آلية التّصوير المصغر : أساليب حفظ المصغرات الفيلمية
في العدد السابق، تناولنا موضوع التّصوير المُصَغر: كيف بدأ؟ وكيف تطور مع الزّمن؟ كما أشرنا إلى أهميته في تسهيل تبادل المعلومات والإحاطة بها وحمايتها من السّرقة والإتلاف وغيرها من الأخطار. وتطرقنا إلى المصغرات الفيلمية وأنواعها ومراحل إعدادها.
للإحاطة بهذه التّقنية على نحو أوسع، كان لا بد لنا من إطلالة في هذا العدد على الوسائل التي يمكن من خلالها حفظ المصغرات الفيلمية، خاصة مع تعرضها لخطر العوامل الطبيعية والبشرية التي قد تؤدي إلى تلفها.
أساليب حفظ المُصَغرات الفيلمية:
تحتاج المصغرات الفيلمية الى أساليب وطرق خاصة وعالية الجودة بهدف حمايتها من العوامل الطبيعية والبشرية التي قد تفتك بها كليّا أو جزئيًا، ومن بين الأساليب الواجب اتباعها لحفظ المصغرات الفيلمية، نشير إلى التّالي:
– وجوب وضعها في غرف خاصة لحمايتها من الأخطار المختلفة.
– حفظها في خزائن خاصة محكّمة الإغلاق، بحيث لا يمكن للحرارة أو الرطوبة أو بخار الماء أو الغبار أو الأتربة أو القوارض أو النار الوصول إليها.
ومن أهم الأخطار التي تتعرض لها المصغرات الفيلمية العوامل الآتية:
– الحرارة والرطوبة العالية: يجب أن تُحفَظ المصغرات الفيلمية بعيدًا عن جميع المواد التي تشّع منها درجات حرار عالية، وتًحفظ المصغرات في درجة حرارة معتدلة، حيث إن درجة الحرارة المنخفضة تؤدي الى كسرها، ودرجة الحرارة المرتفعة تجعلها هشّة. كما يجب أن تكون درجة الحرارة ثابتة إذ إنّ عدم استقرارها يؤدي الى تلفها.
أمّا في ما يخصّ الرطوبة، أي نسبة بخار الماء في الهواء، فيجب أن تكون درجتها متوسطة لحماية المصغرات، حيث إن درجة الرطوبة العالية تجعل الأحماض تتفاعل فيها ، بل قد تلتصق الشرائح الفيلمية ببعضها البعض، وقد يؤدي ذلك الى نمو العفن على سطح الميكروفيلم وإتلاف الصورة، وعندما تقلّ الرطوبة النسبية لمدة طويلة يصبح الفيلم عرضة للجفاف والالتواء وذا قابلية للتقصف.
– الماء: يجب إبعاد المصغرات الفيلمية عن الماء لأنه من العوامل الأشد خطرًا، إذ تنجم مشاكل كثيرة عن تكاثف بخار الماء العالق بالجو على السطح المُعَرّض من جسم الفيلم، وهذه مشكلة من مشكلات الحفظ.
– الحريق: قبل العام 1950، كانت المصغرات الفيلمية تُصنع من مادة نترات الفضة القابلة للإشتعال، وللتحلل ببطء خلال فترة زمنية معينة. وبعد هذا التاريخ، تمّ القضاء على هذه المشكلة، حيث أصبح الفيلم يُصنع من قاعدة بلاستيكية مستخلصة من مادة السليلوز. وهناك اليوم نوع من الأفلام مصنوع بطريقة تقاوم الحريق في درجات حرارة عالية نسبيًا، ولكن لمدة محدودة.
– سوء الاستخدام: يؤدي سوء استخدام المصغرات الفيلمية الى تلفها، ومن الأمثلة على ذلك: عدم لف الفيلم بصورة صحيحة داخل البكرة،ما يؤدي إلى تلف النتوءات الموجودة على حافتي الفيلم. ويجب التأكد من سلامة أجهزة العرض الخاصة قبل استعمالها لكي لا تتلف المصغرات الفيلمية.
– بصمات الأصابع: يفضّل استعمال القفازات عند التعامل مع المصغرات الفيلمية وذلك لمنع آثار البصمات، وذلك لكون البصمات ذات تأثير كبير ومدمّر أحيانًا، إذ تتفاعل مع المحاليل المستخدمة في معالجة الفيلم.
– الغبار والأتربة: يجب مراعاة النظافة والعناية التامة عند استعمال المصغرات الفيلمية وعدم السماح للغبار والأتربة بالوصول إليها، وذلك من خلال وضعها في صناديق وخزائن وغرف محكمة الإغلاق، لا يصلها الغبار مهما كان مصدره (سواء من داخل المكتبة أو من خارجها). كذلك يجب حماية المصغرات الفيلمية من أخطار الغازات الضارة مثل غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره، ومن الضوء الصناعي أو الطبيعي العالي، ومن المجالات المغناطيسية العالية، وغيرها من العوامل التي قد تؤثر على المصغرات الفيلمية.
الجدير ذكره أنّه على الرّغم من صعوبة هذه الأساليب، والعناء الذي تسببه، إلا أنها تتلاشى أمام أهميتها، والدّور الذي تلعبه في عملية الحفظ، وتبقى هذه الأساليب عوامل أساسية ومهمة لحفظ المصغرات الفيلمية التي تكمن أهميتها في اختصار الوقت، والاقتصاد في المساحة المكانية وسرية وأمانة المعلومات وإمكانية استرجاعها عند الحاجة، وكذلك إعادة نشرها بعد النّسخ وسهولة نقلها من مكان إلى آخر.
___________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
لتحميل المقال بصيغة PDF: آلية التّصوير المصغر أساليب حفظ المصغرات الفيلمية
___________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
اقرأ أيضًا:
- المستودعات الرقميَّة: حافظة للذاكرة الأكاديمية ومنصَّة لنشر الأبحاث العلميَّة
- دور المشاع الإبداعي في إتاحة المعرفة
- أرشيف مركز الإسكندريَّة: حلم يبحث عن الاكتمال
- الساجات تستطيع كشف الكثير من الألغاز في التراث البحريني
- البيانات الضّخمة إعصارٌ يحتوي العالم
- الأرشيف السّمعي البصريّ : حفظ الذاكرة الجماعيّة
- اتّحاد مؤسَّسات ذاكرة الوطن تجربة نيوزيلاندا نموذجًا
- قطاع اللام: اتّحاد مؤسَّسات ذاكرة الوطن
- أرشيف الويب.. حفظ ذاكرة الإنترنت
- الميتاداتا وتوصيف المصادر الإلكترونيَّة
- تشريعات الأرشيف العربي بين الفراغ القانوني والتأثير السياسي
- التوقيع الرقمي .. نموذج للتحول من الورق إلى الإلكترونيات
- السجلات الوطنية في بريطانيا.. مفتوحة أمام العامة
- كيف تُصان الذاكرة من الإلغاء المتعمد؟
- الأرشيف الوطنيّ الأميركيّ حارس لتاريخ شعبٍ وبلد
- كيف يصنع الأرشيف التّاريخ؟
- المجلس الدولي للأرشيف
- التّدمير الممنهج والمنظم لأرشيف المحفوظات في جزر القمر (1975-2001)
- حق الوصول إلى المعلومات: بين مصالح الأنظمة وأحلام الشّعوب..
- آلية التّصوير المُصَغر وإسهاماتها في عالم الأرشيف والمحفوظات
- الأرشيف القومي الكندي
- المخطوطات العربية والعجمية في الكاميرون .. شاهد على تاريخ البلاد