awal

وثيقة من «مركز أوال للدراسات»

وثيقة من «مركز أوال للدراسات» تكشف: الحاكم السابق حمد بن عيسى (الأول) تآمر لعزل الشيخ خلف ونفيه إلى العراق

مرآة البحرين-خاص: ضمن الحلقة الثانية من ملفها «الشيخ عيسى قاسم والملك… الصورة المفقودة»، نشرت «مرآة البحرين» تفاصيل وثيقة هامة من الأرشيف البريطاني، حاز عليها «مركز أوال للدراسات والتوثيق»، واطّلعت عليها المرآة بشكل خاص.

وتكشف الوثيقة معلومات جديدة حول قضية الزعيم الشيعي الكبير، الشيخ خلف العصفور، خلال عشرينات وثلاثينات القرن الماضي.

وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها عن تفاصيل هذه الوثيقة، التي ينتظر أن تنشر مترجمة مع باقي الأرشيف البريطاني عن البحرين، في وقت لاحق من هذا العام،  ضمن مشروع هو الأضخم من نوعه، يقوم عليه «مركز أوال للدراسات والتوثيق».

تروي الوثيقة الصادرة في مارس/آذار 1927، أن الحاكم السابق حمد بن عيسى بن علي (حكم من 1923-1842) تآمر بشكل كامل لعزل ونفي قاضي الشيعة وزعيمها وقتئذ الشيخ خلف العصفور من منصبه الذي كان أول من اعترفت به الدولة فيه، وتقول الوثيقة وهي رسالة من المقيم السياسي البريطاني في الخليج إلى وزير خارجيته، إنه تردّد في قبول طلب الحاكم عزل الشيخ خلف ونفيه، كونه أبرز داعمي إصلاحات الميجور ديلي، التي أطاحت بحكم عيسى بن علي المضطّهد للشيعة.

وتكشف الوثيقة خيوطا متشابكة حول الظروف الغامضة التي عزل فيها الشيخ خلف، ونفي من البلاد إلى العراق.

مركز أوال للدراسات والتوثيق هو مؤسسة بحرينية، أنشئت في العاصمة البريطانية لندن في 2013، ويعنى بقضايا الخليج عامةً والبحرين بشكل خاص، ويهدف إلى “حفظ الذاكرة الوطنية البحرينية عبر توثيق كل المستندات الورقية والإلكترونية المتعلقة بهذه الذاكرة، ومواكبة الأحداث المستجدة أولاً بأول”.

وبخلاف مشروع ترجمة الأرشيف البريطاني الضخم، أطلق المركز في 2 مايو/ أيار 2016 محركا للبحث الإلكتروني يحتوي على نحو 40 ألف وثيقة، كما أصدر المركز العديد من الكتب السياسية والاجتماعية، منها ترجمة لكتاب «ما بعد الشيوخ» لكريستوفر ديفيدسون، وترجمة لكتاب «صراع الجماعات والتحشيد السياسي في البحرين والخليج» لجستن غينغلر، وأعاد نشر كتاب «القبيلة والدولة» لفؤاد خوري، كما نشر عددا آخر من الكتب لباحثين بحرينيين وخليجيين، منها كتاب «نصوص متوحّشة» للدكتور علي الديري، وكتاب «داعش من النجدي إلى البغدادي… نوستالجيا الخلافة» لفؤاد إبراهيم، وسلسلة بحوث ودراسات أخرى متعلقة بالتاريخ والسياسة والأدب في البحرين والخليج.

وتروي المجلدات التي سيصدرها المركز مترجمة من سجلات البحرين في «الأرشيف البريطاني»، الأحداث التي شهدتها البحرين خصوصًا ومنطقة الخليج عمومًا في الفترات الممتدة من العام 1820 حتی العام 1971، كما تحوي عددًا كبيرًا من المراسلات بين البحرين وعدد من الأطراف منها الحكومة البريطانية والمقيمية البريطانية والحكومتين الفارسية والتركية.

رابط الموضوع

الأرشيف: ذاكرة الأوطان

كلمة الأستاذ الدكتور جواد مكي

شرفتني كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية بتمثيلها في حضور حفل اطلاق “محرك بحث أوال الالكتروني” والمتخصص بالشأن البحريني في هذا اللقاء الأرشيفي والذي ينظمه مركزكم الكريم ( مركز أوال للدراسات والتوثيق).

لقد لفتني عنوان اللقاء “الأرشيف الوجود والعدم.

نعم، الأرشيف في مكان ما، هو الفاصل بين الوجود وعدمه، فلولا وجود الأرشيف لانعدمت ذاكرة الأوطان،

فسر نجاح الأمم ينبع من قراءة التاريخ والإستفادة من التجارب وحفظ الإرث والنتاج الوطني ولكي نحفظ هذا الإرث، أو تلك الذاكرة الوطنية وما تحتويه من فكر وثقافة شعوب وتاريخ خضارات وعلوم وفنون وآداب، فلا بد من بناء الجسر الذي يصل بين ماضينا وحاضرنا ألا وهو الأرشيف.

من لا يحفظ الماضي لن يحفظ المستقبل، من منطلق هذه القاعدة نرى الشعوب والجماعات منذ القدم اهتمت بتدوين وكتابة الأحداث وحفظ التواريخ والأسماء وبناء الأرشيف بأشكاله المتعددة لما يمثله من موروث حضاري وقيمة تراثية ومصدرا للبحوث والدراسات.

ولكن على مر السنين ..نرى عدة محاولات لجماعات قريبة وبعيدة…غريبة تارة وأحيانا عربية استهدفت ولا زالت تستهدف ارث وتاريخ ونضال شعوب منطقتنا ساعية لطمس الهوية وتزوير وتزييف الحقائق وردم ذاكرة أجيال عانت لأجل أجيال عاشت.

من هنا.. تبرز أهمية عمل مراكز الأرشيف والتوثيق التي لا تترك فاصلة ولا نقطة.. حرفا ولا كلمة… واقعا ولا فعل… الا وحفظته ونقلته للأجيال القادمة علها تستفيد من تجارب الماضي ولا تكرره خطأه…

انطلاقا مما سبق.. فاننا نقدر عاليا الجهود التي بذلها وما زال يبذلها مركز أوال في حفظ الذاكرة البحرينية عبر توثيق المستندات الورقية منها والرقمية من أجل اعادة اظهارها وتقديمها بوسائل حديثة تحاكي الثورة التقنية في عالم المعلوماتية والاتصالات والانترنت مما يتيح للباحثين والمتخصصين وطلاب المعرفة الوصول الى هذه الوثائق والمصادر والاستفادة منها.

كما نبارك لمركزكم الكريم في يومنا هذا “يوم الأرشيف العالمي” إطلاق محرك بحث أوال الالكتروني وقاعدة المعلومات التي تضم أكثر من 45000 وثيقة باللغتين العربية والانكليزية… وقد سنحت لي الفرصة الاطلاع سريعا على واجهة عمل المحرك لأجد سهولة في التعامل معه انطلاقا من عملية البحث في المداخل الرئيسية والخيارات التي تسهل على المستخدم مهمة البحث وصولا الى عرض النتائج بطريقة واضحة ومنظمة تسمح بالوصول الى الوثيقة الرقمية المؤرشفة.

من ناحية أخرى، بجب أن لا نتناسى التحديات التي تواجه العمل الأرشيفي الرقمي.

فإنه عند العمل مع الوثائق الرقمية ومشاريع الرقمنة بشكل عام والتي تهدف الى بناء قواعد معلومات تمثل أرشيفا الكترونيا، هناك مجموعة من التحديات والتوصيات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار من قبل مراكز الأرشفة والتوثيق وذلك لسلامة العمل الأرشيفي وضمان نجاحه واستمراره ونذكر بعضا منها:

التحدي الأول هو:

اعتماد المعايير العالمية للأرشفة واستخدام واصفات البيانات (الميتاداتا)

حيث انه لدى البدء بمشروع الرقمنة من المهم جدا تحديد مستوى التوصيف او الفهرسة والمعايير التي يجب اتباعها لما ذلك من تاثير كبير على عمليات استرجاع لمعلومات والقدرة على التعاون وتبادل المعلومات بين دور الأرشيف المختلفة. التقنين الدولي للوصف الأرشيفي dc , ead, mets

والتحدي الثاني يكمن في الحفظ الرقمي:

وهنا تظهر مجموعة مختلفة من التحديات المرتبطة بتخزين المحتوى وصيانته، تهيئته ووصفه، ضمان الوصول اليه واتاحته آخذين بعين الاعتبار التغير التكنلوجي الحاصل وتطور وسائط الحفظ ووسائل الوصول الحديثة والمتنوعة من الهواتف الذكية والألواح الرقمية.

أما التحدي الثالث في العمل الأرشيفي الرقمي مرتبط بالجوانب القانونية:

وهنا يجب على المؤسسات ومراكز الأرشيف والتوثيق التي تسعى الى القيام بمشروع رقمنة، أن تتنبه لمسألة حقوق الملكية الفكرية لكل مادة يتم رقمنتها، وأيضا الوضع القانوني، الذي يؤثر في الوصول الى هذه النسخ من قبل المستخدمين. وينطبق هذا الأمر، بصورة خاصة، على المؤسسات التي تنوي تطوير عمل تجاري، عبر اتاحة النسخ الرقمية. وعلى هذه المؤسسات أيضا أن تأخذ بعين الاعتبار، القضايا المتعلقة في ضمان مصداقية الصور الرقمية، اذا كان سيتم استخدامها كنسخ بديلة عن الأصلية.

وفي الختام، أتمنى النجاح والتوفيق لمركز أوال للدراسات والتوثيق في إطلاق محرك البحث الجديد آملا الاستفادة القصور منه من قبل الطلاب والباحثين في جميع المجالات والتخصصات.

كلمة عن أرشيفو

كلمة سكرتيرة تحرير مجلة أرشيفو

قد يتساءل البعض: لماذا كل هذا الجهد في مجال الأرشيف؟

لأنه، وبكل بساطة، “من دون وثائق ينتفي وجود المرء أيضًا”، فوجود الأشخاص والشعوب والحضارات مقترنٌ بما تخلّفه من شواهد، والوثائق هي تلك الأدلة الثبوتية على بصمات مرورها في الزّمن.

من هنا وُلِدت “أرشيفو”، المجلة الصادرة عن مركزنا، لتحفظ وجود البحرين، أوال سابقًا،  وتقيها من المحاولات العابثة لمحو ذاكرتها ووجودها.

كلمة “أرشيفو” مشتقة من كلمة برتغالية توازي كلمة “أرشيف” باللّغة العربية، وقد اخترنا  الاسم للدلالة على وحدة جذر التسمية في اللغات، والاهتمام العالمي المشترك بالأرشيف.

تتضمن “أرشيفو” أبوابًا تتراوح بين  بين إبراز الأرشيف كعلم والأرشيف كواقع عملي مُطبَّق ومُعاش،  وتسلط الضوء على مفاهيم الأرشيف وقضاياه واشكالاته، كما تعرض تجارب أشخاص ومؤسسات في التعامل مع الأرشيف على مستوى العالم العربي بجانبيه الشفهي والمكتوب، وتروي حكايا كانت قد تخبأت في زوايا ذاكرة الناس.

أرشيفو، التي صدر منها عددان، تدعو كل مهتم بشؤون الأرشيف للمساهمة في صباغة خطابها وتحرير موادها.  وهي تدرك أنها ما كانت لتُبصر النور لولا جهود القديرين ممّن يهتمون بالتاريخ والذاكرة لأجل الحقيقة وصونها وإعلاء شأنها.

باسم الذاكرة والأرشيف والحقيقة … باسم الوجود… نشكر مشاركتكم … آملين العمل والتّطور معًا لحفظ وجود الحق رغم كل التّحديات المحيطة بنا.

علاقة الإنسان بالمحفوظات

كلمة كارين عاصي مديرة المركز الوطني للأرشفة والتوثيق

أنشئ المركز الوطني للأرشفة والتوثيق في العام 2012 نتيجة كفاءتنا واهتمامنا بعلم الأرشفة والتوثيق ونقل المحفوظات من أرشيف مبعثر الى أرشيف منظم وممكنن ومصور.

ولأن الارتباط هو وثيق بين الإنسان والمحفوظات فهي إذا أصبحت نتاجه منذ ظهوره على الأرض وتأقلمه مع الطبيعة، وهي الأثر الباقي لتفاعله مع مقومات الحياة منذ الخلق وحتى هذه اللحظة، إلى أن أصبح يعتمد على الفكر والمعرفة.

ولأن المحفوظات المرتبة والجميلة ولكن غير المنظمة ترضي العين ولا تشبع الفكر، فتنظيم المحفوظات لا يعني تأمين مكان خاص بها في مستودع الحفظ ليصبح التنظيم أمرًا واقعًا ومؤمنًا، لأن المقصود به هو تنظيم حفظها بشكل سليم، وتأمين الإستفادة منها بشكل سريع، والقدرة على توثيق مواضيعها بشكل دقيق، وذلك من خلال مجموعة من المبادئ والأصول والخبرة التي صنع لها المركز الوطني للأرشفة والتوثيق دراسات علمية تحمي تراثًا غاليًا وتساعد مجتمعًا فعالا في تنظيم محفوظاته.

لعب مركزنا دورًا هامًا ورئيسيًا بتنظيم المحفوظات والوثائق، ويتجلى هذا الدور بتحويل كل الأصول والعمليات والنظم المطبقة على المحفوظات وتطويرها من واقع جامد إلى علم متحرك على الصعيد النظري الفكري، وعلى الصعيد العملي التطبيقي ووضع أسس لها، تبدأ بفرز المحفوظات وتنظيمها باعتماد منهجية مرتكزة على المبادئ.

إن وجود هذا المركز الأول من نوعه واختصاصه في لبنان، هو دليل عناية وتقدير على أننا نسير في الاتجاه الصحيح على صعيد الأرشفة والمكننة، لكل ما هو متعلق بيومياتنا وتاريخنا وتراثنا.

إن المحفوظات هي الرفيقة الملازمة للإنسان منذ التاريخ، وهي الحامي الأساس لحضارته وتراثه في أي شكل كانت وفي أي زمن، لأنها النافذة على التاريخ قبل تدوينه، وهي حافظة للتراث الذي تستعيده الأمم في كل وقت، مهما كان وكيفما كان هذا التراث العزيز عليها لأنه نتاج تاريخها، ومراحل وجودها، وصورة مجتمعها المتغيرة أو المستمرة، من عصر إلى عصر.

إن التراث مهما كان، لا يقاس بالسنوات والعصور فحسب، بل بالمعاناة المؤثرة في كنه الإنسان وجوهره، وهنا يبرز دور المحفوظات في التعبير عن هذا التاريخ السحيق للحضارات والتراث، وعن التفاعل المتواصل بين الإنسان ومقومات حياته.

إن المركز الوطني للأرشفة والتوثيق، يضع كافة إمكانياته بتصرفكم علنا نصل إلى حفظ وكتابة تاريخنا كما هو لأن الدول والشعوب التي ليس لها تاريخا لا مستقبل لها.

الأرشيف: ثقافة الشعب المحكي عنه

كلمة الكاتب والصحافي الأستاذ عبد الرحمن الجاسم في فعالية يوم الأرشيف العالمي – الأرشيف: الوجود والعدم

السيدات والسادة، الحضور الكريم

يشكل الأرشيف – أي أرشيف – ثقافة الشعب المحكي عنه، كما إنه بشكل أو بآخر عامل أساسي لترسيخ تلك الحضارة والتاريخ ونقلها إلى الأجيال القادمة التي قد لا تعرف عنها شيئا طالما أنها لم ” تسجل”.

فتن الإنسان بالتسجيل منذ بدايات وجوده على ظهر البسيطة، فالتسجيل سواء أكان رسما على حوائط الكهوف أو نقوشا على الصخور، او حتى رسوما على اوراق البردى، هي عملية أرشيفيةحكائية لما حدث يهدف نقله الى من سيأتي فيما بعد. من هنا يأتي الجهد المبذول من قبل جمعية “أوال” عملا ضخما يستحق الوقوف عنده. ففي النهاية ما تحاول الجمعية القيام به هو عمل يجدر بجميع الدول العربية( مؤسسات وحكومات) أن تعنى به، فأن تؤرشف – وتسجل – تاريخك اليومي خصوصا لما للفكرة من أهمية علميا ( سواء بحثيا او حتى لمجرد التاريخ في حد ذاته) هو ارم يمكن الحديث مطولا عنه.

هنا سآخذ ولو دقائق قليلة للحديث في شأن يعنيني كعربي أولا، وكفلسطيني اساسا وقبل كل شيء، جهد الصهاينة المحتلون على محو التاريخ الفلسطيني، حتى غدونا كشعب فلسطيني أشب ” بشعب بلا تاريخ، حضارة أو مستقبل” بالنسبة لكثيرين سواء أكانوا باحثين أكاديميين أم مجرد أشخاص عاديين. كانت المشكلة التي نواجهها ههنا هي انه لا يوجد أرشيف رسمي ( ولا أعني برسمي ههنا ترعاه دولة، بل رسمي بمعنى منهجي منطقي ومرتب) يمكن استخدامه لدحض الدعاية الصهيونية الحديث عن ” حضارة” فلسطينية كانت قائمة قبل العام 1948 ( اذ يكفي الاشارة الى أن عائلتي مثلا موجود في مدينة يافا الفلسطينية منذ العام 1732، أي بمعنى أن عائلتي وحدها مثلا هي أكبر من دولة الكيان العبري). هنا غاب الأرشيف فخسرنا معركة شديدة الأهمية هي معركة إثبات الوجود والأحقية والقدرة عن الدفاع عما هو لنا.

بالعودة للفكرة  الأساس إن الأرشيف أو كما تسميه جمعية أوال عبر إصدارها الدوري “أرشيفو” (في استعادة للكلمة من أصلها البرتغالي)، هو عمل جهود دؤوب هدفه في الأساس تاريخ الشعب البحريني بعيدا عن اي نظام حاكم، بعيدا عن أي تأثير سياسي ذو بعد “قمعي” أو “مصلحي / منفعي” ففي النهاية يؤرخ الأرشيف الذي سيفتح لاحقا للعامة تاريخ البحرين وسيظل يتسع ويزداد حجما حتى يصل الى اللحظة التي يستطيع منافسة محركات البحث العالمية كجوجل وسواه في الشأن البحريني الذي يختص به.

من هنا لا بد اذا من شكر جمعية اوال أولا( هيئة وأفرادا على الجهد المبذول ولا فكرة أساسا وأولا)، ثانيا لا بد من التركيز على الحديث عن الفكرة والإضاءة حولها لأنه لن تقوم للحضارة المشرقية اي قيامة بدون العودة الى تراثها الخصب وإرثها الحضاري المتسع المنتشر.

أوال” يطلق محركا للبحث الإلكتروني

بيروت: “أوال” يطلق محركا للبحث الإلكتروني… ويتيح سجلات بريطانية تروي جزءًا مهمًا من تاريخ البحرين

مرآة البحرين (خاص): أطلق مركز أوال للدّراسات والتّوثيق (الخميس 2 مايو/ أيار 2016) محركا للبحث الإلكتروني يحتوي على نحو 40 ألف وثيقة، وذلك خلال فعالية أقامها تحت عنوان “الأرشيف: الوجود والعدم” في مكتبة أنطوان وسط بيروت.

الحفل الذي شهد حضور عدد من المختصين، أعلن فيه المركز عن إصدار جديد، يوازي إطلاق محرك البحث من حيث الأهمية، وهو إصدار المجلدات الخمس الأولى من سجلات البحرين في الأرشيف البريطاني. وتروي الوثائق الأحداث التي شهدتها البحرين خصوصًا ومنطقة الخليج عمومًا في الفترات الممتدة من العام 1820 حتی العام 1971، كما تحوي عددًا كبيرًا من المراسلات بين البحرين وعدد من الأطراف منها الحكومة البريطانية والمقيمية البريطانية والحكومتين الفارسية والتركية.

“المركز الوطني” يضع إمكانياته تحت تصرف “أوال”

المدير العام للمركز الوطني للأرشفة والتوثيق كارين عاصي قالت في كلمة إن الوثائق والأرشيف تلعب دورا في حفظ حقوق الوطن والمواطن، ولفتت إلى كونه “الحافظ الأساس للتّراث الذي تستعيده الأمم، ونتاج تاريخها ومراحل وجودها، الذي يُقاس بالمعاناة المؤثرة في كنه الإنسان وجوهره”، قبل أن تؤكد عاصي أن “المركز الوطني للأرشفة والتّوثيق يضع كافة إمكانياته بتصرف مركز أوال للوصول سويًا إلى حفظ وكتابة التّاريخ”.

من جهته أشار الصحافي علي مطر إلى “المسؤولية التي أخذها مركز أوال على عاتقه بحفظ أرشيف البحرين بشكل خاص، ومنطقة الخليج بشكل عام، لأهمية ذلك على مستوى تاريخ الشّعب البحريني والمنطقة”، بينما اختار الدكتور في كلية الإعلام في الجامعة اللّبنانية جواد مكي، الحديث عن أهمية تنظيم عملية الأرشفة واعتمادها على النّظم المعلوماتية الحديثة، وأثنى مكي في حديثه على “مبادرة مركز أوال وجهوده في حفظ الذّاكرة البحرينية عبر عملية توثيق المستندات وتقديمها بوسائل حديثة تحاكي التطور التقني في عالم الإنترنت، ما يتيح للباحثين والمختصين وطلاب المعرفة الوصول إليها بسهولة والإفادة منها”.

الصحافي عبدالرحمن جاسم: الأرشيف معركة لإثبات الوجود والأحقية

الصحافي عبد الرّحمن جاسم تطرق في كلمته إلى اهتمام الإنسان بالأرشفة “منذ بدايات وجوده على ظهر البسيطة، سواء بالرسم على حوائط الكهوف أو النقش على الصّخور أو الرّسم على أوراق البردى”، متحدثًا عن تجربة الشّعب الفلسطيني “الذي غدا أشبه بشعب بلا تاريخ، حضارة أو حتى مستقبل، بالنسبة للباحثين والأكاديميين أو حتى الأشخاص العاديين، حيث لا يوجد أرشيف -رسمي- يمكن استخدامه لدحض الدعاية الصهيونية والحديث عن حضارة فلسطينية كانت قائمة قبل العام 1948″، واستند إلى مثال استقاه من تجربة شخصية، حيث أن الأوراق الثبوتية لوجود عائلته في مدينة يافا تعود إلى العام 1732، ما يعني، وفقًا لقوله، أنها وحدها أكبر من دولة الكيان العبري، وبالتالي “خسر الشعب الفلسطيني معركة إثبات الوجود والأحقية والقدرة عن الدفاع عما هو له”.

وأشار جاسم إلى أن “عمل مركز أوال في الأرشيف هو عمل جهود دؤوب هدفه في الأساس التأريخ للشّعب البحريني بعيدًا عن أي نظام حاكم أو أي تأثير سياسي ذي بعد “قمعي” أو “نفعي””، موجهًا الشكر إلى المركز لعمله الدؤوب، لافتًا إلى أنه “لن تقوم للحضارة المشرقية أي قيامة من دون العودة إلى تراثها الخصب وإرثها الحضاري المنتشر”.

“أرشيفو”: مجلة بحرينية تتجول في الذاكرة

وفي إطلالة على مجلة “أرشيفو”، وهي أحد إصدارات المركز، تحدثت سكرتيرة تحرير المجلية آلاء هاشم عن كونها “خطوة بارزة تقي الوجود من مخاطر العدم”، وقدمت “أبواب المجلة التي تتراوح بين إبراز الأرشيف كعلم والأرشيف كواقع عملي مُطبَّق ومُعاش، وتسلط الضوء على مفاهيم الأرشيف وقضاياه واشكالاته، كما تعرض تجارب أشخاص ومؤسسات في التعامل مع الأرشيف على مستوى العالم العربي بجانبيه الشفهي والمكتوب، وتروي حكايا كانت قد تخبأت في زوايا ذاكرة الناس”، مؤكدة أن “أرشيفو ما كانت لتُبصر النور لولا جهود القديرين ممّن يهتمون بالتاريخ والذاكرة لأجل الحقيقة وصونها وإعلاء شأنها”.

واختتم الحفل بعرض فيديو يشرح كيفية العمل على محرك البحث، وبتوزيع العددين الأول والثاني من مجلة أرشيفو على الحضور.

المقال الاصلي

أوال: “أرشفة الثقافة”

د.محمد باقر كجك

عندما تصرخ الثقافة في أذن التاريخ، لكي يستيقظ ويمدُّها بدليلٍ على وجودها في امتداد الزمان والمكان، فاعلم أن الثقافة تحت التهديد والإلغاء.
ولا تشكّل الحرب العسكرية الوجه الأول والأخير للحرب، ولا كذلك الحرب الإعلامية، بل ينضم إليهما أنواع أخرى من الحروب، من “حرب الأرشفة”.
إن “الحدث” المؤرشف، هو الذي سيتيح للأجيال القادمة، أن ترى تاريخها، وسيكون هذا التاريخ هو ما وصل إليها من معلومات، بكافة أشكالها.
الأرشفة هي فنّ التركيز على تفاصيل الأحداث، وفردانية اللحظة، والجزئيات التي لا يتم رصدها من قبل من يتعاطى الفكر والسياسة بإطارهما العام النظري والعملي.
يقول “مايك فيثرستون” بأن الأرشفة في حقيقتها هي فنّ “أرشفة الثقافة”، لأنّ تجميع التفاصيل الدقيقة من حياة الجماعة، يعني أنك تقوم بتجميع ثقافتها وحفظها، وتقديمها للمستقبل والأجيال والتاريخ. وهو عمل خطير جدا.

أرشفة الثقافة، من زاوية نظر أنثروبولوجية، تعني محاولة الاقتراب من الحدث بعين موضوعية، واستخدام كل الوسائل المتاحة من أجل حفظ الحدث بأفضل حالاته، وتوضيب كل ما يمكن الوصول إليه من تاريخ الحدث، وأدواته المادية، من أجل الحفاظ على فرادته وموضوعيته. إنه عمل “إثنوغرافي” أرشيفي. يضمن في مكان ما، نقل ثقافة جماعة ما، ذلك الكم المعقد من الأفكار والميول والسلوكيات والمعارف الخ، بقدرٍ كبيرٍ من الأمانةِ إلى المهتمين والمعنيين بتلك الجماعة.

وللأنثروبولوجي هنا، أن يستعين بكافة أدوات البحث الأنثروبولوجي، وكذلك بمقولات العلم الكلاسيكية، من أجل محاولة الحصول على أفضل وصف للحدث وللجماعة وثقافتها، وكذلك-وهو أمر حساس جدا- محاولة تقديم كافة المعلومات للعاملين في الأرشفة، حول كيفية “ترتيب” هذه المعلومات والمعطيات بحيث تكون أمينة على حياة الجماعة وثقافتها كما هي في الواقع.
عدم “الترتيب” الصحيح، يعني إعادة خلق مغلوط للواقع: وهذا هو حلم “السلطات”.

مثلا: من الممكن أن نؤرشف لعملية زراعة الزيتون وثقافتها الخاصة في فلسطين، ولكن إذا كنا أمينين في ترتيب كل الحدث بشكل سليم إلا أننا أخطأنا في الترتيب زمانيا ومكانيا، وأخطأنا في نقل حقيقة تقدّم الفلسطينيين زمانياً في هذه الزراعة على غيرهم، فهذا معناه إنتاج أرشفة خاطئة في معطى خطير (الزمان): تقديم الاسرائيلين على الفلسطينيين (أهل الأرض) في هذه الزراعة.

إنها ضربة لـ “الثقافة” الفلسطينية ووجود “الجماعة” و”استمرار” ثقافتها.

إذن، أرشفة الثقافة، بهذا المعنى، عملٌ يرتبط بالأنثروبولوجيا في كذا قاسم مشترك، ويستفيد من الانثروبولوجيا في تنظيم الأرشفة وفق منطق اشتغال الجماعة، ويفيد الأنثروبولوجيا في تقديم معطياتٍ منظَّمة للاستفادة منها في الدراسة الأثنولوجية أو غيرها من العلوم.

اليوم، تم إطلاق المحرك البحثي الخاص بالبحرين، وهو يضم أرشيفا من حوالي 40 ألف وثيقة من الأرشيف البريطاني، تم ترجمة جزء جيد منها، ويتم العمل على ترجمة الباقي. وكذلك، يهدف إلى إعادة سبر الوثائق التاريخية وكل ما يمت بالصلة إلى البحرين، من أجل نبش تاريخ هذه الجماعة وسيرورتها التاريخية وصولا إلى الزمن الحالي.

إنه مشروع طموحٌ جداً، ويلعب لعبة ذكية بأداة العلم، من أجل وقف نزيف الذاكرة الذي تقوم به السلطات الحالية في تشويه الوجدان البحريني، والمكان، والزمان، والاصطلاحات، وكل ما يمكن أن يغير وقائع اجتماعية تاريخية تسالم عليها البحرانة تاريخيا، إلى حين قيام منظومة الحكم الحالية.
إنّ التغيير في الواقع، حدث ضخمٌ واسع، لكنها ينطوي على آلاف الحوادث الجزئية، التي تحتاج إلى أرشفة، وعندما نقول أرشفة: يعني أرشفة كل شيء (ما لنا، وما علينا). ثم، العودة إلى الماضي، ومحاولة سبر كل وثيقة ناريخية مهما كان نوعها وحجمها، وتقديمها بشكل موضوعي للعلم والمعرفة.

إنَّ الحرب الآن، هي حرب على الأرشفة. أرشفة السلطة للواقع، وأرشفة المعارضين للسلطة على الواقع.
الواقع لعبة الأرشفة، وقوانين الفوز فيها يصنعها الذي يستطيع الثبات على رقعة التاريخ.

في الحقيقة، أضاء اللقاء اليوم، في ذهني، الكثير من الأفكار، وأشعل في نفسي شعلة “أنثروبولوجيا الأرشفة” وهو أمرٌ واعد وخطيرٌ ومن الممكن أن يساهم في قلب الكفة على كل سلطات الظلم في هذا العالم.

كل التحية، لـ أوال القديمة، وأوال الجديدة، والأواليون الذين يحاربون الغول الأسود بشعلة الذاكرة.
وأشكركم على الدعوة الكريمة والاستقبال الدافئ.

يقول تميم بن أبي (554 م – 657 م)
مَالَ الحُــدَاةُ بِهَا لِحَائِــشِ قَرْيَةٍ         وكَأَنَّـــهَــا سُـــفُنٌ بِسِــيفِ أَوَالِ

* يوم الأرشيف العالمي وإطلاق المحرك البحثي لـ أوال/ مكتبة أنطوان- أسواق بيروت.

القبيلة والدولة… فيه أشياء وأشياء

“أحببت البحرين وناسها، وأردت أن أكتب كتاباً يعبّر عن مشاعري تجاه هذا البلد من دون المجازفة بمهنيتي”.

 

هل الحب يجازف بالمهنية؟ في تجربة فؤاد إسحاق الخوري، وجدت الحب سراً من أسرار نجاحه المهني، كعالم أنثربولوجيا وكأستاذ جامعي. يمكنني أن أدلل على ذلك بشاهدين من سيرته، الشاهد الأول يتعلق بتجربة عمله في البحرين، فبعد إنجازه كتابه “القبيلة والدولة” الذي صدرت طبعته الجديدة هذا الأسبوع عن مركز أوال للدراسات والتوثيق، عرض عليه وزير العمل في السبعينيات أن يكون مستشاره، وكلف مستشاره البريطاني بيل بيري أن يغريه بالعرض وقال له “الوزير يودّ أن تصبح أحد مستشاريه ولهذا أعدّ لك ولعائلتك مسكنًا مجهّزاً بالأثاث”.

قرر الخوري رفض العرض. كان تبريره الذي كتبه في سيرته “كنت أحب عملي في الجامعة ولم أكن مستعدّاً أو راغباً في استبداله بوظيفة في المجال السياسي”. والأكيد أنه أدرك أن العرض يحمل سماً معسولاً، فالخليج بمشايخه القبلية لديه قدرة على تسميم ذمم المثقفين والعلماء وتحويلهم إلى أدوات مهجنة. كان الحب عاصماً له للحفاظ على مهنيته العلمية، حبه للعلم والكتابة في العلم كما تقول زوجته رانيا جلبوط: “إذا كان هناك شيء يحبه (فؤاد) فهو الكتابة”.

الشاهد الثاني، يتعلق بتجربة تدريسه في الجامعة الأميركية، فقد بدأ تجربة التدريس بمقاييس مهنية تتطلب تحضير كمية من الأوراق وكتابة مجموعة كبيرة من المعلومات والملحوظات، أدرك مبكراً إنها مقاييس فاشلة، وعليه أن يتخلى عن كل ذلك وينصت إلى ذاته وقلبه ومزاجه، عرف أنه من أجل أن يحصل على اهتمام الطلاب… تعلّم أن يتحدث مع نفسه، بشكل يوحي أنه مأخوذ بأفكاره. وجد أن الأفكار التي كان يحبها ويشغف بها كان الطلاب يفهمونها ويتذكرونها، وبدلاً من مقاييس المهنية المجردة من الحب وجد أن مقياس نجاح محاضرة معينة هو مزاج الأستاذ بعد خروجه من الصف. عندما يخرج الأستاذ من الصف سعيداً، فهذا يعني أنه أدى عملاً جيّداً.

لقد أحب الخوري عمله في البحرين بشغف، واستغرق مساحة كبيرة من سيرته في كتابه “دعوة للضحك… عالم انثربولوجيا لبناني في العالم العربي”. لذلك أنجز مشروعاً مميزاً فكرياً (القبيلة والدولة بالبحرين… تطور نظام السلطة وممارستها) لم يتم تجاوزه حتى اليوم. لقد بلغ شغفه بالبحرين إلى حد أنه أهدى كتابه إلى دانة، لكن من هي دانة؟ لم نكن نعرفها إلا من خلال سيرته التي كتبها بعد صدور الكتاب بـ23 سنة.

دانة اسم مشهور عند الإناث في البحرين ويعني لؤلؤة بيضاء. هذه اللؤلؤة هي رمز شخصي لكل البحرينيين، أحبنا الخوري ووجد أفضل رمز لنا هو اللؤلؤة، لقد أهدانا بشكل رمزي لؤلؤة، ويبدو أننا بادلناه الحب دون أن ندري حين جعلنا من “اللؤلؤة” رمزاً لثورة 14 فبراير، واخترنا دوار اللؤلؤة مكاناً لانطلاقتها، وكأننا نقدم تطبيقاً لإشكالية كتابه المتعلقة بالسلطة والقبيلة والثورة. هكذا إذن أودع الخوري سره في “الدانة” وفي الحب تكمن الأسرار والإبداعات، وهكذا كان كتابه “لؤلؤة” في الدراسات الاجتماعية والإنسانية المتعلقة بالبحرين.

لقد أحب أن يكتب عن البحرين، وأحب فؤاده البحرين، وأحب كتابه عن البحرين، وهو يحدثنا بحماسة وشغف عن هواجسه وهو يترقب ردود فعلنا على كتابه، وكم فرح حين عرف بالجدل الذي أثاره وبالملاحقة التي بذلناها في تتبع منافذ بيع الكتاب في الكويت وبيروت ولندن، وحين عرف أن الكتاب منع تداول ترجمته في البحرين، رتّب لزيارة عبر الجامعة الأميركية، وراح يتصل بوزير شؤون الإعلام وشيوخ آل خليفه ولم يعطه أحد جواباً، سوى “فيه أشياء وأشياء”، ولم يجد لفصل سيرته التي تحدث فيها عن هذا الكتاب ومنعه غير عنوان “أسرار معلنة… للنقاش لا للنشر”.

في إعادة طبع هذا الكتاب من قبل مركز أوال للدراسات والتوثيق، شيء من الوفاء لسيرة هذا العالم الفذ وفيه شيء من التقدير لمتانة طرحه، وفيه تصديق على ما قاله المسؤولون الذين منعوا نشره في البحرين أن… “فيه أشياء وأشياء”.

علي الديري

الرابط الأصلي

ماذا قال المقيم السياسي لآل خليفة في 1923؟

ماذا قال المقيم السياسي لآل خليفة في 1923؟
د. علي الديري*

يعالج “الخوري” هذه الإشكالية “كيف أنّ القبيلة، على صِغَر مجتمعها، من الممكن أن تتصرّف كدولة بالمقابل، كيف أنّ الدولة من الممكن أن تتصرّف كقبيلة” هذا السؤال اختبره على قبيلة آل خليفة في البحرين، ووجد أن القبيلة تمكنت أن ترواغ حركات الإصلاح والتحول نحو نظام الدولة، وبقيت الدولة محكومة بأعراف قبيلة آل خليفة ومصالحها.

القبيلة شكل بسيط وقديم من أشكال التنظيم السياسي، والدولة تركيبة معقّدة معاصرة، كيف يمكن أن يتصرف هذا البسيط في نظام معقد؟ يعود بنا (فؤاد) إلى 1923 وهو العام المفصلي في تاريخ البحرين، العام الذي قررت فيها بريطانيا أن تتحول السلطة من الشكل البسيط (القبيلة) إلى الشكل المعقد (الدولة= البيروقراطية). فقامت بعزل عيسى بن علي آل خليفة الذي حكم كرجل إقطاع قبلي لأكثر من خمسين عاما، ونصبّت مكانه ابنه (حمد بن عيسى آل خليفة). كانت الخطة أن تتحول البحرين من النظام البسيط (القبيلة: عيسى بن علي) إلى النظام المعقد (الدولة: حمد بن عيسى) لقد عُزل عيسى بن علي، لكن نظامه بقي حتى اليوم.

كيف كانت تركيبة القوى الاجتماعية في ذلك الوقت؟ كانت تركيبة معقدة، وقد درسها (الخوري) دراسة معمقة من حيث وضعها الاجتماعي والسياسي والتاريخي والاعتقادي، ولعل أفضل طريقة لفهم هذه التركيبة، هو استعادة خطاب المستعمر البريطاني لحظة تنصيب النظام الجديد في مايو 1923.

تحتفظ  لنا الوثائق البريطانية بخطاب التنصيب الذي قدمه المقدّم إس. جي. نوكس (S.G. KNOX)، المقيم السياسي في الخليج، في المجلس الذي عُقد في البحرين في تاريخ 26 أيار/ مايو 1923.

لقد خاطب ثلاث قوى رئيسية، الأولى آل خليفة “السادة المحترمون من آل خليفة، أخشى أنني كلّما نظرت إلى الماضي، ينبغي عليّ تحذيركم من أنّ تحمّلكم للمشاكل الحاصلة لا يعني أنه لكم الحقّ في العيش على حساب باقي الجماعات… يصعب إيجاد مواقع لكم جميًعا، بعددكم الكبير، في الإدارة؛ وأنا أخشى أنّ الكثيرين غير كفوئين لذلك بسبب إهمالهم لأنفسهم”.

والقوة الثانية القبائل السنية “أيّها السادة أتباع المذهب السُنيّ، وخصوصًا رجال قبيلة الدواسر: ينبغي عليكم أن تدركوا أنّنا نقصد ترسيخ حُكم هذه الجُزر تحت حكم أحد شيوخ آل خليفة … كثيرًا ما واجهتم مثل هذه التهديدات في الماضي عبر تهديدٍ مضاد بمغادرة هذه الجُزُر في مجموعات والذهاب إلى ابن سعود أو غيره…. ولا منفعة لنا من أصحاب الأملاك الغائبين أو الأشخاص ذوي الولاءات المزدوجة. … ولا يمكن القبول بدولة داخل الدولة”.

والقوى الثالثة هم الشيعة “أيّها السادة أتباع المذهب الشيعي، وخصوصًا السكّان الأصليين في هذه الجُزر:

اعترفنا بوجود بعض الانتهاكات، وأعلنّا عن نيّتنا مكافحتها. ولكن أودّ تذكيركم بأنّ هذه الدولة سُنيّة، وتحيط بها مجتمعات سنيّة قويّة على هذا الساحل من الخليج، وهي تراقب إجراءاتنا باهتمامٍ كبير ومن دون أدنى شكّ. لا ينبغي عليكم توقّع المساواة الملزمة، ولا يمكن إلغاء الامتيازات السُنيّة دُفعة واحدة إذا لم نقل على الإطلاق”

في العام 1974، بدأ (الخوري) يدرس هذه القوى، وكيف مارست القبيلة سلطتها في إدارة هذه القوى، وجد أن إصلاحات 1923 بدلت التحالفات القبلية وأعطت الحكم وسائل جديدة للتدخل السياسي، فاستحدثت نظاماً هرمياً للسلطة، الأمر الذي عزّز، ولم يضعف، قوة العائلة الحاكمة ونفوذها. وساهم النفظ في تغيير الأسس التقليدية للإنتاج والعمل، فحول القواعد الاجتماعية للسلطة وخلق من ثَمّ صيغاً سياسية جديدة. وهكذا بدأت تظهر، في الخمسينيات والستينيات من هذا القرن، قوى اجتماعية وسياسية جديدة قوامها الموظفون والمثقفون والعمال، تتحدى وبطرق مختلفة، شرعية الحكم وسلطته.

لقد بدأ (الخوري) بحثه بعد استقلال البحرين بثلاث سنوات، وعايش أجواء برلمانها الأول ونقل لنا أجواء النخب الثقافية “شعر الكثير من اﻷشخاص الذين أجريت معهم مقابلات بالبهجة إزاء تحقيق الاستقلال بيد أنّهم في الوقت نفسه كان ينتابهم قلق شديد من إدارة الدولة الجديدة الصغيرة”.

لقد تحقق الاستقلال بفضل النضال الوطني الذي قادته النخب الثقافية العابرة للطوائف والقبائل، لقد غادرت هذه النخب انتماءاتها التي خاطبها بها المقيم السياسي في 1923 لم يعودوا قبائل سنية وافدة وسكان أصليين شيعة، لقد صاغوا فضاء وطنيا مشتركاً وذهبوا فيه حتى تحقيق الاستقلال، وظلوا يحملون قلقاً وطنياً على إدارة الدولة، والسبب في ذلك هو أن آل خليفة وحدهم هم الذين لم يغادروا انتماءهم، بقوا قبيلة تريد الدولة كلها لها، لا ترغب أن تتحول عن قبليتها ولا ترغب أن يشاركها أحد في إدارة الدولة.

إذا ما أردنا أن نفهم ما جرى في 14 فبراير 2011، فعلينا أن نقرأ كتاب هذا (الخوري) فما زال كتابه راهناً وما زالت فرضيته تفسر حاضرنا، وما زالت القبيلة تحول دون فكرة الدول في البحرين وفي الخليج.

*كاتب من البحرين.

خاص شفقنا – “ارشيفو”… حفظ الحقيقة وقولها من دون انتظار قبول او استحسان من احد

صدر العدد الاول من مجلة “ارشيفو” وهي عبارة عن نشرة تهتم بموضوعات الارشيف وتصدر كل شهرين عن مركز اوال للدراسات والأرشيف.

منطلقة من البحرين الى الخليج الى العالم العربي وخارجه، تغطي النشرة المجالات التالية: المشكلات التي تواجه الأرشيف، طرق حفظ الأرشيف، التعريف بأصحاب الأرشيف الأهلي ومراكز الارشيف الرسمي، التعريف بالمدونات والمواقع الالكترونية المهتمة بالوثائق والارشيف، ترجمة المقالات المنشورة بلغات اجنبية، مراجعة الكتب المتعلقة بالارشيف ومتابعة الانشطة والفعاليات ذات العلاقة بالذاكرة والارشيف.

ويذكر رئيس التحرير د.علي الديري في افتتاحية العدد الأول، ان الرسالة في مركز أوال للدراسات والتوثيق هي العمل على تحرير الارشيف من السيطرة وتسهيل عملية الوصول اليه، لافتا الى ان مهمة الارشيف ليس ان يجمل الحقيقة بقدر ما مهمته حفظها وقولها من دون ان ينتظر قبولا او استحسانا من احد.

سنحفظ ما قد يكون اليوم لا يمثل اهمية

ولفت الديري في حديث خاص لوكالة “شفقنا” الى ان “المواد الحاضرة في مجلة ارشيفو ليست متاحة في غالبها على مواقع التواصل الاجتماعي”،  معربا ان “إعتماد اسم “ارشيفو” هو لعدم إلتباس المجلة مع غيرها من المجلات المعنونة باسم الارشيف، وهو أيضاً اشتقاق جديد لإسم أعجمي عربي وفق مايخدم المعنى”.

وأوضح الديري ان “مجلة أرشيفو ليست أكاديمية ولا محكمة كما ان مجلات الارشيف قليلة وبعضها يخلط بين التاريخ والارشيف”، مضيفاً “لا ندعي اننا سنقدم شيئا غير نمطي على مستوى الارشيف، غير اننا سنعرف بمادة الارشيف وأنواع الارشيف وسنحفظ ما قد يكون اليوم لا يمثل أهمية إلى حين حاجته في المستقبل وذلك على المستوى المجتمع والمؤسسات الرسمية”.

وتهتم “ارشيفو” بالارشيف المكتوب والشفهي وقضاياه واشكالاته على مستوى العالم العربي، وتدعو جميع المهتمين بالارشيف للمشاركة في صياغة خطابها وتحرير موادها.

وتضمن العدد الأول الإفتتاحية أولا، ثم “أمناء الذاكرة”، التي تضمنت تحقيقا عن المكتبة التاريخية التراثية وسيرة البحث التاريخي عند الشيخ المؤرخ الدكتور جعفر المهاجر، اضافة الى “ثقافة ارشيفية” تضمنت السجلات الوطنية في بريطانيا، والتوقيع الرقمي، تشريعات الارشيف العربي بين الفراغ القانوني والتأثير السياسي، اضافة الى المخطوطات العربية والعجمية في الكاميرون، ليتناول القسم الخامس منها “وثيقة وحكاية” جزر البحرين بين حكم “الهرامزة” وأطماع القبائل العربية، ويتضمن القسم السادس من المجلة “كشكول” سيرة السيد الغروي البحريني، وحياة الناس في القرية البحرينية “قبل النفط”، ثم كانت “المتابعات” لتتناول مواضيع عدة منها “وثائق نجد”، لتختتم المجلة بصور من الذاكرة حاكت قرية الدير البحرينية في سبيعنيات القرن الماضي.

المقال الأصلي

أعداد أرشيفو بصيغة PDF