كلمة كارين عاصي مديرة المركز الوطني للأرشفة والتوثيق
أنشئ المركز الوطني للأرشفة والتوثيق في العام 2012 نتيجة كفاءتنا واهتمامنا بعلم الأرشفة والتوثيق ونقل المحفوظات من أرشيف مبعثر الى أرشيف منظم وممكنن ومصور.
ولأن الارتباط هو وثيق بين الإنسان والمحفوظات فهي إذا أصبحت نتاجه منذ ظهوره على الأرض وتأقلمه مع الطبيعة، وهي الأثر الباقي لتفاعله مع مقومات الحياة منذ الخلق وحتى هذه اللحظة، إلى أن أصبح يعتمد على الفكر والمعرفة.
ولأن المحفوظات المرتبة والجميلة ولكن غير المنظمة ترضي العين ولا تشبع الفكر، فتنظيم المحفوظات لا يعني تأمين مكان خاص بها في مستودع الحفظ ليصبح التنظيم أمرًا واقعًا ومؤمنًا، لأن المقصود به هو تنظيم حفظها بشكل سليم، وتأمين الإستفادة منها بشكل سريع، والقدرة على توثيق مواضيعها بشكل دقيق، وذلك من خلال مجموعة من المبادئ والأصول والخبرة التي صنع لها المركز الوطني للأرشفة والتوثيق دراسات علمية تحمي تراثًا غاليًا وتساعد مجتمعًا فعالا في تنظيم محفوظاته.
لعب مركزنا دورًا هامًا ورئيسيًا بتنظيم المحفوظات والوثائق، ويتجلى هذا الدور بتحويل كل الأصول والعمليات والنظم المطبقة على المحفوظات وتطويرها من واقع جامد إلى علم متحرك على الصعيد النظري الفكري، وعلى الصعيد العملي التطبيقي ووضع أسس لها، تبدأ بفرز المحفوظات وتنظيمها باعتماد منهجية مرتكزة على المبادئ.
إن وجود هذا المركز الأول من نوعه واختصاصه في لبنان، هو دليل عناية وتقدير على أننا نسير في الاتجاه الصحيح على صعيد الأرشفة والمكننة، لكل ما هو متعلق بيومياتنا وتاريخنا وتراثنا.
إن المحفوظات هي الرفيقة الملازمة للإنسان منذ التاريخ، وهي الحامي الأساس لحضارته وتراثه في أي شكل كانت وفي أي زمن، لأنها النافذة على التاريخ قبل تدوينه، وهي حافظة للتراث الذي تستعيده الأمم في كل وقت، مهما كان وكيفما كان هذا التراث العزيز عليها لأنه نتاج تاريخها، ومراحل وجودها، وصورة مجتمعها المتغيرة أو المستمرة، من عصر إلى عصر.
إن التراث مهما كان، لا يقاس بالسنوات والعصور فحسب، بل بالمعاناة المؤثرة في كنه الإنسان وجوهره، وهنا يبرز دور المحفوظات في التعبير عن هذا التاريخ السحيق للحضارات والتراث، وعن التفاعل المتواصل بين الإنسان ومقومات حياته.
إن المركز الوطني للأرشفة والتوثيق، يضع كافة إمكانياته بتصرفكم علنا نصل إلى حفظ وكتابة تاريخنا كما هو لأن الدول والشعوب التي ليس لها تاريخا لا مستقبل لها.