مقالات

رواية جو:كسر للإذلال

علي الديري: رواية جو… كسر للإذلال

“أنا شاب بحريني، أحببت وطني كما أحب أمي، وكنت أظنهما شيئاً واحداً، فالوطن هو حيث يكون المرء في خير كما يقال، وأنا أكون بخير طالما أنا في حضن أمي”

جهاد

ماذا يريد السجين السياسي؟

يريد كسر إرادة إذلاله، هذا ما أراده (جهاد) معتقل سجن (جو) المركزي في البحرين، لقد كتب روايته عن أحداث 10مارس/آذار 2016، بقصد كسر الإذلال الذي تفنن في تجريعهم إياه الدرك الأردني وقوات الشغب والأمن والمخابرات من البلوش والباكستانية واليمنيين والبحرينيين.

أراد أن يداوي جرح كرامته وكرامة 1004 من سجناء (جو) بهذه الرواية. كتب (جهاد) من السجن ذاته الذي ما زال فيه، أول كلمة في هذه الرواية في 10/فبراير/شباط/2016م، وكتب آخر كلمة منها في اليوم العالمي لحرية الصحافة والإعلام في 3/مايو/أيار/2016م.

وسط حالة الترقب والترصد والبحث عن مكان موارب وسط ضجيج السجناء واكتظاظهم، ظل (جهاد) طوال 84 يوماً يكتب روايته، ويهربها أوراقًا متناثرة، استهلك 10 أقلام حصل عليها بشكل متقطع، وبصعوبة شديدة، وأما الأوراق والدفاتر فكانت نادرة الوجود، ولا تتوافر في دكانة السجن دائماً، الأمر الذي يتطلب الانتظار. في المحصلة احتاج إلى 5 دفاتر، ليكتب هذه الرواية التي صدرت هذا الأسبوع عن مرآة البحرين  في 350 صفحة.

في رواية اليوم الأول من أحداث 10مارس الشهيرة، يروي لنا أحد مشاهد الإمعان في الإذلال، ففي منتصف الليل، يتقدم الوكيل يوسف إلى منتصف ساحة السجن الخارجية، قائلاً: الآن أريد أن أسمع منكم صوتاً يهزُّ المكان بترديد شعار “عاش عاش بو سلمان[ملك البحرين]” عاش عاش من؟! ردَّ بعض الذين كانوا قربه بصوت منخفض: بو سلمان. صرخ الوكيل: ما هذا الصوت! أريد أن أسمع الجميع يُردِّد، وإلَّا سألقنه درساً لن ينساه.

ضجَّ الناس خوفاً من إرهابه بترديد الشعار، وهو يصرخ فيهم: أعلى أعلى! هم أرادوا من ترديد الشعار كسر عزيمة المعتقلين السياسيين وإذلالهم لمعارضتهم النظام والملك، ولكن الشعار تحول إلى مناسبة للسخرية والضحك، فبعض السجناء كانوا يقولون بصوت منخفض جداً: مات.. مات. وثم يرفعون صوتهم بقول: بو سلمان. والبعض الآخر كان يقول: عاش عاش علي سلمان. قاصدين بذلك زعيم المعارضة وأمين عام جمعية الوفاق.كانت هذه الأصوات لا تُسمع مختلفة عن الآخرى بسبب الصوت العالي والمساحة الكبيرة والصدى، وقد تعمَّد السجناء فعل ذلك، لأنَّه لابُدَّ أن تردّد شيئاً أو تحرك شفتيك.

كان هذا أحد أشكال المقاومة ومحاولة كسر إرادة الإذلال، لكن موجة العنف كانت أبشع من أن تتمكن أجساد السجناء من تحمله، خفتت أصواتهم مع تعاقب نوبات التعذيب عليهم طوال ثلاثة شهور ليلَ نهارَ، وظلت أرواحهم تغالب الانكسار وتشد بعضها بعضا.

في نهاية الأسبوع الثاني من أحداث 10 مارس، أوقف الوكيل الأردني السجناء في برد الليل القارص عراة إلا من سراويلهم، يرافقهم وكيل أردني آخر، يحمل خرطوم ماء أخضر نزعه من أحد الحمامات، وراح يلوح به في الهواء: الكل يشلح أواعيه.

كان أفراد من الدرك الأردني واقفين عند حنفية ماء الشرب البارد، يملأ أحدهم دلواً من الماء. لحظات وصرخ على سجين نصف عار: على بطنك على الإسفلت البارد، ثم قام بسكب دلو ماء بارد على جسد السجين العاري، فانتفض وارتجف مثل سمكة تحتضر أُخرجت للتوّ من الماء! بعد ذلك أمره بالتدحرج على الإسفلت والوحل مسافة 10 أمتار تقريباً إلى زاوية الخيمة، ثم أمره بسكب الماء على زملائه السجناء، جاعلاً أحد أفراد الدرك الأردني حرساً على رأسه، هكذا استمرت الحفلة.

كان (جهاد) في هذه اللحظات يسأل نفسه مقهوراً: لماذا نستجيب له؟ لماذا لا نعصي أوامره؟ فباغته الوكيل بخرطومه الأخضر على جسده العاري، صار يتلقاه بصمت، فالبرد أفقده الإحساس بالألم وبالماء البارد.

يخبرنا (برتران بديع) في كتابه الصادر حديثا (زمن المذلولين..باثولوجيا العلاقات الدولية) أن الإذلال يقوض العلاقات بين الدول وبين الدولة ومواطنيها، وهو يعبر عن حالة تحتاج تشخيص مرضي (باثولوجيا).

طاقم المعذبين الذين يستعينون بشعارت الطاغية لذل المواطنين، يعبرون عن سلطة مريضة نفسيًا، تعاني من حالة باثولوجية، فتُنَفس عن مرضها بإذلال مواطنيها، ويتحولون إلى ضحايا، منهم من تذلهم بالتمييز ومنهم من تذلهم بما تمن به عليهم من مكرمات ومنهم من تذلهم بالاستجداء، ومنهم من تذلهم بتحويلهم إلى موالاة عمياء، ومنهم من تُفقدهم الحياة الكريمة، فيموتون أحياء.

جهاد ليس في خير، فوطنه ليس في خير، وأمه ما زالت تنتظر أن يأتي الخير في صورة وطن يجمعها على ابنها، لتلملم جروحه الكثيرة.

رابط الموضوع

الهروب من الوحش

باسمة القصاب*

أعترف أني شعرت بنوع من التثاقل، قبل البدء بقراءة كتاب الصديق علي الديري، الصادر عن مركز أوال للدراسات والتوثيق «إله التوحش.. التكفير والسياسة الوهابية» رغم إدراكي أهمية هذا الكتاب والعمق الذي يحويه. أقول تثاقلت، لأن التوحش الذي نغرق فيه، يجعلني -مثل غيري- نبحث عن كتاب نهرب به عن هذا الواقع الكريه، إلى نصّ أنيس، لعلّه يعيد لنا شيئاً من إنسانيتنا المفقودة، أو ينعش فينا حرارة الحب التي غابت عن قلوبنا وجوارحنا. وربما لأني أعتقد أن الخروج على الوجه القبيح للعالم يبدأ من إشاعة الحب، لا من إعادة نبش هذه النصوص القبيحة، كان داخلي يقول: قراءة نصوص هؤلاء المتوحشين، توحش آخر.

لكن ما إن دخلت، حتى وجدتني انزلق في قراءة سلسلة، ما يشبه رواية تاريخية مشوّقة ومتعمّقة، وإن كانت موجعة، رواية تعرض سيرة رجل وسيرة دولة، تمر عبر اتفاق تاريخي مفصلي، وقع شفاهة بين رجلين: رجل ملّة ورجل دولة. كان الأول بحاجة إلى قوة السلاح لينشر دعوته، والثاني بحاجة إلى العزّ والتمكين. هكذا أطلق رجل الدولة القوّة في يد رجل الملّة، مقابل ما وعده به الأخير “وأنا أبشرك بالعز والتمكين والنصر المبين”. كان ذلك اتفاق الدرعية في العام 1744م، بين الشيخ محمد عبد الوهاب، والأمير عبد العزيز بن سعود.

هذا التناول، صيغ بحسّ نقدي عميق، حسّ لا كراهية فيه، تناولٌ يتمنى تقديم مراجعة نقدية تؤسس لاستئصال هذه النصوص، التي لا ترينا غير صورة إله متوحش غريب، ودين روحه الكراهية والتقتيل.
لا يحمل هذا النقد مناكفة من ابن طائفة لطائفة أخرى، فعلي الديري الذي عُرف بمناكفته الثقافية اللاذعة لطائفته الاجتماعية ونقدها، لا يتناول في كتابه هذا طائفة تكفّر طائفة أخرى، بل (عقيدة) تكفّر المختلف وتستبيح دمه وماله وحلاله، مهما كان هذا الآخر مشتركاً معها في الطائفة نفسها، أو مختلفاً عنها في المذهب أو الدين. إنها عقيدة متطرفة عنيفة مبنية على البراءة والكفر، فمن لا يؤمن بـ(لا إله إلا الله) على طريقتها في التوحيد يُكفّر.

يأتي هذا الكتاب متقاطعاً ومتكاملاً مع كتابه «نصوص متوحشة» الذي صدر في 2015، فالديري مشغول بمحاولة فهم جذور التوحش الذي نعيشه اليوم، أو الوحش الذي سرق وجوهنا. وهو ينطلق من فرضية تقول أن خلف كل صراع عقائدي تقتيلي وتكفيري، أصل سياسي: “فتش في كل خلاف حول التوحيد وما يتصل به من صفات الألوهية عن السياق السياسي، لتفهم هذا الخلاف، وكذلك إذا أردت أن تفهم صراعات الفرق العقائدية والكلامية، فتش عن السياق السياسي”. ليس هناك أقوى من أن تضرب خصمك السياسي في عقيدته لتخرجه من الإسلام، فتشرعن قتله وتبيح التخلص منه.

يتتبع الديري في كتابه الأخير، كيف تحول كتاب دعوة هو «كتاب التوحيد»، إلى وثيقة حركة سياسية ودينية، ودستور دولة لاحقاً. وكيف صارت تلك (الدعوة) عقيدة حرب واختصام توسّع باب الشرك، وتفتح باب الكفر. كيف جُرّد مفهوم التوحيد من كل معاني الوحدة والإيمان ولم يعد يمثّل غير الخصومة والتبرؤ والتكفير والمحاربة فقط. وكيف جُرّد مفهوم الإسلام من كل معاني السلام، حتى أصبحت رسالته محصورة في الجهاد فقط. وكيف جرّد جميع المسلمين ممن هم خارج هذه (العقيدة) من الإسلام، حتى صار الاستثناء من الإسلام هو الأصل.

إنه ليس نبشاً للتاريخ، فالنبش يقتضي أن يكون المنبوش ميتاً أو منتهياً، لكننا هنا أمام حاضر له امتداد تاريخي. أمام نصوص معاشة وحيّة تعمل على تشكيل أتباعها وصياغة عقيدتهم وتوجيه تكوينهم وعلاقتهم بالآخر. نصوص لم يتم تجاوزها كتاريخ، بل ما زالت تدرس في المدارس وتنشر وتترجم وتعاد طباعتها وتوزيعها والتبشير بها والدعوة إليها في الداخل والخارج.

إنه الوجه الحقيقي الذي يلاحقني في حياتي ولا أستطيع الهروب منه مهما ذهبت إلى نصوص السلام والحب ونمت محتضنة إياها لعلها تراودني في أحلامي على هيئة حمامات سلام بيضاء.  ومهما هربت، عندما أستيقظ صباحاً، لن أرى غير جرائم الوحش وهي تزلزل أسى العالم!

*كاتبة من البحرين

رابط الموضوع

هكذا تذكر محمد جواد ظريف

هكذا تذكر محمد جواد ظريف في “سعادة السفير”

هذا الكتاب هو مذكرات محمد جواد ظريف إذ إن دراسة سيرته تقدم نموذجًا قيّمًا لدراسة سلوك الدبلوماسيين الإيرانيين مع العالم الخارجي، ضمن إطار السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

صدر أخيراً عن مركز أوال للدراسات والتوثيق في بيروت كتاب لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بعنوان “سعادة السفير”.

هذا الكتاب ليس سيرة ذاتية تهدف لذكر الجيد والسَيِّئ، وبالنتيجة الحكم على طبيعة وعاقبة صاحبه، كما أنّه ليس تاريخًا شفهيًا كما هو متعارف عليه اليوم. وعلى الرغم من احتوائه الكثير من هذين النوعين، إلّا أنّ القصد الأساس منه، هو فهم السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية على أرضية تجربتها التاريخية، لا سيّما وأنّ العلاقات الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في التاريخ المعاصر مرّت بمراحل حسّاسة وظروف صعبة، لا سيما بعد انتصار الثورة الإسلامية.
في تلك المرحلة، وبموازاة عزل الكثير من موظفي ودبلوماسيي نظام الشاه محمد رضا بهلوي، كان من الضروري الاستفادة من قدرات وتجربة جيل جديد من الشباب الثوري وتوظيفه بسرعة في الأجهزة التنفيذية والعلمية للنظام الحاكم الجديد.
هذا الكتاب رواية شفهية لأحد هؤلاء الشباب الثوريين الذين تشكّل سيرة حياتهم السياسية جزءًا من تاريخ الدبلوماسية الإيرانية، ويمثل التأمل في سلوكهم الحرفي أحد أفضل الطرق لفهم السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وهو محمد جواد ظريف.
حضور ظريف في الأمم المتحدة لمدة ربع قرن جعل منه شخصية دولية ممتازة. بدايةً، كان هذا الحضور في السنين الأولى بعد انتصار الثورة الإسلامية، حينما كان طالبًا في مرحلة الدكتوراه في جامعة كولومبيا، وجامعة دنفر كموظف محلي في البعثة الإيرانية في نيويورك، حتى أصبح السفير الأول والمندوب الدائم للجمهورية الإسلامية فيها.
إن سعي ظريف الدولي لاسترجاع حقوق إيران إبّان الحرب العراقية – الإيرانية، والمناقشات المتعلقة بالقرار 598 ، وكذلك المناقشات المتعلقة بالنشاط النووي الإيراني مع الدول الغربية، وأهمية دوره في مناقشات مؤتمر بون الأول فيما يخص مستقبل أفغانستان، ثمّ العراق، قبل وبعد الغزو الأميريكي لهما؛ وعضويته في فريق الشخصيات البارزة الرفيعة المستوى للأمين العام للأمم المتحدة في مشروع حوار الحضارات، وترؤسه للعشرات من المسؤوليات الجزئية أو المصيرية دوليًا، وحضوره في المجتمع الأميركي وقدرته على التأثير على الرأي العام والإعلام فيه، جعلت القاصي والداني مقدّرًا لدوره.
لقد حاز سعي ظريف الدؤوب للدفاع عن أهداف وقيم نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقدرته على إقناع نظرائه، مرارًا على تقدير السلطات العليا، ليس في إيران وحسب، بل إنّ كثيرًا من الإعلاميين والشخصيات الدولية كانت السبّاقة في ذلك. الاحتفال المهيب لتوديعه في مقرّ الأمم المّتحدة والصف المزدحم بزائريه الأجانب شاهدان على ذلك، بل إنّ الاحتفاء به وصل إلى أن يكتب هنري كيسنجر ـ وزير الخارجية السابق للولايات المتحدة الأمريكية ـ في الصفحة الأولى من كتابه «الدبلوماسية» حين إهدائه: «إلى عدوي المحترم محمد جواد ظريف».
يُعَد هذا الحوار الذي امتدّ لأكثر من أربعين ساعة مع الدكتور محمد جواد ظريف ـ الدبلوماسي والسفير السابق لإيران في الأمم المتحدة ـ من التجارب التي لا يُحتمل تكرارها بسهولة. رواية جزئيات الدبلوماسية الإيرانية بلسان ظريف الذي  هو بلا شك أحد أبطال هذا المجال في عصره، مِصداقٌ كامل للسهل الممتنع. سهلٌ؛ لأنّ ظريف يتمتع بشخصية عطوفة، مؤدّبة، بسيطة ومتواضعة، ويظهر هذا العمل عند التعرّف عليه سهلًا، لكنّه ممتنعٌ؛ لأنّ ظريف في مجال تخصصه الحرفي جاد، متابع، منظم، وملتزم بالقيم والأصول التي يعتقد بها.
أثناء الحوار، كان ظريف يتجاوب مع ما يرويه، تستشعر منه الإحساس بالأحداث، كأنّها اليوم، وليس بوصفها أحداثًا جرت منذ أمدٍ بعيد. فهو يحزن ويكتئب من تلك الأحداث التي يراها جانبت الصواب، أو أنّ النجاح فيها كان جزئيًا، ويغضب لعدم استفادة الموظفين الجُدد في وزارة الخارجية من التجارب والأخطاء التي ارتكبها السابقون. وحين يأتي الحديث عن إيران وسيادتها ونجاحه وزملائه في الدفاع عن مصالحها الوطنية، يفرح بتواضعٍ لتلك الذكرى الباعثة للافتخار والغرور. وبحسب الضرورة، وبنظرة دقيقة، يناقش وينتقد الأحداث، ومنها ـ من دون استشعار الحرج ـ ما يتعلق بسيرته أو بالجهاز الدبلوماسي، وما كان يُعتقد في بداية العمل الدولي. معظم جلسات هذا الحوار ـ عدا تلك التي كانت في جامعة آزاد الإسلامية ـ كانت في غرفته في كلية العلاقات الدولية في وزارة الخارجية؛ من شتاء العام 2010 وحتى ربيع العام 2012. واختلفت مدّة الجلسات بين أقل من ساعة وأكثر من ثلاث ساعات؛ إذ لم يكن من السهل الحصول على موافقة ظريف لهذا الحوار، حيث إنّه لم يقبل بأيّ حوار أو خطاب عام منذ رجوعه من آخر مَهمَّة سياسية في نيويورك. فقد اقتصرت محاضراته ـ في كلية العلاقات الدولية بوزارة الخارجية ـ على تحليل المواضيع والأحداث من ناحية أكاديمية. وقد اشترط لبدء الحوار عدم تناول الوثائق السريّة وأسرار النظام، وخصوصًا ما تعلق بالمناقشات المرتبطة بالشأن النووي، ولم يكن من السهل تجنّب هذه القيود. ودراسة سيرة ظريف والانتباه للجوانب الإيجابية والسلبية لعمله، تقدم نموذجًا قيّمًا لدراسة سلوك الدبلوماسيين الإيرانيين مع العالم الخارجي، ضمن إطار السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. الخصال العامة والخاصة لعلاقة إيران بالعالم والتقارب والتباعد التاريخي في السياسة الخارجية والعنصر الجيوسياسي وتأثيره في القدرة الإقليمية لإيران والقراءة الثورية للأحداث الدولية والمستقاة من تعليمات التشيع والميزة الواضحة للدبلوماسيين والدبلوماسية الإيرانية عند مقارنتها بالمعايير العالمية ونظام الحوار الخاص ومستويات مختلفة من التباين والصراع حتى الاشتراك والتعاون، هي نقاط سترافق القارئ في رحلته في هذا الكتاب.

نعم أنا الوحش وهذه قصتي

السعودية حين تحكي: نعم أنا الوحش وهذه قصتي

تحتاج نصوص التكفير إلى تفكيك، لا إلى تفسير أو تأويل. يحفل التراث الإسلامي بنصوص التكفير، لكن لا تكمن الخطورة هنا، بقدر ما تكمن في النصوص التكفيرية التقتيلية، هنا يكمن الوحش الذي يلاحقه الباحث البحريني علي الديري.

في مساره البحثي سعى إلى تثبيت فرضيته التي ينطلق منها:التكفير مشروع قتل يُمليه صراع سياسي”. أفرز هذا المسار عن إنتاج كتاب نصوص متوحشة… التكفير من أرثوذكسية السلاجقة إلى سلفية ابن تيمية”(عام 2015)، لاحق فيه نصوص التوحش من خلال ثلاثة نماذج متمايزة من حيث وجودها الجغرافي ومن حيث ظهورها الزماني، أبي حامد الغزالي في بغداد وابن تومرت في المغرب العربي، إضاف إلى ابن تيمية في الشام. في النماذج الثلاثة نجح الديري في إثبات أن سياقات التكفير المتوحش أتت كنتائج فرضتها الظروف السياسية.

يستكمل الديري مساره البحثي، هذه المرة بكتابه الصادر عن مركز أوال للدراسات والتوثيق “إله التوحش.. التكفير والسياسة الوهابية”، متوقفاً عند باعث وجوه التكفير المتوحش “محمد بن عبد الوهاب”.

تناول الديري سيرة ابن عبدالوهاب من خلال مصادره الرسمية. غاص في المصادر التي عاصرت ابن عبدالوهاب وأرّخت له، وفكك نصوصه نفسها، ليقدم لنا الهوية السردية للتوحش.

أواخر العام 2015، وبمشاركة الدكتور علي الديري انطلقت حلقة الدراسات الوهابية، التي تناولت سيرة محمد ابن عبدالوهاب، ومسار ما عُرف بـ “الدولة السعودية الأولى”. اعتمدت الحلقات البحثية على المصادر الرسمية التي عاصرت ابن عبدالوهاب، والتي لاتزال تطبعها دارة الملك عبدالعزيز، المهتمة بتوثيق تاريخ المملكة العربية السعودية وشبه الجزيرة العربية. شكلت كتب المؤرخين حسين ابن غنام وعثمان بن بشر، أهم المصادر التي اعتمدتها الحلقة. ورغم التنقيحات المتكررة التي أُدخلت على هذه المصادر في طبعاتها المتعددة، ظلت هذه الكتب تحمل تعقيدات مزعجة تتعلق بمعجمها التكفيري وحوادث العنف التي تسردها  كبطولات للآباء المؤسسين للدولة والدعوة.

في كتابه “إله التوحش التكفير والسياسة الوهابية”، نجح الكاتب في تفكيك هذه السردية. وإلى حد كبير تميّز بقدرته على استلاب اهتمام القارئ بسلاسة وجاذبية هي بعيدة كل البعد عن جمود التوحش الذي يستلزمه تناول موضوع للتكفير.

القارئ الذي لا يعرف سيرة محمد بن عبدالوهاب ولا سيرة رجال الدولة السعودية الأولى، سيهوله حجم العنف والتوحش المروي في هذه المصادر الرسمية، والقارئ خصوصا السعودي المشبع بهذه السيرة التي يدرسها ضمن تربيته الوطنية والدينية باعتبارها صاحبة الفضل في تأسيس هذه الدولة، ستصدمه أسئلة الكتاب النقدية، فهي أسئلة صادمة للوعي السعودي، فالكتاب يخاطب: من يرفض التكفير، ومن يقدس رجالاته.

أتوقع أن كل الأسئلة التي يفتتح بها الديري كل فصل من فصول الكتاب، ستشكل  صدمة للوعي السعودي الذي تربى على التعاطي مع سيرة محمد بن عبدالوهاب كمقدس، أو التي تعاطت مع سيرته على أنها سيرة مقدسة للرجل الذي “أحيا الدعوة النبوية”، وشكل الهوية الدينية والوطنية. وهذه هي بحسب تسمية الباحث (الهوية السردية) التي سرد قصصها (تاريخ ابن غنام) بشكل يفضي إلى المفخرة والاعتزاز بأمجاد وغزوات وفتوحات جيش الدرعية. على وقع هذه السردية تربى العقل السعودي وعلى وقائع غزوات جيش المسلمين كما يسميهم ابن غنام، تكون وجدان هوية المواطن السعودي.
نجح الديري في تعرية هذا المقدس وبالتالي نجح في ضرب أو تهشيم صورة هذه الهوية، دون أن يقع في فخ الأدلجة ودون أن ترتد إثاراته سلباً على قوة ما نقله.

في كتابه يسأل علي الديري: كيف يرى الذين وقع عليهم الغزو من قبل ذوي الإسلام (حسب تسمية عنوان كتاب ابن غنام) هويتهم اليوم؟

من هم “الذين وقع عليهم الغزو”؟ أليسوا هم أنفسهم من يدرسون اليوم سيرة ابن عبدالوهاب كهوية مقدسة لـ”الأمة السعودية”؟ أليسوا هم أنفسهم من يدافعون عن السيرة التي توثق وقوع الغزو على أجدادهم الذين اتهمهم محمد بن عبدالوهاب بالشرك والكفر؟

ما الذي أراده الديري من خلال سؤاله هذا؟ لعلها الصدمة التي ستسهل تهشيم شي من السردية السعودية لسيرة الرجل. وهي الصدمة التي ستشكل استفزازاً يستدعي اهتمام القارئ لمعرفة ما يود الكاتب قوله… وبمعزل عن النتيجة فإنه سيسجل للكاتب أن فتح منفذاً في العقول التي دُجنت على تقديس سيرة محمد بن عبدالوهاب، وأنه نجح في إحالة هذا المقدس إلى النقد الذي يهشم صورة هذه القداسة .

“أين هم الذين كان سيف ذوي الإسلام ضدهم؟ أين مكانهم في هذه الهوية؟”

“من هم الذين يقعون خارج الأمة التي رسم حدودها محمد بن عبدالوهاب؟”

يطرح الديري سؤاله من ضمن إثاراته النقدية، هو يسأل بالفعل عن مكان المكونات السعودية غير المتوافقة مع أطروحات ابن عبدالوهاب في الخارطة السعودية المجتمعية. ينتقد حدود الأمة التي رسمتها معتقدات ابن عبدالوهاب، والتي شكلت لاحقاً دولة ضمت كفاراً ومشركين أُعملت سيوف الوهابية في رقابهم باسم التوحيد. ويتساءل عن هوية المجتمع التي محتها الدولة السعودية الأولى، لتعيد صياغتها مجدداً على مقاس دعوتها الدينية ومصالحها السياسية. يغيب عن هذه الهوية السردية (أو المسرودة من قبل ابن غنام)  كل ما قبل ابن عبدالوهاب، ويغيب عن هذه السردية كل ما هو متعلق بتاريخ وهوية كل من ناوئ أو عارض الرجل. لعل الديري يسأل السعوديين اليوم:

أين تاريخكم الذي استبق ظهور ابن عبدالوهاب؟

أين الإنتاجات الفكرية لمجتمع الأكيد أن عمره لم يرتبط بولادة ابن عبد الوهاب فقط؟

كيف كانت نجد، التي وصفها مؤرخو المملكة بأنها كانت بلاد شرك، قبل مجيء الرجل؟

كيف كانت الحركة العلمية فيها؟ من هم أبرز علمائها قبل عميد الوهابية؟

في تساؤلاته التي تركها مفتوحة بلا إجابات، حاول الديري تحريك الوعي السعودي الذي دفنته هذه السيرة، وروضته ليقبل بأن لا تاريخ لمجتمعه وأجداده استبق تاريخ محمد بن عبدالوهاب. هكذا تحدث تساؤلات الكتاب صدمة لا يمكن الهروب منها، ولا بد من التوقف عندها، وهكذا تدفع الأسئلة القارئ للتعاطي مع النص بأسلوب مختلف، وعلى النظر إليه من زاوية مختلفة.

ليست هذه الأسئلة المثارة من خلال هذه (الهوية السردية) موجهة للقارئ أو المواطن السعودية فقط، بل هي برسم الدولة السعودية اليوم، إنها أسئلة تضرب صورة المملكة السعودية بواقعها الحالي الذي يفخر بماضيه القائم على غزو القبائل وقتل المعارضين وتكفير المخالفين وصرم نخيلهم وتخريب زروعهم وسلب أموالهم باسم الدين. بل ويُمعن واقع الحال في سياق هذا الفخر بإعادة طبع الكتب التي تروي هذه الوقائع وتوثق هويته السردية، ليقول: هذه هويتي وهذا أصلي وهذا توحيدي المتوحش… وعليه فإنه واقع حالي.

إسراء الفاس*
*إعلامية وصحافية من لبنان.

عن صراع الجماعات

عن صراع الجماعات في البحرين والخليج

يُظهر التحليل الاختباري الذي أجراه الباحث على عينة تمثيلية وطنية من 500 منزل عشوائي، أن الآراء السياسية وسلوك البحرينيين العاديين لا تُحدد استناداً إلى الاعتبارات المادية، بل إلى الموقف المُحدد مذهبياً للفرد كعضو في المجموعة السياسية.

  قراءة: عزيزة السبيني*

  يستقرئ الكاتب جستن غينفلر في كتابه “صراع الجماعات والتعبئة السياسية في البحرين والخليج” الصادر عن مركز أوال للدراسات والتوثيق، المشهد السياسي في البحرين منذ الإصلاحات البريطانية في عشرينيات القرن الماضي وحتى اللحظة الراهنة.وكان جستن قد قدم إلى البحرين في العام 2009، لإجراء دراسة ميدانية حول الصراع بين الجماعات، ودراسة مكونات المجتمع البحريني.بداية، أنشأ جستن مدونة دوّن فيها مقالات وملاحظات حول الوضع السياسي والاقتصادي في دول الخليج عموماً، ومملكة البحرين على وجه الخصوص، حيث باتت – أي المدونة جزءاً من تاريخ انتفاضة 14 شباط/ فبراير2011. ثم بدأ عمله الأكاديمي الذي كان نتاجه الكتاب الذي نقوم بمراجعته. والكتاب ليس العمل الأحدث بين أعمال العلوم السياسية والاجتماعية المتخصصة في البحرين، لكنه الأكثر جرأة في استقصاء وتفسير الواقع المتأزم في البحرين ودول الخليج، بانقلابه على نظرية الدولة الريعية، التي ظلّت تسود هذا الفهم على مدى أكثر من ثلاثين عاماً.
البحرين: أول دولة في مرحلة ما بعد النفط
يبدأ الكتاب بمقدمة تاريخية حول اكتشاف النفط والغاز في البحرين، وحول إمكانية نفاده، الأمر الذي استدعى البحث عن موارد أخرى لتحقيق التوازن الاقتصادي، وبقدر ما تخالف البحرين وصفها كدولة ريعية، ليس على أساس افتقارها للموارد، بل لعدم قدرتها – ومنذ فترة طويلة – على تحويل هذه الموارد إلى نتاج يستفاد منه اجتماعياً وسياسياً. كما لم يدم فيها طويلاً أفق الثروة النفطية اللامحدودة، كذلك لم يدم أفق الانسجام الاجتماعي المتولّد عن مدّ اقتصادي متنامٍ، وعدم الانسجام هذا أدى –حسب المؤلف- إلى انتفاضة الرابع عشر من شباط/ فبراير 2011، التي شكّلت إطاراً يمكن من خلاله رؤية الحلقة الأخيرة من تاريخ سياسي مضطرب.وبالرغم من تركيز المؤلف الأولي على مملكة البحرين، إلا أنه يسعى إلى دراسة فئة أكبر من الحالات التي لا يشكّل فيها هذا الأرخبيل الصغير في المياه الضحلة في السعودية إلا أفضل مثال معاصر.هذه الفئة يطلق عليها المؤلف اسم الدولة الريعية الفاشلة، (دولة ثرية ذات مستويات تاريخية من حيث إيرادات الموارد، لكنها غير قادرة على شراء الإذعان السياسي لمواطنيها).ويُظهر التحليل الاختباري الذي أجراه جستن على عينة تمثيلية وطنية من 500 منزل عشوائي، أن الآراء السياسية وسلوك البحرينيين العاديين لا تُحدد استناداً إلى الاعتبارات المادية، بل إلى الموقف المُحدد مذهبياً للفرد كعضو في المجموعة السياسية الداخلية أو الخارجية. بل أكثر من ذلك، هو يكشف كيف أن الأرباح المادية التي تجمعها الدول الريعية لا توزع بطريقة محادية سياسياً، بل تهدف بشكل رئيس إلى مكافأة الموالين-كما يُظهر السجل المعاصر للسياسة في الخليج- ومملكة البحرين ليست الدولة الخليجية الوحيدة التي تشهد على مايبدو انهياراً لانفاق الثروة مقابل الإذعان المفترض تطبيقه في المجتمعات الريعية، بل في عموم دول الخليج العربي ولكن بنسب متفاوتة.
التعبئة السياسية على أساس الجماعات في البحرين ودول الخليج 
قسّم جستن غينلفر كتابه إلى ستة فصول، اختلفت فيها المحاور التي ناقشها لكنها تصب جميعها في الإطار المفاهيمي للجماعات المكوّنة للمجتمع البحريني، ومفهوم الدولة الريعية.تحدث في الفصل الأول عن التعبئة السياسية على مستوى الجماعات في الدول العربية الخليجية، متحدياً أربعة عقود من الحكمة الواردة عن نظرية الدولة الريعية، وقدم حججاً على دور المؤسسات السياسية والاقتصادية التي لا تساهم في منع التنسيق السياسي الشامل، بل تفضل أنواعاً محددة من التعاون السياسي الجماعي، وهو التعاون القائم على أساس الانتماء العرقي أو الديني، أو القبلي، أو حتى الإقليمي، وهو ما يضع سياستها في إطار (المجموعة المنسوبة)، التي لا تتنافس فقط في الحصول على مخصصات إضافية من أرباح الدولة، بل تتنافس للسيطرة على النظام السياسي.وفي هذا السياق يطرح غينفلر السؤال الذي يؤرق حكام المجتمعات الريعية، وهو كيفية تحقيق التوازن الأمثل بين الاستقلال الاقتصادي والسياسي، وبمعنى أدق، كيف يمكن تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستمتاع الخاص والتصرف الحر بالثروة المتأتية مباشرة من الموارد، والتحرر من المساءلة الشعبية عبر الإرضاء الاقتصادي من خلال التوزيع.ومن الحلول المختلفة لهذه المعضلة الريعية، استراتيجية التجزئة السياسية، التي تكافئ فيها الدولة، طبقة من المواطنين المؤيدين، وتستثني على نحو غير متناسب الطبقات الأخرى. وبهذه الطريقة، لا تبدد الفوائد الريعية، لكنها تركز على دائرة محدودة، وهي الدائرة الداعمة لضمان استمرارية النظام، وهذا ما يعزز النزاع داخل المجتمع، بين السنة والشيعة، أو بين التشكيلات القبلية، أو غير ذلك من التجمعات الاجتماعية الأخرى. وهنا ذهبت الأسر الحاكمة في الخليج إلى أساليب مختلفة لتضخيم الفروق بين هذه الجماعات، وتمثّل مملكة البحرين النموذج الأمثل لاستمرارية التقسيم المجتمعي الموجه.
 الفاتح والمفتوح: العلاقات السنية- الشيعية في البحرين
يقدم الكاتب في الفصل الثاني لمحة تاريخية عن أرخبيل البحرين المكون من 33 جزيرة، والواقع على بعد 15 ميلاً من الساحل الشرقي للسعودية في الخليج، وهو بحسب المؤلف، الموقع المثالي لدراسة التأثير المدمر للتعبئة السياسية على أساس الجماعات، وعلى العمل الاعتيادي للدولة الريعية. كما يتناول بالتفصيل كيف وصل آل خليفة إلى الحكم، بالاعتماد على كتاب فؤاد خوري (القبيلة والدولة في البحرين)، ومذكرات (تشالز بلغريف) وهو ضابط الانتداب البريطاني الذي شغل منصب المستشار الشخصي لحاكم البحرين بين عامي (1926-1957).وبرغم عدم وجود ما يمكن اعتباره هجوماً مباشراً على آل خليفة في الكتابين المذكورين، إلا أنهما ممنوعان من التداول بسبب تعارضهما مع الرواية الرسمية لتاريخ البحرين والتي عمل النظام بقوة على ترسيخها، وحجب تفاصيل تاريخ البحرين ما قبل النفط، من أجل إعادة صياغة هوية الدولة بعيداً عن جذورها الشيعية، وهذا ما يفسّر ظاهرة (التجنيس السياسي) للسنة العرب وغير العرب، التي تساهم في القضاء على الأغلبية الديمغرافية التي يمثلها البحارنة، الأمر الذي  سينعكس على تاريخ البلد وهويته الثقافية، وأسس المواطنة، وشروط الخدمة في الحكومة والأجهزة العسكرية.وقد التقى الباحث جستن من أجل دعم دراسته البحثية عشرة زعماء سياسيين ورجال دين بحرينيين، أربعة منهم يقضون حالياً مدة حكمهم في السجن على خلفية أدوارهم في انتفاضة الرابع عشر من شباط منهم (سامي قمبر، وعيسى أبو الفتح، خليل المرزوق، عبد الهادي الخواجة، وغيرهم…)، وتوصل في بحثه إلى تحديد التصور المعياري للعلاقات بين المواطن والدولة بطريقة منهجية، وهي أن حالة البحرين تعطي الحق في التشكيك بفكرة مفادها أن فرض الضرائب والمطالبة بالتمثيل السياسي يجب أن يكونا متلازمين في الممالك العربية على طريقة الاقتصاد التأسيسي في أوروبا في القرن الثامن عشر!.
 الدين والسياسة في البحرين
يتناول المؤلف في الفصل الثالث التقسيم الطائفي في البحرين بين السنة والشيعة، وهذا التقسيم يبدو واضحاً في الممارسات اليومية لكل طائفة، وكذلك في الاحتفالات الدينية، وخاصة، عند الطائفة الشيعية في ذكرى عاشوراء، لكن هذا التقسيم ليس مقتصراً على الناحية الدينية، بل يطال الجانب السياسي الذي عجزت فيه البحرين عن إيجاد تعاون سياسي بين الطائفتين، وفي الوقت نفسه، استهدفت الداعين إلى تحرك مشترك من أجل معالجة المظالم المشتركة، كالفساد واستغلال الأراضي ونقص المساكن، والتجنيس غير المقبول وانعدام المساءلة السياسية.وقد حدد المؤلف سببين للنزوع إلى السياسة في الدولة الخليجية يتخطيان الاقتصاد، وهما: التنافس في المجموعة النسبية (مسألة كيفية وجوب تقسيم الأشياء داخل المجتمع بين السنة والشيعة)، والدين بحد ذاته في مسألتين، الأولى: في تاريخ الإسلام الفعلي والخلافة المتنازع عليها، والثانية: وضع الدين في خدمة السياسة.
 الدلالات المنهجية لاختيار البحرين موضوع البحث
يحدد المؤلف في الفصل الرابع أسباب اختياره البحرين، لتكون أرضية اختبار تجريبي لدراسة صراع الجماعات في الدولة الريعية، فالبحرين تمثل للمؤلف حالة فريدة وفقاً لمستوى الانقسام الجماعي الذي بدأ بالانتشار سواء بشكل خارجي نتيجة لمصادقة تاريخية، أو بشكل ذاتي النشوء كنتيجة لعوامل تخصيصية استثنائية، تاريخية على وجه الخصوص (سكان شيعة، وقبائل سنية)، شارحاً بالتفصيل طريقة المسح الفعلي، الذي قدم من خلاله أول صورة مباشرة موثوق بها للديموغرافيات الطائفية في البحرين منذ مسحها في العام 1941.وفي الفصل الخامس يبدأ بدراسة أنماط توفير السلع العامة والخاصة، وتحديداً فيما يتعلق بالتوظيف الحكومي، كما أنه يقيّم الأدوار النسبية للاقتصاد في مقابل ديناميات الجماعة في تحديد التوجهات والسلوك السياسي. وفي هذا الإطار يستخدم بيانات المسح على المستوى الفردي لاختبار مواقف المواطنين تجاه الدولة، كذلك تصرفاتهم السياسية إن كانت موالية لها أو ضدها، وهذا كله ينضوي بشكل أساسي تحت مستوى الرضا المادي، بحسب فرضية الدولة الريعية، أو أنها تتأثر بالانتماءات والتوجهات الدينية والطائفية.في الفصل السادس والأخير، يدعو الباحث إلى ضرورة مراجعة الإطار الموجود للدولة الريعية في البحرين، ويرى أن المنافع المادية لا تستخدم لشراء أنصار سياسيين جدد بل لمكافأة الأنصار الموجودين- وبحسب قوله فإن “الإذعان السياسي المتزايد على المستوى الفردي هو بالتالي سبب رئيسي للحصول على مكافآت اقتصادية أكبر من الدولة، وليس نتيجة لذلك، كما يرى منظرو الريعية”.إن غرابة المشهد السياسي في البحرين، وتعقيداته، وتركيبته الديموغرافية، هي التي جذبت المؤلف للقيام ببحثه الميداني، مقدماً من خلاله أدلة عملية وإطاراً نظرياً جديداً لفهم مواقف المواطنين العاديين الذين يشكّلون المجتمع البحريني. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل يمكن تطبيق دراسات هذا البحث الميداني على أي دولة ريعية، في حال توافرت فيها ظروف مماثلة للانقسام السياسي؟.

سعادة السفير

«سعادة السفير» لمحمد جواد ظريف… رحلة في الخصال العامة والخاصة لعلاقة إيران بالعالم

كتاب يُنشر في العالم العربي، وباللغة العربية، للمرّة الأولى، إذ انتشر منذ فترة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وحقّق نسبة مرتفعة جدّاً من الإقبال عليه. إنه كتاب «سعادة السفير»، للوزير والدبلوماسي الإيراني الفذ محمد جواد ظريف، وهو موجود هذه الأيام في متناول القرّاء، في جناح مركز «أوال للدراسات والأبحاث» في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب بدورته الستين.

هذا الكتاب ليس سيرة ذاتية تهدف إلى ذكر الجيد والسيّئ، وبالنتيجة الحكم على طبيعة صاحبه وعاقبته. كما أنّه ليس تاريخاً شفهياً كما هو متعارف عليه اليوم. وعلى رغم احتوائه الكثير من هذين النوعين، إلّا أنّ القصد الأساس منه، فهم السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية على أرضية تجربتها التاريخية، ولا سيّما أنّ العلاقات الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في التاريخ المعاصر مرّت بمراحل حسّاسة وظروف صعبة، لا سيما بعد انتصار الثورة الإسلامية.

في تلك المرحلة، وبموازاة عزل كثيرين من موظّفي النظام البهلوي ودبلوماسيّته، كان من الضروري الاستفادة من قدرات جيل جديد من الشباب الثوري وتجربته، وتوظيفها بسرعة في الأجهزة التنفيذية والعلمية للنظام الحاكم الجديد.

هذا الكتاب رواية شفهية لأحد هؤلاء الشباب الثوريّين الذين تشكّل سيرة حياتهم السياسية جزءاً من تاريخ الدبلوماسية الإيرانية، ويمثّل التأمّل في سلوكهم الحرفي أحد أفضل الطرق لفهم السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وهو محمد جواد ظريف.

حضور ظريف في الأمم المتحدة لمدّة ربع قرن جعل منه شخصية دولية ممتازة. بدايةً، كان هذا الحضور في السنين الأولى بعد انتصار الثورة الإسلامية، حينما كان طالباً في مرحلة الدكتوراه في جامعة «كولومبيا»، وجامعة «دنفر» كموظّف محلّي في البعثة الإيرانية في نيويورك، حتى أصبح السفير الأول والمندوب الدائم للجمهورية الإسلامية فيها.

إنّ سعي ظريف الدولي إلى استرجاع حقوق إيران إبّان الحرب المفروضة، والمناقشات المتعلّقة بالقرار 598، وكذلك المناقشات المتعلّقة بالنشاط النووي الإيراني مع الدول الغربية، وأهمية دوره في مناقشات مؤتمر «بُن الأول» في ما يخص مستقبل أفغانستان، ثمّ العراق، قبل الغزو الأميركي لهما وبعده وعضويته في فريق الشخصيات البارزة الرفيع المستوى للأمين العام للأمم المتحدة في مشروع حوار الحضارات، وترؤّسه العشرات من المسؤوليات الجزئية أو المصيرية دولياً، وحضوره في المجتمع الأميركي وقدرته على التأثير على الرأي العام والإعلام فيه، وغيرها الكثير جعلت القاصي والداني متحدّثاً عن دوره ومقدّراً له.

سعي ظريف الدؤوب إلى الدفاع عن أهداف نظام الجمهورية الإسلامية وقيمه، وقدرته على إقناع نظرائه، حاز مراراً على تقدير السلطات العليا، ليس في إيران وحسب، بل إنّ كثيرين من الإعلاميين والشخصيات الدولية كانوا السبّاقين في ذلك.

الاحتفال المهيب لتوديعه في مقرّ الأمم المتحدة والصف المزدحم بزائريه الأجانب شاهدان على ذلك، بل إنّ الاحتفاء به وصل إلى أن يكتب هنري كيسنجر ـ وزير الخارجية الأسبق للولايات المتحدة الأميركية ـ في الصفحة الأولى من كتابه «الدبلوماسية» حين إهدائه: «إلى عدوّي المحترم محمد جواد ظريف».

يُعدّ هذا الحوار الذي امتدّ لأكثر من أربعين ساعة مع الدكتور محمد جواد ظريف الدبلوماسي والسفير السابق لإيران في الأمم المتحدة من التجارب التي لا يُحتمل تكرارها بسهولة. رواية جزئيات الدبلوماسية الإيرانية بلسان ظريف الذي هو بلا شكّ أحد أبطال هذا المجال في عصره، مِصداقٌ كامل للسهل الممتنعز سهلٌ لأنّ ظريف يتمتّع بشخصية عطوفة، مؤدّبة، بسيطة ومتواضعة، ويظهر هذا العمل عند التعرّف إليه سهلاً، لكنّه ممتنعٌ لأنّ ظريف في مجال تخصّصه الحرفي جاد، متباع، منظّم، وملتزم بالقيم والأصول التي يعتقد بها.

أثناء الحوار، كان ظريف يتجاوب مع ما يرويه، تستشعر منه الإحساس بالأحداث، كأنّها اليوم، وليس بوصفها أحداثاً جرت منذ أمدٍ بعيد. فهو يحزن ويكتئب من تلك الأحداث التي يراها جانبت الصواب، أو أنّ النجاح فيها كان جزئياً، ويغضب لعدم استفادة الموظفين الجُدد في وزارة الخارجية من التجارب والأخطاء التي ارتكبها السابقون. وحين يأتي الحديث عن إيران وسيادتها ونجاحه وزملائه في الدفاع عن مصالحها الوطنية، يفرح بتواضعٍ لتلك الذكرى الباعثة للافتخار والغرور. وبحسب الضرورة، وبنظرة دقيقة، يناقش وينتقد الأحداث، ومنها من دون استشعار الحرج ما يتعلّق بسيرته أو بالجهاز الدبلوماسي، وما كان يُعتقد في بداية العمل الدولي.

معظم جلسات هذا الحوار ـ عدا تلك التي كانت في جامعة آزاد الإسلامية، حينما كان نائب الدكتور جاسبي في الشؤون الدولية كانت في غرفته في كلية العلاقات الدولية بوزارة الخارجية من شتاء العام 2010 وحتى ربيع العام 2012.

واختلفت مدّة الجلسات بين أقلّ من ساعة وأكثر من ثلاث ساعات إذ لم يكن من السهل الحصول على موافقة ظريف لهذا الحوار، حيث إنّه لم يقبل بأيّ حوار أو خطاب عام منذ رجوعه من آخر مَهمّة سياسيّة في نيويورك. فقد اقتصرت محاضراته في كلية العلاقات الدولية بوزارة الخارجية على تحليل المواضيع والأحداث من ناحية أكاديمية. وقد اشترط لبدء الحوار عدم تناول الوثائق السرية وأسرار النظام، وخصوصاً ما تعلّق بالمناقشات المرتبطة بالشأن النووي، ولم يكن من السهل تجنّب هذه القيود.

ودراسة سيرة ظريف والانتباه إلى الجوانب الإيجابية والسلبية لعمله، تقدم نموذجاً قيّماً لدراسة سلوك الدبلوماسيين الإيرانيين مع العالم الخارجي، ضمن إطار السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. الخصال العامة والخاصة لعلاقة إيران بالعالم والتقارب والتباعد التاريخيين في السياسة الخارجية، والعنصر الجيوسياسي وتأثيره في القدرة الإقليمية لإيران والقراءة الثورية للأحداث الدولية والمستقاة من تعليمات التشيّع والميزة الواضحة للدبلوماسيين والدبلوماسية الإيرانية عند مقارنتها بالمعايير العالمية ونظام الحوار الخاص ومستويات مختلفة من التباين والصراع حتى الاشتراك والتعاون، هي نقاط سترافق القارئ في رحلته في هذا الكتاب .

رابط الموضوع

إله التوحش

بعد «نصوص متوحشة»… «علي الديري» يبحث بناء الدولة السعودية الأولى في كتاب «إله التوحش: التكفير والسياسة الوهابية»

مرآة البحرين (خاص): من منفاه بمدينة «ويندسور» الكندية، أصدر الناقد البحريني علي الديري كتاب «إله التوحش: التكفير والسياسة الوهابية»، وهو مؤلّف بحثي مكثّف يسعى لقراءة السياق السياسي والعقائدي لنصوص التكفير والتقتيل الوهابية في تجربة الدولة السعودية الأولى.

وصدر الكتاب عن «مركز أوال للدراسات والتوثيق»، ودشّن في جناح المركز بمعرض بيروت الدولي للكتاب، يوم الخميس الماضي 1 ديسمبر/كانون الأول 2016، وهو يأتي مكمّلا لكتاب «نصوص متوحشة: التكفير من أرثوذكسية السلاجقة إلى سلفية ابن تيميه»، الذي صدر العام الماضي لذات المؤلف.

والديري، أكاديمي وناقد بحريني، اشتغل في حقل الخطاب والفلسفة واللغة والمجاز، على مدى أكثر من عقد، وحاز على درجة الدكتوراه في تحليل الخطاب حول أطروحته «مجازات الفلاسفة: كيف يفكر في الفلاسفة؟». وأسقطت الجنسية البحرينية عن الديري بمرسوم ملكي في يناير/كانون الثاني 2015، لأسباب تتعلق بآرائه السياسية.

ويطالع الديري في كتابه الجديد سيرة بناء الدولة السعودية الأولى قبل 270 سنة، على يد محمد بن سعود، ومحمد بن عبد الوهاب، ويضعها في سياقها الفكري القائم حتى اليوم.

يقول في المقدّمة إنه يحاول في الكتاب من خلال نصوص محمد بن عبد الوهاب، أن يبرهن فرضيته المتعلقة بنصوص التوحش، وهي الفرضية التي تنص على أن التكفير مشروع قتل يُمليه صراع سياسي، وهو تجريد الإنسان من إنسانيته (حرمة دمه، وماله، ونفسه، وعرضه، وعقله) لغاية سياسية.

وكان الكتاب السابق قد اختبر الفرضية في سياق السياسة السلجوقية في القرن الخامس الهجري، والسياسة الموحدية في القرن السادس الهجري، والسياسة الشرعية عند ابن تيمية في القرن السابع والثامن الهجريين والتي لم تجد من يتبناها تبنيا سياسيا بالكامل حتى اتفاق الدرعية في 1744.

اله التوحش

الكتاب الجديد اتّجه للمثال الأبرز في التاريخ الحديث على فاعلية هذه النصوص وتأثيرها الفاقع في السياسة والمجتمع. يقرأ الديري في كتابه كيف بقيت نصوص التكفير الوهابية تكوّن التاريخ الرسمي للدولة السعودية، وهويّتها التي تنكر بشكل صريح المشاركة والتعدّد، وتلغي منها كل من لا يؤمن بالعقيدة الوهابية.

«أدرك محمد بن عبد الوهاب، أنه لا يمكن للمكتبة وحدها أن تُحَوّل نص التكفير إلى فعل قتل، فكَفَر بها، وراح يبحث عن قوة تجعل من خطابه وحشًا ضاريًا في صحراء نجد. أراد أن يُنبت لنصوصه التكفيرية مخالب ضارية، فكان سيف الدرعية» يقول الكتاب.

واعتبر الديري وثيقة الدرعية بين ابن عبد الوهاب وابن سعود، والتي تقوم على قاعدة “الدم بالدم والهدم بالهدم”، أنها اتفاق على أن نص التوحيد ضمان لدم الدولة وضمان لدم الدعوة، وأن هدم أحدهما هدم للآخر «هي ضمان للتوحيد السياسي للدولة الخاضعة بالقوة لعقيدة إيمان مُوحدة ومُعَمّمة وغير قابلة لأي تأويل أو اختلاف، كما أنها ضمان لبقاء الدعوة ظاهرة وقوية ومهابة وناطقة في مراسيم الحكم وألسن الناس… وثيقة الدرعية هي تحالف بين رجل الدعوة ورجل الدولة أو تحالف بين ما يمكن أن أسميه إله التوحش وسيف الوحشية».

ويبحث الكتاب سيرة محمد بن عبد الوهاب، وتفسيره الغريب لشهادة التوحيد، والتأسيس لفكرة غربة الإسلام بين المسلمين ومجتمع الغرباء، الذين يستثنون غالبية المسلمين من الإسلام.

«إله التوحش هو هذا الإله الذي خلقته سيرة رجل الدعوة بتفسيرها الغريب لشهادة التوحيد، وتكوينها لجماعة الغرباء الذين يجدون رسالتهم في استثناء الآخرين من الحياة (التكفير)».

كتاب «إله التوحش» متوفر للبيع على الإنترنت أيضا، من خلال:

موقع أمازون

متجر جملون

رابط الموضوع

معرض بيروت الدولي للكتاب

مركز أوال ومرآة البحرين يشاركان في معرض بيروت الدولي للكتاب بإصدارات جديدة بينها كتاب لـ«خوري» وآخر عن جواد ظريف

مرآة البحرين (خاص): تشارك «مرآة البحرين» و«مركز أوال للدراسات والتوثيق» في معرض بيروت الدولي للكتاب، الذي يقام من 1 وحتى 14 ديسمبر/كانون الأول 2016.

وللعام الثاني على التوالي، تعرض المؤسستان إصداراتهما من الكتب والمطبوعات في ركن مشترك.

«مرآة البحرين» عرضت للجمهور لأول مرة النسخة المترجمة من كتاب «دعوة إلى الضحك» لعالم الاجتماع اللبناني، فواد خوري، وهو بمثابة سيرة ذاتية لبروفيسور جامعي وعالم أنثروبولجيا عربي، قّدم واحدا من أهم المؤلّفات الاجتماعية والسياسية عن البحرين، وهو كتاب «القبيلة والدولة». وتحتل البحرين جزءا هاما من سيرة خوري التي يوثقها في «دعوة للضحك»، الذي ينشر بالعربية لأول مرة.

كتاب القبيلة والدولة في البحرين، يحضر هو الآخر في المعرض، في طبعة جديدة من مركز أوال بعد 40 عاما من صدوره لأول مرة.

وخلال المعرض، أطلق «مركز أوال» أحدث إصداراته لهذا العام، كتاب «سعادة السفير: محمد جواد ظريف»، وهو حوار سياسي ودبلوماسي واسع أجري مع وزير الخارجية الإيراني الذي كان قد شغل في وقت من الأوقات منصب السفير الإيراني للأمم المتحدة. ونال الإصدار إعجاب الكثير من زوار المعرض، كما وضعته صحيفة الأخبار اللبنانية من بين 15 كتابا في معرض بيروت رشحتهم للقارئ.

وأصدر مركز «أوال» كتاب «إله التوحش: التكفير والسياسة الوهابية»، للدكتور علي الديري، وهو مؤلّف بحثي يسعى لقراءة السياق السياسي والعقائدي لنصوص التكفير والتقتيل الوهابية في تجربة الدولة السعودية الأولى، ويأتي مكمّلا لكتاب «نصوص متوحشة: التكفير من أرثوذكسية السلاجقة إلى سلفية ابن تيميه»، الذي صدر العام الماضي للديري أيضا.

كتابان قام بترجمتهما مركز أوال، يحضران أيضا في ركن المركز بالمعرض، وهما «صراع الجماعات والتعبئة السياسية في البحرين والخليج»، للمحلل المختص بشئون البحرين جستن غينغلر، وكتاب «ما بعد الشيوخ…   الانهيار المقبل للممالك الخليجية»، للدكتور كريستوفر ديفيدسون.

كما يتواجد في المعرض كتاب «مرافعة كرامة: الشهيد النمر»، الذي أصدرته «مرآة البحرين» بالتعاون مع مركز «كيتوس» الثقافي.

وتعرض في الركن الإصدارات الفنية والثقافية المميزة لـ«مرآة البحرين»، وأهمّها «جدران 14 فبراير… غرافيتي الثورة»، و«الصورة دونها الموت»، فضلا عن الكتب والوثائقيات الأخرى ككتاب «داعش بيننا… الدولة البحرينية وصعود الإسلام الجهادي»، كتاب «شوكة الأطباء»، و«القضاء البحريني وذرائع الإرهاب، و«نصوص النتائج من تقرير بسيوني»، وكذلك تتواجد سلسلة حصاد الثورة، التي تصدرها المرآة سنويا.

وكذلك تعرض الإصدارات الأخرى لـ«مركز أوال»، ومن بينها كتاب الباحث السعودي فؤاد إبراهيم «داعش من النجدي إلى البغدادي… نوستالجيا الخلافة»، وكتاب «سيرة احتجاج… السيرة النضالية لعبد الهادي الخواجة» للباحث البحريني عباس المرشد، وكتاب المرشد الآخر «جدار الصمت: انهيار السلطوية».

هناك أيضا كتاب «أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين طوال 14 قرنا» لسالم النويدري، و«ديوان الشيخ جعفر الخطي»، والسلسلة التاريخية التي أصدرها المركز.

1

2

3

5

6

7

8

10

رابط الموضوع

«سعادة السفير: محمد جواد ظريف»

أثار جدلا واسعا في إيران… مركز بحريني يصدر النسخة العربية من كتاب «سعادة السفير: محمد جواد ظريف»

مرآة البحرين (خاص): دشّن «مركز أوال للدراسات والتوثيق»، يوم الخميس الماضي 1 ديسمبر/كانون الأول 2016، أحدث إصداراته لهذا العام، كتاب «سعادة السفير: محمد جواد ظريف»، وذلك في ركنه الخاص بمعرض بيروت الدولي للكتاب.

وكتاب «سعادة السفير» هو حوار سياسي ودبلوماسي واسع أجراه باحث أكاديمي مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي كان يشغل منصب السفير الإيراني للأمم المتحدة حتى العام 2007.

مركز أوال قام بترجمة الكتاب عن الفارسية، ونال الإصدار إعجاب الكثير من زوار المعرض، كما وضعته صحيفة الأخبار اللبنانية من بين 15 كتابا في معرض بيروت رشحتهم للقارئ.

وقالت الصحيفة إن ظريف يحاول في الكتاب قدر الإمكان الإجابة على أسئلة كثيرة تخطر في بال القرّاء، والباحثين، وكذلك السياسيين حول حياته والدبلوماسية والسياسة عموماً. وأضافت يحاول الكتاب إماطة اللثام عن حياته وتفاصيل مشواره الطويل داخل أروقة الدبلوماسية لبلاده، وقد أثار ضجة كبرى في الوسط الإيراني، ونُفِّذ في أكثر من سبع طبعات.

يذكر أن الحوارات الموثقة في الكتاب أجريت بين العامين 2010 و2012، لكنّه منع من النشر حتى انتهاء ولاية الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد في أغسطس/آب 2013، لما أثاره من جدل بلغ حد الاتهام بالخيانة، كما جاء في مقدمة المترجم.

من طرائف الكتاب، التي أشار إليها مركز أوال في مقدّمته، أن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، كان قد أهدى ظريف نسخة من كتابه «الدبلوماسية» موقّعة بـ «إلى عدوي المحترم محمد جواد ظريف».

مقدّمة الطبعة الفارسية، قالت إن حضور ظريف في الأمم المتحدة لمدة ربع قرن جعل منه شخصية دولية ممتازة واعتبرت هذا الكتاب رواية شفهية لأحد هؤلاء الشباب الثوريين الذين تشكّل سيرة حياتهم السياسية جزءًا من تاريخ الدبلوماسية الإيرانية.

وذكرت أن دور ظريف الدبلوماسي الواسع ممثلا لبلاده في الأمم المتحدة، وكذلك حضوره في المجتمع الأمريكي بذات السياق، وقدرته على التأثير على الرأي العام والإعلام فيه، جعلت القاصي والداني متحدثًا ومقدّرًا لدوره.

وبحسب الكتاب فإن هذا الحوار الذي امتدّ لأكثر من أربعين ساعة يعد من التجارب التي لا يُحتمل تكرارها بسهولة» رواية جزئيات الدبلوماسية الإيرانية بلسان ظريف الذي وه بلا شك أحد أبطال هذا المجال في عصره، مِصداقٌ كامل للسهل الممتنع. سهلٌ؛ لأنّ ظريف يتمتع بشخصية عطوفة، مؤدّبة، بسيطة ومتواضعة، ويظهر هذا العمل عند التعرف عليه سهلًا، لكنّه ممتنعٌ؛ لأنّ ظريف في مجال تخصصه الحرفي جاد، متابع، منظم، وملتزم بالقيم والأصول التي يعتقد بها».

و«دراسة سيرة ظريف والانتباه للجوانب الإيجابية والسلبية لعمله، تقدم نموذجًا قيّمًا لدراسة سلوك الدبلوماسيين الإيرانيين مع العالم الخارجي، ضمن إطار السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. الخصال العامة والخاصة لعلاقة إيران بالعالم والتقارب والتباعد التاريخي في السياسة الخارجية والعنصر الجيوسياسي وتأثيره في القدرة الإقليمية لإيران والقراءة الثورية للأحداث الدولية والمستقاة من تعليمات التشيع والميزة الواضحة للدبلوماسيين والدبلوماسية الإيرانية عند مقارنتها بالمعايير العالمية ونظام الحوار الخاص ومستويات مختلفة من التباين والصراع حتى الاشتراك والتعاون، هي نقاط سترافق القارئ في رحلته في هذا الكتاب.»

كتاب «سعادة السفير» متوفر للبيع على الإنترنت أيضا، من خلال:

موقع أمازون

متجر جملون

رابط الموضوع

الأرشيف: ذاكرة الأوطان

كلمة الأستاذ الدكتور جواد مكي

شرفتني كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية بتمثيلها في حضور حفل اطلاق “محرك بحث أوال الالكتروني” والمتخصص بالشأن البحريني في هذا اللقاء الأرشيفي والذي ينظمه مركزكم الكريم ( مركز أوال للدراسات والتوثيق).

لقد لفتني عنوان اللقاء “الأرشيف الوجود والعدم.

نعم، الأرشيف في مكان ما، هو الفاصل بين الوجود وعدمه، فلولا وجود الأرشيف لانعدمت ذاكرة الأوطان،

فسر نجاح الأمم ينبع من قراءة التاريخ والإستفادة من التجارب وحفظ الإرث والنتاج الوطني ولكي نحفظ هذا الإرث، أو تلك الذاكرة الوطنية وما تحتويه من فكر وثقافة شعوب وتاريخ خضارات وعلوم وفنون وآداب، فلا بد من بناء الجسر الذي يصل بين ماضينا وحاضرنا ألا وهو الأرشيف.

من لا يحفظ الماضي لن يحفظ المستقبل، من منطلق هذه القاعدة نرى الشعوب والجماعات منذ القدم اهتمت بتدوين وكتابة الأحداث وحفظ التواريخ والأسماء وبناء الأرشيف بأشكاله المتعددة لما يمثله من موروث حضاري وقيمة تراثية ومصدرا للبحوث والدراسات.

ولكن على مر السنين ..نرى عدة محاولات لجماعات قريبة وبعيدة…غريبة تارة وأحيانا عربية استهدفت ولا زالت تستهدف ارث وتاريخ ونضال شعوب منطقتنا ساعية لطمس الهوية وتزوير وتزييف الحقائق وردم ذاكرة أجيال عانت لأجل أجيال عاشت.

من هنا.. تبرز أهمية عمل مراكز الأرشيف والتوثيق التي لا تترك فاصلة ولا نقطة.. حرفا ولا كلمة… واقعا ولا فعل… الا وحفظته ونقلته للأجيال القادمة علها تستفيد من تجارب الماضي ولا تكرره خطأه…

انطلاقا مما سبق.. فاننا نقدر عاليا الجهود التي بذلها وما زال يبذلها مركز أوال في حفظ الذاكرة البحرينية عبر توثيق المستندات الورقية منها والرقمية من أجل اعادة اظهارها وتقديمها بوسائل حديثة تحاكي الثورة التقنية في عالم المعلوماتية والاتصالات والانترنت مما يتيح للباحثين والمتخصصين وطلاب المعرفة الوصول الى هذه الوثائق والمصادر والاستفادة منها.

كما نبارك لمركزكم الكريم في يومنا هذا “يوم الأرشيف العالمي” إطلاق محرك بحث أوال الالكتروني وقاعدة المعلومات التي تضم أكثر من 45000 وثيقة باللغتين العربية والانكليزية… وقد سنحت لي الفرصة الاطلاع سريعا على واجهة عمل المحرك لأجد سهولة في التعامل معه انطلاقا من عملية البحث في المداخل الرئيسية والخيارات التي تسهل على المستخدم مهمة البحث وصولا الى عرض النتائج بطريقة واضحة ومنظمة تسمح بالوصول الى الوثيقة الرقمية المؤرشفة.

من ناحية أخرى، بجب أن لا نتناسى التحديات التي تواجه العمل الأرشيفي الرقمي.

فإنه عند العمل مع الوثائق الرقمية ومشاريع الرقمنة بشكل عام والتي تهدف الى بناء قواعد معلومات تمثل أرشيفا الكترونيا، هناك مجموعة من التحديات والتوصيات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار من قبل مراكز الأرشفة والتوثيق وذلك لسلامة العمل الأرشيفي وضمان نجاحه واستمراره ونذكر بعضا منها:

التحدي الأول هو:

اعتماد المعايير العالمية للأرشفة واستخدام واصفات البيانات (الميتاداتا)

حيث انه لدى البدء بمشروع الرقمنة من المهم جدا تحديد مستوى التوصيف او الفهرسة والمعايير التي يجب اتباعها لما ذلك من تاثير كبير على عمليات استرجاع لمعلومات والقدرة على التعاون وتبادل المعلومات بين دور الأرشيف المختلفة. التقنين الدولي للوصف الأرشيفي dc , ead, mets

والتحدي الثاني يكمن في الحفظ الرقمي:

وهنا تظهر مجموعة مختلفة من التحديات المرتبطة بتخزين المحتوى وصيانته، تهيئته ووصفه، ضمان الوصول اليه واتاحته آخذين بعين الاعتبار التغير التكنلوجي الحاصل وتطور وسائط الحفظ ووسائل الوصول الحديثة والمتنوعة من الهواتف الذكية والألواح الرقمية.

أما التحدي الثالث في العمل الأرشيفي الرقمي مرتبط بالجوانب القانونية:

وهنا يجب على المؤسسات ومراكز الأرشيف والتوثيق التي تسعى الى القيام بمشروع رقمنة، أن تتنبه لمسألة حقوق الملكية الفكرية لكل مادة يتم رقمنتها، وأيضا الوضع القانوني، الذي يؤثر في الوصول الى هذه النسخ من قبل المستخدمين. وينطبق هذا الأمر، بصورة خاصة، على المؤسسات التي تنوي تطوير عمل تجاري، عبر اتاحة النسخ الرقمية. وعلى هذه المؤسسات أيضا أن تأخذ بعين الاعتبار، القضايا المتعلقة في ضمان مصداقية الصور الرقمية، اذا كان سيتم استخدامها كنسخ بديلة عن الأصلية.

وفي الختام، أتمنى النجاح والتوفيق لمركز أوال للدراسات والتوثيق في إطلاق محرك البحث الجديد آملا الاستفادة القصور منه من قبل الطلاب والباحثين في جميع المجالات والتخصصات.