الجهات الخارجية، فهي من خارج المؤسسة، ومن الممكن أن تكون طلبات أفراد شاركوا في حلقة معينة، أو مؤسسات إعلامية أخرى. وتحصل المؤسسات أو الإذاعات الأخرى على المواد إما عبر طلبات أو على شكل كهدايا.
ويراعي أرشيف إذاعة النور فيما يخص الطلبات الخارجية قوانين الملكية الفكرية، فالمواد التي لا تكون من إنتاج الإذاعة، لا يتم بيعها أو إرسالها إلى أي جهة، وعلى من يريدها أن يطلبها من مصدرها الأصلي.
تثمين رصيد الإذاعة الأرشيفي
التثمين مهمة تستهدف بيان قيمة شيء أو سعره. وتثمين الأرشيف مهمة تهدف إلى إطلاع الجمهور على أرشيف مؤسسة معينة لإبراز قيمته.
ووفق تجربة إذاعة النور، فإنّ تثمين أرشيفها يتمّ من خلال مشاركة المؤسسة في مؤتمرات أو مهرجانات، كتلك التي يقيمها اتحاد الإذاعات العربية واتحاد الإذاعات الإسلامية، إذ تُرسل إليهم سلة برامج من إنتاج الإذاعة، سواء كانت إنتاجًا جديدًا أو قديمًا، فالقديم له طابعه وخصوصيته، ولذلك، يتم بث المواد القديمة في الاحتفالات التي تقيمها الإذاعة لمناسبة تأسيسها.
أيضًا، يُستفاد من أرشيف الإذاعة في الأبحاث والدراسات وبرامج التوعية الأخلاقية والدينية، فبعض الباحثين يطلبون مواد معينة لإجراء بحوثهم، وبعض المؤسسات التربوية والتعليمية تطلب برامج لإفادة طلابها من خلالها.
التعاون مع مؤسسات أرشيفية أخرى
يقوم الموظفون في أرشيف إذاعة النور بزيارات إلى أقسام الأرشيف في مؤسَّسات أخرى، بغية الحصول على أفكار جديدة لتطوير العمل الأرشيفي، واكتساب خبرات جديدة في هذا المجال.
إجراءات الإذاعة لحماية الأرشيف من الكوارث الطبيعية والبشرية
يتّصف أرشيف إذاعة النور بأنه أرشيف إلكتروني يقوم بعملية نسخ احتياطي للمواد.
ولذا، خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو/ تموز 2006، لم تفقد الإذاعة سوى بعض المواد الورقية التي ترجع إلى الأرشيف القديم، ولم تفقد أيّ شيء من المواد الأخرى.
المكتبة الإذاعية
توفّر إذاعة النور لجمهورها، عبر الإنترنت، “المكتبة الإذاعية”، التي تتألف من مجموعة من البرامج من إنتاج الإذاعة مرفقة ببياناتها، كي يستطيع القارئ أن يحصل على الحلقة أو البرنامج وما يتعلق بهما من بيانات وتفاصيل.
___________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
لتحميل المقال بصيغة PDF: أرشيف الإذاعة ذو خصوصية وقديمُه يرمز إلى هويتها
___________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
اقرأ أيضًا:
- “المركز الوطني للأرشفة والتوثيق” في لبنان تعرّفوا إلى الأرشيف الأصفر
- “دار النمر” ومجموعته الفنيَّة المتنوّعة
- منظّمة “أمم” للأبحاث والتوثيق.. ديوان للذّاكرة اللبنانيَّة
- ذاكرة مصر المتجدّدة.. وأحلام التحوّل نحو الصّناعة الثقافيّة
- أرشيف “المدرسة الصِّحافيّة” مستمرٌ برفد العالم بالمعلومات والصّور
- “مركز الدّراسات الفلسطينيّة” أرشيفًا ومكتبة
- “السفير”: مليون ونصف قصاصة صحافية مفهرسة
- مكتبة الجامعة الأميركية في بيروت.. أرشيف تاريخي واقتناء لكل ثمين