الأرشيف: ثقافة الشعب المحكي عنه

كلمة الكاتب والصحافي الأستاذ عبد الرحمن الجاسم في فعالية يوم الأرشيف العالمي – الأرشيف: الوجود والعدم

السيدات والسادة، الحضور الكريم

يشكل الأرشيف – أي أرشيف – ثقافة الشعب المحكي عنه، كما إنه بشكل أو بآخر عامل أساسي لترسيخ تلك الحضارة والتاريخ ونقلها إلى الأجيال القادمة التي قد لا تعرف عنها شيئا طالما أنها لم ” تسجل”.

فتن الإنسان بالتسجيل منذ بدايات وجوده على ظهر البسيطة، فالتسجيل سواء أكان رسما على حوائط الكهوف أو نقوشا على الصخور، او حتى رسوما على اوراق البردى، هي عملية أرشيفيةحكائية لما حدث يهدف نقله الى من سيأتي فيما بعد. من هنا يأتي الجهد المبذول من قبل جمعية “أوال” عملا ضخما يستحق الوقوف عنده. ففي النهاية ما تحاول الجمعية القيام به هو عمل يجدر بجميع الدول العربية( مؤسسات وحكومات) أن تعنى به، فأن تؤرشف – وتسجل – تاريخك اليومي خصوصا لما للفكرة من أهمية علميا ( سواء بحثيا او حتى لمجرد التاريخ في حد ذاته) هو ارم يمكن الحديث مطولا عنه.

هنا سآخذ ولو دقائق قليلة للحديث في شأن يعنيني كعربي أولا، وكفلسطيني اساسا وقبل كل شيء، جهد الصهاينة المحتلون على محو التاريخ الفلسطيني، حتى غدونا كشعب فلسطيني أشب ” بشعب بلا تاريخ، حضارة أو مستقبل” بالنسبة لكثيرين سواء أكانوا باحثين أكاديميين أم مجرد أشخاص عاديين. كانت المشكلة التي نواجهها ههنا هي انه لا يوجد أرشيف رسمي ( ولا أعني برسمي ههنا ترعاه دولة، بل رسمي بمعنى منهجي منطقي ومرتب) يمكن استخدامه لدحض الدعاية الصهيونية الحديث عن ” حضارة” فلسطينية كانت قائمة قبل العام 1948 ( اذ يكفي الاشارة الى أن عائلتي مثلا موجود في مدينة يافا الفلسطينية منذ العام 1732، أي بمعنى أن عائلتي وحدها مثلا هي أكبر من دولة الكيان العبري). هنا غاب الأرشيف فخسرنا معركة شديدة الأهمية هي معركة إثبات الوجود والأحقية والقدرة عن الدفاع عما هو لنا.

بالعودة للفكرة  الأساس إن الأرشيف أو كما تسميه جمعية أوال عبر إصدارها الدوري “أرشيفو” (في استعادة للكلمة من أصلها البرتغالي)، هو عمل جهود دؤوب هدفه في الأساس تاريخ الشعب البحريني بعيدا عن اي نظام حاكم، بعيدا عن أي تأثير سياسي ذو بعد “قمعي” أو “مصلحي / منفعي” ففي النهاية يؤرخ الأرشيف الذي سيفتح لاحقا للعامة تاريخ البحرين وسيظل يتسع ويزداد حجما حتى يصل الى اللحظة التي يستطيع منافسة محركات البحث العالمية كجوجل وسواه في الشأن البحريني الذي يختص به.

من هنا لا بد اذا من شكر جمعية اوال أولا( هيئة وأفرادا على الجهد المبذول ولا فكرة أساسا وأولا)، ثانيا لا بد من التركيز على الحديث عن الفكرة والإضاءة حولها لأنه لن تقوم للحضارة المشرقية اي قيامة بدون العودة الى تراثها الخصب وإرثها الحضاري المتسع المنتشر.

عن الكاتب