أرشيف التصنيف: بروفايل

مأتم بنت الحايي.. مأتم حجي طرار

بوتريه لجدتي سلامة سلوم بريشة الفنانة مايا نصر الله

قلت لجدتي سلامة أريد أن أكتب تاريخ مأتمك.ما اسم مأتمك؟ ضحكت، كعادتها، لا تبدأ حديثا من غير أن تريك عبر ضحكتها سنها الذهبي الذي يحمل ملمحاً من ملامح تباهيها المعروف بحُليها وذوقها الجديد دوما في اللبس والعطر، كنت في مجلسها العامر بالنسوة دوما من أجيال مختلفة.ستأتي حكاية المأتم إذن منسوجة من سرودات النساء اللاتي يرتدن هذا المجلس، فنساء هذا المجلس هنَّ أنفسهن نساء المأتم. لمجلسها رواد الضحى ورواد الأصيل (العصر)، أعمارهن مختلفة وأمزجتهن مختلفة وحالاتهن الأسرية مختلفة، لكل مهن مكانان، مكانها في المجلس، ومكانها في قلب سلامة، قلبها الذي يسع حكاياتهن وأرواحهن المؤتلفة مع روحها الحيوية دوماً. متابعة قراءة مأتم بنت الحايي.. مأتم حجي طرار

الإنصات إلى الملاية

 

كتاب الملاية

في تحقيق حول ( مأتم النساء) طرحت مجلة الأنصار [1] السؤال التالي (لماذا هذا الهجوم الشرس حول آلية العمل في مأتم النساء؟ وهل هو قادر في صورته الحالية على إخراج جيل واع فاهم؟ كانت الإجابات: واقعاً أنا لا أذهب إلى المآتم النسائية، عندما أذهب إليها لا أحصل على فائدة تذكر… إن المأتم النسائي متخلف عن الركب الحضاري والثقافي والاجتماعي). متابعة قراءة الإنصات إلى الملاية

لا تعتذر عما رأيت

ماذا يريد الشيخ محمد جواد رضا الشهابي، من بروفايل الوقت؟
في لقائي الودي مع الشيخ الشهابي، في حوزة الإمام الباقر، كان الشيخ يريد باسم حوزات البحرين النسائية التي يمثلها، كما قال لي، أن تعتذر الصحيفة في صفحتها الأولى عن بروفايل الحوزويات؟ كان اللقاء ودياً جداً وهادئاً جداً وواعداً جداً، لم يكن يشبه حرارة شمس الاعتصام التي شكا منها الشيخ مرات عدة. لم يطلب مني الشيخ أن أعتذر عن الشمس، لكني اعتذرت عنها، ولم أعتذر عن شمس بروفايل التي تضيء الأشياء بطريقتها الخاصة، كما كان مصباح ديوجين يضيء الأشياء بطريقته الخاصة وسط الشمس العامة.
لماذا لا نعتذر عن ضوء بروفايل؟
ليست المسألة مسألة مبدئية، ولا تعنتاً ولا مكابرة ولا خشية من الهزيمة أو الإحراج. لكنها رؤية، ا لمسألة تكمن في الرؤية، لا في الحقيقة، لبروفايل رؤية لا حقيقة. لا يتحدث باسم الحقيقة لكنه يتحدث باسم حقه في أن يرى حيوات الناس في المجتمع مجسدة في تجاربهم التي هي محصلة تربية مؤسساتهم التي ينخرطون فيها.كالتي هربت بعينيها
نحن نعتذر عن واجب لم نقم به، أو خطأ وقعنا فيه، أو إساءة اقترفناها بحق أحد. لكننا لا نعتذر عن رؤية اجتهدنا في الوصول إليها، والرؤية يرد عليها برؤية أخرى، كما كان ديوجين يرد على ضوء الشمس العام بضوء مصباحه الخاص. الحوزات النسائية ليست شخصاً وليست نموذجاً واحداً هي مؤسسة اجتماعية ودينية لها نماذجها وأنوارها المختلفة والمتعددة، ليست حوزة النور هي نفسها حوزة الغريفي ولا هذه الأخيرة هي نفسها حوزة الإمام الباقر، ولا هذه هي نفسها حوزة (بلاغات) في قم. كما أن الجامعات متعددة، فالحوزات متعددة. وفي التعدد تكمن الحيوية. ولعل حيوية حوزة النور مثلا تكمن في اختلاف نموذجها ونورها الذي تبصر به عن بقية الحوزات.
بروفايل هذا الأسبوع يفتح الرؤى الأخرى على رؤيته التي قدمها في الأسبوع الماضي وقادت إلى موقف اعتصام حوزوي نسائي أمام الوقت. الاعتذار يمليه موقف، والفتح تمليه رؤية، والاختلاف الذي يفتح رؤى هو خير من الاختلاف الذي ينتج مواقف، ففي الرؤى يتسع الإنسان وفي المواقف يتصلب. ولعل مقولة سيد كامل الهاشمي الأثيرة ”الاختلافات في البحرين تنتج مواقف لا رؤى” تعزز من انحياز بروفايل للرؤية وأهمية تكثيرها في المجتمع، كي تكون لنا عيون كثيرة نرى بها. كان المتصوفة يقولون ”الكامل من الرجال يكنى بأبي العيون” لأنه كلما تكثَّرت عيونه اتسعت رؤيته، وصار بعيونه كاملاً. ونحن نريد لبروفايل أن يكون أبا العيون.
بروفايل يعتذر فقط عن قصور رؤيته ويدعو أصحاب العيون الأخرى، كي يقدموا رؤى عيونهم ليقووا من قصوره. هو يعتذر على قاعدة ”لنتعاون فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه”. ويطلب من الآخرين أن يعتذروا أيضاً، فليس هناك اختلاف أبصر من اختلاف. كل مؤسسة تريدك أن تراها بضوء الشمس العام أي أن تراها من الخارج في كامل نموذجيتها ومثاليتها، ولا تريدك أن تراها بضوئك الخاص، كيلا تكشف مآلاتها وقصورها. وعيون بروفايل لا تعمل إلا وفق ضوئها الخاص، وهو ضوء قاعدة جبران ”إذا كُنت لا ترى إلا ما يُظهره النور ولا تسمع إلا ما تُعلنه الأصوات فأنت بالحقيقة لا ترى ولا تسمع”.

أم أمــــــــل

بروفايل النعيمي

ملف بروفايل عبد الرحمن النعيمي في جريدة الوقت pdf

عزيزي علي – أنا أمل النعيمي – قرأت في دروب عن نية بروفايل صحيفة الوقت إصدار عدد عن والدي، هل بإمكاني المساهمة؟ ومتى آخر وقت للتسليم؟ إن قبلتم مني المشاركة، كل المحبة لكم، فأنتم رحيق الورود.
أنا: أوه أمل. هذا كثير منك. ممتن كثيرا لتعاليك على الألم. بانتظار قلب مساهمتك. اكتبي أرجوك عن شق سيرة هذه الأبوة وتاريخ طفولتك معها.
في مساء اليوم الثاني، يصلني مسج من أمل: مساء الخير لا أدري ما أصابني عندما شرعت بالكتابة اجتاحتني أفكار سوداء، لذا أعتذر عن المشاركة وما كتبته كان لك نصيب من الشكر لأنك شحذت همتي، آسفة، فقد كنت كريما معي.
أنا: هل تعرفين يا أمل أن الكلمة مشتقة من الجرح، لذلك فالكتابة التي هي كلمات منتظمة في خطاب، هي شق لوجود خاص من وجودنا العام في هذه الحياة. أنت كنت بكتابتك تشقين سيرة من أعظم سير شخصياتنا الوطنية، سيرة شقت وجودنا الاجتماعي والسياسي الساكن فجعلته في حراك لا يعرف الهدوء، بكتابتك ستجعلينها تتكلم لنا. ما انتابك هو دماء هذه الشقوق فلا تتروعي، لن يكون هناك أكثر منك قدرة على فعل ذلك.
هل تصدقين حتى المسجات تشق قلوبنا! كتبت لك وأنا أقود السيارة وكل جسدي يهتز لفرط ما أوقعته الكلمات فيَّ من جروح.
في اتصال لاحق، أخبرتني أمل أنها كتبت شق السيرة لكن هناك ما يجعل شهادتها غير مهيأة بعد للنشر، هناك قلب أمها النابض بجنة النعيمي، لا يحتمل بعد شهادة الكلام، لفرط ما يحمل من محبة، ذاكرتُها أحمالٌ، تنوء بها الأوطان.
حتى الآن أنا لم أقابل أمل النعيمي لكن سيرة أبيها التي هي محل إجماع وطني، منحتني كما منحت هذا الوطن ملتقى عابراً للطائفة وللعرق وللقبيلة. لم أقابل أمل لكني التقيت بها عبر سيرة أبيها.
قالت لي أمل اتصل بأمي، فهي أقوانا وأكثرنا صبراً، قلت لها أخاف أن تحرجني لفرط ما تحمل من محبة، فاللحظة مشدودة الأعصاب، قالت لي: لا تخف فهي أوسعنا رحابة.
بقيت ثلاثة أيام متهيباً، وحين تجاسرت، جاءني صوت عائشة صغرى النعيمي، للوهلة الأولى شعرت أن رحابة صوت أمها الذي لم أسمعه بعد يجري فيها، استعدت كلام منى عباس وفضيلة المحروس وجبار الغضبان عن اتساع الأمل الذي يجري في صوت أم أمل.
قلت لأمل: أمك تلازمني طيلة هذا الأسبوع، كأني أراها كأني أتحدث معها، كأني طالب سبعيني ذهب شقتها يحمل حلم وطن لا يأتي، فتخفف عنه بما يأتي من جهة أملها بدلال مترف العطاء.
أم أمل، بروفايل هذا الأسبوع يقدم هذه الحلقة تحية لكِ واحتفاء بقلبكِ الذي يسع وطناً لا يرجف فيه الأمل.

الإنصات إلى الملاية

في تحقيق حول ( مأتم النساء) طرحت مجلة الأنصار [1] السؤال التالي (لماذا هذا الهجوم الشرس حول آلية العمل في مأتم النساء؟ وهل هو قادر في صورته الحالية على إخراج جيل واع فاهم؟ كانت الإجابات: واقعاً أنا لا أذهب إلى المآتم النسائية، عندما أذهب إليها لا أحصل على فائدة تذكر… إن المأتم النسائي متخلف عن الركب الحضاري والثقافي والاجتماعي).
في نهاية الثمانينات كنت مدفوعاً بحس ثوري لتغيير العالم، كان العالم هو أنا وأسرتي وقريتي ومأتم جدتي، كنت أرى أن المأتم النسائي لم يستجب لصوت الصحوة الإسلامية، والسبب الذي كنت أعتقده يكمن في أن الملايات متخلفات وغير واعيات ولا يسمحن بالتغيير. كنت أرى ملايات مأتم جدتي هكذا، وهنَّ الحاجية مريم بنت الحاج أحمد صمايل (توفيت ديسمبر/ كانون الاول 1997) والمعروفة بالحاجية مريوم، والحاجية شريفة بنت سيد عبدالله (توفيت العام 2000) والمعروفة بالحاجية شروف. والحاجية صفية بنت الحاجي عبدالله محسن (توفيت في فبراير/ شباط 2004)، المعروفة بالحاجية صفوي.
خضت معهن محاولات تغييرية لكنها باءت بالفشل، كنت أرى فيهن حجر عثرة أتمنى أن يزول بسرعة، من أجل أن يأتي صوت الوعي الجديد والطرح الجاد. اليوم أحن لأصواتهن بناستالوجيا بالغة الدفء، اليوم أعيد اكتشافهن من جديد، أرى أني بحاجة إلى أن أنصت إليهن من أجل أن أفهم عالمهن الخاص وثقافتهن الخاصة، بعيداً عن تشنجات وعي الصحوة الدينية.
لست ضد المحاضرات الجدد اللاتي بدأن يزاحمن الملايات أو يتزاوجن معهن، لكني ضد هذا الوهم بأنهم يمتلكن الوعي والطرح القادر على أن يأخذ النساء إلى الركب الحضاري والثقافي والاجتماعي. بل أنا ضد هذه الكلمات المشحونة بتخمة من الأوهام. لم يجد خطاب الصحوة بحسه الأيديولوجي في خطاب الملاية ما يعزز من سلطته واستحواذه وتفسيره لواقعة كربلاء، التي راح يؤولها لصالح حسه الثوري، ولأنه خطاب لا يحسن الإنصات إلى ما يختلف معه، فإنه لم يجد في الملاية غير علامة على نقص الوعي والتخلف والتقليدية وعدم القدرة على طرح الإسلام وكربلاء طرحاً جديداً، لكنه لم يكن ومازال عاجزاً عن أن يرى مأزقه في تضييق الإسلام وأدلجة كربلاء. سير هذه الملايات وتجاربهن جزء من ثقافتنا التي يجب الإنصات إليها، وفهمها وتوثيقها، بعيداً عن حس الإدانة الديني أو الأيديولوجي. أنا مدين في جانب من فهمي لعمل الخيال الخلاق في التاريخ إلى صوت هؤلاء الملايات، وهن يعدن سرد التاريخ بخيال لا مثيل له، لذلك فأنا مدين باعتذار متأخر إلى ملايات مأتم جدتي لأني أسأت الاستماع إليهن، وأسأت تقدير صوتهن الأصيل الذي لم تشبه هُجنة أيديولوجية تضيق بالآخر.
بروفايل هذا الأسبوع يحتفي بطريقته الخاصة بملايات الكرب الكربلائي، يحتفي بتفردهن الخاص، احتفاء ينصت كي يفهم، لا كي يدين.
[1] مجلة الأنصار: مجلة إسلامية تصدر عن حسينية بن زبر، العدد 2007 ,9