الكوديكولوجيا أو علم المخطوطات.. نحو تأريخ صناعة المخطوط العربيّ والإسلاميّ

*فاطمة البزال

الاطّلاع على مخطوطةٍ ما محفوظة في دير الإسكوريال (El Escorial) في إسبانيا يظهر لنا الكثير من الخبايا، وخصوصًا أنَّ هذا الدير يحفظ مجموعة نادرة من المخطوطات العربية التي أهداها مولاي زيدان سلطان المغرب إلى ملك إسبانيا، وحُفظت في مكتبة الدير على مرّ عصور كثيرة.

لن نُفاجأ إذا وجدنا مخطوطةً لأبي الفلسفة وعلم الاجتماع ابن خلدون، ولكنَّ رؤيتها بالعين المجردة وقراءة النصّ بخط ابن خلدون نفسه، يبعثان في النفس شعورًا غريبًا. لكوني عربيّة تتغنى بتراثها وتتحسَّر عليه، بعثت فيّ رؤية هذا المخطوط شعورًا بالفخر حينًا، وبالحسرة أحيانًا كثيرة، وخصوصًا عند مقارنة الماضي المجيد بالحاضر الأليم.

بالطّبع، نعرف أنّ للتاريخ أوجهًا شتى، فهو ليس حوادث تُروى وتُؤرخ فقط، ولكنّه حيّ من خلال الآثار التي تركها لنا الأولون في خطواتهم الأولى لتسجيل هذا الماضي وتوثيقه. فما هو دور الوثيقة، وهي الأثر الَّذي تركه لنا الأولون محملًا بالفكر والعلوم التي برعوا فيها، من علوم عامَّة وطبيعيّة وفلسفيّة وفنيّة وأدبيّة وغيرها؟ وما هو دور المخطوطات التي خطَّتها أنامل علماء وخطاطين منذ آلاف السنين؟ هل كانوا يرجون بهذا العمل متعةً شخصيةً أم كان الهدف نشر العلوم والمعارف التي يكتبونها على الورق؟ وهل يعتني دارس المخطوطات بالنصّ الذي تحمله فقط، أو أنَّ الأهمية الكبرى ترجع إلى المادة التي تحمل النصّ؟ وهل يقتصر إبداع الماضين على الفكر الذي قدَّموه، أو أنَّ ثمة دورًا لصناعة أدوات هذا الفكر؟

إنَّ دراسة تاريخ صناعة الورق والأحبار والجلود وأنواع الخطوط وغيرها من العناصر المرتبطة بصناعة المخطوط تجسّد هذا الإبداع وتؤسّس لتأريخه. وفي سبيل ذلك، نجد أنّ المستشرقين يتهافتون لسبر أغوار هذا العالم غير المكتشف، من خلال دراستهم للمخطوطات العربية بكلِّ دقة، تساعدهم العديد من العوامل في هذه العملية، فمصائب قوم عند قوم فوائد‍! ومكتبات أميركا وأوروبا تحوي كنوزًا من المخطوطات العربية المحفوظة بأفضل الوسائل الممكنة، وهي بذلك تسهّل عملية الوصول إليها لدراسة عناصرها المذكورة.

لكن ما مدى إتاحة المخطوطات في مكتباتنا العربيَّة؟ وهل عملية الوصول إليها لدراستها سهلة وسلسة؟ نعوّل في الإجابة على هذا التساؤل على جهود مكتبيين طموحين في بلداننا العربية، وهم بعملهم يحاولون تجاوز كلّ العوائق المادية والإدارية للحفاظ على المخطوطات وتأمين إتاحتها!

يُقال “إنّ المعطيات التي يجمعها عالم المخطوطات، بصبر، هي المواد التي يمكن من خلالها مستقبلًا إعادة بناء تاريخ الكتاب المخطوط بالحرف العربيّ، كانعكاس صادق للظروف التي ولد فيها، الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، وحتى التقنية ” (ديروش، 2005 : 19). من هنا، من المؤكّد أنّ استعراض بعض العناصر المادية المكوّنة للمخطوط العربي الإسلامي، يؤسّس لمجموعة وصفيّة من العناصر التي يمكن استخدامها عند وصف المخطوطات من قبل المختصّين، وهو ما يساهم في تحديد الأساليب والمهارات المختلفة المستخدمة في هذه الصّناعة لدى الأقاليم والفئات المختلفة التي أتقنتها، ويساهم أيضًا في الوصول إلى تحديد ملامح هذه الصّناعة وتطوّرها عبر العصور وفي البلدان.

ينظر فرانسوا ديروش، وهو مستشرق رائد في دراسة المخطوطات العربية والإسلامية، إلى هذا العلم باعتباره يسعى في المقام الأول إلى تأسيس المعرفة الجيدة بالجانب المادي للمخطوط، أي الكتاب المخطوط المؤلّف من مجموعة كراسات، فالبنية التي تحدد موضوع علم المخطوطات، في رأيه، هي بنية الكتب التي لا زلنا نستخدمها إلى يومنا هذا (ديروش، 2005 : 13).

فما هي الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها من خلال دراستنا للمخطوطات؟

أولًا، تبرز في هذا المجال دراسة مجموع التقنيات المستخدمة في صناعة المخطوط إلى أقصى ما يمكن من الدقّة، بغية الوصول إلى تحديد ألوان ورق معيّن وأليافه، وتحديد تأريخ استخدام هذه التقنيات المختلفة وأمكنتها. ولا ننسى هنا بناء سلسلة متماسكة من الوثائق التي يوضح بعضها بعضًا، فضلًا عن القيام بمجهود واسع ومحاولة ضبط التراث العربي الإسلامي في جميع مجالاته.

ليس غريبًا أنَّ علم المخطوطات يرتبط بمجموعة علوم أخرى موازية له، من بينها علم تطوّر الخطّ “الباليوغرافيا”. فعلى الرّغم من أنَّ هذا العلم أخذ مسارًا مختلفًا عن علم المخطوطات، فسبقه من حيث تحديد بنيته وأساسياته، واحتل بذلك مكانة متميزة، ولكنّه مرتبط عضويًا به.

ولا شكّ في أنَّ دراسة جادة لتطور الخطوط المستخدمة، لا بدّ من أن تأتي من خلال دراسة المخطوط ككلّ. فكيف تتمّ دراسة المخطوط؟ وما هي العناصر التي ينبغي تحديدها من خلال هذا الفحص؟

يُعتبر فحص المخطوط الأصلي ملزمًا لتحقيق وصف دقيق وشامل وحقيقيّ له، لأنه يؤمن العناصر التي لا تستطيع صورة مستنسخة عن الأصل تأمينها للغاية عينها.

أما العناصر التالية التي ينبغي تحديدها، فهي:

  • تحديد نوع الحامل: البردي، الجلد أو الرق، والورق، ودراسة خصائصها وتحديدها.
  • تحديد عدد الكراسات وقياس المجلّد والتعرّف إلى طبيعة خياطته.
  • دراسة التّسطير والأحبار وتحليل المقاطع الّتي حُذفت في حال كان بعضها محذوفًا.
  • تحديد أساليب التّزيين والتذهيب والإيضاحات والرسوم التي تزيّن المخطوطات.
  • تحديد طرائق التجليد وأنواع الجلود المستخدمة.

حوامل المخطوط

كُتِبت المخطوطات الأولى على ألواح البردي، وهي نوع من النباتات الَّتي تنمو على ضفاف النّيل، صنع منها المصريّون موادّ للكتابة، بحيث كانت نباتات البردي تعالج ويُستخرج منها صفائح رقيقة. وكانت هذه الصّفائح تُجمع ببعضها البعض بواسطة ألياف نباتيّة، فتشكّل صفيحة عريضة قابلة للكتابة.

وبموازاة استخدام البردي على ضفاف نهر النيل، عرف الرّقّ انتشارًا واستخدامًا أوسع نتيجة المادة الأولى المكوّنة له، وهي جلود الحيوانات. وبخلاف البردي الذي اقتصر إنتاجه على مناطق محدّدة، فقد كانت جلود الحيوانات متوافرة عالميًا، وكانت صناعتها سهلة نسبيًا. تُعالج جلود الحيوانات من خلال نقعها بسائل حمضيّ، ثم إزالة الشعر والدهون الملتصقة بالجهة الداخلية من الجلد.

بعد ذلك، يُشدّ الجلد بحبال ويُعلّق لينشف. تتضمَّن العملية أيضًا إزالة كل الشوائب الموجودة على الجلد، وإزالة الطبقات السميكة الملتصقة بجانبي الجلد، أي الجانب الخارجي وهو الشعر، والجانب الداخلي وهو اللحم. يميل الجانب الوبريّ إلى اللون الزهري، بينما يكون جانب اللحم أكثر بياضًا. تؤثّر مجموعة من العناصر، بحسب ديروش (2005)، في حالة المنتج النهائي المصنوع من الرق، وهي حالة الحيوان الصحّية، ومدى تعرضه لجروح أو كدمات أو غيرها، ونوعه (غزلان أو ماعز أو غنم)، وعملية الصناعة، ومهارة الصانع.

لقد أحدث انتصار المسلمين في معركة “طراز” على حاكم كوشا الصيني في العام 751م تحولًا كبيرًا في صناعة مواد الكتابة. تمَّ أسر مجموعة من صناع الورق الصينيين الَّذين جاؤوا بهذه الصّناعة معهم إلى سمرقند، وأسَّسوا أول مطبخ للورق في سمرقند.

ارتبطت هذه الصناعة الجديدة بمواد أولية مختلفة، وهي النباتات، فكانت عجينة الورق تجهّز من أوراق التوت، وتُصبّ في قوالب خاصَّة وتُجفّف. ما لبثت هذه الصناعة أن انتشرت في كلِّ أصقاع العالم الإسلامي مع تأسيس مجموعة من مطابخ الورق من بغداد ودمشق شرقًا حتى أقاليم إسبانيا الإسلاميّة غربًا. وللورق المصنوع في بلدان شرق المتوسّط، وهي البلدان التي شهدت بدايات هذه الصناعة اليدوية، مجموعة من الخصائص التي تشير إلى طريقة الصناعة اليدوية. أحدث انتقال هذه الصناعة إلى بلدان غرب المتوسط، ومنها إلى مدينة فابريانو في إيطاليا، قفزة نوعية في طريقة الصناعة التي بدأت تتحوّل لكي تكون آليَّة بدل العمل اليدوي الخالص.

وللورق الشّرقيّ، أي المصنوع يدويًا في بلدان شرق المتوسط، مجموعة من الخصائص المميّزة له، والَّتي يمكن تحديدها عند دراسته في مختبرات مخصّصة لهذه الغاية. يحتفظ هذا الورق بمجموعة من العلامات التي تؤشّر إلى طريقة صناعته، بحيث تظهر صورة المخطوطة على لوحة الضوء، وهي آلة تنتج ضوءًا يتيح رؤية ألياف الورق وبنيته الداخلية، ومجموعة الخطوط الممدّدة والخطوط المتسلسلة. هذه الخطوط هي علامات أنتجها التصاق عجينة الورق بالقوالب الخاصة التي تصبّ فيها العجينة وتترك عليها لتجفّ. تكون الخطوط الممددة للورق الشرقي متعامدة مع خياطة مجموع الكراسات وجمعها في كعب الكتاب، بينما تكون الخطوط المتسلسلة موازية لها.

يُعتبر الورق الشرقيّ ذا خصائص غير ثابتة أو مستقرّة، نتيجة اختلاف أحجام القوالب المذكورة أعلاه وطريقة صناعتها. لذلك، يكون لدينا أوراق شرقية غير منتظمة بسبب اختلاف صانعيها ومهارتهم في طريقة صناعتها. تحتفظ الأوراق الشّرقيّة ببعض الألياف النباتية، وقد تظهر عليها علامات وخطوط القوالب بطريقة عشوائية، وهي لا تحتوي علامات مائية تذكر اسم صانعها وختمه، وهي أكثر سماكةً من الورق الغربي المصنّع.

وقد كان لتطوّر صناعة الورق في أوروبا أثر في خصائصها الماديَّة، بعد أن دخلت الآلات في عملية التصنيع. أنتجت مطابخ الورق الَّتي انتشرت في الأنحاء بعد وصولها إلى مدينة فابريانو في إيطاليا في العام 1264م ورقًا أكثر تجانسًا، بحيث تظهر خطوطه السلكيّة والمسلسلة بوضوح وانتظام قلَّ نظيرهما في الورق الشرقي. كذلك، تميّز هذا الورق بإضافة العلامات المائية إلى القوالب، والتي تترك آثارها في الورق. وتُعبّر العلامة المائية عن هُويّة صانع الورق، وهي عبارة عن أشكال معيّنة أو أحرف تعرّف عنه.

كراسات المخطوطات

إنّ طريقة جمع الأوراق في المخطوطة مرتبطة بتقنيات مختلفة باختلاف مكان المخطوطة وطبيعتها، فبينما اعتبرت المخطوطات الشرقية بمعظمها خماسية، كانت للمخطوطات المنتجة في بلدان غرب المتوسط بنية وتركيبة مختلفة. مهما تكن البنية، فإنَّ أساسها مرتبط بجمع محدد للأوراق وطويها بطريقة تأخذ في الاعتبار حجم الكتاب المادي وكمية النصّ الذي يحمله.

يُجمع المخطوط على شكل كراسات محدّدة، ويعرّف الكراس بأنه “مجموع الأوراق المزدوجة المتداخلة بعضها ببعض، يجمعها مرور خيط واحد في التجليد”، وتعرّف الورقة المزدوجة باعتبارها “قطعة مستطيلة من المادة المستخدمة مطوية إلى نصفين” (ديروش، 2005 : 123).

بهذه العمليَّة، نؤسّس لمجموعة من الكراسات بحسب عدد الأوراق المزدوجة فيها، فالكراس الأحادي يتألَّف من ورقة مزدوجة واحدة مطويّة إلى نصفين، والثّنائية من ورقتين وهكذا. وتكون الوحدة الكبرى هي الكراس الثماني المؤلّف من ثماني أوراق مطوية.

إنَّ تحديد عدد الكراسات وطبيعة الكراس الواحد يعدّان عنصرًا أساسيًا في وصف المخطوطات، فيتمّ تحديد عدد الكراسات بالأرقام العربيّة، يتبعه رقم الكراس بالحروف الرومانية، ثم عدد الصفحات كما هو محدّد في المخطوط بذاته. هذه العملية تبدو واضحة في مثال 6V (60)، الَّذي يعني مخطوطًا مؤلفًا من ستة كراسات خماسية تؤلف ستين صفحةً.

التسطير وإخراج الصّفحة

إنَّ عملية إعداد الصفحة وتهيئتها لاستقبال النصّ يعدّ فنًا هندسيًا بحدّ ذاته، فقبل البدء بعمليّة النسخ تنظم الصفحة باعتبار طبيعة النصّ الذي سيُكتب عليها. لذلك، تسطر الصفحة بعدد محدّد من الأسطر، وتحدّد المسافات على هوامش الصّفحة كافّة. في المخطوطات المصنوعة من الرق، تُستخدم آلة تسمى “المنحت”، وهي عبارة عن سنّ جافّ، للحصول على علامات أو أسطر على الرقّ توجّه الكتابة عليه. إثر إنتاج الورق المصنوع من ألياف النباتات، أصبحت الورقة تسطّر بآلة تسمى “مسطرة”، وهي عبارة عن إطار خشبي فيه مجموعة من الخيوط المصنوعة من جذوع النباتات موصولة بجانبي الإطار. يوضع هذا الإطار تحت الورقة، ويتم فرك الصفحة أو حكّها بأصابع اليد، فتترك هذه الخيوط آثارها في الورق إثر هذه العملية.

يُعدّ التسطير مهمًا لإنتاج سطور مستقيمة ومنتظمة، وهو بذلك يحدّد طريقة كتابة النص والهوامش ومكان الزخارف فيها، وبالتالي يساهم في توجيه عمل المزخرفين.

أنواع الخطوط

للخطّ المستخدم في المخطوطة أهمية كبرى في تحديد تاريخها، لأنَّ الخط العربي تطوَّر كثيرًا مع الزمن، وهذا ما تظهره أنواع الخطوط العربية الكثيرة التي تزخر بها المخطوطات. لذلك، صار للخطوط القديمة علمها الّذي يدرس تطوّرها مع الزمن، ويُسمى “باليوغرافيا”. ويستطيع الخبير الببليوغرافي أن يحدّد زمن كتابة ما وتاريخها وأصلها. استُخدم الخطّ الحجازيّ والكوفيّ في أوائل المخطوطات العربية، وهذان الاسمان يشيران إلى المنطقة الجغرافية التي ينتميان إليها، أي الحجاز والكوفة.

إلى ذلك، أحدث تطوّر الخطوط إثر استخدامها في أكثر من منطقة وزمان نشأة العديد من الخطوط الأخرى، ومنها النستعليق في بلاد فارس، والديواني في بلاد الأتراك. ترجع تسمية الخط الديواني إلى ديوان السلطان العثمانيّ، لكونه استخدم بكثرة في المراسلات السلطانية. كذلك، يُعبّر الخطّ المغربيّ عن ميزة بلدان المغرب العربي الواقعة غرب البحر الأبيض المتوسّط. ويُعتبر خط النسخ من أكثر الخطوط استخدامًا، وهو لا يزال مستخدمًا إلى اليوم، بخاصَّة في النصوص القرآنية.

الزّخرفة والتّجليد

إضافةً إلى الخطِّ الَّذي يشكّل لوحة فنيّة على الورق، نتيجة جمالية الخطوط العربية كافّة وفرادتها، فقد أضافت الزخارف جمالية إلى المخطوطات، من خلال الرسوم والأشكال التي صاحبت النصّ. لم تتم إضافة الرّسومات في المخطوطات الأولى، بل انتشرت مع انتشار المنمنمات في البيئتين العثمانية والفارسية. وبينما كان العثمانيون يضيفون رسومًا للزهور والنباتات فقط، كان الفرس يضيفون رسومًا للحيوانات أيضًا. بذلك، نجد أنَّ هذه التأثيرات التركية والفارسية جعلت المخطوطة قطعة فنية.

وللتَّجليد أيضًا فنّه الخاص، فهو إضافةً إلى تحقيقه الغاية الأساس منه، والمرتبطة بحماية المخطوطة من التلف، نجد أنه أضاف للمخطوطة رونقًا، وعبّر من خلال طريقة صناعته عن الفترة الزمنية التي كُتبت فيها. فكما أنَّ طبيعة الورق والخطّ تشكّل مؤشرًا مهمًا لتحديد تاريخ المخطوطة، يمكننا أن نضيف التَّجليد كعنصر يصاحب هذه العناصر.

تطوَّرت صناعة جلود الكتب، وتطوَّرت معها أساليب تزيينها وتزويقها وزخرفتها، لكونها أوَّل ما تقع عليه العين من المخطوطة، فطريقة صناعة الجلود موازية ومرتبطة بنوع الورق، كما بالخطِّ المستخدم. بينما كانت الجلود الأولى مصنوعة من قطعة رقيقة من الخشب مغطّاة بقطعة من جلد الحيوان من دون أي إضافات أخرى، كان لتطور الصناعة تأثير كبير في شكل الجلد. أضيفت بعض الزخارف على الجلد، وكانت بدايتها على شكل إطار ذي حواف أو جوانب مائلة، ثم أضيفت الرسوم والزخارف والأشكال الهندسية لاحقًا.

دراسة هذه العناصر متعة كبيرة لخبير المخطوطات الذي يستطيع من خلالها أن يجمع معلومات جديدة ويوثقها ويستخدمها في سياق الوصول إلى تحديد تاريخ هذه الصناعة الحرفيّة وأساليب تطورها عبر العصور وفي البلدان.

ولا شكّ في أنَّ التراث العربي غنيّ بغنى الإنسانية جمعاء، ومخطوطاته موزّعة في شتى أصقاع الأرض، نتيجة عوامل شتى. لذلك، فإننا، كمهتمين بالحفاظ على هذا التراث، نتحمل مسؤولية كبرى تجاه الحفاظ على صناعته أيضًا.

قد تساهم دراسة هذه العناصر بتراتبيتها المعروضة أعلاه في سبر أغوار هذه الصّنعة والحرفة، وتقع هذه العملية على عاتق المكتبيين والأرشيفيين، باعتبارهم متخصّصين في دراسة هذه المخطوطات والحفاظ عليها.

___________________________________________________________________________________________________________________________________________________________

المراجع:
1- جاسك، آدم، المرجع في علم المخطوط العربي، القاهرة، معهد المخطوطات العربية، 2016.
2- ديروش، فرانسوا، المدخل إلى علم الكتاب المخطوط بالحرف العربي، لندن، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 2005.
3- شقرة، ليندة، علم المخطوطات أو الكوديكولوجيا، مجلَّة الكتاب، عدد 3، 2007.

___________________________________________________________________________________________________________________________________________________________

لتحميل المقال بصيغة PDF: الكوديكولوجيا أو علم المخطوطات

___________________________________________________________________________________________________________________________________________________________

*فاطمة البزال: اختصاصيَّة في مجال المعلومات والمكتبات، ومفهرسة في مشروع النهوض بالمكتبة الوطنية اللبنانيَّة. حائزة على ماجستير في إدارة المعلومات، وهي مدربة في مجال الفهرسة والتكشيف الموضوعي.

للتواصل عبر الإيميل: fatimaalbazzal@gmail.com

أرشيفو  11 بصيغة PDF 

اقرأ أيضًا: 

عن الكاتب


اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تتميز بـ *


يمكنك استخدام HTML وسوم واكواد : <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>