الأرشيف

أوال: “أرشفة الثقافة”

د.محمد باقر كجك

عندما تصرخ الثقافة في أذن التاريخ، لكي يستيقظ ويمدُّها بدليلٍ على وجودها في امتداد الزمان والمكان، فاعلم أن الثقافة تحت التهديد والإلغاء.
ولا تشكّل الحرب العسكرية الوجه الأول والأخير للحرب، ولا كذلك الحرب الإعلامية، بل ينضم إليهما أنواع أخرى من الحروب، من “حرب الأرشفة”.
إن “الحدث” المؤرشف، هو الذي سيتيح للأجيال القادمة، أن ترى تاريخها، وسيكون هذا التاريخ هو ما وصل إليها من معلومات، بكافة أشكالها.
الأرشفة هي فنّ التركيز على تفاصيل الأحداث، وفردانية اللحظة، والجزئيات التي لا يتم رصدها من قبل من يتعاطى الفكر والسياسة بإطارهما العام النظري والعملي.
يقول “مايك فيثرستون” بأن الأرشفة في حقيقتها هي فنّ “أرشفة الثقافة”، لأنّ تجميع التفاصيل الدقيقة من حياة الجماعة، يعني أنك تقوم بتجميع ثقافتها وحفظها، وتقديمها للمستقبل والأجيال والتاريخ. وهو عمل خطير جدا.

أرشفة الثقافة، من زاوية نظر أنثروبولوجية، تعني محاولة الاقتراب من الحدث بعين موضوعية، واستخدام كل الوسائل المتاحة من أجل حفظ الحدث بأفضل حالاته، وتوضيب كل ما يمكن الوصول إليه من تاريخ الحدث، وأدواته المادية، من أجل الحفاظ على فرادته وموضوعيته. إنه عمل “إثنوغرافي” أرشيفي. يضمن في مكان ما، نقل ثقافة جماعة ما، ذلك الكم المعقد من الأفكار والميول والسلوكيات والمعارف الخ، بقدرٍ كبيرٍ من الأمانةِ إلى المهتمين والمعنيين بتلك الجماعة.

وللأنثروبولوجي هنا، أن يستعين بكافة أدوات البحث الأنثروبولوجي، وكذلك بمقولات العلم الكلاسيكية، من أجل محاولة الحصول على أفضل وصف للحدث وللجماعة وثقافتها، وكذلك-وهو أمر حساس جدا- محاولة تقديم كافة المعلومات للعاملين في الأرشفة، حول كيفية “ترتيب” هذه المعلومات والمعطيات بحيث تكون أمينة على حياة الجماعة وثقافتها كما هي في الواقع.
عدم “الترتيب” الصحيح، يعني إعادة خلق مغلوط للواقع: وهذا هو حلم “السلطات”.

مثلا: من الممكن أن نؤرشف لعملية زراعة الزيتون وثقافتها الخاصة في فلسطين، ولكن إذا كنا أمينين في ترتيب كل الحدث بشكل سليم إلا أننا أخطأنا في الترتيب زمانيا ومكانيا، وأخطأنا في نقل حقيقة تقدّم الفلسطينيين زمانياً في هذه الزراعة على غيرهم، فهذا معناه إنتاج أرشفة خاطئة في معطى خطير (الزمان): تقديم الاسرائيلين على الفلسطينيين (أهل الأرض) في هذه الزراعة.

إنها ضربة لـ “الثقافة” الفلسطينية ووجود “الجماعة” و”استمرار” ثقافتها.

إذن، أرشفة الثقافة، بهذا المعنى، عملٌ يرتبط بالأنثروبولوجيا في كذا قاسم مشترك، ويستفيد من الانثروبولوجيا في تنظيم الأرشفة وفق منطق اشتغال الجماعة، ويفيد الأنثروبولوجيا في تقديم معطياتٍ منظَّمة للاستفادة منها في الدراسة الأثنولوجية أو غيرها من العلوم.

اليوم، تم إطلاق المحرك البحثي الخاص بالبحرين، وهو يضم أرشيفا من حوالي 40 ألف وثيقة من الأرشيف البريطاني، تم ترجمة جزء جيد منها، ويتم العمل على ترجمة الباقي. وكذلك، يهدف إلى إعادة سبر الوثائق التاريخية وكل ما يمت بالصلة إلى البحرين، من أجل نبش تاريخ هذه الجماعة وسيرورتها التاريخية وصولا إلى الزمن الحالي.

إنه مشروع طموحٌ جداً، ويلعب لعبة ذكية بأداة العلم، من أجل وقف نزيف الذاكرة الذي تقوم به السلطات الحالية في تشويه الوجدان البحريني، والمكان، والزمان، والاصطلاحات، وكل ما يمكن أن يغير وقائع اجتماعية تاريخية تسالم عليها البحرانة تاريخيا، إلى حين قيام منظومة الحكم الحالية.
إنّ التغيير في الواقع، حدث ضخمٌ واسع، لكنها ينطوي على آلاف الحوادث الجزئية، التي تحتاج إلى أرشفة، وعندما نقول أرشفة: يعني أرشفة كل شيء (ما لنا، وما علينا). ثم، العودة إلى الماضي، ومحاولة سبر كل وثيقة ناريخية مهما كان نوعها وحجمها، وتقديمها بشكل موضوعي للعلم والمعرفة.

إنَّ الحرب الآن، هي حرب على الأرشفة. أرشفة السلطة للواقع، وأرشفة المعارضين للسلطة على الواقع.
الواقع لعبة الأرشفة، وقوانين الفوز فيها يصنعها الذي يستطيع الثبات على رقعة التاريخ.

في الحقيقة، أضاء اللقاء اليوم، في ذهني، الكثير من الأفكار، وأشعل في نفسي شعلة “أنثروبولوجيا الأرشفة” وهو أمرٌ واعد وخطيرٌ ومن الممكن أن يساهم في قلب الكفة على كل سلطات الظلم في هذا العالم.

كل التحية، لـ أوال القديمة، وأوال الجديدة، والأواليون الذين يحاربون الغول الأسود بشعلة الذاكرة.
وأشكركم على الدعوة الكريمة والاستقبال الدافئ.

يقول تميم بن أبي (554 م – 657 م)
مَالَ الحُــدَاةُ بِهَا لِحَائِــشِ قَرْيَةٍ         وكَأَنَّـــهَــا سُـــفُنٌ بِسِــيفِ أَوَالِ

* يوم الأرشيف العالمي وإطلاق المحرك البحثي لـ أوال/ مكتبة أنطوان- أسواق بيروت.

خاص شفقنا – “ارشيفو”… حفظ الحقيقة وقولها من دون انتظار قبول او استحسان من احد

صدر العدد الاول من مجلة “ارشيفو” وهي عبارة عن نشرة تهتم بموضوعات الارشيف وتصدر كل شهرين عن مركز اوال للدراسات والأرشيف.

منطلقة من البحرين الى الخليج الى العالم العربي وخارجه، تغطي النشرة المجالات التالية: المشكلات التي تواجه الأرشيف، طرق حفظ الأرشيف، التعريف بأصحاب الأرشيف الأهلي ومراكز الارشيف الرسمي، التعريف بالمدونات والمواقع الالكترونية المهتمة بالوثائق والارشيف، ترجمة المقالات المنشورة بلغات اجنبية، مراجعة الكتب المتعلقة بالارشيف ومتابعة الانشطة والفعاليات ذات العلاقة بالذاكرة والارشيف.

ويذكر رئيس التحرير د.علي الديري في افتتاحية العدد الأول، ان الرسالة في مركز أوال للدراسات والتوثيق هي العمل على تحرير الارشيف من السيطرة وتسهيل عملية الوصول اليه، لافتا الى ان مهمة الارشيف ليس ان يجمل الحقيقة بقدر ما مهمته حفظها وقولها من دون ان ينتظر قبولا او استحسانا من احد.

سنحفظ ما قد يكون اليوم لا يمثل اهمية

ولفت الديري في حديث خاص لوكالة “شفقنا” الى ان “المواد الحاضرة في مجلة ارشيفو ليست متاحة في غالبها على مواقع التواصل الاجتماعي”،  معربا ان “إعتماد اسم “ارشيفو” هو لعدم إلتباس المجلة مع غيرها من المجلات المعنونة باسم الارشيف، وهو أيضاً اشتقاق جديد لإسم أعجمي عربي وفق مايخدم المعنى”.

وأوضح الديري ان “مجلة أرشيفو ليست أكاديمية ولا محكمة كما ان مجلات الارشيف قليلة وبعضها يخلط بين التاريخ والارشيف”، مضيفاً “لا ندعي اننا سنقدم شيئا غير نمطي على مستوى الارشيف، غير اننا سنعرف بمادة الارشيف وأنواع الارشيف وسنحفظ ما قد يكون اليوم لا يمثل أهمية إلى حين حاجته في المستقبل وذلك على المستوى المجتمع والمؤسسات الرسمية”.

وتهتم “ارشيفو” بالارشيف المكتوب والشفهي وقضاياه واشكالاته على مستوى العالم العربي، وتدعو جميع المهتمين بالارشيف للمشاركة في صياغة خطابها وتحرير موادها.

وتضمن العدد الأول الإفتتاحية أولا، ثم “أمناء الذاكرة”، التي تضمنت تحقيقا عن المكتبة التاريخية التراثية وسيرة البحث التاريخي عند الشيخ المؤرخ الدكتور جعفر المهاجر، اضافة الى “ثقافة ارشيفية” تضمنت السجلات الوطنية في بريطانيا، والتوقيع الرقمي، تشريعات الارشيف العربي بين الفراغ القانوني والتأثير السياسي، اضافة الى المخطوطات العربية والعجمية في الكاميرون، ليتناول القسم الخامس منها “وثيقة وحكاية” جزر البحرين بين حكم “الهرامزة” وأطماع القبائل العربية، ويتضمن القسم السادس من المجلة “كشكول” سيرة السيد الغروي البحريني، وحياة الناس في القرية البحرينية “قبل النفط”، ثم كانت “المتابعات” لتتناول مواضيع عدة منها “وثائق نجد”، لتختتم المجلة بصور من الذاكرة حاكت قرية الدير البحرينية في سبيعنيات القرن الماضي.

المقال الأصلي

أعداد أرشيفو بصيغة PDF

“أرشيفو” محاولة تأصيلية لحفظ التاريخ والذاكرة الشعبية

من دون وثائق ينتفي وجود المرء أيضا”، بهذا العنوان يفتتح رئيس تحرير مجلة “أرشيفو” العدد الأول مسوّغا إطلاق المجلة بـ”كي لا ينتفي وجودنا ولا تنتفي الحقيقة ولا تنتفي جهود الذين يشتغلون في الوثيقة، تأتي (أرشيفو)، أردناها شاهدة على وجودنا حيث ما كان وكيف ما كان”.

“أرشيفو” هي نشرة تهتم بموضوعات الأرشيف تصدر عن مركز “أوال” للدراسات والتوثيق، ترى أن هدفها الاهتمام بالأرشيف المكتوب والشفهي وقضاياه وإشكالاته على مستوى العالم العربي، ستصدر كل شهرين في سنتها الأولى، وهي تدعو جميع المهتمين بالأرشيف إلى المشاركة في صياغة خطابها وتحرير موادها.

ويقول رئيس التحرير إن رسالتهم في المركز هل العمل على تحرير الأرشيف من السيطرة وتسهيل عملية الوصول إليه، في حدود إمكانياتهم، بحيث تمكنوا من الوصول إلى الأرشيف البريطاني المتعلق بالبحرين (18 مجلدا) وشرعوا في ترجمته، وسيكون للمرة الأولى متوافرا الوصول إليه.

كما قاموا بتأسيس أرشيف الكتروني لتاريخ البحرين، وقريبا سيتاح للجمهور الوصول إليه عبر الإنترنت. كما أطلقوا سلسلة أبحاث تاريخية معنية بالبحرين. وقد صدر منها خمسة كتب حتى الان والبقية تأتي. وفي هذا السياق تأتي مجلة “أرشيفو” إنه سياق تعزيز حرية الوصول إلى ارشيف المعلومات “فالديموقراطية الحقيقية يمكن قياسها دائما في حرية الوصول إلى الأرشيف”.

 وتناول العدد الأول عدة موضوعات نذكر منها: تحقيق عن المكتبة التاريخية التراثية وسيرة البحث التاريخي عند الشيخ المؤرخ جعفر المهاجر، أجرت اللقاء زينب الطحان، و”دار حفظ التراث البحراني .. مؤسسة تجمع بين فلسفة العمل الفردي والالتزام بالرؤية المؤسسية” للكاتب وسام السبع،  وكان تحقيق حول مكتبة الجامعة الأميركية في بيروت لحسن زراقط، وتحقيق خاص حول السجلات الوطنية في بريطانيا قام به قسم الترجمة في المركز.

وحفلت المجلة أيضا بعدد من القصص والروايات التراثية الطريفة لها علاقة بالذاكرة الشعبية ومنها : حياة الناس في القرية البحرينية قبل النفط، لأمينة الفردان، “حديث الحمير .. حكايات أيام زمان”” لحسن الوردي. وخصص ملف “متابعات” موضوعه لـ”وثائق نجد” .. تقارير امراء العثمانيين المعاصرين.

الرابط الأصلي

أعداد أرشيفو بصيغة PDF

10 آلاف وثيقة عن البحرين

بمناسبة يوم الأرشيف العالمي يتيح مركز أوال للمهتمين 10 آلاف وثيقة عن البحرين

مرآة البحرين (خاص): يعتزم مركز أوال للدراسات والتوثيق فتح أبوابه لأول مرة لاستقبال الزائرين يومي الإثنين والثلثاء 8-9 يونيو/حزيران بين الساعة 10 صباحاً و6 مساءً، وسيعرض خلال هذه الفترة للجمهور أكثر من 10 آلاف وثيقة تختص بفترة قانون الطواري (قانون السلامة الوطنية) من منتصف مارس/آذار 2011 لغاية أواخر مايو/أيار 2011، وذلك كمشاركة من المركز في يوم الأرشيف العالمي.

ومركز أوال للدراسات والتوثيق هو مؤسسة بحرينية، أنشئت في العاصمة البريطانية لندن في 2013، ويعنى بقضايا الخليج عامةً والبحرين بشكل خاص، ويهدف إلى “حفظ الذاكرة الوطنية البحرينية عبر توثيق كل المستندات الورقية والإلكترونية المتعلقة بهذه الذاكرة، ومواكبة الأحداث المستجدة أولاً بأول”.

ويهدف مشروع التوثيق والأرشفة وفق ما يقول العاملون في مركز أوال إلى “مساعدة كل باحث ومتخصص وطالب معرفة، في الوصول إلى الوثائق والمصادر المتعلقة بالبحرين للاستفادة منها في مختلف المجالات”، قائلين إنهم يبتعدون عن “الانتقائية في توثيق الوقائع لتأسيس ذاكرة بحرينية بعيدة عن التنميط والمثالية”.

واستطاع المركز حتى الآن من أرشفة أكثر من 22 ألف وثيقة، شملت ملفات مختلفة لتوثيق الحراك البحريني أهمها “فترة السلامة الوطنية، انتخابات 2014، اعتقال الشيخ علي سلمان، محاكمة جمعية الوفاق، وغيرها من الملفات”، كما ويتابع المركز المستجدات على الساحة البحرينية لتوثيقها بشكل مستمر.

وسيستقبل مركز أوال للدراسات والتوثيق ابتداءً من نهار الأحد 7 يونيو/حزيران الجاري، طلبات المهتمين والباحثين على بريده الالكتروني وحساباته في موقع التواصل الاجتماعي كما هو مبين أدناه.

رابط الموضوع