*السيد سلمان السيد محمد الموسوي
إلى ساعدٍ عنوَن مرحلةً شكَّلت تاريخ الوطن، عندما يسحب الغواص، ومعه يسحب الدانات، ويستخرجها من محاراتها.. إلى السيب الَّذي أنجب السيد محمد والسيدة فاطمة، إلى من مَنَحَني اسمه وفارق الحياة.. إلى جدّي رحمه الله تعالى.
“ولد من انته؟”
سألني مُلِحًّا في السؤال قبل أن أجلس في مجلسهم! فأجبته: “أنا ولد سيد محمد ولد سيد سلمان”. “والنعم فيك، رحم الله جدّك يا ولدي، كان بطلًا من الأبطال”، قال. ثم جلسنا في المجلس ونحن بمعية حفيده ناجي جمعة، وذلك عندما كنا ندرس في المرحلة الإعدادية في مدرسة سماهيج، إذ كنا نتزاور فيما بيننا بعد الدوام المدرسي.
أشعَرني قول جد الصديق العزيز الأستاذ ناجي جمعة (النهام المؤذن الحاج محمد بن سلمان أبو جمعة 1924 – 1998م) بالفخر بجدي الّذي لا أعرف عنه الكثير، لأنه توفي في اليوم الثالث من ولادتي، أي في 23 شباط/ فبراير 1974م، عن عمر ناهز 84 عامًا، إذ كانت ولادته في العام 1895م، فسُمّيت باسمه بوصيّة منه (رحمة الله عليه)، بعد أن كان اسمي جعفرًا.
لم يكن جيل أبي وجدي قد نال حظه من التعليم في ظلّ الحياة التي سادها الفقر، إذ كان الولد الذكر يعدّ ثروة لأبيه الذي يستعجل ضمّه إلى العمل ليسانده في مواجهة ظروف الحياة القاسية، قبل النفط وبعده أيضًا، إذ كانت الحرب العالمية ترمي بثقلها على الناس، فما كان لهم حظ في التعليم بسبب انشغالهم بلقمة العيش. وهذا من وجهة نظري، هو – أي عدم التعليم مع الفقر – العامل الأكبر في ضياع معظم تراث البحارنة، إذ إنّ الجو العائلي لم يكن من الفراغ بمكان لتداول المسائل التاريخية التي ترتبط بالأنساب، فضلًا عن التاريخ العام للبلد، فالأب مشغول بتأمين الحاجيات الأساسية لأفراد أسرته، والأولاد ينشأون غير مدركين أهمية حفظ تاريخهم الأسري وتدوينه، وبالتالي لم تتشكَّل قاعدة البيانات الأساسية في حفظ ذلك التاريخ بصورته التي كان عليها. إذًا، من العسير الوقوف على تفاصيل الحياة اليومية للناس في ذلك الزمان غير البعيد بسبب الأمّية والفقر.
بعد زمن الغوص، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أخذت عجلة الاقتصاد تدور، فتحسَّن الوضع المعيشي، وانتقل الناس من مستوى سدّ الرمق إلى مستوى طلب العلم الَّذي بدأ “نظاميًّا” قبل ذلك بكثير، إلا إنَّ المجاعة التي سبَّبتها الحرب أعاقت العملية التعليمية عن الانتشار.
على الرغم من انتشار التعليم في البحرين، فإنَّ الوضع التوثيقي لم يتغيّر، بسبب وجود متعلّمين يفكّرون بالعقلية القديمة نفسها التي تخاف الفقر، فكان همّهم تأمين المستوى المعيشي اللائق لأسرهم، فلم يدوّنوا ولم يسعوا إلى البحث، وكان الآباء والأجداد من الغاصة بين ظهرانيهم!
كانت كلمات الحاج محمَّد جدّ صديقي ناجي جمعة تشعرني بالفخر في حينها، لكنها أمست تشعرني بالألم بعد افتقاد أبي وكلّ من يمكنني سؤاله عن جدي ويومياته وتاريخه، والذي كلَّما قابلني كبيرٌ في السن وعرف اسمي، ترحّم عليه، على شاكلة جد ناجي جمعة، ونفحني بشيء يتعلّق بكفاحه وقوّته الجسدية.
الولادة والنشأة
ولد السيد سلمان بن السيد إبراهيم بن السيد نعمة في نهاية القرن التاسع عشر، وتحديدًا في العام 1895م، أي ما بين العامين 1312 و1313هـ، بحسب جواز السفر، أي قبل سنة “الطبعة” بثلاثين سنة، لأبوين ينحدران من نسب رسول الله (ص)، في قرية الدير التي ترعرع فيها طفلًا، قبل أن يلتحق بركب العمل في البحر الذي داعب رجليه، كما داعب رمال القرية الوادعة. كان الثالث بعد أخيه السيد علوي بن السيد إبراهيم، والسيدة شريفة بنت السيد إبراهيم، معلّمة القرآن، ونحن في غنى عن ذكر صحَّته الجيدة في طفولته، والتي دلَّت على قوّة بنيته وقوّة بنية معظم من استطاع البقاء من أبناء ذلك الزمن الذي لا توجد فيه أدنى رعاية صحية، في ظل انتشار الأوبئة والأمراض، في زمان الفقر المدقع.
إن الخضرة والزرقة، والرمال الذهبية، والطبيعة البكر في وقت السحر، والبيوت الطينية، والأكواخ، والبرستجات، والظلام الدامس، والأساطير، وحكايا الكبار، والألعاب الشعبية، جميعها تركت أبلغ الأثر في نشأة هذا الفتى الذي عاش في بيتٍ سوره حجارة أحاطت بفناء ترابي كبير حوى بعض الحيوانات والطيور، ووقع شرق ربوة المسجد التاريخي العتيد، مسجد الراهب، الذي درج السيد في الدروب التي توصل إليه في مرح الطفولة البريء، الذي لم يستمر طويلًا، بسبب ظروف المعيشة القاسية.
الشَّباب والعمل في الغوص
بعد أن شبَّ السيد سلمان عن الطّوق، و/ أو قريب ذلك، امتهن كغيره من الشباب مهنة الآباء والأجداد التي اشتهرت بها المنطقة، إلى جانب الزراعة، وهي “مهنة صيد اللؤلؤ” أو “الغوص”، فعمل مع النوخذة الحاج جمعة بن سوار (من أهل المنامة)، الذي كان يملك سفينة من نوع “السنبوك” (سفينة شراعية لها صاريتان ومجاذيف كثيرة، وطولها بين 40 إلى 60 قدمًا)، تسمّى “الحسيني”، وفي رواية أخرى سفينة من نوع “بوم” (سفينة شراعية استعيض بها عن سفينة تُسمى البغلة، وهي مدبّبة المؤخّرة، على عكس البغلة ذات المؤخرة المربعة، وللبوم مقدمة مدببة في طرفها العلوي خشبة تصبغ غالبًا بالأسود والأبيض، ويمكن أن يرفع القبطان فيها سبعة أشرعة، لكن معظم النواخذة يكتفون بثلاثة أشرعة)، ويطلق عليه “بوم ابن سوار”، ثم عمل على إحدى سفن النوخذة الحاج مبارك بن شاهين العماري، الذي غرقت في سنة “الطبعة” سفينة له من نوع “جالبوت” (سفينة طولها بين 25 و60 قدمًا، لها مجاذيف وصارية أو صاريتان)، اسمها “سعيدة”، وقد تم قطرها، فسمّيت بعد ذلك بـ”جهنم”. لا أعلم إن كان السيد سلمان بن السيد إبراهيم على متنها أو على متن سفينة أخرى حينها، لكنه كان من الناجين من الغرق في سنة “الطبعة” التي ابتلع فيها البحر الكثير، وهو شاب اقترب ليكمل أو أكمل العقد الثالث من عمره.
ما اشتهر عن السيد سلمان أنه كان يعمل “سيبًا” (الذي يقوم بسحب الغواص بحبل يهزّه الأخير عند الحاجة لخروجه من العمق، كما يقوم بالتجذيف عندما يأمر النوخذة بالتنقل بين الهيرات، ومن أماله فلق المحار لاستخراج اللؤلؤ، كما يقوم السيب بتنظيف السفينة) خلال رحلة الغوص، وذلك يتطلَّب قوّة وسرعة وتحمّل مسؤولية حياة إنسان قد يتعرض للموت في الماء، فيما لو قصّر “السيب” في عمله، أو تباطأ أو تعب. ومن الواضح كذلك عمله على سفن يملكها أناس من خارج قريته، وذلك له علاقة بالأجرة التي يتقاضاها، أو كما يُسمّى حينها “السلف”، بمعنى الدين، لأن العامل في الغوص عليه إعادة المبلغ الذي تقاضاه، إن تخلَّف عن الرحلة التي تليها، بحسب اتفاق تحدده الأعراف حينها، وما تنَقّله إلّا بسبب الكفاءة التي شهد بها جميع من حدّثني عنه وعن قوّته البدنية.
ومع وجود عرف أشبه بالقانون يلزم العامل لدى أي نوخذة بالتواجد في رحلته القادمة أو دفع الأجرة التي تقاضاها، التزم النوخذة بدفع أجرة السيد سلمان مع زيادة أجرته عما كان يستلمه لدى سلفه، وذلك إن دلَّ على شيء، فإنما يدل على شهرة السيد لدى نواخذة البحرين، بحيث يطلبونه ويزيدون في أجرته ويدفعون ما عليه من “سلف”. وفي العادة، كانوا يتنافسون على الغاصة الذين يكابدون مشقّة أكبر، ويتعرّضون لخطر أكبر بغوصهم في الأعماق التي يجهلون ما ينتظرهم بداخلها من خطر، فكانوا عملةً مطلوبة أكثر من السيوب (جمع سيب)، لكن يبدو أن السيد كان بحثًا آخر بالنسبة إليهم.
الزوجة والأولاد
تزوّج السيد سلمان بن السيد إبراهيم من كريمة السيد يوسف بن السيد علوي، السيدة شريفة (1908 -1998م)، وهي معلّمة قرآن وصاحبة المأتم النسائي المسمّى باسمها، وأنجب منها أبناءً وبناتٍ عاش منهم بعد تخطّي الأوبئة المميتة السيد محمد (1921 – 2008م)، والسيدة فاطمة (1930 – 2008م). وبحكم طبيعة الحياة، ورث الولد عمل أبيه في البحر، فحتى بعد أن عمل في شركة نفط البحرين، لم يترك البحر، و”احترف” المهنة بعد التقاعد، كما ورثت البنت عمل أمها في تعليم القرآن والقراءة الحسينية.
تزوّج السيد محمد، فأنجب السيد إسماعيل، والسيد علي، والسيد هادي، والسيد ياسين، والسيد سلمان، وخمس بنات، ملأوا بيت السيد سلمان بن السيد إبراهيم مرحًا وبهجةً، كما ملأوا قلبه بذلك. تزوّجت السيدة فاطمة، فأنجبت عليًا وجعفرًا وخليلًا، وثلاث بنات من زوجها الحاج إبراهيم بن علي بن مدن، كانوا أيضًا قرة عين جدهم. كما عاش السيّد لحين زواج بعض أحفاده الذين أنجبوا على حياته.
كانت شخصية السيد في البيت شخصية الزوج الذي منح زوجه الاحترام والتقدير، بمنحه إيّاها حق التصرّف والتدبير في المنزل وشؤونه، وذلك ما جرت عليه العادة منذ أيام الغوص، إذ يترك المنزل لأم السيد محمد التي تحكم البيت بسلطة الأب الغائب الحاضر، فهو زوج محبّ لزوجه، متعاون معها، لكنه في الوقت نفسه، الصارم الشديد مع ابنه وابنته، وبخاصة الولد، وكل ذلك من أجل أن تسير سفينة الأسرة في غيابه كما لو كان حاضرًا.
أما مع الأحفاد، فالأمر مختلف، لأنَّ الزمان كان زمن رخاء لا شدة، لكن شخصيته المهيبة لم تتغيّر، وبخاصة إن اقترب الأمر من المساس بهيبته التي ظلت ملازمةً له طول عمره.
العمل في صيد الأسماك
يُعتبر تاريخ 28 أيلول/ سبتمبر 1925م تاريخًا مهمًا في البحرين، إذ تؤرّخ الأحداث قبله وبعده، لأن فيه حدثت الحادثة المعروفة بـ”الطبعة”، التي غرق فيها عدد كبير من السفن ومات على إثرها خلق كثير. لذا، اعتُبر فاصلًا بين حقبتين في تاريخ البحرين؛ حقبة الغوص ورواج اللؤلؤ والدانات المستخرجة من الأعماق، وحقبة تلتها كسدت فيها تجارة اللؤلؤ، حيث الفاجعة العظمى والخسائر الكبرى. ومع عدم التعافي منها، تم اكتشاف النفط في البحرين، وظهر اللؤلؤ الصناعي الذي نافس اللؤلؤ الطبيعي منافسة جعلت المغامرة بالحياة في سبيله ضربًا من الجنون.
بما أنَّ السيد سلمان كان من الناجين، وبما أنه مرتبط بعقد “السلف” أو الدَّين آنف الذكر، وبما أنه كان في أوج شبابه وقوّته، فإنه واصل ما تبقّى من عمر الغوص حتى انتهاء هذه المهنة في ثلاثينيات القرن العشرين على وجه التقريب، إذ ألقى التطوّر الذي جلبه النفط والتغيير في الحياة الاقتصادية بظلاله على الناس، الذين ما منعهم من تلكم الخيرات سوى نشوب الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945م)، التي سببت مجاعة في البحرين، ومات كثير من الناس بسببها.
لم يترك السيد سلمان العمل في البحر، لأنَّ طينته عُجنت من الأرض التي ضمّها البحر طوال التاريخ بعطفه، وأغدق عليها من خيراته، فهو ابنها البار الذي لن يتنازل عن امتهان مهنة أجداده، والمهنة التي امتهنها منذ صباه، فشكّلت عالمه وذكرياته وتكوينه الاجتماعي في جميع علاقاته.
لقد واصل السيد لقاءه ومعشوقه الأزرق من خلال عمل آخر، هو صيد الأسماك، فانضمّ إلى عدة نواخذة، منهم، على سبيل المثال، الحاج مكي بن عبدالله بن مكي (والد كل من النوخذة الحاج عبد الله (1922 -1997م)، والنوخذة الحاج علي (ت 2 آذار/ مارس 1996م)، والحاج عبد العظيم (ت 2012م)، والدكتور عيسى، وجَدّ كلّ من النوخذة الحاج أحمد بن علي، والنوخذة الحاج مكي بن عبدالله، وجميع النواخذة الذين ورثوا عن جدهم هذه المهنة الشريفة، حيث كان الحاج مكي يملك سفينة من نوع شوعي كبير، يبحر بها إلى منطقة تسمى “الغَزَرة”، وهي منطقة تعتبر قريبة بالنسبة إلى بقية مناطق الصيد.
أيضًا من النواخذة الذين انضمّ إليهم السيد سلمان، النوخذة الحاج محمد بن علي بن حسن الحمر (1918 -1985م)، أخو الحاج إبراهيم، ووالد كل من الحاج علي والحاج جعفر، وعم الحاج علي، والحاج آدم، والحاج فيصل، وعيسى. ومن النواخذة الذين أبحر معهم السيد سلمان، النوخذة الحاج عيسى بن علي الشايب (1911 -1995م) والد علي عيسى الشايب. وأخيرًا في العام 1961م، انضم إلى لنج بيت السادة مع النوخذة السيد سعيد بن السيد يوسف (ت 12 شباط/ فبراير 1998)، والسيد باقر بن السيد حسن بن السيد علوي (1915 – 2004م) والحاج رضي السادة، والحاج موسى بن حسن أبو حسان (ت 2001م). وكان ولده السيد محمد يبحر معهم في أيام إجازاته، حيث كان يعمل حينها في شركة نفط البحرين بابكو. وقد تعرّض السيد سلمان لحادثة قطعت معها إصبعه الوسطى من كفّه اليمنى، والذي أشار إليه صديقه الشاعر الحاج سلطان بن حسن بن أحمد الخليف الإحسائي (1889 – 1979م) بقوله:
“هذاك مقصوص الصبع من چف ليمين… وذاك ميّت ماكلتنّه المكينة”.
مرحلة التقاعد
لم يترك السيد سلمان البحر طول حياته، إلّا حين فقد حاسة النظر، إثر ضربة شمس تعرض لها أثناء جمع الطحالب والحشائش البحرية (الحشيش)، وذلك في منطقة الجفير، حيث لا ظلّ يستظلّ به. وقد شعر بآلام مبرّحة في رأسه نتيجة لذلك، ولأثر ضربة أصابت رأسه في شبابه أيضًا، وقد تأخَّر عليهم سائق الشاحنة التي ستقلّهم من مكان عملهم إلى البيت، وكان ذلك في العام 1969م. عاش السيد سلمان فترة التقاعد القسري، الذي لولاه لما تقاعد، مع أنه بلغ حينها الرابعة والسبعين، إذ شهد من كان يعمل معه في آخر سني عمله بما كان يتمتع به من قوّة ونشاط.
قضى السيد سنوات التقاعد متقلّبًا بين منزله ومجالس جيرانه، فترك في أنفس من عاشرهم أثرًا طيّبًا لم ينسوه حتى وقتنا هذا. وقد رحل عن دنيانا بعد خمس سنين من التقاعد، وهو يحمل شهادات وعلامات تركها صديقه الأزرق على جسده ونفسه وعقله، جعلته كفيف البصر، مقطوع الإصبع الوسطى من كفه الأيمن، لكنها منحته البصيرة بخبرته العريضة التي شكَّلتها تجاربه في الحياة، وتنوّع مخالطته للناس، فقد عاش بقيّة عمره معهم، ولم يأخذ ذلك من علاقاته الاجتماعية، فأخذ موقعًا متميّزًا في قلوب من عرفه.
مجالسه
كان السيد سلمان طيّب المعشر، يحبّه من يجالسه، وكان صاحب نكتة وأدب في مجالسه، إذ إنه تنوّع في ارتياد مجالس النواخذة أيام الغوص بين المنامة والمحرّق والدير طبعًا.
1 – مجلس السيد سعيد بن السيد يوسف
من مجالس النواخذة الذين أبحر معهم، على سبيل المثال، السيد سعيد بن السيد يوسف بن السيد علوي، الذي اشتُهر بالكرم، حتى قال عنه الحاج رضي بن حسين المؤمن: “السيد سعيد هو حاتم الدير”، وذلك لما عُرف عنه من سخاء، وقد كانت البحارة وأفراد العائلة يجتمعون لديه، وكان السيد سلمان تربطه علاقة مصاهرة بالسيد سعيد، كما أسلفنا، ما جعل العلاقة وثيقة جدًا.
٢ – مجلس عائلة حمّاد
تُعتبر عائلة حمّاد من أكبر عوائل الدير المتجذرة في عمق تاريخها، وبخاصة بما يرتبط بالبحر، إذ كانوا يمتلكون سفنًا للغوص، وقد توارثوا ذلك أبًا عن جد، ونوخذة عن نوخذة، وكان مجلسهم مفتوحًا للجميع في جميع الأوقات، حتى أيام مجاعة الحرب العالمية الثانية، إذ كان يقصده (هو ومجلس الحاج عبدالله بن عيسى) الناس الذين أصابهم ما أصابهم من جوع، كما يقصده الأقارب الكثيرون الذين تربطهم به صلة الرحم، وبخاصة أنَّ النوخذة الحاج حمّاد بن علي بن حمّاد بن سلطان جد النوخذة الحاج حمّاد، أنجب تسع بنات تفرَّعن بالنسب أيما تفريع، هنَّ أخوات الحاج أحمد بن حمّاد الذي لقب بـ”الوحيد”، لأنه المولود الذكر الوحيد الَّذي رزق به الحاج حمّاد بن علي.
كان السيد سلمان من روّاد مجلس آل حمّاد في أيام النوخذة الحاج حماد بن أحمد بن حماد بن علي بن حماد بن سلطان (1888م – 1958م)، حيث ربطه به رحم من جهة إحدى عمّاته، وأيضًا لكون المجلس منتدى لأهل البحر.
٣ – مجلس الحاج حسن بن إبراهيم بن صالح (1921 – 1991م)
الحاج حسن هو والد الأستاذ إبراهيم، والحاج محمد، والحاج عيسى، والرادود الحاج عبد الكريم، والحاج سلمان.
يُعتبر مجلس الحاج حسن بن إبراهيم من مجالس الجيران التي يزورها السيد سلمان في شهر رمضان، حيث تلاوة القرآن بصوت الحاج حسن بن إبراهيم، والمجلس نفسه الذي يجلس فيه ولده الأستاذ الحاج إبراهيم أبو صادق.
٤ – مجلس الحاج سلطان بن حسن بن أحمد الخليف الإحسائي (1889 – 1979م)
كان الحاج سلطان بن حسن أبو يوسف يستأنس بمجالسة السيد سلمان أيما مجالسة، إذ كان يرسل ولده الحاج علي بن سلطان إلى منزل السيد سلمان الكائن في الحي نفسه شمالًا، ليستعجله في الحضور، إذ كان قد كُفّ بصره، فكان يأتي إمّا بمعيّته، أو بمعيّة أحد أحفاده، أو زوجه أو وحده. كان يلتقي بجلّاس الحاج سلطان، وهم الحاج حسن بن علي بن عبد الله الحماقي (1925 نيسان/ أبريل 1995م)، والحاج محمد الجد، والحاج علي التاجر، والحاج عبد الله بن غانم، وغيرهم.
كان أبو يوسف لا يصبر عن مجالسة السيد سلمان، حتى إنه كتب فيه الأشعار التي حفظها جلساؤه، ومنها هذه القصيدة:
بدّيت باسم الله وثنَّيت بالجيل
واسم النبي المدفون بأرض المدينة
واسم الإمام اللي نصر بدر واحنين
والخمسة الأشباح سر السفينة
واخديجة الكبرى أمّ لِمْسلْمِين
معروفةٍ بالحال زوجة نبينا
گال الحسن يا عمدة الدين يحسين
صِدَگ جواب الجد يحسين فينا
إنته تِگتلك ذا الطغاة الملاعين
وآنا أجاسي سم جعدة اللعينة
في ذا المحاكم والمحافل ذليلين
دايم لِنا الحگ ويگلب علينا
(والسيد سليمان خير الوفيين
لوّل يشرفّنا وازعِل علينا)
محدٍ يگول أهل المدينة مِشرْكِين
لكن خالفوا العمدة وسنّة نبينا
في ذا البحارة والهواري من اسنين
والمرزبان سنّادِنا لا لفينا
يوم الدهر عدل واحنا بعيدين
تلگى الوِدْمَة والمشاوي تجينا
ويومٍ عطانا الله وصرنا غنيين
لنجاتنا گامت تحفِّي علينا
(هذاك مگصوص الصبع من چف ليمين)
وذاك ميِّت ماكلتنَّه المكينة
والختم صلّوا على سيد الناس
محمد المبعوث بأرض المدينة
لم يعش السيد سلمان بن السيد إبراهيم معيشةً تمكّنه من تعلّم القراءة والكتابة، رغم أنه عايش بداية التعليم في العام 1919م، لكنه كان متنوِّعًا في ثقافته التي شهدت بها مجالسه، والتي صنعتها مسيرته طوال ما ناهز ثمانية عقود من الزمن هي عمره، اختلف فيها بين زمن الغوص وزمن النفط، وثقافة أهل المنامة والمحرق ومسقط رأسه الدير، ومجالس السمر على سفن الغوص ذات القصص والحكايات والأشعار التي كان يرددها في مجالسه، وخصوصًا بعد التقاعد، ومعظمها يتكلم عن الحنين والشوق وما يحرك المشاعر بحكم طبيعة الحال الذي يعيشه طاقم سفينة الغوص. ومن الأمثلة على ذلك ما كان يردّده من أشعار:
ليت لمگدّر فلا صاب النبي يوسف
من شاف حسنك تعجّب يالنبي يوسف
أبدًا فلا في مصر مثل النبي يوسف
يوسف حكم في مصرهم واستگام سنين
تلفي سنين المحيا ما لفت لسنين
يا صاحب السجن تبگى فيه بضع سنين
صاب الگلب ما صاب يعگوبٍ على يوسف
وقد شارك في مجالس الحسين (ع) بمواعظها وخطبها وأدبها وتاريخ أهل العصمة (ع) وسيرهم، ومجالس القرآن وتعليمه في منزله، والتي اتضحت من خلال ما يتداوله من أشعار وحِكَم وأمثال وغيرها مما تركته تلكم الحياة على سلوكه مكوّنة ثقافته، ودفعته إلى بناء حسينية للنساء في العام 1965م تقريبًا، بعد أن كثر “الوليدات” لدى زوجه، وهن الطالبات اللائي يتعلّمن القرآن، إذ كبرن وصار البيت يعج بهنَّ.
تجلّت ثقافة السيد سلمان الحسينية أيضًا في استقباله حلقات موكب العزاء الذي يمرُّ من منزله، فيتشرّف باستضافته بما تيسّر له من إمكانيات.
الثقافة ليست معلومات جوفاء نقرأها، فنتكبر على العباد بشارة وهمية اسمها “مثقف”! بل هي ممارسة حضارية تعكسها تلكم المعرفة، تلوّن الحياة بزخارف بديعة، يتركها الإنسان لتبقى بعد ذهابه من هذا العالم.
“سوالف” من هنا وهناك
١ – محرّك لا يشتغل
يقول الحاج رضي السادة إنَّه كان يعمل مع لنج السيد سعيد بن السيد يوسف (لنج السادة، وسميت كذلك لأن جلّ من يبحر عليها هم من السادة)، التي كان محركها الديزل الإنجليزي الصنع من نوع “ليستر” يشتغل عن طريق اللّف بيد حديدية معقوفة تتطلَّب قوّة كبيرة لتدور بسرعة، فيدور معها المحرك، فكان جميع من على اللنج يعجزون عن ذلك لوحدهم، عدا السيد سلمان، الذي كان يلفّها براحة، وهو الذي ذرَّف أو اجتاز السبعين من عمره حينها.
٢ – القارب يميل
يروي الحاج إبراهيم بن حمّاد (أبو رضا) أنه رأى في صغره السيد سلمان مع جماعة ممن يعملون في البحر ذاهبين إلى اللنج في قارب يجذّفون فيه من الجانبين، فكان يميل عند تجذيفهم جهة السيد سلمان، وذلك لعدم تكافؤ القوّة بينهم عند التجذيف. وعندما سألناه، أي الحاج إبراهيم، عن السَّبب، علَّل ذلك بما يمتلكه السيد سلمان من قوّة بارزة تفوق الطّرف الآخر!
٣ – عزّة نفس
يروي أحد أحفاد السيد سلمان أنَّ جدّه السيد سلمان عندما كُفّ بصره، كان يطلب منه اقتياده إلى مجلس الحاج سلطان بن حسن الخليف، فطلب منه في ذلك اليوم أن يذهب به قائلًا: “يالله يا ولدي خلنا نروح”، فأجاب الحفيد: “لحظة شوي أبويي العود”، فما كان منه إلا أن رماه بالعصا التي كان يستخدمها كمجسّة يجسّ بها الطريق، وكان جالسًا مستظلًا بظلّ جدار المجلس في الفناء، فأصابت رميته جدار الحسينية في الطرف الآخر من المنزل الذي يبعد قرابة خمسين قدمًا، لترتد لنصف المسافة بعد ارتطامها بالجدار! ما جعل الحفيد يحمد الله شكرًا على أنها لم تصبه، وإلّا لكان من الهالكين.
٤ – إحسانٌ متبادل
اتّفقت روايات الأحفاد على أن جدهم عندما كان كفيفًا، كان يأخذ في كفّه ما تبقى من الرز على المائدة إذا أراد الذهاب لغسل يده وقضاء حاجته، وكان في البيت زوج إوَز يرقبه عند الباب، فما إن يرى السيد خارجًا حتى يتقدمه إلى مكان دورة المياه، فيقدِّم السيد عصاه ليحفّها الإوَز، فيوصله إلى الحمّام، فيكافئه بما في يده من أرز.
وكان الإوز ينتظره لأنه أصبح صديقًا له، ليوصله كرةً أخرى إلى غرفته، فتعوّد الإوز على ذلك حتى في الأوقات الأخرى بمجرّد رؤيته للسيد، “سبحان الله!”.
٥ – مكان آمن
كانت الحسينيَّة تحتفل بموالد أهل البيت (ع)، فكانت تستقبل مساهمات الناس، من حلويات وفول سوداني وملبس، في زبيل مملوء، بما يغري الأطفال ويسيل لعابهم، فتضعه الجدة في خزانة في الغرفة التي ينام فيها السيد، لرهبة الأطفال منه، لكنّ عشق الأطفال للحلويات ينسيهم المخاطر أحيانًا، فيتسلّلون إلى الخزانة بعد التأكد من نوم جدهم الكفيف، لكنه سرعان ما يكتشف حركتهم، فيهبّ صارخًا: “أوكفوا ليي”، فيفر الصغار إلى بيت الجيران (بيت الحاج العرادي والد الأستاذ عيسى العرادي أبو حامد)، ليمكثوا هناك حتى يسكن الغضب عن جدهم.
٦ – جبر الخواطر يفوح شذاه
قام من مجلسه في مسجد الراهب حين اتجهت لمصافحته، واستقبلني بالسؤال: “انته لحكت على جدك السيد سلمان؟”، فأجبته، فبادرني بـ”سالفة” عن جدي حصلت حينما كان أبوه الحاج موسى بن الحاج حسن أبو حسان زميلًا للسيد سلمان على لنج السادة، فحدث شجار بينه وبين السيد باقر، جعل الحاج موسى يغضب، ولم يحضر إلى العمل متأثرًا بكلام السيد باقر، الذي جعله الغضب يتلفّظ بما لا يعكس أخلاقه الكريمة! فما كان من السيد سلمان إلّا إن ذهب إليه ليأخذ بخاطره ويستسمح منه، فعاد وعادت المياه إلى مجاريها، فرسخ هذا الموقف في ذاكرة ولده، لينقل شذاه إليَّ بعد كلّ هذه السنين!
٧ – تنهدات على حبّ عليّ!
كانت الفترة الصّباحيّة حين كنتُ عاطلًا من العمل تزخر بتنوّعٍ في الحكايا عندما تجيء النسوة إلى جدتي، فكانت تنهدات جدتي وعمّتي وأمّي ومن حضر معهن من نسوة الحي تملأ المكان وهي تحلّق بأشواقها لزيارة الأئمة (ع) في العراق، فتبدأ الجدَّةُ بسرد قصة السيّد هاشم الذي يعمل في الحضرة العلويّة حين يمرُّ على زوجها السيّد سلمان، فيناديه (وهنا تقلّد الجدّةُ لهجة السيد هاشم العراقية): “سيد سلمان گوم أبويه للزيارة”، وكان السيد يذهب بعد هذا النداء لزيارة مولانا أمير المؤمنين (ع) في حضرته المقدسة.
٨ – أبيات في الصناديد الأربعة
كانت البحرين تشهد فتنًا بسبب وجود المحتل الإنجليزي الذي اشتهر بسياسة “فرّق تسُد”، التي يضمن بها بقاءه، وبخاصة بعد بروز دور أعضاء هيئة الاتحاد الوطني بتوحيدهم الصفوف في الخمسينيات ضد تلكم السياسة القذرة، فأخذ ينفي أعضاءها في العام 1956م، بعد تلفيق التهم لهم.
كانت منطقة الدير، كباقي المناطق، تنضح بالثوار وأهل الغيرة الذين يدافعون عن حياضها من براثن المندسين وعملاء المحتل الذي يريد الفتنة الطائفية ليستتب له الأمر، وكانت تغلي عندما يقوم الاحتلال بنفي القادة في هيئة الاتحاد الوطني، فكان التجمّع للمسيارت المناهضة للمحتل يخرج من جنب بيت السيد عبد الله بن السيد هاشم، قرب بيت الحاج أحمد بن هلال، قبل بناء جامع الخيف الذي كان حينها أرضًا محددة بعد رفض الأهالي بناء مدرسة عليها في العام 1953، وأيضًا كانت البيوت تتركز شمالًا، أمّا الجنوب فعمر لاحقًا.
برز في هذا الوضع غير المستقر أربعة رجال كانوا يتصدون لمن يحاول العبث بأمن القرية من المندسين:
١. الحاج عبدالله بن علي بن مدن، أبو الحاج حسن والحاج علي، وأخو الحاج عيسى وأحمد ومدن وإبراهيم.
٢. الحاج محمد بن مكي، والد الحاج مكي وعيسى ورضي، وأخو الحاج محسن وعبدالله.
٣. الحاج أحمد بن علي المعيلي، أخو الحاج سلمان بن علي المعيلي، الذي كان جريئًا جدًا.
٤. السيد سلمان بن السيد إبراهيم بن السيد نعمة.
هؤلاء الأربعة الصناديد ذكرتهم أبيات، وصلنا بيت واحد منها، حيث ماتت بموت من كانوا يرددونها. ومن لا يزال يتذكرها، فإنه لا يتذكر سوى مطلعها الذي يقول:
قايد الجيش عبدالله امدن
محمد امكي بلوزار احتزم
وهكذا، تأتي هذه المقطوعة على البطلين الآخرين، ثم الحدث الذي وقع. والواضح أنها تتحدث عن حدث عام شغل القرية بأكملها، وهو تألّق هؤلاء الأربعة في الذود عن حياض موطنهم.
وفاته
انتقل السيد سلمان بن السيد إبراهيم بن السيد نعمة إلى الرفيق الأعلى في 23 شباط/ فبراير 1974م في منزله على سفح ربوة الراهب في الدير، ودُفن في مقبرة الدير الواقعة في آخر نقطة من الدير شرقًا، إن لم تكن في آخر شمال شرق سماهيج.
“ساعد سيب“
أرجوك ربي برجا الغريبِ
دُرًا مع الغوّاص يا مجيبي
أرجوك بالتجذيف يا قويُ
بدفقة الأمواج في نحيبي
أرجوك بالصبرِ أيا صبورُ
والبحر مملوء من الخطوبِ
هذا جريح القرش والوحوشِ
وذاك في عجزٍ من الندوبِ
رفعت كفًا لونها شراعي
ترجو نوالًا ساعة الهبوبِ
والموج موتٌ يقذف الضحايا
في ساعة “الطبعة” بالكروبِ
أفنى حياة الغوص ثم سالت
دماؤه فمال للغروبِ
والنفط والمالُ به كثيرٌ
يغري بثوبِ الراحةِ القشيبِ
واللؤلؤُ المصنوعُ كان شرًا
على عهود اللؤلؤ الصعيبِ
قيل اترك البحر ففيه شرٌ
فقلت كلا إنه حبيبي
هذا أبو الخيراتِ ليس هذا
كنفطكم في لونهِ المُريبِ
يخرج بالأقذار لا يُشَمُّ
والبحرُ موصوفٌ من الطبيبِ
في بطنه الأسماك خيرُ رزقٍ
للحُرِ فيها عن أذى الغريبِ
السارِقِ المحتلِّ للأراضي
في وجهه الأحمر خبثُ ذيبِ
ونحن أهل الدير أهل بحرٍ
في مشهد البعيدِ والقريبِ
وإن يكن أصابني جروحٌ
فذاك في المذاق كالزبيبِ
والله لو دامت حِداقُ عيني
لما حُرِمتُ البحر من ركوبي
فالبحر عمري ذكره نشيدٌ
غنّيتهُ في زمنٍ عجيبِ
أروي حكاياه على جليسٍ
في ضحكةٍ قد أذهبت شحوبي
عن ساعدٍ شمَّرته بعزمٍ
فصار عنوانًا لكل سيبِ
المصادر:
١. كتاب الدير سيرة ذاتية (الدكتور علي هلال).
٢. مقال لبشار الحادي (موقع سنوات الجريش).
٣. مقال للأستاذ إبراهيم بن حسن بن إبراهيم (موقع سنوات الجريش).
٤. مقابلة مع الحاج رضي السادة.
٥. مقال للأستاذ علي بن سلطان (غير منشور).
٦. ديوان الحاج سلطان بن حسن بن أحمد الخليف.
٧. لقاءات قصيرة متفرقة مع من عاصروا السيد سلمان ومن عاشوا معه.
٨. صفحة الدير “فوتو” على “الإنستغرام”.
٩. جواز سفر السيد سلمان، جواز سفر السيد محمد، بطاقة فاطمة بنت السيد سلمان.
١٠. قصيدة ساعد سيب للسيد سلمان السيد محمد.
المقطع:
لم يترك السيد سلمان العمل في البحر، لأنَّ طينته عُجنت من الأرض التي ضمّها البحر طوال التاريخ بعطفه وأغدق عليها من خيراته.
___________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
لتحميل المقال بصيغة PDF: قصّة سيب بحرينيّ أصيل
___________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
*السيد سلمان السيد محمد الموسوي: ناشط بحريني مهتمّ بتوثيق تاريخ قرية الدير، ويعمل من خلال حسابه في “إنستغرام” على نشر كل ما يتعلق بتاريخ القرية ووثائقها.
للتواصل عبر الإيميل: sss7sss4@gmail.com
اقرأ أيضًا:
- الأرشفة في البيئة الإلكترونية
- المعايير وتطبيقاتها في إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي)
- دور المشاع الإبداعي في إتاحة المعرفة
- الضَّبط الاستنادي وتوحيد الجهد التوثيقيّ VIAF نموذجًا
- هل هناك ذاكرة خارج إطار الجماعة؟
- المستودعات الرقميَّة: حافظة للذاكرة الأكاديمية ومنصَّة لنشر الأبحاث العلميَّة
- أرشيف مركز الإسكندريَّة: حلم يبحث عن الاكتمال
- الساجات تستطيع كشف الكثير من الألغاز في التراث البحريني
- البيانات الضّخمة إعصارٌ يحتوي العالم
- الأرشيف السّمعي البصريّ : حفظ الذاكرة الجماعيّة
- اتّحاد مؤسَّسات ذاكرة الوطن تجربة نيوزيلاندا نموذجًا
- قطاع اللام: اتّحاد مؤسَّسات ذاكرة الوطن
- أرشيف الويب.. حفظ ذاكرة الإنترنت
- الميتاداتا وتوصيف المصادر الإلكترونيَّة
- تشريعات الأرشيف العربي بين الفراغ القانوني والتأثير السياسي
- التوقيع الرقمي .. نموذج للتحول من الورق إلى الإلكترونيات
- السجلات الوطنية في بريطانيا.. مفتوحة أمام العامة
- كيف تُصان الذاكرة من الإلغاء المتعمد؟
- الأرشيف الوطنيّ الأميركيّ حارس لتاريخ شعبٍ وبلد
- آلية التّصوير المصغر : أساليب حفظ المصغرات الفيلمية
- كيف يصنع الأرشيف التّاريخ؟
- المجلس الدولي للأرشيف
- التّدمير الممنهج والمنظم لأرشيف المحفوظات في جزر القمر (1975-2001)
- حق الوصول إلى المعلومات: بين مصالح الأنظمة وأحلام الشّعوب..
- آلية التّصوير المُصَغر وإسهاماتها في عالم الأرشيف والمحفوظات
- الأرشيف القومي الكندي
- المخطوطات العربية والعجمية في الكاميرون .. شاهد على تاريخ البلاد